رفاق سيد حجاب يكشفون أسرار رحلته
سيد حجاب.. مَلاح الشجن (ملف)
«مفيش حاجة حلوة إلا وعملها سيد حجاب».. نتيجة تلقائية يصل إليها كل غواص فى بحر «صياد الشجن»، ذلك الفنان الشاعر والشاعر الفنان الذى حفر اسمه فى تاريخ الفن المصرى والعربى بحروف من ذهب، وترك لنا إرثًا «حش روحنا وحشانا»، وجعلنا نتساءل- ونحن نعرف الإجابة-: «مين اللى ميحبش سيد؟».
عشق تراب مصر وصانه فعشقته مصر ومنحته سرها، شاعر مَسه حب مصر فحوله إلى لسان ناطق باسمها، وأنامل تسطر تاريخها. شاعر وقف يدق بوابة «حلوة الحلوات» لتفتح ذراعيها لولادها الطيبين، وعشق ترابها وصانه، فعشقته ومنحته سرها، وكأنها تلك «الجنية» التى طالما كتب لها، بعدما ندهته وسحرته.
سيد حجاب لم يكتف بالعبور إلى مصر من بوابة الحلوانى فحسب، لكنه تجول فى شوارعها حتى وصل إلى خان دويدار، حيث التقى «حسن أرابيسك»، باحثًا معه عن «مين بلياتشو ومين رز ين؟».
ويبدو أن «حجاب» تعلق قلبه بمصر التى فى الحارة والخان، وأبى أن يخرج منها قبل أن يمر على خان يوسف، ليسطر ملحمة الصراع بين «المال والبنون»، ويحذر من الدنيا الغرورة ويتساءل: «إيه معنى دنيتنا وغاية حياتنا.. إذا بعنا فطرتنا البريئة الرقيقة؟!».
«مَلاح الشجن» لم يبتعد عن باقى أزقة وشوارع المحروسة، لينتقل بضع خطوات إلى حى الحلمية، حيث «لفين يأخدنا الأنين؟ لليالى ملهاش عينين»، ويستمر فى طرح التساؤلات ويقدم الإجابات: «ومنين بيجى الشجن من اختلاف الزمن.. ومنين بيجى الهوى من ائتلاف الهوى»، قبل أن يتعرف على «زينهم السماحى» فى سر مصر القهوة الشعبية، ويلتقى «العمدة غانم» و«نازك السلحدار»، ويخوض معهم سلسلة من الحكايات.
«حجاب» واصل كسر التابوهات والقاعدة، فهو ليس ابن طبقة الباشوات والهوانم ليكتب عنهم، لكنه نجح بعبقرية قلما يجود الزمان بمثلها فى نقل «روايح الزمن الجميل»، وهى «تهفهف» على «هوانم جاردن سيتى»، لينقل المشاهد دون أن يشعر إلى حياة قاطنى الحى الراقى فى حقبة الخمسينيات والستينيات.
وبعد مسيرة تشبه الملحمة وإرث كالكنز، غادر سيد حجاب منذ 7 سنوات، وبقى أثره الذى لن يمحوه الزمان مهما مر، أثر تركه ابن الأرض الطيبة، الذى ولد فى الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1940، فى إحدى قرى محافظة الدقهلية، ليكون لزامًا على كل من مرت على أذناه إبداعات «ملك العامية» أن يحتفى به ردًا للجميل.
فى ذكرى ميلاد سيد حجاب، ذهبت «حرف» إلى رفاق رحلته، ليحكوا فى السطور التالية عن مسيرة «المَلاح» و«جَنيته حلوة الحلوات».