السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

3 كتب لقادة أمريكيين تكشف أسرار الغرف المغلقة داخل البيت الأبيض

البيت الأبيض
البيت الأبيض

جين بيساكى: «أوباما» لم يصرخ يومًا فى وجوه موظفيه وكان يعبر عن غضبه بقوله: «أنا محبط»

 هربرت ماكماستر: إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عانت من صراعات حزبية مفرطة

 بيل كلينتون: أسهمت فى أعمال خيرية كما لم يفعل أى رئيس سابق على مستوى العالم

اهتمام كبير تحظى به الكتب التى يؤلفها رؤساء الولايات المتحدة، ومسئولو الإدارات الأمريكية والعاملون فى البيت الأبيض على مر السنين، لما تحمله بين طياتها من أسرار وخبايا حول كيفية إدارة واشنطن لسياساتها الداخلية والخارجية.

ولا يمكن اعتبار تلك الكتب وثائق تاريخية، لأنها فى النهاية مجرد آراء شخصية لكاتبيها، لكنها تعطى لمحات مهمة عن الأحداث الداخلية والخارجية التى عاشوها وخاضوها وكانوا جزءًا منها، بصفتهم مسئولين أو صناع قرار.

فى السطور التالية، تقدم «حرف» قراءات لمجموعة من الكتب الجديدة التى يرصد أصحابها كواليس ما كان يجرى خلف جدران 1600 شارع بنسلفانيا.

دروس من العمل

أصدرت جين بيساكى المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية، أمس الثلاثاء، كتاب «قل المزيد: دروس من العمل والبيت الأبيض والعالم»، عن دار النشر «سكريبنر» تسرد فيه الدروس التى تعلمتها خلال حياتها المهنية داخل الإدارة الأمريكية.

ولم يحظ متحدث للبيت الأبيض بما حظيت به جين بيساكى من اهتمام، إذ كانت معروفة بقدرتها على إسكات الضجيج وإيصال رسالتها بهدوء أمام وسائل الإعلام الأمريكية والدولية، من داخل قاعة المؤتمرات الصحفية بالبيت الأبيض. 

فى كتابها المؤلف من ٢٤٠ صفحة، تسرد الكثير من الأحداث التى عايشتها خلال عملها سكرتيرة صحفية فى الحملتين الانتخابيتين للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، وعملها متحدثة باسم وزارة الخارجية مع جون كيرى، من داخل البيت الأبيض فى عهد رئيسين.

وتحدثت «بيساكى» عن دورها كمتحدثة وسكرتيرة صحفية وهى أصعب الوظائف فى البيت الأبيض، وكيف كانت تقدم التقارير والإحاطات اليومية إلى رؤسائها، بدءًا من رام إيمانويل سريع الغضب الذى عمل رئيس موظفى البيت الأبيض سابقًا، إلى المثقف الهادئ باراك أوباما إلى جون كيرى الحنون، على حد وصفها.

وتحدثت أيضًا عن حياتها بعد مغادرة البيت الأبيض، حيث استمر نجمها فى الصعود، وقدمت برنامجًا عالى التقييم على قناة «إم إس إن بى سى»، وحققت نجاحًا كبيرًا لدرجة أنها حصلت فى غضون ٦ أشهر فقط على فرصة لزيادة مساحتها ووقتها على الشاشة. 

وفى كتابها أعطت «بيساكى» للقارئ نصائح عن أفضل الطرق لتقديم الملاحظات وتلقيها، وقدمت مجموعة من الدروس الأساسية حول العمل السياسى.

وحكت «بيساكى» تفاصيل بداياتها فى حملة باراك أوباما الانتخابية الأولى، قائلة: «كنت لا أزال فى العشرينات من عمرى، وكان أوباما عضو مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوى آنذاك، نجمًا صاعدًا فى الحزب الديمقراطى الذى لفت الانتباه إليه بعد إلقاء خطاب أدى إلى نجاح المؤتمر الوطنى الديمقراطى لعام ٢٠٠٤».

وأضافت: «كنت خلف الكواليس فى القاعة فى تلك الليلة، حيث تم تكليفى جنبًا إلى جنب مع كاتب الخطابات (جون فافريو) بتجهيز بنات جون كيرى للتحدث فى المؤتمر فى الليلة التالية، ولم نشهد خطاب أوباما التاريخى على الهواء مباشرة».

وتابعت: «المرة الأولى التى التقيت فيها أوباما كانت بعد أشهر من بدء العمل فى حملته، وتم إرسالى من شيكاغو لأكون السكرتيرة الصحفية فى حملة لجمع التبرعات عام ٢٠٠٧ فى سينسيناتى، وعندما وصلت، التقيت الأعضاء الذين رافقونى وطلبوا منى الجلوس فى سيارة أوباما حتى وقت وصوله، وبينما كنت أنتظر، كنت شغوفة للقائه وشعرت بالفخر فى هذه اللحظة، وعلقت حقيبتى بمقبض باب السيارة وتطايرت محتوياتها للمقعد الخلفى على أوباما، الأقلام والأوراق وأحمر الشفاه وكل شىء، وقد قفز أوباما قليلًا قبل أن ينظر إلىّ نظرة ساخرة وهو يساعدنى فى التقاط متعلقاتى المتناثرة من على أرضية السيارة».

وحكت أن أكبر لحظة محرجة تعرضت لها كانت فى إحدى فعاليات الحملة الانتخابية، عندما قفزت إلى أعلى وأدى ذلك إلى شق سروالها من المنتصف، وعلق «أوباما» بشكل ارتجالى على ما حدث.

وقالت: «أوباما سياسى هادئ وذكى، لم يكن عادةً يصرخ بالأوامر على الموظفين، وعندما يرتكب أحد الموظفين خطأ ما، فإن رد فعله كان كثيرًا ما يذكرنى بوالدتى، والتى كانت تقول ببساطة إنها محبطة».

وأضافت: «بطبيعة الحال، لم يكن إلقاء حقيبتى فى حضن أوباما خطأً حقيقيًا؛ لقد كانت فى الواقع طريقة جيدة لكسر الجليد، أول خطأ فعلى ارتكبته فى هذه الوظيفة كان خلال الحملة الانتخابية الأولى فى صيف عام ٢٠٠٨، عندما فاتتنى الحافلة التى كان من المفترض أن تقلنى ومجموعة من المراسلين من إحدى الفعاليات إلى طائرة أوباما».

وتابعت: «كنا نلعب كرة السلة فى صالة الألعاب الرياضية وفقدنا الإحساس بالوقت، أنا لست حتى لاعبة كرة سلة محترفة، كنا نأخذ استراحة قصيرة خلال مجموعة من فعاليات الحملة التى استغرقت عدة أيام، وبدلًا من السفر على متن تلك الحافلة فى موكب المرشحين، كما كان من المفترض أن نفعل، اضطررنا إلى ركوب سيارات أجرة وعلقنا فى زحام مرورى رهيب».

وأكملت: «لم تغادر الطائرة بدوننا ولكن مع وصولنا كان أوباما قد انتظر لمدة ساعة، لأنه لم يرغب فى ترك مساعديه عالقين، وصعدت بخجل إلى مقدمة الطائرة للاعتذار، وكنت على استعداد لأن أتعرض للتوبيخ أو الصراخ فى وجهى من أوباما الذى كان منزعجًا للمرة الأولى، لكنه قال: (أنت طالما كنت موظفة ممتازة)، لذلك سأترك هذا الخطأ يمر».

وواصلت: «فى السنوات الأولى التى عملت فيها مع أوباما، كنت أشعر بالتوتر فى كل مرة أتحدث فيها معه، فهو ذكى حقًا ومفكر فريد خاصة خلال تعامله مع القضايا الكبيرة والصعبة، وكثيرًا ما كان لديه شعور بأنه يعرف ليس فقط كل ما كنت على وشك إخباره به ولكن أيضًا كل ما كان من المفترض أن أخبره به، وكان يحمل أوراقه فى جيب بالقرب من قلبه».

واستطردت: «على الرغم من أنه يحب النقاش أو المحادثات الجيدة، وغالبًا ما يبحث عن أهدأ شخص فى الغرفة لطرح أفكاره عليه، فلم يكن مهتمًا بالتعليقات، خاصة إذا كانت من النوع المزعج».

وقالت: «لم تكن وظيفتى فى ذلك الوقت أن أقدم له قدرًا كبيرًا من المعلومات المباشرة، لكننى أصبت بالشلل بسبب الخوف من قول شىء غبى أو غير لائق أمامه، ونتيجة لذلك كنت أحاول الاختباء فى الجزء الخلفى من الغرفة وآمل ألا يسألنى سؤالًا، حتى إننى كنت أقترح على الآخرين أن يذهبوا مكانى لحضور الاجتماعات التى كان يحضرها».

وأكملت: «كان هذا الخوف مرهقًا، كنت أحاول كل يوم التنقل بين وظيفتى ومسئولياتى اليومية وأتعامل أيضًا مع شعور انعدام الأمان، لم أستطع أن أتخيل نفسى ألعب دورًا جوهريًا فى تلك الاجتماعات، لم أستطع حتى أن أتخيل ما سأسهم به، وكان الحل الذى توصلت إليه فى ذلك الوقت هو أن أرمى بنفسى وسط كل هذا وأكون لاعبًا أساسيًا فى الفريق».

وقالت: «لقد أرسلت ملاحظات مفصلة إلى رؤسائى المباشرين حتى يكونوا مستعدين للاجتماعات، وتطوعت بمعاودة الاتصال بالمراسلين نيابة عنهم عندما يكونون مشغولين، لم أتحدث أو أتساءل كثيرًا، عملت لساعات طويلة واكتسبت سمعة طيبة لكونى أحد أعضاء الفريق الأكثر تنظيمًا وهدوءًا».

وأضافت: «لكن هذا الاحترام لم يضعنى على وجه التحديد على أجندة القيادة الاستراتيجية، ولم يجعلنى الشخص الذى يمكن أن يحصل على دور أكبر، ودفعنى هذا الخوف إلى القلق من أن (أوباما) كان ينظر إلىّ كموظف مبتدئ مطيع، وليس شخصًا يمكنه الاعتماد عليه للحصول على نصائح استراتيجية أو صحفية».

وأضافت: «اتصلت بروبرت جيبس الذى كان السكرتير الصحفى للبيت الأبيض خلال العامين الأولين من ولاية أوباما الأولى، للحصول على المشورة بشأن كيفية تغيير نظرة الرئيس وترسيخ نفسى كشخص يستحق أن يكون الشخص الذى يجعله الرئيس يحضر المقابلات السياسية والارتباطات العامة، وكيف يمكننى أن أصبح جاهزة لتقديم إحاطات للرئيس».

وأكملت: «لقد ظلت نصيحة (جيبس) عالقة فى ذهنى دائمًا لأنها كانت بسيطة للغاية، وقد تم تقديمها مع لمحة من لهجته الجنوبية المميزة، حيث قال: (تصرفى وكأنك تنتمين إلى هذا المكان، لأنك تنتمين إليه فعلًا، وعند نقطة معينة سيصدقك الجميع أيضًا)».

وواصلت: «لقد أخذت بالنصيحة، ولا أزال أتذكر مستوى التوتر الشديد الذى كنت أشعر به قبل رحلتى الانتخابية الأولى فى ذلك العام، لكن الأمر أصبح أسهل بعد فترة من الوقت، لقد بدأت أعتقد أننى أنتمى إلى البيت الأبيض».

حرب مع أنفسنا

كشف هربرت رايموند ماكماستر أو إتش أر ماكماستر، مستشار الأمن القومى السابق فى إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى كتابه «فى حالة حرب مع أنفسنا: رحلتى فى الخدمة بالبيت الأبيض فى عهد ترامب»، عن كواليس الكثير من الأحداث الصعبة التى عاشها خلال ١٣ شهرًا قضاها فى العمل فى الإدارة الأمريكية.

وروى «ماكماستر» فى كتابه المكون من ‎ ٤٣٢ صفحة، كواليس دخوله البيت الأبيض للعمل ضمن إدارة تعانى من الصراع والحزبية المفرطة، وكيف سعى للتغلب على التحديات التى تواجه الرئيس الذى صنع أبرز التحولات فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة. كما كشف عن أوجه الخير والشر والقبح فى رئاسة «ترامب»، وأعطى أيضًا نظرة مستقبلية حول الشكل الذى ستبدو عليه ولاية «ترامب» الثانية، حال فوزه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.

كما دون مذكراته منذ كان ضابطًا فى الجيش الأمريكى لمدة ٣٤ عامًا، قبل أن يتقاعد برتبة فريق فى عام ٢٠١٨، كما سجل آراءه فى مسئولين رفيعى المستوى فى إدارة «ترامب»، والتى كانت تعانى من الاقتتال الداخلى شأنها شأن جميع الإدارات الأمريكية.

كما تحدث عن بعض مستشارى «ترامب» السياسيين، الذين وصفهم بعديمى الضمير الذين عقدوا العزم على تقويض مهمته، إضافة إلى مسئولى مجلس الوزراء الذين أصيبوا بانزعاج شديد من لغة «ترامب» وسلوكه، وخططوا للسيطرة عليه.

كما قدم تقييمًا لإنجازات وإخفاقات فترة عمله مستشارًا للأمن القومى، وكذلك المهمة الصعبة المتمثلة فى التعامل مع البيئة المحمومة والخبيثة، قائلًا: «صممت على تجاوز الحرب داخل الإدارة وركزت على أولويات الأمن القومى، وشكلت تحالفات على المستوى الدولى لمساعدة ترامب فى تعزيز المصالح الأمريكية».

المواطن

فى سيرة ذاتية جديدة، تحمل عنوان «المواطن: حياتى بعد البيت الأبيض»، تصدر فى نوفمبر المقبل عن دار النشر «كنوبف»، يكشف الرئيس الثانى والأربعون للولايات المتحدة بيل كلينتون، كيف تبدو حياته بعد الرئاسة، وقصة ٢٣ عامًا عاشها بعد تركه البيت الأبيض.

وفى ٢٠ يناير عام ٢٠٠١، وبعد نحو ٣٠ عامًا فى العمل السياسى، ٨ منها رئيسًا للولايات المتحدة، أصبح بيل كلينتون فجأة مواطنًا عاديًا، حيث كان يبلغ من العمر ٥٤ عامًا ومليئًا بالطاقة والأفكار، وكان يريد الاستفادة بشكل كبير من مهاراته وعلاقاته مع قادة العالم وكل ما تعلمه فى حياته السياسية، ولكن كيف؟ 

بعد أيام قليلة من مغادرة البيت الأبيض، تلقى دعوة لمساعدة ضحايا الزلزال المدمر الذى ضرب الهند، وفعل ذلك، وعلى مدى العقدين التاليين صنع سجلًا من أعمال الخدمة العامة، فذهب من إندونيسيا إلى لويزيانا ومن أيرلندا الشمالية إلى جنوب إفريقيا، وصنع إنجازات لم يفعلها رئيس سابق حول العالم، على حد قوله.

الكتاب المكون من ٤٦٤ صفحة، يعتبر الجزء الثانى من السيرة الذاتية الأكثر مبيعًا التى أصدرها بيل كلينتون عام ٢٠٠٤ وحملت عنوان «حياتى»، ويعرض فيها هذه المرة تفاصيل الأشخاص الذين غيروا حياته والذين دعموه وأحبهم وافتقدهم أيضًا، بالإضافة إلى الأخطاء التى ارتكبها طوال مسيرته.