الأربعاء 04 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

قوة مصر الناعمة

الفن
الفن

هل تراجعت قوة مصر الناعمة؟ هل لم تعد مصر هى المنتج الأول للفنون والآداب فى المنطقة العربية؟ هل تراجعت القاهرة كمركز إشعاع ثقافى مؤثر فى دوائر غربية وإفريقية وآسيوية؟

كل هذه الأسئلة التى طالما تتردد بحسرة هنا وهناك، وتعبر عن هواجس ومخاوف، وتبدو موضوعية ومشروعة لا تجد بالواقع إجابات حقيقية دالة عليها.

الإجابات عن هذه الأسئلة تظل تتراوح دائما بين المحسوس والملموس، ومشاهدات العيان، فعندما تنتشر أغانى المهرجانات الفجة، نعلن تراجع قوة مصر الناعمة فى مجال الفن، وعندما تسود أعمال تليفزيونية أو سينمائية هابطة وركيكة، ننعى الدراما المصرية وبمطالعة معظم الكتب التى تلفظها دور النشر الطافحة كالفطر على خريطة الوطن، نترحم على رموز الفكر والأدب فى مصر، وتتسع مساحات الحنين لما بات يطلق عليه الزمن الجميل، وهكذا يصبح الحديث عن قوة مصر الناعمة بلا دليل أو ثبوت أو بيانات أو وثائق محددة تستبين من خلالها بوضوح معايير كمية أو كيفية تتعلق بقوة مصر الناعمة.

فى العام ١٩٤٨ أصدرت الإدارة العامة للثقافة بوزارة المعارف العمومية، حيث لم تكن هناك وزارة ثقافة، ما يسمى بالسجل الثقافى، وهو سجل إحصائى شامل لكل الأنشطة المتعلقة بالفنون والآداب والمعارف العامة هى الأنشطة المتعلقة بقوة مصر الناعمة. السجل ضخم وموضوع بعناية وبتفصيل دقيق وتم تبويبه أبوابًا مختصة بقطاع نشر الكتب، والسينما والمسرح والفن التشكيلى والندوات والمؤتمرات... إلخ.

وإذا ما طالع المرء هذا السجل، يستطيع أن يعرف كم عدد الكتب المنشورة خلال العام، وأنواعها ومجالاتها وعدد دور النشر وما هى الكتب المترجمة؟، وهكذا الأمر مع السينما أو المسرح، كم عدد الأفلام التى عرضت، والأفلام التى أنتجت تفصيليًا وبأسماء الممثلين والممثلات والمنتجين وكل ما يتعلق بهذه الأفلام أو المسرحيات.

لقد بلغت صفحات السجل ٤٦٠ صفحة، حوت الأنشطة الثقافية المتباينة خلال سنة واحدة فقط، ومن خلال ذلك يمكن استنتاج واستنباط الكثير المتعلق بقوة مصر الناعمة.

بوزارة الثقافة الآن جيش من العاملين الذين تلتهم مرتباتهم ومكافآتهم معظم ميزانية الوزارة، ومع ذلك فلا توجد قاعدة بيانات دقيقة مفصلة تتعلق بأنشطة الوزارة، ويستبين من خلالها ما تم على الأرض من أعمال ثقافية يمكن من خلالها رصد مدى قوة مصر الناعمة.

لماذا لا تعيد وزارة الثقافة إصدار السجل الثقافى مرة أخرى، خصوصًا أن وسائل الحصول على المعلومات باتت أكثر تيسيرًا، مع تقدم وسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة.

إن وجود مادة مصنفة ومرتبة بدقة، تتعلق بالثقافة والفن فى مصر، هو ألف باء الحديث عن قوة مصر الناعمة ومدى تأثيرها فى المنطقة.