السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أشرف العشماوى: منتقدوها غير متحققين فنيًا وربما حاولوا كتابتها وفشلوا

الرواية
الرواية

كلما قرأت هجومًا على الرواية أدركت أنها باقية ومَن يهاجمها إلى زوال. نحن نعيش زمن الرواية كما قال الدكتور جابر عصفور ولا نزال، نحن أبناء الحكاية، والحكى أرقى أنواع الأدب، والرواية فن والفن حياة، وبغياب الفنون يحل الموت، حتى لو ظل الإنسان على قيد الحياة.

للأسف الشديد كل حين يظهر لنا بغير مقدمات رياح هبت فجأة ممن يبحث عن إثارة الجدل لمجرد الجدل، فيختار بعناية أشهر الفنون الأدبية وأكثرها إغراء وغواية، يضع عينيه على الرواية ليخبرنا بنبرة العالم ببواطن الأمور والخبير بكل الشئون الأدبية، إنها فن ردىء أو لم تعد تصلح أو لا تقدم جديدًا.. إلخ.

فى تقديرى أن هؤلاء يعانون من عدم التحقق فنيًا، ربما حاولوا كتابة الرواية وفشلوا، وربما كتبوها فخرجت مبتسرة أشبه بجنين لم يكتمل محكوم عليه بالموت بمجرد أن يرى النور، للأسف هؤلاء يؤكدون لى على مستوى شخصى أن الرواية باقية وجذورها ممتدة راسخة قوية.

هؤلاء ببساطة يغفلون سحر الحكاية، وتأثير الفن ودوره فى رقى الشعوب وتنمية الخيال، وقدرة الرواية كعمل فنى فى تغيير مفاهيم راسخة كثيرة لدى جماهير القراء، ومقدرتها على إحداث تغيير للأفضل. ولا ينال من كلامى وجود روايات ضعيفة فنيًا لإصدار حكم سطحى بأن فن الرواية ردىء فى المجمل. وفى ظنى أن من يقول مثل هذه الآراء المعممة لا يتذوق الفنون ولا يجيد صناعتها.

الرواية ستبقى، وخير رد على مَن يهاجمها هو الإبداع العربى والعالمى المطروح على الساحة حاليًا فى السنوات الأخيرة، وهو إبداع مضطرد، وفى ظنى أنه أبلغ رد، بدلًا من الدخول فى مهاترات واشتباك لا طائل من ورائه.

أما ما قاله العالم الكبير الدكتور جمال حمدان، ففى ظنى أنه لا يسىء للأدب ولا يقلل من شأن الرواية، الرجل تحدث من منطلق ذائقة شخصية، وتحدث عن أدباء يحبهم ولا يقتنع بغيرهم، وله مطلق الحرية فى ذلك. وأرى أن تأويل كلامه على أنه هجوم على الأدب فى غير محله، ولا يتقبل عقلى أن عالمًا بحجم جمال حمدان لا يقدر الفنون ولا يتذوقها. 

الرواية لا تزال محتفظة بقدرها وقيمتها وستظل، ولا أظن أن هذه المحاولات تستطيع أن تنال منها، وأرى ضرورة تجاهلها وعدم الانشغال بها. الرواية فن فلسلفة الحياة، لا تحتاج لمن يدافع عنها، ولا تتأثر بمن يتطاول عليها بغير علم.