السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مثقفات هوليوود.. نجمات السينما الأمريكية يؤسسن نوادى كتب للحفاظ على الشهرة

نجمات السينما الأمريكية
نجمات السينما الأمريكية

- إيما روبرتس تزيل الغبار عن الأعمال الكلاسيكية

- دوا ليبا: مناقشة كتاب مع القراء أعظم متعة فى الحياة

- ريس ويذرسبون حوّلت ترشيحاتها لأفلام ومسلسلات

انتشرت ظاهرة نوادى الكتب فى الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، لكن الظاهرة الأكثر لفتًا للنظر هى سيطرة المشاهير عليها بشكل كبير، ما منحهم قدرة على التحكم فى المشهد الأدبى فى البلاد.

وتعتبر الإعلامية والمنتجة أوبرا وينفرى رائدة إنشاء نوادى الكتب فى التسعينيات، أبرز مؤثرة أدبية فى الولايات المتحدة.

وأسست وينفرى نادى أوبرا للكتاب عام 1996، ومنذ ذلك الحين حذا العديد من المشاهير حذوها، على الرغم من أن إنشاء نادٍ للكتاب والحفاظ على استمراريته ليس بالأمر السهل.

وخلال عقدين من الزمان ازدهرت ونمت تلك الظاهرة فى الولايات المتحدة التى يوجد بها عدد كبير من نوادى الكتب التى اكتسبت شعبية هائلة ويديرها مشاهير هوليوود وأغلبهم من النساء.

وساعدت تلك النوادى المؤلفين على اكتساب الشهرة وروجت أعمالهم، ولعل أبرز المشاهير فى المشهد الأدبى الرقمى الآن، النجمة الحائزة على الأوسكار ريس ويذرسبون، وكذلك النجمات إيما واتسون وإيما روبرتس ودوا ليبا وأحدثهن داكوتا جونسون.

مؤثرات أدبيات

يستغرب النقاد من سيطرة النساء على نوادى الكتب، لدرجة أن أحدهم تساءل مازحًا فى مقال له فى موقع « Jezebel» الأمريكى، قائلًا: «هل يعرف الرجال المشهورون كيف يقرأون؟».

وأرجعت مجلة «The Cut» الأمريكية رغبة الكثير من نساء هوليوود فى أن يصبحن مؤثرات فى مجال الأدب، إلى المكاسب المادية التى يحصلن عليها.

وقالت: «فى هذه النقطة ربما تكون النجمة ريس ويذرسبون أكثر عملية فيما يتعلق بتحقيق الدخل من وراء ترويجها الكتب، عبر إرسال مختاراتها الشهرية من الكتب إلى وسائل الإعلام وانتشرت لدرجة الإعلان عنها على موقع إلكترونى متخصص».

وحققت من وراء ذلك أرباحًا طائلة، خاصة بعدما نجحت بالفعل فى تحويل العديد من اختياراتها الشهرية من الكتب إلى أفلام وبرامج تليفزيونية ومسلسلات.

وقالت المجلة: «تريد نجمات ومشاهير هوليوود ترسيخ أسمائهن كمؤثرات أدبيات وبدلًا من افتتاح مراكز تجميل لهن، يؤسسن نوادى للكتب، وهو أمر له قيمة معنوية أكبر بكثير من القيمة المادية».

وأضافت: «ربما تريد نساء هوليوود تأسيس مشروعات إنتاجية قبل أن تنحسر عنهن أضواء الشهرة عند وصولهن إلى عمر لن يستطعن فيه أن يكن بطلات فى أعمال فنية، لكن تأسيس نوادى كتب خاصة بهن سيساعدهن على اختيار كتب يمكن تحويلها إلى أعمال فنية مثلما فعلت ريس ويذرسبون».

وأكملت: «تستخدم نساء هوليوود نوادى الكتب التى أسسنها فى الغالب لإضفاء هالة على شخصياتهن، لأن الاهتمام بأذواق القراء واختيار الكتب لهم تعد طريقة جيدة لتوسيع المدارك والظهور بشخصية متعددة الأبعاد».

سوق رابحة

كشف مقال على صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تحت عنوان «داخل الإمبراطورية الأدبية لريس ويذرسبون»، عن أن النجمة الحائزة على الأوسكار عام ٢٠٠٦ عن دورها فى فيلم «Walk the Line»، أنشأت سلمًا مصنوعًا من الكتب لنفسها ولآخرين ليصعدوا عليه.

وأصبحت «ويذرسبون»، البالغة من العمر ٤٨ عامًا، حاضرة بقوة فى عالم الكتاب منذ عقد من الزمن، ويحدد نادى الكتاب الخاص بها قائمة الكتب الأكثر مبيعًا لأسابيع أو أشهر أو سنوات منذ تأسيسه فى عام ٢٠١٧.

الممثلة التى تركت جامعة ستانفورد من أجل التمثيل، وتعد الآن واحدة من أكثر الأشخاص تأثيرًا فى صناعة الكتب والمعروفة بأنها صعبة حتى على المشاهير من الرجال، قد دفعها إحباطها بسبب التمثيل الضعيف للنساء فى صناعة السينما، إلى البحث عن تحقيق إنجاز من خلال الثقافة.

وحققت «ويذرسبون» اسمًا فى عالم السينما بالفعل من خلال أفلامها «Election» و«Legally Blonde» و«Walk the Line» ولكن بحلول عام ٢٠١٠، كانت هوليوود فى حالة تغير جذرى، مع اكتساب خدمات البث المباشر المزيد من التأثير.

وقالت «ويذرسبون»: «عندما كان عمرى ٣٤ عامًا تقريبًا، لم أتمكن من قراءة نصوص الحوار والسيناريو المثيرة للاهتمام المقدمة لى».

وأضافت: «عندما يكون هناك تحول اقتصادى كبير فى مجال الإعلام، فإننا لا نخسر أفلام الأبطال الخارقين ولكن نخسر النصوص التى تظهر فيها النساء جيدًا، مثل الدراما العائلية والكوميديا الرومانسية».

وأكملت: «لذلك قررت أن أؤسس شركة لإنتاج هذا النوع من الأفلام المقتبسة عن أعمال أدبية».

وأنتجت «ويذرسبون» ولعبت دور البطولة بالفعل فى فيلم Big Little Lies، وهو مقتبس من رواية ليان موريارتى التى تحمل الاسم نفسه.

وأنتجت أيضًا بعض النصوص السينمائية المقتبسة من كتب مثل «Gone Girl» و«Wild»، وكلاهما طُرح فى دور العرض عام ٢٠١٤.

ونشأت «ويذرسبون» فى ناشفيل، وعرفت قيمة المكتبة مبكرًا، وصرحت بأنها أحبت القراءة منذ صغرها من جدتها دوروثيا دريبر ويذرسبون، التى كانت تلتهم روايات دانييل ستيل وهى جالسة على أريكتها الكبيرة المريحة وتحتسى الشاى المثلج.

وعندما انتقلت «ويذرسبون» لأول مرة إلى لوس أنجلوس، ساعدتها الكتب على مواجهة فوضى صناعة الأفلام.

وحين انضمت إلى «إنستجرام»، بدأت بمشاركة توصياتها للكتب، وفى عام ٢٠١٧ أعلنت عن تأسيس نادى ريس للكتاب، وأصبح جزءًا من شركتها الجديدة «Hello Sunshine».

وفى هذا التوقيت اختارت لمتابعيها رواية «إليانور أوليفانت» التى استمرت ٨٥ أسبوعًا فى قائمة الكتب الأكثر مبيعًا، ثم اختارت كتاب «The Alice Network»، الذى ظل نحو ٤ أشهر فى قوائم الكتب الأكثر مبيعًا ثم «The Lying Game»، الذى أمضى ١٨ أسبوعًا فى تلك القوائم.

وبذلك تمكنت «ويذرسبون» من الوصول إلى مكان مرموق وتحقيق النجاح الأدبى والتجارى معًا، وأصبحت اختياراتها موثوقة للقراء الباحثين عبر كتب جديرة بالمناقشة، ولكن الجزء غير المتوقع من نجاحها كان التأثير الاقتصادى على حياة المؤلفين الذين يختارهم ناديها، فقد أصبحت إحدى هؤلاء الكتاب ميسورة الحال وامتلكت منزلًا كبيرًا.

وتناقش «ويذرسبون» عددًا قليلًا من الكتب كل شهر، ويتم فرز المشاركات المقدمة من الناشرين من قِبل مجموعة صغيرة تضم سارة هاردن، الرئيسة التنفيذية لشركة Hello Sunshine، وجريتشن شرايبر، مديرة الكتب فى النادى، وجون بيكر، الذى يمسح فريقه فى مؤسسة بيكر للكشافة الأدبية السوق بحثًا عن إنتاجات الكتب الواعدة.

ويواصل النادى التكيف مع المتغيرات فى السوق الأدبية، ويكشف قريبًا عن شراكة حصرية مع شركة «آبل»، لإنتاج كتب صوتية بما يسمح للقراء بالعثور على جميع الاختيارات فى مكان واحد على تطبيق Apple Books.

الشعور بالفضول

تعد الممثلة الشابة إيما روبرتس، ابنة أخت النجمة جوليا روبرتس، واحدة من أكثر المبدعات خبرة فى نوادى كتب المشاهير، على الرغم من كونها الأصغر سنًا بين المحترفات فى هذا المجال.

وبدأت تأسيس ناديها الأدبى الذى يحمل اسم Belletrist عام ٢٠١٧ مع صديقتها المقربة كاراه بريس، ومنذ ذلك الحين رشحت الاثنتان أكثر من ٧٥ كتابًا لمناقشتها مع الأعضاء على « إنستجرام» و«تيك توك» ونشرتهما الإخبارية The Belletrist Summary. 

وبدأت إيما روبرتس بمشاركة الكتب التى كانت تقرأها على حسابها فى موقع التواصل «إنستجرام»، وعندما لاحظت مدى تفاعل جمهورها أثناء المناقشات حول كل كتاب، ذهبت إلى المساحة التالية وهى منصات التوصيات، التى انتشرت بين جمهور مطلع الألفية الجديدة المحب الكتب، وبعدها أنشأت ناديها الخاص للكتاب. 

وكان كتاب جوان ديديون «الجنوب والغرب: من دفتر ملاحظات» الاختيار الافتتاحى لنادى إيما للكتاب. وقبل وفاتها عام ٢٠٢١، وافقت الكاتبة جوان ديديون على أن تكون أول كاتبة تظهر فى نادى إيما.

وقالت «إيما» فى تصريحات لمجلة «فوج» تعليقًا على تلك الاستضافة: «لم يكن لدينا أى متابعين فى ذلك الوقت. لم نقم حتى بنشر صفحتنا الرسمية على (إنستجرام) حتى، ولكن موافقتها على الظهور على نادى الكتاب الخاص بى جعلنى أنا وصديقتى نشعر بالتميز، لأنها تدعم شابتين تحاولان فقط مشاركة الكتب مع العالم، وأعطتنا أساسًا متينًا لنادى الكتب الذى أسسناه».

ورأت أن الفرحة التى تأتى مع اكتشاف كل كتاب جديد لا يماثلها فرحة، قائلة: «هى شىء أتمنى أن يختبره جميع قراء نادينا، سواء وهم يتعرفون على رواية لمؤلف جديد أو ينفضون الغبار عن عمل كلاسيكى قديم».

وأكملت: «ليس عليك أن تكون أفضل قارئ أو أن تقرأ أكثر، كل ما تحتاج إليه هو الشعور بالفضول والرغبة فى التعرف على قصص جديدة»، مضيفة: «متعة حياتى عندما أعطى الناس كتبًا لمؤلف ما وأعلم أن لديه شيئًا يتطلعون إليه».

سحر الكلمات

أسست المغنية الحائزة على جائزة جرامى «دوا ليبا» نادى كتب يحمل اسم «Service 95» لتوجيه القراء ومناقشة الأعمال الأدبية. 

وتدعو «ليبا» أعضاء ناديها لقراءة اختياراتها الشخصية من الكتب، خاصة التى تضم قصصًا قوية فى فئة الخيال والمذكرات الخاصة والإصدارات الكلاسيكية أيضًا.

وقالت «ليبا»: «قراءة كتاب هى إحدى أعمق المتع فى الحياة، حيث توفر القراءة شكلًا من أشكال الهروب من الواقع، وطريقة لفهم التواصل الإنسانى وتساعدنا على التنقل بين التجارب وحول العلاقات الإنسانية».

وأكملت: «من خلال صفحات الكتاب، أستطيع أن أذهب إلى أماكن لم أذهب إليها من قبل، وأشعر وكأننى عشت هناك طوال حياتى».

وبدأ نادى «دوا ليبا» برواية Shuggie Bain للكاتب دوجلاس ستيوارت، التى فازت بجائزة «بوكر» عام ٢٠٢٠.

وقال «ستيوارت» وقتها إنه شعر بالسعادة لمناقشة «دوا ليباس» روايته كاختيار افتتاحى لناديها، مضيفًا: «أكن احترامًا كبيرًا لدوا ليبا وبراعتها الفنية، وأنا معجب حقًا لأنها تستخدم منصتها لإلهام القراء، ولإبقاء الكتب فى قلب محادثاتنا الثقافية».

ويوفر نادى «دوا ليبا» للقراء فرصة الاطلاع على المزيد من المحتوى الثقافى، بما فى ذلك طرح المناقشات وتوجيه الأسئلة للمؤلف، بالإضافة إلى التعمق فى تفاصيل الكتب التى شكلت حياة مؤلفيها».