الخميس 10 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

العالمية والأكثر انتشارًا

كلارك جيبل وفيفيان
كلارك جيبل وفيفيان لى

عام ١٩٣٩ أُنتج فيلم «ذهب مع الريح» من بطولة كلارك جيبل وفيفيان لى، وهو مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتبة الأمريكية مارجريت ميتشيل، ومن خلال أحداث الفيلم يتم استعراض حياة العبيد فى أمريكا، والحرب الأهلية الأمريكية بين الشمال والجنوب لتحرير العبيد، من خلال قصة الحب بين بطلى العمل. فهل الحرب الأهلية الأمريكية فكرة عالمية؟ بالطبع لا، هى فكرة محلية شديدة الخصوصية بالمجتمع الأمريكى، حتى لو كانت تناقش تحرير العبيد، فلكل دولة خصوصيتها فى هذا الشأن.

حين يُقال أو يُسمع تعبير «الفيلم العالمى»، فإن هذا الاستخدام لا يكون مقصودًا به غالبًا سوى الفيلم الأمريكى هوليودى الصناعة. وتعبير «الفيلم العالمى» هنا يكون بناء على انتشاره فى العديد من دور العرض بدول العالم بالتزامن، وأحيانًا تصنف بعض الأفلام التى تحصل على جوائز من مهرجانات دولية بصيغة الفيلم العالمى- على استحياء- خاصة لو كان غير أمريكى.

ويبقى السؤال: هل الانتشار معيار موضوعى للفيلم العالمى، أم هى الجوائز، أم عالمية الفكرة التى تناسب أغلب المجتمعات؟

حقق «ذهب مع الريح» عند عرضه أرباحًا ضخمة، حيث يعد أعلى الأفلام الأمريكية من حيث الإيرادات حتى الآن مع الأخذ فى الحسبان حالة التضخم الاقتصادى.

أيضًا أفلام الغرب الأمريكى فهى أفلام شديدة الخصوصية بين فئات معينة فى مجتمع معين، إذ أنها لا تشبه مجتمعًا آخر.

يطلق على النماذج السابقة وغيرها من النماذج شديدة الخصوصية أفلام عالمية، لمجرد قدرة آلة الدعاية الأمريكية على توزيعها والترويج لها. حتى أن مهرجان الأوسكار وهو مهرجان محلى وليس دوليًا، أصبح هدفا لصناع السينما فى العديد من الدول، ومجرد إعلان جمعية نقاد الفيلم فى مصر، عن أن هناك محاولة لترشح أحد الأفلام للاشتراك فى المهرجان، وأن هذه المشاركة تُعد مكسبًا عالميًا قد تضعنا فى مصاف السينما العالمية، فى حين أنه يجب تجاوز عدة شروط لكى يتم دخول الفيلم فى المسابقة، منها العرض فى دور عرض أمريكية بمدة معينة وغيرها من الشروط.

وإذا كان الحصول على جائزة دولية يجعل الفيلم وصناعه نجومًا عالميين، فماذا يعرف مشاهد السينما العربى عن الجزائرى الأخضر حامينا؛ وهو العربى الوحيد الذى حصل على السعفة الذهبية فى مهرجان «كان»، عن الفيلم الروائى الطويل «أيام الجمر» سنة ١٩٧٥؟ وهل يتم طرح اسم المخرج وأبطال الفيلم كنجوم عالميين، مثلما حدث مع يوسف شاهين سنة ١٩٩٧ حينما حصل على جائزة شرفية عن مجمل أعماله فى المهرجان نفسه، فاعتبرت كل أفلامه عالمية وأنه مخرج عالمى؟

منذ عدة سنوات غزت الدراما الكورية والسينما الكورية العالم، وأصبح فنانوها معشوقى جمهور المراهقين حول العالم، وهناك صراعات تدور بين عشاق كل فئة من هؤلاء الفنانين تملأ مواقع التواصل الاجتماعى، فهل السينما الكورية بخصوصيتها أفلام عالمية؟

التمثيل فى هوليوود والعمل فيها أمنية العديد من الفنانين حول العالم، حيث تحقيق الانتشار الجماهيرى، ولكن الانتشار الجماهيرى لا يعنى بالضرورة أن يكون العمل عالميًا.

أتصور أن العمل السينمائى الذى يجدر بها أن يكون عالميًا، بحاجة إلى فكرة متقاطعة مع المجتمعات، أو تتلاقى معها فى زوايا رئيسية، حتى لو كان هناك قدر من الخصوصية، بمعنى هذا التماس الإنسانى. فعلى سبيل المثال فيلم مثل «أم العروسة»، يتشابه فى موضوعه مع فيلم meet my parents إذ أن كليهما يتحدث عن أعباء الأسرة، ودور الأب فى زواج ابنته والأعباء الملقاة على عاتقه.

«الفيلم العالمى»، تعبير عرفه التصنيف الفنى من خلال الصحافة الفنية، فأصبح جزءًا أصيلًا من تصنيف الأفلام، والفنانين، وهنا نعرج سريعًا إلى ضرورة إدراك المسافة بين الصحافة الفنية، بشكل عام، والرؤى النقدية المتخصصة جدًا، وبالعودة إلى تعبير «الفيلم العالمى»، ففى السينما المصرية أفلام شديدة التميز مثل «أم العروسة»، وكذلك فيلم مثل «عائلة زيزى» وغيرهما، تحمل صبغة عالمية الموضوع ولكننا لا نصنفها على أنها عالمية، لأن انتشارها مقصور على العالم العربى، الذى يعد بالمناسبة سوقًا كبيرة للسينما والأفلام لمجرد أنها رغم تميزها لم تُعرض فى الخارج، أو حصلت على جوائز من مهرجانات دولية.