عمارة إبراهيم: «عبدالهادى» يُدير الاتحاد «كأنه ملكية خاصة».. وعلى الكُتّاب استرداده من خاطفيه

فى ظل موجة انتقادات واسعة تطال أداء اتحاد كتاب مصر خلال السنوات الأخيرة، تبرز الكثير من الأسئلة الجادة حول مدى التزام المؤسسة بمبادئ العمل النقابى والثقافى والديمقراطى.
وبين اتهامات بـ«تهميش الكفاءات» و«إقصاء الأسماء البارزة»، واتخاذ القرارات بشكل فردى بعيدًا عن مشاركة المجلس واللجان، يجد الاتحاد نفسه أمام اختبار مصداقية يتعلق بجوهر دوره النقابى والثقافى، فهل تحولت المؤسسة إلى «نادٍ مغلق» يدار بأسلوب بيروقراطى؟ وما تأثير ذلك على مستقبل العمل الثقافى فى مصر؟
للإجابة على هذه التساؤلات، تحاور «حرف» الشاعر والناقد عمارة إبراهيم، عضو مجلس الإدارة السابق، الذى عاد مؤخرًا إلى الجمعية العمومية بعد غياب قسرى استمر 7 سنوات.
فى هذا الحوار الصريح، يكشف «إبراهيم» عن أسباب ابتعاده الطوعى، وملابسات عودته المفاجئة، كما يقدم تشريحًا دقيقًا لأبرز مظاهر الخلل فى إدارة الاتحاد، ويطرح رؤية إصلاحية قد تكون بمثابة خريطة طريق لإنقاذ المؤسسة من أزمتها الحالية.

■ كنت عضوًا فى مجلس إدارة اتحاد كُتّاب مصر حتى مارس ٢٠١٨.. كيف كانت تجربتك خلال تلك الفترة؟
- نعم، كنت عضوًا فاعلًا حتى مارس ٢٠١٨، وشاركت فى الكثير من الأعمال داخل مجلس الإدارة، بشهادة الزملاء، وحتى بشهادة الدكتور علاء عبدالهادى نفسه، الذى طلب أكثر من مرة تسجيل الشكر لى فى محاضر الجلسات.
وفى أكثر من مناسبة، انسحب من رئاسة الجلسات بسبب موقفى الرافض لبعض قراراته، والتى كانت تخضع لترتيبات غير قانونية، وكنت أعترض عليها وأُفشل مشروعيتها.
■ لماذا انقطعت عن المشاركة فى أعمال الجمعية العمومية منذ ذلك الوقت؟
- منذ عام ٢٠١٨، لم تصلنى أى دعوة لحضور الجمعية العمومية، مثل الكثير من الأعضاء، وكان العذر الدائم أن «البريد» هو المتسبب فى عدم وصول الخطابات، كما ادّعى الاتحاد أنه أرسل الدعوات بعلم الوصول، لكنها لم تصل، وللتأكد، ذهبت إلى مسئول كبير فى هيئة البريد، وعرضت عليه الأمر، فأنكر بشدة أن تكون الهيئة وراء ذلك، وأكد التزامها الكامل بالإجراءات، بل عبّر عن استعداد الهيئة للرد قانونيًا ومقاضاة من يتهمها بالتقصير.
■ ماذا فعلت بعد تأكدك من وجود خلل فى إرسال الدعوات؟
- نشرت منشورًا على صفحتى شرحت فيه سهولة رفع دعوى قضائية بهذا الشأن، وأن أى منع متعمد من إرسال الدعوات يُبطل كل الجمعيات العمومية منذ ٢٠١٨ وحتى اليوم، حسب قانون الاتحاد، وبشكل غريب، وصلنى بعدها خطاب الدعوة لحضور الجمعية العمومية الأخيرة.

■ رغم كل ذلك حضرت الجمعية العمومية الأخيرة.. لماذا؟
- نعم، رغم معرفتى بالمضايقات التى قد أتعرض لها، قررت الحضور لإثبات حسن النية، والمشاركة فى تصحيح الأخطاء، وتأكيد أننى لست ضد الأشخاص، بل ضد سياسات تُقصى وتُهمش وتُفقد الاتحاد مكانته، أكدت للدكتور علاء وبعض الزملاء أننى لن أترشح فى هذه الأجواء، لكننى راغب فى تقديم خبرتى النقابية لمصلحة الجمعية العمومية.
■ ماذا عن صحة إجراءات الجمعية العمومية الأخيرة؟
- بدأت الجمعية بعد صلاة الجمعة بسبب تأخر اكتمال النصاب، وكان العدد عند بدء الجلسة «١٠٠ + ١»، وهو الحد الأدنى القانونى، لكن ما حدث بعدها لم يكن سليمًا؛ فقد استهل الرئيس الجلسة بكلمة طويلة استمرت أكثر من ساعة ونصف الساعة، دون بدء جدول الأعمال أو تلاوة التقارير، كما لم يكن هناك سكرتير يدون ما يُقال، وكل ذلك مخالف للائحة.
■ كيف تعاملت مع هذه المخالفات أثناء الجلسة؟
- طلبت الكلمة أكثر من ٥ مرات، وقلت صراحة: «هذا خطأ إجرائى يا دكتور، يجب تصحيحه فورًا»، لكنه تجاهلنى، واستمر فى كلمته، حتى اضطررت للقول: «هذه ليست ندوة، هذه جمعية عمومية لها ضوابط يجب احترامها»، بعدها فقط، استجاب وبدأ تلاوة جدول الأعمال بالترتيب: مراقب الحسابات، السكرتير العام، ثم ممثل الجهاز المركزى للمحاسبات.
■ هل كانت الجلسة شفافة فى عرض البيانات خاصة المالية منها؟
- للأسف لا، كلمة مراقب الحسابات كانت مختصرة جدًا، لا تتعدى عشر دقائق، دون عرض تفصيلى للميزانية أو القوائم المالية، أما السكرتير العام، فقرأ تقرير أنشطة اللجان، ثم جاء ممثل الجهاز المركزى للمحاسبات وتحدث فى نقاط مقتضبة للغاية عن الميزانية وضريبة الأنشطة.
■ هل قدمت مقترحات خلال الجلسة؟ وما كان رد رئيس الاتحاد عليها؟
- نعم، طلبت الكلمة مجددًا، وطرحت مجموعة من المقترحات، أهمها: إعادة إرسال الدعوات للأعضاء المسددين الاشتراك، أو إنشاء جروبات واتساب تفصيلية للمسددين وغير المسددين، وجود دفتر محاضر رسمى موثق ومختوم، وخفض قيمة الاشتراك السنوى إلى ١٠٠ جنيه، مع مراجعتها كل ثلاث سنوات، وتعديل رسوم العضوية إلى ٤٠٠ جنيه، والفحص إلى ٢٠٠ جنيه، وإلغاء المؤتمرات الخاصة باللجان، واستبدالها بمؤتمر سنوى شامل، ونشر الميزانيات والقوائم المالية على جروب خاص بالأعضاء المسددين، وتشكيل لجنة جوائز من رئيس الاتحاد أو نائبه، وعضوين من المجلس، و٤ من كبار الكُتّاب، وإطلاق مبادرة مصالحة مع الأعضاء، وتقسيط المتأخرات لدعم العودة، ورفع معاش الأعضاء بنسبة ٢٠-٣٠٪ وفقًا لتقدير خبير اكتوارى.
كما طالبت بتشكيل لجنة طبية من الأعضاء لدراسة دعم علاج المرضى، وتحويل النشرة والمجلة إلى صيغة إلكترونية توفيرًا للنفقات، وتشكيل لجنة قانونية لتحصيل مستحقات الاتحاد من دور النشر.
ورئيس الاتحاد أبدى موافقته على بعضها، لكن لا أعلم إن كانت هذه الموافقة ستُترجم إلى قرارات فعلية أم أنها فقط لتهدئة الأجواء.

■ ما الوضع داخل فروع اتحاد كتاب مصر فى المحافظات؟ كيف تُدار هذه الفروع؟ ومن يختار القائمين عليها؟ ولصالح مَن تعمل؟
- للأسف، تسير معظم فروع النقابة العامة بالمحافظات على نفس نهج وآليات النقابة العامة، باستثناء فرع الإسكندرية، الذى يُعد الأقرب إلى العمل النقابى المستقل.
الملاحظ أن أعضاء مجالس الفروع هم الركيزة الأساسية فى انعقاد الجمعية العمومية فى دوراتها العادية وغير العادية، بسبب عزوف كثير من الأعضاء عن الحضور، أو لعدم معرفتهم بموعد الانعقاد من الأساس.
أما فيما يتعلق بالأنشطة التى تُقام داخل الفروع، فهى لا تخرج عن كونها ندوات مشابهة لتلك التى تنظمها أندية الأدب بقصور الثقافة، دون أن يكون لها دور اجتماعى أو ثقافى فعّال على مستوى المحافظة أو المدن والقرى التابعة لها.
■ ترددت خلال السنوات الأخيرة معلومات عن منح عضوية الاتحاد لأشخاص سرقوا أعمالًا أدبية ونسبوها لأنفسهم.. ما تعليقك؟
- بالفعل، أُثيرت هذه المشكلة منذ سنوات، وكانت السرقة من أعمال الشاعر العربى الكبير نزار قبانى. وتم تحويل الأمر إلى التحقيق، وعلى حد علمى، تم إلغاء عضوية الشخص المتهم.
جدير بالذكر أن لجنة القيد كانت ترسل لى بعض أعمال المتقدمين لنيل العضوية لإبداء الرأى، وكنت أرفض معظمها لعدم استيفائها الشروط المطلوبة. ولكن، وبقرار من النقيب، تم التوقف عن إرسال الأعمال لى.
■ ما صحة ما يُقال عن فك وديعة الشيخ سلطان القاسمى التى خُصصت لعلاج الأدباء وإنفاقها فى غير موضعها؟
- كنت عضوًا فى مجلس الإدارة وقتها، وشاركت فى مناقشة هذا الملف، وكانت الوديعة مودعة فى البنك العربى والأهلى المصرى، بهدف الاستفادة من ريعها، وبحسب قانون الاتحاد، فإنه لا يحق لنا قبول تبرعات مشروطة، وكان اسم الوديعة لا يزال باسم الشيخ سلطان.
واقترحت وقتها إرسال خطاب إلى سمو الشيخ سلطان نوضح فيه موقف القانون، وبالفعل أرسل رئيس الاتحاد الدكتور علاء عبدالهادى الخطاب، ووافق الشيخ سلطان مشكورًا على تحويل الوديعة إلى ملكية الاتحاد.
وبناءً على اقتراح النقيب، تم تقسيم الوديعة بين صندوقى المعاشات والاتحاد، ووافق المجلس على ذلك بأغلبية الأصوات، والحق يُقال، إن قيمة الوديعتين زادت بطريقة سليمة داخل الصندوقين.
■ ما رأيك فى مشروع العلاج المقدم لأعضاء الاتحاد؟ وهل يحقق ما يستحقه الأدباء؟
- فى الحقيقة، أنا من المعارضين لهذا المشروع، وما زلت متمسكًا بموقفى، لأنه لا يُدار من قِبل الأطباء الأكفاء من أعضاء الجمعية العمومية، ولهذا انسحبت من المشروع.
وبحسب ما ذكره النقيب فى تقريره أمام الجمعية العمومية، فإن عدد المستفيدين من المشروع لا يتعدى ٤٠٠ عضو من أصل خمسة آلاف عضو هم قوام الجمعية العمومية. والمعلومات المتاحة لدىّ تشير إلى أنهم يتطلعون إلى ما هو أفضل.
■ كيف ترى تراجع مكانة اتحاد كتاب مصر عربيًا خلال السنوات الأخيرة؟
- شاركت فى اجتماع اتحاد الكُتّاب العرب الذى عُقد فى مدينة العين بالإمارات عام ٢٠١٧ «على ما أذكر»، وسمعت من الشاعر الراحل حبيب الصايغ كلامًا لم يُسعدنى عن مشاكل دارت داخل الوفد المصرى نفسه.
لكنه فى المقابل شكرنى على أن الدورة التى مثّلت فيها الاتحاد إلى جانب الدكتور علاء والشاعر أشرف البولاقى كانت من أنجح وأرقى الدورات من حيث التحضر والعمل الجاد، لدرجة أن النقيب وجّه لى الشكر فى مضبطة مجلس الإدارة.
لكن للأسف، لاحقًا تفاقمت الخلافات بين الاتحاد المصرى ومعظم اتحادات الدول العربية، وأنا أتابع، كما تتابعون، التوترات التى تعصف بالعلاقات داخل اتحاد الكُتّاب العرب.
■ ما الرسالة التى تود توجيهها؟
- رسالتى بسيطة: لا أعارض الأشخاص، بل أعارض الطريقة التى يُدار بها الاتحاد حاليًا. نحن بحاجة لاستعادة روح الجماعة، واحترام القانون، وتكريس العمل النقابى الحقيقى. اتحاد كُتّاب مصر ليس ملكًا لأحد، بل هو بيت لكل كاتب وأديب فى هذا البلد، ويجب أن نسترده بوعى وصدق ونزاهة.