هل الصيف موسم قراءة الكتب الكبيرة والسميكة؟
هناك شىء ما فى أجواء الصيف، يبدو أن الجميع يقرأ كتبًا ضخمة. نشرت مجلة «نيويوركر» ملخصًا لـ«القراءات الضخمة» التى قرأها موظفوها فى الصيف: «روايات ضخمة وواسعة، وسِير ذاتية، وأعمال تاريخية ستبقيك منغمسًا ومستمتعًا حتى نهاية الموسم».
لطالما اعتاد الفنان والكاتب «أوستن كليون» قراءة الكتب الضخمة فى الصيف، ما يطلق عليه ابنه اسم «الأولاد السمينون». فجأة، يقرأ الجميع رواية «لونسوم دوف».
كتبت ليلى حلبيان فى مجلة «فنون اللغة» عن «إدمانها على الكتب الصوتية لسيد الخواتم». ومن المفارقات أن كل من أعرفه إما يقرأ رواية من 650 صفحة فى الحديقة أو يحمل معه كتابًا تاريخيًا شاملًا فى عطلته.
ما القصة؟ لماذا كل هذه الكتب الضخمة؟، ولماذا هذا الصيف؟ أنا أعشق قراءة المشاريع، ودائمًا ما أوصى الناس بكتب «جين وولف» الطويلة للغاية، وقد انتهيت تقريبًا من قراءة كل ما كتبته «أورسولا ك. لو جوين»، لكن ذوقى فى القراءة الصيفية هو الكتب الأقصر والأرق.
وكشخص يصاب بالإرهاق فى الصيف «يكره السراويل القصيرة، ويصاب بحروق الشمس بسهولة شديدة، ويتعرق»، لا يبدو هذا هو الموسم الطبيعى لقراءة كتاب ضخم. تبدو كتب المشاريع بالنسبة لى وكأنها نشاط داخلى، شىء تفعله عندما تغرب الشمس مبكرًا ويمكنك الاختباء.
وقواعد قراءة الكتب الضخمة غير بديهية بالنسبة لى. الصيف هو الخروج والتجول، ولست متأكدًا من رغبتى فى حمل ألف صفحة تقطع حزام حقيبتى. لكن الجميع يطلق العنان لشغفه هذا الصيف، وأشعر برغبة ملحة فى الانضمام.
استشرت بعض الخبراء فى هذه الظاهرة: هيذر أكوميا وليا أبرامز، الكاتبتان ومقدمتا بودكاست «ليموزين» الرائع وسلسلة القراءة، تنظمان ناديًا لقراءة رواية «آنا كارنينا» لما يطلقان عليه «صيف الكتب الكبيرة»، وقد صدرت الحلقة الأولى من دردشة نادى القراءة.
أخبرتنى «أبرامز» بأنهما اختارتا «آنا كارنينا» فى البداية بعد اكتشافهما «مدى روعة تولستوى»، لكنهما لاحظتا أيضًا شيئًا ما يحدث فى مجتمعهما. قالت «أبرامز»: «كلما ذكرنا (آنا كارنينا) لأصدقائنا، أدركنا أننا نتطرق إلى جانب أوسع فى الثقافة عمومًا».
يسعى الناس إلى استعادة تركيزهم، والانغماس مجددًا فى شىء طويل الأمد. ظننا أن هذه فرصة ممتعة للقيام بكل ذلك معًا. إن تحسين فترات التركيز والقراءة معًا أمر دائم، لكن فكرة تخصيص وقت للانغماس فى قراءة كتاب طويل، تبدو مرتبطة بالصيف، موسم الاسترخاء.
الصيف أكثر كسلًا وراحة. نلتقى الأصدقاء، ونسهر فى الخارج، ونشرب فى الهواء الطلق. الأمريكيون يشوون ويطلقون الألعاب النارية، والأوروبيون جميعًا فى إجازة. الصيف وقت للترفيه، وكما قالت لى «أكوميا»: «القراءة هى متعة الترفيه القصوى».
لذا، من المنطقى، خاصة لعشاق القراءة، الاسترخاء مع كتاب. علاوة على ذلك، يرتبط الصيف دائمًا بالعطلة المدرسية. «أكوميا»، مثلى، لا تزال تربط «قراءة الصيف بصيف الطفولة، عندما كانت هناك أيام لا تنتهى ومملة كان من مسئوليتنا ملؤها». دون واجبات منزلية، كان الصيف فرصة للقراءة من أجل المتعة.
ولكن لماذا هذا التوجه إلى كتاب مشروع كبير؟ هل نحن جميعًا من عشاق القراءة، لدرجة أننا نبتكر تحديات قراءة صيفية خاصة بنا، كذكريات أيام الطفولة؟
ربما يكون الصيف أقل ضغطًا. تشير «أكوميا» إلى أنه «فى الصيف نشعر بوهم زيادة وقت الفراغ، من خلال أيام أطول، وإجازات طويلة الأمد، وأيام جمعة صيفية، والشعور العام بأن الوقت قد حان لمكافأة أنفسنا».
أعتقد أن هذا صحيح، الصيف هو الوقت الذى يسمح لنا فيه بإبعاد أنظارنا عن العمل قليلًا، وهو ما يعنى أن لدينا وقتًا إضافيًا خارج ساعات العمل لوضع أهدافنا الخاصة.
وكما قالت «أكوميا»: «لا توجد طريقة أفضل للتخلص من ضغوط العمل من حمل كتاب كبير وغير عملى معك من الحديقة إلى السطح إلى بوابة المطار طوال الصيف».
أعتقد أن البعض لا يرفضون هذا الشغف بقدر ما يعاد توجيهه: حرية الصيف هى فرصة للانطلاق بشروطك الخاصة. الكتاب الكبير، خاصة الكلاسيكى، هو مشروع تطوير ذاتى. لدينا الوقت لقراءة شىء قلنا لأنفسنا إنه يجب علينا قراءته وكنا ننوى قراءته.
قالت «أبرامز» إنها «قضت سنوات ترهبها الكلاسيكيات الروسية الثقيلة، أو ببساطة تفترض أنها ليست مناسبة لها». ما هو أفضل من يوم صيفى طويل لمواجهة هذا الخوف والجلوس مع سطور كثيفة من تولستوى أو جويس؟
هناك أيضًا جانب متأصل فى مشاريع الصيف، وهو تحسين وتحقيق الذات. من يونيو إلى أغسطس ستكونون على أهبة الاستعداد قبل بدء الدراسة، حيث ستلتقون بشخص ما وتقعون فى الحب، وتسافرون إلى بلد آخر وتعودون بآفاق جديدة ومنعشة. الصيف هو الوقت الذى نكتشف فيه أنفسنا.
غالبًا ما ينظر إلى الكلاسيكيات العميقة على أنها تحمل جميع الإجابات. إنها كتب مليئة بالأفكار العظيمة وتحمل الكثير لتعلمنا إياه، أو هكذا نعتقد. تتناول الكلاسيكيات العميقة قضايا وجودية، ولا تبخل بالطموح: إنها تتناول الحرب والسلام، والجريمة والعقاب، وتضع توقعات كبيرة.
يمنحنا الصيف وقتًا فارغًا لتحقيق الأهداف النبيلة التى نحددها لهذه الكتب. يمكننا أخيرًا القيام بالرحلة الطويلة إلى قمة الجبل، واستشارة الحكمة الحكيمة للنصوص الكلاسيكية، والتأمل فى مواضيعها الكبرى، وهو أمر يستغرق وقتًا.
والصيف هو الوقت الذى يسمح لنا فيه جميعًا بإعطاء الأولوية للمتعة قليلًا، ما يجعل قراءة الكتب الأكبر أقل شبهًا بالواجب المنزلى.
أتساءل إن كان الخروج فى يوم صيفى حار مع كتاب ضخم متعة وجاذبية فحسب. إنه يشعرك بالاسترخاء التام وحياة داخلية ثرية. إنه خيار مثير للاهتمام. إن إحضار رواية بولانيو «٢٦٦٦» أو رواية مانتيل «مكان آمن أكثر» إلى الشاطئ يوحى بأنك بلا مكان تذهب إليه لفترة، ولا شىء تفعله سوى القراءة والتفكير.
أماكن الصيف مثيرة أيضًا: الشاطئ، والمسبح، والمدينة الجديدة، كلها أماكن رائعة للتحضير لقراءة طويلة. سألت أبرامز وأكوميا عن المكان الذى تأملان القراءة فيه هذا الصيف، فقالت لى ؛أبرامز»: «أتمنى أن أقرأ فى حديقتى المحلية وأنا أشعر بفرحة فوز ممدانى فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى، وهو يداعب نسيم الصيف. وأنتظر... لقد تحققت أمنيتى!».
هذه هى ذروة أوقات الفراغ الصيفية: تخصيص وقت لنفسك هو أيضًا اعتراف بالأمل فى المستقبل. قراءة كتاب كبير هو تخصيص وقت للاسترخاء، ولكن أيضًا للتفكير على المدى البعيد والالتزام بشىء أكبر.
إن اقتناء الكثير من الناس كتبًا كبيرة وقراءتها مع الآخرين علامة على أننا نريد التطلع إلى المستقبل، والتعمق فى التفكير، والبحث عن التواصل.