المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أمير المصرى.. فتى القاهرة يواجه إسرائيل بلا خوف فى «مليحة»

أمير المصرى
أمير المصرى

لم يكن اختيار المخرج عمرو عرفة لأمير المصرى- الممثل الذى غزا صناعتى السينما العالمية والمصرية معًا- ليكون ضمن أبطال مسلسل يدعم القضية الفلسطينية، فى الوقت الذى يكمم فيه الغرب الأفواه والآراء المدافعة عن الحق الفلسطينى والمنددة بالمجازر التى يرتكبها الكيان الإسرائيلى منذ أكتوبر الماضى فى غزة- محض صدفة أبدًا، فهو يبعث رسالة قوية للمجتمع الدولى.

مسلسل «مليحة» يعتبر، بلا شك، حلقة جديدة فى سلسلة طويلة من الأعمال المصرية، سواء السينمائية، أو التليفزيونية، التى تبرز الموقف المصرى حيال القضية الفلسطينية، ودعمها سياسيًا واجتماعيًا وإنسانيًا وعلى كل الأصعدة، حتى إن مخرجه عمرو عرفة له فيلم شهير فى عام 2005 بطولة الزعيم عادل إمام، أثار ضجة كبيرة وقتها وهو «السفارة فى العمارة»، ولن يكون العمل الفنى الأخير.

وهنا لن أتحدث عن مسلسل «مليحة»، ولا عن الأداء الفنى للنجم أمير المصرى- فأنا لست ناقدة فنية متخصصة-، لكننى اخترت أن أتحدث عن شجاعة أمير المصرى عند قبوله دوره فى المسلسل الذى أدى إلى خسارته المشاركة فى أحد الأعمال الكبرى لتليفزيون «آبل» «Apple TV» مع النجم الحائز على أوسكار جارى أولدمان.

اسم «أمير المصرى» معروف عالميًا ودوليًا، خاصة بعد فوزه بجائزة البافتا- إسكتلندا عام ٢٠٢١، عن فيلم «Limbo»، الذى لعب فيه دور عازف عود سورى يدعى عمر فر من الصراع المميت فى وطنه، على أمل الاستقرار فى المملكة المتحدة والمخاطر التى يتعرض لها خلال تلك الرحلة، وهو يعد وجهًا مصريًا نقيًا داخل أروقة الاستديوهات الغربية، وله أدوار معروفة فى أعمال شهيرة، منها مسلسل نتفليكس «The Crown» الذى قام فيه بدور محمد الفايد، وهو شاب فى الجزء الخامس، وفيلم «مطاردة فى البندقية» مع النجم كينيث براناه العام الماضى، لذلك جاءت مشاركته فى عمل مصرى يدعم القضية الفلسطينية مثيرًًا للاهتمام العالمى.

لم يخشَ أمير المصرى على مستقبله المهنى خارج مصر، الذى خطا فيه خطوات جيدة وثابتة حتى الآن، وقدم أدوارًا ترشح عنها لجوائز عالمية عدة، أحدثها ترشحه لجوائز السينما المستقلة البريطانية «BIFA» عن فئة أفضل ممثل مساعد عن دوره فى فيلم «In Camera»، فى ظل استبعاد نجوم عالميين كبار من صناعة السينما والترفيه داخل أوطانهم أمثال: سوزان ساراندون النجمة الأمريكية الحاصلة على أوسكار والتى طردتها وكالة «UTA» المتعاقدة معها، بسبب مواقفها الداعمة القضية الفلسطينية، ومشاركتها فى مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين فى شوارع نيويورك، ونشرها فيديوهات وأخبارًا وتعليقات تكشف الفظائع التى ترتكبها القوات الإسرائيلية فى غزة.

والمتابع لحسابات النجم أمير المصرى على مواقع التواصل الاجتماعى، ومنها «إنستجرام»، سيلاحظ بوضوح موقفه من القضية الفلسطينية الذى يمثل موقف كل المصريين، لا يمر يوم إلا ويشارك أمير الفيديوهات والصور التى تكشف ما يرتكبه الكيان الإسرائيلى الآن فى غزة من قتل وإبادة جماعية، بالإضافة إلى مشاركاته المتعددة فى المظاهرات خارج مصر لدعم الفلسطينيين، أبرزها دعوته لوقف إطلاق النار فى غزة فى أثناء تقديمه لجائزة أفضل ممثلة فى حفل توزيع جوائز بافتا- إسكتلندا فى نوفمبر الماضى. 

انضم أمير المصرى أيضًا إلى الأنشطة التى تنظمها المؤسسات والجمعيات التى ترسل التبرعات إلى الفلسطينيين، ومؤخرًا شارك فى مزاد «سينما من أجل غزة»، مع النجمة البريطانية الحاصلة على أوسكار تيلدا سوينتون، ونجمة «صراع العروش» مايسى ويليامز، والمخرج البريطانى جوناثان جليزر الذى يتعرض الآن لموجة من الانتقادات الأمريكية والغربية بعد تنديده بمجازر الاحتلال الإسرائيلى فى غزة خلال خطاب تسلمه لجائزة أوسكار عن أفضل فيلم أجنبى مارس الماضى.

ورغم أنه هاجر من مصر هو وأسرته إلى بريطانيا وهو يبلغ من العمر عامًا واحدًا فقط، فإن الإرث الثقافى والوطنى والإنسانى لبلاده لا يزال يجرى فى دمه، ولا يزال يتذكر عندما أرسلت والدته معه طبق «محشى كوسة» إلى المدرسة الواقعة فى ضاحية «أكتون» فى العاصمة البريطانية لندن، عندما طلبت مدرسة فصله من كل الطلاب إحضار طعام يتناولونه غالبًا فى منازلهم.

وبينما أحضر معظم الأطفال البرجر ورقائق البطاطس والكعك الإسفنجى، أعدت والدته طبق «محشى كوسة» وشعر حينها بالحرج، لأنه بدا مختلفًا عنهم لكنه سرعان ما انتبه إلى الوقت والاهتمام والفخر الثقافى الذى وضعته والدته فى صنعه، لقد كانت فخورة بتراثها وتاريخها وأبسط الأشياء فى الثقافة الشعبية المصرية، ومن وقتها ظل أمير المصرى يرتدى انتماءه العرقى والوطنى كوسام شرف، على حد وصفه فى تصريحات لإحدى المقابلات الإعلامية.

انتهزت كتابة تلك السطور من أجل تسليط الضوء على شجاعة «أمير» كفنان وإنسان مصرى، اختار أن يشارك فى عمل فنى خلال الماراثون الرمضانى يعبر عن مشاعر نحو ١٠٦ ملايين مصرى ويمثل مواقفهم الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، دون التفكير فى حسابات أخرى تخص مستقبله المهنى وأعماله العالمية المستقبلية.. شابو يا مصرى.