المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مروان.. حين يندفع الإنسان «بدون سابق إنذار» فى حوادث عدة

آسر ياسين
آسر ياسين

صدمات تقع على نافوخه «بدون سابق إنذار»، وبيت مع مرور الوقت- وقبل وقوع أى حادثة أو فاجعة- أصبح على حافة الهاوية؛ تهديدات بالطلاق، وأزمات نفسية قادرة على تفكيك البيت الذى حلم به، وأرض الأجداد على وشك البيع، وأسطورة الحب الأول التى تلاحقه. 

من بين مئات أو ربما آلاف الشخصيات التى قدمت فى الأعمال الدرامية لرمضان 2024، لو وقع اختيارى على شخص بعينه لأكتب عنه سيكون «مروان» بطل مسلسل «بدون سابق إنذار» للمخرج هانى خليفة، الذى لعب دوره الممثل آسر ياسين، ببساطة لأنه شخصية بها الكثير من العناصر التى تستحق أن نتوقف أمامها لنتأملها.

فهو شخصية مركبة للغاية، معقدة للغاية، هذا التعقيد الذى لا تخلو منه أى نفس إنسانية، والذى يطرح من خلاله أسئلة صناع العمل وعلى رأسهم المخرج، تلك الأسئلة عمقت من تساؤلات وتعقيدات هذه الشخصية لتجعلها لا تعبر عن نفسها وأزمتها فقط، ولكن تعبر عن أزمة أى إنسان، للدرجة التى جعلتنى أرى نفسى مكان البطل فى كثير من المواقف لأفكر وأسأل نفسى: أى شىء سأختار؟ وكيف سأتصرف لو كنت مكانه؟!

فهو شخصية حساسة للغاية، دائمًا ما تجد نفسها محاطة بأسئلة ومعطيات يفرضها الواقع فى كل فترة، ففى البداية نعرف أن والده توفى وأنه تحمل مسئولية الأسرة من بعده، ثم نعرف أن هناك قصة حب فاشلة تلاحقه، وربما كانت سببًا فى زواجه من أخرى، ربما لم يحببها بالقدر نفسه، ولذلك ترتب عليه بعض المشاكل التى رأيناها من أول مشهد فى المسلسل، والكفيلة بتفكيك البيت، ولذلك شك فى زوجته تلك حين وقعت الحادثة المركزية وهى مرض عمر الذى ظن أنه ابنه، ولكنه لم يكن كذلك، ثم عودة أخرى للحبيب السابق والأول.. كل هذه الأحداث الهائلة يجد نفسه مساقًا ومدفوعًا إليها رغمًا عنه.

كل هذا يعمق سؤاله الذى هو سؤال العمل بشكل كامل.. ويعممه ليجعله إشارة إلى الإنسان، ووجوده الذى يكون فيه مساقًا ومدفوعًا على العيش وفقًا لما جلب عليه، ووفقًا للمعطيات التى تقدمها الحياة، سواء كانت هذه المعطيات الآسرة بكل أفكارها الطبقية وأيضًا إرثها النفسى والمادى، وكذلك الاندفاع فى قصص الحب والزواج، وتعامل الإنسان معها.

فمروان هو صورة للإنسان الذى يجد نفسه أمام الكثير من الحوادث التى تشكل التجربة الإنسانية فى شكلها العام، ومن ثم هذه الحوادث التى تقام عليها فكرة عامة أخرى، وهى فكرة الاختيار، وتحمل عواقب هذا الاختيار فى كل مرة. 

وكما قلنا كل الحوادث والأسئلة المحيطة بمروان هى ناتجة عن أسباب وأسئلة أخرى أسرية أو غيرها، يستطيع صانع العمل من خلالها طرح أفكاره وهمومه الشخصية، ومنها الأفكار الكبيرة كما أشرنا، التى من ضمنها الفكرة الطبقية، التى نراها داخل المسلسل حين يريد حسن الأخ الأصغر لمروان «والذى أدى دوره أحمد خالد صالح»، وهو ابن الطبقة المتوسطة البرجوازية نرى صورة لاختلاط وتأثير الطبقات على بعضها البعض، فهو ابن للطبقة البرجوازية الصغيرة الذى اضطر إلى بيع ممتلكاته بسبب التقلبات الناتجة عن عيش حياة لا تنتمى إليها طبقته الاجتماعية، وكذلك الرفاهية من سيارة باهظة الثمن أو مدارس يتم دفع مصاريفها بالعملة الصعبة، هذه الطبقة البرجوازية أثرت بدورها على الطبقة الأدنى وهم العمال، فحين تأثر حسن ذهب وقام بتسريح العمال الذين يعملون معه، وهكذا تتشكل وتتبلور النظرة الاجتماعية والطبقية داخل العمل.. كما تتشكل أيضًا فى الحياة، فالكل يتأثر فى تلك الدائرة التى يتشكل منها المجتمع ومن ثم الحياة.

وفى النهاية يمكن اعتبار شخصية مروان تمثيلًا للإنسان بشكل عام، الإنسان الذى يندفع للحياة، ومن ثم تفرض عليه العديد من الأشياء دون سابق إنذار، فيصبح السؤال الأهم هو السؤال الذى بنى عليه الوجود وهو: كيف سيتم التعامل مع كل موقف، وأن الإنسان هو ابن تلك التجربة التى ولد ونشأ عليها حتى لو اكتشف أنه ليس ابنًا لوالديه، وأن والديه شخصان آخرين، يتكرر هذا مع كل أزمة، مما يجعل العمل الدرامى ليس فقط تمثيلًا للواقع وأزماته، بل للحياة بقسوتها، وأيضًا بمعانى الحب والرقة التى تحتويه