السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

عُقد العميد.. ماذا يقرأ حسام حسن قبل أن ينام؟

حسام حسن
حسام حسن

- شوبير وإبراهيم حسن والعميد والجوهرى وصلاح.. العقد النفسية التى تحكم مدرب منتخب مصر

- حسام وإبراهيم «Package» من يريد حسام فهذا يعنى الاثنين معًا

- حسام تراجع الآن إلى المركز الـ١٦ فى قائمة عميد لاعبى العالم

- تعامل صلاح مع حسام شابه الكثير من فكرة «أنا النجم»

«لا يوجد لاعب فى الدورى المصرى يستحق أن ينضم لمنتخب مصر»، جملة شغلت الوسط الرياضى على مدار الأسابيع الماضية، وجعلت الجميع يضع يده على قلبه خوفًا وقلقًا على مستقبل المنتخب القريب. ففى الوقت الذى كنا ننتظر حديثًا يطمئننا على مشوار الصعود لكأس العالم فى بداية حقبة جديدة مختلفة، خرج علينا قائد المسيرة حسام حسن، المدير الفنى لمنتخب مصر، بهذه الكلمات؛ ليحطم أى أمل، أو على الأقل يبعث برسائل واضحة ألا نأمل أو ننتظر الفراعنة فى مونديال ٢٠٢٦ فى كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.

الحق أنه لا أحد يعلم على وجه اليقين إذا ما كانت الجملة قد قيلت بنفس نصها هذا، أو خضعت لبعض من التحريف والتأويل والمبالغة، كما لا نعلم أيضًا سياقها، وهل كان حسام جادًا أم كان يداعب ضيوفه من الصحفيين كعادة المصريين الذين لا تعلم جدهم من هزلهم؟، كما أنه غير واضح هل قصدها حسام بالفعل وهو يعلم أن ما قاله لا بد أنه سيخرج سواء فى صيغة أخبار أو على شكل تسريبات؟ أم أنها كانت عفوية عبرت عن مخزون من القناعات والتصورات لدى واحد من أهم لاعبى كرة القدم فى مصر على مدار تاريخها؟

حسام حسن

هل تريد إجابات على ما سبق؟

صدقنى قد تكون الإجابات أقل ما يمكن أن يشغل تفكيرك فى هذه الموقف، فللغرابة كل الأسئلة الماضية إجابتها نعم.

حسام بالفعل قال ذلك كله، قد يكون قاله بنبرة ساخرة، لكنها تحمل فى طياتها كلامًا جادًا تمامًا، والمؤكد أنه كان يعلم بخروج حديثه وانتشاره بعيدًا عن حدود غرفة الاجتماعات المليئة بالصحفيين، ورغم أن ما قاله قد يبدو عفويًا، لكنه يعبر بكل وضوح وبشكل لا ريب فيه عن شخصية حسام حسن.

مرت الآن ١٧ عامًا على اعتزال حسام وانتهاء «كاريره» الأول كلاعب للكرة، ليبدأ مباشرة فى «كارير» جديد فى عالم التدريب، وهى خطوة كانت تتطلب منه أن يعيد حساباته كلها، ويعلم أن مسافة طويلة جدًا تفصل بين داخل الملعب وخارجه، وعبور خطوط حدود الملعب يحتاج مجهودًا طائلًا، وكان على حسام أن يتعلم ويذاكر ويقرأ.. لكن بعد كل هذه السنوات لا بد أن نتوقف قليلًا ونسأل: ماذا يقرأ حسام حسن قبل أن ينام؟

حسام حسن وأحمد شوبير

التعليم.. عقدة الكلام ولسان أحمد شوبير

حسام وإبراهيم.. ظاهرة فريدة فى الرياضة المصرية، لا يُذكر أحدهما إلا مقترنًا بالآخر، ليس حسام، وليس إبراهيم. وإنما حسام وإبراهيم، ولاحظ أن الظاهرة اسمها حسام وإبراهيم، وليست إبراهيم وحسام، لأن ذلك هو مربط الفرس. لأن ما يعتقده كثيرون بأن التوأم علاقة كلها ورود وقلوب وحب وتفاهم وتطابق فى كل شىء، فهى فى الحقيقة بداية اللعنة، لو جاز لنا استعارة تعبير أحمد السقا فى فيلم «من ٣٠ سنة».

وفقًا لعلم النفس، فإن التوأم أكثر ارتباطًا حتى لو اختلفت سماتهما الشخصية واهتماماتهما فيما بعد، وستجدهما من فترة لأخرى يخططان لارتداء نفس الملابس، واختيار لوك وستايل شعر واحد، وما إلى ذلك من تصرفات تظهر للجميع «أننا واحد».

غير أن علم النفس، أيضًا، يؤكد أن «التوأم» ساحة التنافس الأولى، فكلا الطرفين يملك الإمكانات ذاتها، والملامح نفسها، والاهتمام المتماثل تقريبًا من الأب والأم والأقارب، ولذلك فكل منهما يريد أن يتخذ خطوات يخلق بها تميزًا عن قرينه، وهو ما حدث حرفيًا مع حسام وإبراهيم، ومرة أخرى أنبهك أن الظاهرة يتصدرها اسم حسام.

العميد

منذ لحظة دخولهما اختبارات النادى، بدأت الظروف تعطى مميزات لحسام وتساعده فى أن يسبق توأمه بخطوات، وأول ما حصل عليه كان اختياره فى مركز المهاجم، وأرجوك لا تنزعج إذا قلت لك إن حسام تم اختباره فى مركز الظهير الأيمن، وإبراهيم هو من كان مهاجمًا، وقرر عبدالعزيز عبدالشافى، مدرب فريق الناشئين وقتها، أن يعكس الأدوار ليكون إبراهيم هو الظهير الأيمن وحسام هو المهاجم.

لا شك أن كلًا منهما أبدع وأمتع فى مركزه، ولن تكون مبالغة إذا قلنا إنهما من أفضل من لعب فى المركزين، إن لم يكونا الأفضل على الإطلاق، ولكن من قال إن النجاح هنا متساوٍ؟

حسام كان دائمًا صاحب اللقطة الأخيرة، هو الذى يسجل الهدف ويذهب للاحتفال والجميع خلفه وبينهم بالطبع إبراهيم، هو الذى تهتف الجماهير باسمه لأنه أسكن الكرة الشباك فى وقت لم يكن الاهتمام وقتها كبيرًا بمن صنع الهدف، وللحق فقد صنع إبراهيم أهدافًا كثيرة لتوأمه، لكن الكادر كان دائمًا مليئًا باحتفال حسام.. هو دائمًا فى المقدمة.

الصفحة العاشرة من العدد الحادى والعشرين لحرف

هذه المنافسة انتهت مبكرًا لصالح حسام وخلقت وضعًا جديدًا اسمه حسام وإبراهيم، وشكلت جزءًا من شخصية حسام بأنه رقم ١ فى الثنائية، سواء فى النجومية أو فى المسئولية.

أصبح حسام يتعامل من داخله بكونه مسئولًا عن توأمه، كل خطواته فى كرة القدم لا بد أن يكونا متلازمين، حسام وإبراهيم «Package» من يريد حسام فهذا يعنى الاثنين معًا. حدث ذلك فى الأهلى، وفى رحلة الاحتراف القصيرة فى باوك اليونانى، ثم نيو شاتل السويسرى، ثم العودة مجددًا للأهلى، واستمرا سويًا حتى عام ٢٠٠٠، العام الذى بدأ حسام يعانى كونه الطرف المسئول فى هذه الثنائية، وبعد ٢١ عامًا داخل جدران الأهلى اضطر حسام لترك تاريخه الذى صنعه مع المارد الأحمر بعدما أصر ثابت البطل على أنه يريده وحده دون إبراهيم. فما كان من حسام إلا أن ذكره بفكرة الـ«Package»، ليرفض البطل وتنتهى رحلة حسام وإبراهيم فى الأهلى وتستمر فى الزمالك؛ فيما يمكن أن نطلق عليه بقلب مطمئن «صفقة القرن الحقيقية».

حسام حسن وإبراهيم حسن

انتقال حسام وإبراهيم للزمالك كان صدمة بكل المقاييس لجمهور الأهلى الذى لم يصدق كل الأخبار، ولم يتخيل أن يرى نجميه بأى تيشيرت غير الأحمر، فإذا به يراه بزى المنافس الأبدى. استمرت فكرة الـpackage فى الزمالك ثم المصرى، وبعدها اعتزل إبراهيم وأكمل حسام مشواره مع الترسانة ثم الاتحاد السكندرى، لكنه كان قد أدرك متأخرًا أنه كان من الممكن أن يكمل كل منهما مشواره بعيدًا عن الآخر.

ورغم تقديرنا الكامل لهذا الترابط الأسرى والرياضى، إلا أن حسام كان الخاسر فى هذه الثنائية، وقد أدركت جماهير الكرة ذلك ورددت كثيرًا أن حسام خسر الكثير لاعبًا ومدربًا بسبب الـ«أتب» الذى يحمله على ظهره، خاصة أن إبراهيم بجانب أنه لم يكن مطلوبًا كرويًا بنفس قدر حسام، فقد كانت عصبيته الزائدة، ومشكلاته الشخصية خارج الملعب عوامل أخذت من رصيده ورصيد حسام أيضًا.

كان لا بد أن يدرك حسام ويقرأ حتى يستطيع أن يعطى هذه العلاقة مع توأمه حجمها الذى لا يؤثر على مستقبل كل منهما.. لكنه لم يقرأ.

حسام حسن وإبراهيم حسن

التوأم.. المنافسة المبكرة مع إبراهيم حسن

قليل هم من فى الوسط الرياضى من استطاعوا أن يكملوا مسارهم التعليمى والحصول على مؤهل عال، ففى ظل الانشغال بالتدريب وتزامن سنوات التكوين البدنى والفنى اللازمين لإتقان العمل الرياضى مع سنوات التحصيل الدراسى، يلجأ كثير من الرياضيين للاستغناء عن الشهادة، أو الاكتفاء بالقدر الذى يحفظ ماء الوجه.

وقبل أن تنفعل وتتهمنا بالترويج لفائدة ترك التعليم، اسمح لى أن أذكرك بأن أنجح الرياضيين فى العالم يسيرون على نفس المنهج، روجر فيدرر ورافاييل نادال أسطورتا التنس فى العصر الحديث، رونالدو وميسى وصلاح، وغيرهم من أباطرة كرة القدم، والقائمة فى ذلك تطول بمن أبهروا الدنيا ووصلوا لأعلى درجات سلم النجاح فى الرياضة، لكنهم لم يرتقوا فى سلم التعليم كثيرًا.

وفى مصر لا يختلف الوضع، بل إنه أكثر وضوحًا، ولذلك ستجد قليلًا من النجوم من حملة المؤهلات العليا، أبوتريكة تخرج فى كلية الآداب، شريف إكرامى خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وائل جمعة حاصل على ليسانس آداب قسم لغة إنجليزية، ولكن بقليل من التدقيق فى هذه القائمة لن تجد فيها كثيرًا من نجوم الكرة المصرية على مر العصور، ومنهم مدرب منتخبنا وتوأمه اللذان تخرجا فى معهد التعاون بعد سنوات طويلة من الإخفاق.

هل يعيبهما ذلك؟ 

بالقطع لا، لكن ما يعيبهما وغيرهما فعلًا ألا تكون لدينا خطة للتثقيف والقراءة والتعلم الذاتى، لو سبق لك أن سمعت رونالدو أو فيدرر أو صلاح وهم يتحدثون ستعرف أن الفيصل ليس فى التعليم، بل فى التعلم.

مشكلة حسام مع التعليم والتعلم ستجدها واضحة فى علاقته مع أحمد شوبير التى لم تكن يومًا فى أفضل حال. شوبير هو زميل حسام فى الملاعب وفى معهد التعاون، كل منهما نال قدرًا يسيرًا من التعليم، توقف حسام وانطلق شوبير. قرر حارس مرمى الأهلى أن يزيد من حصة التعلم، فقرأ وشاهد وسمع فتحول إلى نجم طليق اللسان يعرف معنى الكلمة قبل أن تخرج منه، ويعرف هدفه منها بالتحديد. أما حسام فما أن يفتح فمه إلا وتتحسس مسدسك، لأنك ستسمع ما لا أذن سمعت، وجملته التى افتتحنا بها الموضوع خير مثال.

يا كابتن حسام.. قد يكون أوان التعليم قد فات، لكن التعلم لا وقت له.. ابدأ واقرأ.

العميد حسام حسن

الأرقام القياسية.. مشكلة العميد مع نفسه

«مش هييجى زى حسام تانى» هذه الجملة معتادة ومكررة ومقنعة جدًا بين جماهير الكرة المصرية، وهى تلخص الحالة التى وصل إليها نجم الأهلى والزمالك السابق كلاعب والتى جعلته يحتكر العديد والعديد من الأرقام القياسية، وخلقت داخله شعورًا تحول إلى يقين بأنه ملك كل شىء ومالكه، وليس من حق أحد أن يأخذ منه شيئًا.

هذه الأرقام بقدر ما كانت نعمة على حسام، كانت أيضًا نقمة كبيرة، وأصبحت مصدرًا لكثير من الخناقات والتلاسن والاتهامات وأيضًا، ما أن يقترب أحد من أرقامه حتى تقوم الدنيا ولا تقعد، وكأن حسام قد أغلق باب كرة القدم خلفه، ولن يجرؤ أحد على فعل أى شىء يهدد سجله القياسى.

هل تريد إثباتًا؟

تعال نرى ما حدث مع حسن الشاذلى والخطيب وأحمد حسن، فلدى حسام يقين تام بأنه الهداف التاريخى لنادى الأهلى فى الدورى العام، وأنه أيضًا الهداف التاريخى للدورى العام على مر تاريخه بحصيلة ما حققه مع الزمالك والمصرى والترسانة والاتحاد، وفى سبيل هذا اليقين كال الاتهامات الكثيرة للجميع.

معركته فى الأهلى كانت مع محمود الخطيب رئيس النادى الحالى، وقال فيها حسام: «أحرزت للأهلى ١٠٩ أهداف فى الدورى، بينما اعتزل الخطيب وقد أحرز ١٠١ أو ١٠٣ أهداف بالكثير، ولكن فجأة تم التلاعب فى السجلات ليتساوى معى الخطيب، ولكى لا يقال إننى الهداف التاريخى للنادى».

أما معركته فى الدورى فكانت مع حسن الشاذلى نجم نجوم الترسانة حول من هو الهداف التاريخى للدورى العام، وفى هذه المرة لم يقل حسام إنه تم التلاعب فى إحصائيات الشاذلى كما حدث مع الخطيب، بل تم التزوير فى أرقامه هو.

حسام حسن مدرب منتخب مصر

تقول السجلات الرسمية إن الشاذلى يتصدر القائمة برصيد ١٧٣ هدفًا، بينما يأتى حسام ثانيًا برصيد ١٦٨ هدفًا، ولأن حسام لا يقبل إلا أن يكون صاحب الأرقام القياسية، فقد أكد أن كثيرًا من أهدافه غير مدون، وأنه فعليًا قد أحرز ١٧٦ هدفًا، ولذلك فهو الهداف التاريخى وليس الشاذلى.

فى كلتا الحالتين يمكن أن يكون حسام محقًا بدرجة ما فى ظل حالة عدم الثقة فى عملية التوثيق فى تلك الفترة، سواء فى عدم دقتها، أو قلة الاهتمام بها من الأساس. لكن عندما يتعلق الأمر بأرقام واضحة ومؤكدة من الاتحاد الدولى لكرة القدم، فمن المفترض ألا نعيش حالتى الخطيب والشاذلى مرة أخرى، لكن مع حسام كل الحالات تقبل الجدل والتشكيك.

الصفحة الحادية عشر من العدد الحادى والعشرين لحرف

الحالة هنا ترتبط بلقب عميد لاعبى العالم الذى حصل عليه حسام عام ٢٠٠١ كأكثر اللاعبين مشاركة مع منتخب بلاده، وظل كذلك حتى اعتزاله عام ٢٠٠٦ وفى جعبته ١٧٦ مباراة دولية، وأصبح حسام من وقتها «العميد».

لم يصمد رقمه كثيرًا فى ظل تطور كرة القدم، وبعد أن أصبح اللاعب قادرًا على اللعب وتمثيل بلاده حتى سن متقدمة، فما كان من حسام إلا أن تراجع الآن إلى المركز الـ١٦ فى قائمة عميد لاعبى العالم، سبقه فى ذلك كثيرون البرتغالى رونالدو، والكويتى بدر المطوع، والماليزى تشن آن سو، والعمانى أحمد مبارك، والقطرى حسن الهيدوس، وميسى وراموس والدعيع وبوفون، وغيرهم.

لكن بين كل هؤلاء كان هناك اسم واحد هو من خلق المشكلة، أحمد حسن. وصل أحمد إلى ١٨٤ مباراة، وأصبح فى وقت ما عميد لاعبى العالم، وبالقطع هو الأكثر مشاركة فى تاريخ مصر حتى الآن، وهو أيضًا رقم سيصمد كثيرًا جدًا، وبالتالى فهو يستحق لقب العميد. لكن مع حسام ليس هناك عميد آخر، وقد قيلت الجملة بشكل واضح وصريح أكثر من مرة، العميد هو حسام.

ولو أن حسام قد قرأ وعرف لأدرك أن أرقامه يمكن أن يحطمها غيره، وعليه أن يتقبل ذلك، وأن يفخر بأنه كان فى حد ذاته هدفًا لكثيرين، حلموا فقط أن يصلوا لما وصل إليه، ويفخرون بأنهم تجاوزوه.. لكنه لم يقرأ.

الجوهرى

السيطرة والمجد.. عقدة الجوهرى الأزلية

لم ينجح أحد فى السيطرة على حسام حسن كما فعل المدرب الراحل محمود الجوهرى، وللحق فكل من تعامل مع الجنرال أو تدرب تحت قيادته يشهد له بالحزم والقوة والصرامة، وهى المقومات التى ساعدته فى السيطرة على النجم المتوهج العصبى الجامح الذى يرى أنه الأفضل والأهم حسام حسن.

رأى حسام فى الجوهرى كل ما يريد أن يكون عليه مستقبلًا، نجاحًا كرويًا وتدريبيًا وسيطرة وشخصية قوية تفرض نفسها على الجميع، فقرر أن يستنسخه.

راقب خطوات حسام ستجده يسير «بالمسطرة» خلف الجوهرى، اتجاهه للتدريب من البداية، عداوته مع الأهلى والتعامل بندية مع الكيان كطرفين متساويين، تدريب الزمالك المنافس الأبدى، تدريب المنتخب الوطنى كصك نجاح نهائى بعد تجربة طويلة ومشرفة.

حسام حسن مع المنتخب

وهل فى الأمر عقدة؟ ألا يمكن أن نعتبر ذلك قدوة ومثالًا نربو أن نصل إليه؟

العقدة فى أن حسام فشل فى كل خطوة نجح فيها الجوهرى، خرج حسام من الأهلى بعداوة دائمة وممتدة حتى يومنا هذا، حتى وإن أنكر الجميع، بينما احتفظ الجوهرى بقدر كبير من الاحترام حتى بعد ذهابه للزمالك.

لم يحقق حسام أى لقب له كمدرب رغم أنه تولى مسئولية أندية جماهيرية، وعلى رأسها الزمالك، فى حين زينت البطولات مسيرة الجوهرى أينما حل.

فشل حسام مع القلعة البيضاء، وأصبح الجوهرى الأهلاوى جزءًا من تاريخها.

خلقت شخصية الجنرال القوية الهادئة هيبة واحترامًا وتقديرًا، بينما أدت شخصية حسام العنيفة إلى عداوة وخوف وابتعاد من النجوم كلما سنحت لهم الفرصة، وهنا بالتحديد ستسمع كثيرين يعبرون عن سعادتهم لأنهم تدربوا مع الجوهرى، أو كم تمنوا لو أنهم كانوا جزءًا من فريقه ممن لم يحالفهم الحظ فى ذلك، أما حسام فسمعته فى الوسط الرياضى أنه عدو النجوم، ما أن يأتى عرض لأحدهم من فريق يتولى مسئوليته حتى يفر حفاظًا على ما تبقى من مشواره.

قد يتبادر لذهنك هنا سؤال: لماذا الجوهرى وليس حسن شحاتة؟

خاصة أن كليهما كان يمكن أن يكون مثالًا وقدوة لحسام، كلاهما لديه نجاحات فى المركز الذى يتولاه الآن، وكلاهما أيضًا أنقذه كرويًا.

نعلم جميعنا تاريخ الجوهرى مع المنتخب وإنجازاته التى زينها بالصعود لكأس العالم، كما لا يخفى علينا الأداء الاستثنائى لحسن شحاتة والثلاثية التاريخية التى حققها فى بطولة الأمم الإفريقية، ولم يكن ينقصه سوى الصعود للمونديال حتى «يقفل اللعبة».

حسام حسن المدير الفنى للمنتخب

أما فيما يخص حسام فقد أنقذه الجوهرى فى بطولة الأمم الإفريقية عام ١٩٩٨ التى أقيمت فى بوركينا فاسو، بعد أن كان مستبعدًا لسنوات قبلها، وكان يرى الجميع أن مشواره قد انتهى، فإذا به يعود حاملًا كأس البطولة ولقب هدافها أيضًا. والغريب أن شحاتة أيضًا أنقذه وضمه لصفوف المنتخب عام ٢٠٠٦ ليحقق حسام رقمًا قياسيًا بعد أن أصبح أكبر لاعب يسجل فى تاريخ البطولة، وكانت سنه وقتها ٣٩ عامًا و١٧٤ يومًا، والغريب أيضًا أنه حمل كأس البطولة فى النهاية.

إذن لماذا الجوهرى؟ 

لأنه ببساطة استطاع السيطرة على حسام، بينما فشل شحاتة فى ذلك، حتى أن الصحف وقتها كانت تردد بأن شحاتة «حضر العفريت ومش عارف يصرفه» بعد إصرار حسام على المشاركة أساسيًا.

لا عيب فى أن يكون لك قدوة ومثال تحلم بتكرار تجربته والتفوق عليه.. لكن فى سبيل ذلك لا بد أن تقرأ يا كابتن حسام.. لكنك لم تقرأ.

حسام حسن والجيل الحالى من منتخب مصر

النجم الأوحد.. حسام لم يعتزل اللعب واسألوا صلاح

باكورة مشكلات حسام حسن فى مشوار المنتخب، ودرة أعماله فى الوقت ذاته هى علاقته بنجم المنتخب الأول والتاريخى محمد صلاح، والحقيقة أنها علاقة بدأت قبل أن يتولى حسام مسئولية المنتخب، وأرق توصيف لها أنها علاقة سيئة، وتزداد سوءًا يومًا بعد الآخر كلما أحرز صلاح هدفًا بقميص المنتخب، قد يبدو الكلام غير منطقى، لكنه يفسر لنا الجانب الأخير من شخصية حسام حسن الذى يعيش حياته وكله قناعة بأنه النجم الأوحد.

كان حسام نجمًا داخل الملعب حقًا، لكن ما أن عبر الخط ووقف خارج الملعب يعطى تعليماته كمدرب كان عليه أن يعرف أن النجومية اختلفت، بل اختفت إن شئت الدقة، خاصة أن ظاهرة المدرب النجم التى يترأسها حول العالم بيب جوارديولا لا تجد لها أرضًا خصبة فى ملاعبنا. لكن ولأن القدر يحب حسام ويسانده ويعطى له بدلًا من الفرصة ألف فرصة فقد وهبه فرصة أن يكون «المدرب النجم» للمنتخب.

كيف حدث ذلك؟

عندما تولى حسام المسئولية بناء على طلب الجماهير، فبعد كل إخفاق للمنتخب كانت الأصوات تنادى بحسام، البعض عن قناعة بقدراته وإمكانياته وحماسته التى ستلهب مشاعر لاعبيه وتجعلهم يخرجون أفضل ما لديهم، والبعض من باب «خربانة خربانة» ولن يكون حسام أسوأ من أسلافه، والغريب أن البعض طالب به من أجل أن «نخلص من زنه» وتنكشف أكذوبة المدرب حسام حسن.

لكن المحصلة كانت أن كل هذه الأصوات تطالب به مدربًا للمنتخب، وبالفعل تم اختيار حسام رغم معارضة العديد من أعضاء اتحاد الكرة، وأصبح المدرب المدعوم بشكل كامل من جماهير مصر، واستمرت لديه فكرة النجم الأوحد.

محمد صلاح

قبل ذلك بأيام بسيطة كان حسام ضيفًا بأحد الاستوديوهات التحليلية لبطولة كأس الأمم الإفريقية، وهاجم وقتها صلاح هجومًا عنيفًا، واتهمه بالهروب من المسئولية وادعاء الإصابة، وأن ذلك كله مجرد تمثيلية حتى يستطيع المشاركة فى مباريات ليفربول على حساب مشوار المنتخب، وكانت لديه قناعة بأن الفريق يلعب أفضل بدونه، ولو أراد الذهاب للعلاج فى ليفربول فليذهب ولا يعود للمنتخب حتى فى حالة الصعود للنهائى.

قبل ذلك بعدة شهور أدلى كابتن إبراهيم حسن بدلوه فى موضوع صلاح، وقال صراحة إنه يتمنى أن يفشل فى التسجيل بقميص المنتخب، والسبب بسيط، حتى لا يكسر رقم أخيه حسام كهداف تاريخى لمنتخب مصر.

بسرعة كبيرة تغيرت الظروف بشكل دراماتيكى وتولى حسام وإبراهيم مسئولية المنتخب، وها هو صلاح تحت تصرفهما بشكل كامل.

دعونا نؤكد بشكل مطلق أن حسام كان لاعبًا فذًا، ودونما النظر للأرقام، فهو أحد أهم وأنجح المهاجمين فى تاريخ مصر، إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق، هذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل أو حاقد، لكنه كمدرب لم يصل لجزء بسيط من هذه النجومية ولا العبقرية ولا النجاح، وقد يكون ذلك هو السبب فى أن يعامل الجميع بكتالوج اللاعب وليس المدرب.

وما دخل صلاح بالموضوع؟

أليس مجرد لاعب بالفريق؟

أولًا وثانيًا وعاشرًا.. صلاح ليس مجرد لاعب، نحن هنا لا نتحدث عن لاعب ليفربول، وإنما عن جناح المنتخب المصرى محمد صلاح الذى يملك إحصائية ومعدل مساهمة فى الأهداف تفوق ما يفعله مع ناديه الإنجليزى، راجع وستعرف بنفسك أن «مو» سيسيطر على كل الأرقام الفردية مع المنتخب، ولولا سوء الحظ لكانت مسيرته الآن مزينة بالألقاب القارية أيضًا.

حسام يدرك ذلك جيدًا، ويعرف أن صلاح مهما كان مفيدًا للفريق، فهو خطر كبير عليه، ليس فقط لأنه سيكسر أرقامه الفردية، ولكن سوبر ستار ونجم يلتف حوله اللاعبون قبل الجماهير، ونحن نعلم جيدًا أنه لا نجم إلا حسام.

أصر حسام أن يظهر صلاح بوصفه لاعبًا فى الفريق، بداية من عدم الحديث عنه أو معه خلال الفترة الأولى، ومروًا ببعض التصرفات والتصريحات التى تقلل من دور وقيمة نجم ليفربول، وها نحن فى انتظار كيف ستنتهى هذه الفترة، وإن كانت كل المؤشرات تشير إلى أن المركب لا تحتمل وجود «رئيسين» فيها.

حسام حسن 

ولنكن منصفين، فإن تعامل صلاح أيضًا مع حسام شابه الكثير من فكرة «أنا النجم»، خاصة وأنه عانى من تصريحات التوأم قبل قدومهما إلى المنتخب.

صلاح مع كل المدربين السابقين لحسام كان النجم الأول والفتى المدلل، ويكفى أنه الوحيد الذى تم استثناؤه من قواعد شارة القيادة، وأصبح كابتن المنتخب حتى فى وجود من هم أقدم منه. كما كان «مو» هو محور خطة اللعب، حدث ذلك مع كوبر ثم أجيرى ثم كيروش ثم فيتوريا، وكان معهم بحق النجم الأول والأوحد، وفهموا هم ذلك واقتنعوا به وقرروا أن يستفيدوا بأحد أهم لاعبى كرة القدم فى العالم الآن، حتى وإن أشركوه فى بعض قراراتهم، وتحدثوا عنه كثيرًا وكالوا له المديح، وحتى إن كانت خطتهم الفنية كلها قائمة على فكرة «باصى لصلاح»، فهموا هم ذلك ولم يفهمه حسام. 

ليته قرأ ليفهم كيف يتعامل مع النجوم.

حسام لا يعمل تحت الضغط

وفقا للدكتور إبراهيم مجدي استشاري الطب النفسي، فإن شخصية حسام حسن يمكن أن تندرج تحت مسميات نفسية محددة، فتصرفاته تشير إلي قدر من النرجسية والسيكوباتية والبارانويا. وهو عادة ما يعيش بعقدة المظلوم، ويعتقد دائما أنه بتعرض للاضهاد وأن هناك من يريد أن يعطل مسيرته ويوقفها تماما، فكل من حولي يريدونني أن أفشل، وكلهم علي خطأ طوال الوقت لأنني حسام حسن، وحسام لا يخطئ أبدًا.
كل تلك المظاهر والمشكلات النفسية يمكن ألا نلاحظها في الأوقات العادية، وعادة ما تظهر إذا ما تعرض صاحبها للضغط، وقتها تبدأ  كل ميكانيزمات الدفاع في العمل لإثبات حقيقة واحدة مفادها "أنا صح".
لكن الغريب ووفقا لكل المعطيات فإن حسام لم يتعرض لأي ضغط حتي الآن، بل أن كل الظروف في صالحه، فهو مدرب مدعوم جماهيريا بشكل كامل، استلم مهمة الفريق وهو متصدر مجموعته في تصفيات كأس العالم والفرصة كبيرة جدا أمامه لتكرار تجربة الجوهري مثله الأعلي بالصغود للمونديال، ولديه أكبر عدد من المحترفين في تاريخ مصر، معظمهم يلعبون في دوريات قوية ويشاركون بانتظام ويقدمون مستويات عالية، علي رأسهم بالقطع صلاح والنني ومرومش وتريزيجيه ومصطفي محمد وغيرهم.
إذن فما سر ذلك التوتر الذي جعل المدير الفني يبعث برسالة لكل لاعبي مصر بأنهم لا يصلحون، ويلقي جملته التي حطمت كل جنوده الموجودين معه بالفعل والمحتمل ضمهم أيضا؟
السبب هنا هو التبرير.
هذا هو الانعكاس الطبيعي لفكرة "أنا صح"، فلأني دائما علي صواب ولا أخطئ فدائما ما يكون الخطأ لدي الغير.
مسئولية حسام كبيرة بلا شك، ولكنه حلمه منذ فترة طويلة، وعليه أن يتدارك موقفه الآن ويستعين بخبير تفسي يساعده علي فهم وضعه الجديد ويضعا معا خطة للتعامل مع كل ما حوله ومن حوله خلال الأيام والشهور القادمة، حتي لا يندم حسام، ولا نندم معه.
والأهم من الخبير النفسي..
لابد لحسام أن يقرأ.