اغتيال الأدب..
لغز «جائزة المرأة البريطانية».. الفائزة «مثلية».. وروايتها «غير مكتملة».. وباقى القائمة القصيرة لنساء فى علاقات جنسية مشوهة!!

- كيف تحولت جوائز الأدب من معايير فنية وإنسانية إلى دليل على توجهات سياسية واجتماعية؟!
لا أريد إفساد فرحة أحد، ولا ضرب أى كرسى فى أى كلوب، فكل جائزة يفوز بها كاتب أو مفكر أو فنان تسعدنى بشكل شخصى، وأشعر معها بانتصار خاص.. ولكننى كما أفرح بأخبار الإعلان عن إنشاء جوائز إبداعية وأدبية جديدة، أيًا كانت قيمتها أو توجهاتها، وأيًا كانت الجهة التى تقدمها، لا أخفى توقعاتى بشأن وجود مستهدفات وتكاليف لكل فعل يقوم به الإنسان على وجه الأرض، ما يعنى باختصار أنه لا جائزة دون أهداف معلنة أو غير معلنة، لا جائزة بلا توجهات ولا معايير.. وعليك أن تبحث وتنقب عن هذه الأهداف والتوجهات، فتعرفها وتقرر أو تختار بناء على هذه المعرفة التقدم لها أم تجاهلها والتوجه إلى غيرها، أو تختار ما يناسبك منها جميعًا دون تفضيل أو طول تفكير.. على أن دخول السياسة والمصالح السياسية والاجتماعية على خط جوائز الفن والأدب والثقافة هو ما أفسد المسألة كلها، ووضع الجميع بلا استثناء فى دائرة الشك والاستهجان، حين تحولت جوائز الإبداع والفن من معايير للقيمة الفكرية والفنية إلى أدلة على توجهات وميول سياسية واجتماعية، وإلى مجرد مكافآت مالية لأصحاب هذه التوجهات، دون أى اعتبار لقيم الفن والحرية والإبداع، فأصبحت الجوائز الأدبية والفكرية «فى ظنى» مثل الدبة التى أرادت أن تهش الذباب عن وجه صاحبها، فقتلته بحجر، وبدلًا من أن تعمل الجوائز على تقدم الأدب والإبداع والفكر، ومساعدة المبدعين الكبار على الاستمرار فى الكتابة والإبداع واكتشاف المجهول، تحولت إلى أدوات لتحويل اتجاهات الكتاب والمبدعين، وإغرائهم بما تضمنه لهم من شهرة أموال، ليصبحوا مجرد مسوقين لما تريده الجهات المانحة من أفكار وسياسات.

المبادئ الأصيلة للجائزة
مساء الخميس الماضى، تم الإعلان فى المملكة المتحدة عن الفائزة بجائزة المرأة للرواية المكتوبة بالإنجليزية، وقبلها بليلة واحدة قالت رئيسة لجنة تحكيمها الكاتبة البريطانية كيت دى وال فى احتفالية حضرتها الملكة كاميلا: «على مدار الأشهر الستة الماضية، انغمستُ أنا وزملائى فى لجنة التحكيم فى قراءة الأعمال المقدمة، فى العوالم التى أبدعتها مجموعة متنوعة من الأصوات. والآن، وقد وصلنا إلى إعلان قائمتنا المختصرة، يبدو لى جليًا تمامًا مدى تجسيد كل رواية من هذه الروايات الست للمبادئ الأصيلة للجائزة، الأصالة، وسهولة الوصول، والبراعة المطلقة.. ولا أشك مطلقًا فى أن هذه الروايات الست ستصبح من روائع المستقبل».
الجائزة التى جاء فى كلمة الملكة كاميلا أن مؤسستها توزع سنويًا ٣ آلاف كتاب مجانًا للمحتاجين، كانت من نصيب «الهولندية المبتدئة»، حسب وصف غالبية الصحف التى غطت نبأ الجائزة، يائيل فان دير وودن، وقيل فى غالبية التغطيات إنها سبق أن وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزتى «البوكر» و«بيلى جيفورد» البريطانيتين على التوالى، كما قيل إن الرواية كانت موضع منافسة شرسة بين تسعة ناشرين لإصدار الطبعة البريطانية، وعشرة آخرين للطبعة الأمريكية، ما يعنى بالنسبة لأى مهتم بالأدب والإبداع أننا أمام عمل لا يستهان به، ولا تسهل مقاومة إغراء اقتنائه وقراءته والاحتفال به.. لكن مهلًا.. فليس كل ما يأتى من بلاد الإنجليز كما يبدو لك من النظرة الأولى، هناك دائمًا سمٌ ما فى زاوية غير مرئية للجميع، هناك دائمًا حقيقة مخفية لا يريد أحد أن تراها أو تنتبه إليها.
المعلومة التى تجاهلتها صحف المملكة، ولم تشر إليها نهائيًا، أن الكاتبة «المبتدئة» التى وصلت روايتها الأولى إلى القوائم القصيرة لجوائز يتوهم العالم أنها كبيرة ومؤثرة ولا تخضع لحسابات غير الإبداع والفن، إسرائيلية الجنسية، ولدت فى «تل أبيب» لأم إسرائيلية وأب هولندى عام ١٩٨٧، وهى معلومة ربما لا يراها كثيرون مهمة أو مؤثرة، ولا يجوز الاستناد إليها فى تقييم الأدب والفن.. تمام جدًا، ليكن لهؤلاء ما يريدون، لكن دعنى أضف معلومة أخرى تحدثت الفائزة عنها فى خطاب قبولها للجائزة، وقالت: «عندما وصلت سن البلوغ، لم يحدث كل ما كان من المفترض أن يحدث تمامًا.. وعرفت أننى مثلية الجنس من الناحية الهرمونية، هذه الحقيقة الصغيرة حدّدت حياتى طوال مراهقتى»، وأضافت: «فى اللحظات القليلة الثمينة هنا على المسرح، أتلقى أعظم شرف فى حياتى كامرأة، أُقدّم لكم كامرأة، وأتسلم جائزة المرأة هذه، وذلك بفضل كل شخص متحول جنسيًا ناضل من أجل الرعاية الصحية، غيّر النظام والقانون والمعايير المجتمعية، بل غيّر نفسه.. أنا الآن أقف على أكتافهم»!
حسنًا، معلومة أخرى غير مهمة فى تقييم الأدب والإبداع؟!.. ماشى، سوف نركنها أيضًا على جنب.. لننظر إذن إلى حيثيات فوز روايتها بالجائزة، التى أعلنتها رئيسة لجنة التحكيم، وأسهمت فى منحها ثلاثين ألف جنيه استرلينى غير أرباح التوزيع والانتشار حول العالم، إذ قالت دى وال نصًا: «إنها رواية نادرة، مزيج من التاريخ والتشويق والأصالة التاريخية.. إنها رواية كلاسيكية قيد الإعداد»!
وبالإنجليزية كما نطقتها دى وال: «a classic in the making».. نعم كما قرأت تمامًا، هى رواية «قيد الإعداد»، وبترجمة جوجل «فى طور الصناعة»، وفى قراءة أخرى «رواية غير مكتملة».. فما الحكاية إذن؟!
ما كل هذا الهراء الذى أسهمت الملكة كاميلا فى الترويج له بحضورها احتفالًا خاصًا قبلها بليلة واحدة، حيث التقت كاتبات القائمة القصيرة، والفائزات السابقات، وتحدثت معهن فى ليلة غطتها كل صحف المملكة؟!
سوف أقول لك.. ولكن دعنا قبلها نتحدث قليلًا عن روايات القائمة القصيرة وكاتباتها اللاتى قدمت لهن ملكة إنجلترا دعمًا جماهيريًا لا يستهان به.

عندما يتحول الأدب إلى مجرد «ترند»
لكى نفهم الأمر بصورة واضحة، يمكننا الرجوع إلى سنوات الحرب الباردة، تلك التى كانت أدوار البطولة المعلنة فيها مقصورة على كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.. وما شهدته من احتكاكات غير مباشرة، وعبث بالعقول فى مختلف أركان الكرة الأرضية، وكانت واحدة من تجلياتها الحرب الثقافية التى شملت كثيرًا من دول العالم، كل منها تريد أن تثبت حضورها وتأثيرها، كل ثقافة تريد أن تكون هى الأكثر تأثيرًا وحضورًا وانتشارًا على كوكب الأرض والكواكب المجاورة، فرنسية أم روسية أم صينية أو حتى أمريكية.. وأغلب ظنى أن الثقافات القومية مثل الديانات تمامًا، كل واحدة تريد أن يؤمن بها الجميع، وأن يسلم لها الجميع، وكل واحدة منها يظن منتسبوها أنهم الأصح والأصوب، وأنهم الوحيدون المؤهلون لقيادة العالم، وهو ما يرفع من حدة الخلافات العرقية والقومية والعقائدية، ويشعل خريطة الصراعات الدينية والثقافية، وبدلًا من البحث عن مشترك إنسانى يجمع بنى الإنسان ويوحدهم فى مواجهة قوى الطبيعة المجهولة، تشتعل النيران هنا وهناك، وكما تأكل الأخضر واليابس، تأكل النفوس وتنهش فيها.
ولك أن تنظر معى إلى ما شهدته السنوات الأخيرة فيما يتعلق بجوائز الأدب والإبداع، ودخول بعض الدول العربية على خطوط المنافسة «المزايدة» مع بعضها البعض لتقديم جوائز أكثر إغراء، فهذه الأضخم، وتلك الأعلى قيمة، أو الأكثر تأثيرًا ومتابعة نقدية وإعلامية وغيرها من مغريات الحلم بالفوز بها لمعشر الفقراء من الكتاب والمبدعين، وهو ما وضعها جميعًا فى دائرة التساؤلات المشروعة حول التوجهات والمستهدفات منها، خصوصًا مع تركز الفائزين بها فى نشر أعمالهم من خلال عدد محدود من دور النشر التى يقال إنها ترتبط بصلات غير معلومة بالجهات المانحة، فحولتها، جميعًا، من جوائز تنتصر لمعايير القيمة الأدبية والإبداعية، إلى أدلة على توجهات سياسية ومواقف ثقافية واجتماعية للدولة أو الجهة المانحة، أو بعض أفرادها.
الأمر هنا ممتد وواسع ويشمل الجميع، فهو يطول نقادًا وكتابًا وصحفيين وإعلاميين، وبعض دور النشر والمؤسسات.. وهو ليس اتهام شخصى، أو انفعالى، ولكنه نتيجة لتراكمات كاشفة، واضحة لا لبس فيها، ولا تحتاج إلى أى مجهود لرؤيتها وإثباتها، فلكل جائزة عدد شديد المحدودية من دور النشر التى تفوز مطبوعاتها بها، ولكل جائزة عدد محدود من الموضوعات والأفكار والتوجهات التى تدعمها، وعدد محدود ممن يتولون التحكيم فيها والكتابة عنها والترويج لها، ومن نكد حظوظها ألا يتمتع القائمون عليها بأى درجة من الفطنة أو الذكاء، سواء بتنويع دور النشر الفائزة أعمالها بها، أو بتخفيف حدة وضوح التوجه من خلال منحها لعمل يتمتع ببعض القيمة الإبداعية، أو لا يعبر عن توجهاتها بين الحين والآخر، فما يحدث فى عالمنا العربى، على سبيل المثال، أنك إذا أردت أن تقرأ رواية تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية فيما يحدث بالأرض المحتلة، أو تتبنى المظلومية الصهيونية فى مواجهة العرب، وحتمية المصالحة وتطبيع العلاقات بينها، سواء كانت مذكرات يهودى فى القاهرة أو بغداد أو الرباط، أو قصة حب بين فلسطينى وإسرائيلية «لا العكس»، فعليك بالروايات الفائزة بجوائز إحدى الدول، فإن لم تكن من قراء الروايات فعليك بمطبوعات دور النشر التى تحتكر الفوز بجوائز ذات الدولة، والتى لا يزيد عددها على أصابع اليدين، وهناك دور للنشر تم تأسيسها وإنشاؤها خصيصًا لهذا الهدف.. وإن أردت أن تقرأ روايات أو كتبًا ذات صبغة دينية إسلامية «إخوانية» أو قريبة من توجهات التنظيم فلديك الأعمال الفائزة بجوائز دولة صغيرة مجاورة للأولى، أو المطبوعات الصادرة عن دور النشر الفائزة بمعظم دوراتها، أما إذا أردت أن تقرأ روايات عن المعاناة الاجتماعية والنفسية، وعن الفقر والمرض فى بلاد العالم العربى، والإسلامى منه على وجه الخصوص، سواء أقليات عرقية أو اجتماعية، كمجتمع الميم مثلًا، فعليك بمطبوعات دور النشر الفائزة بجائزة إحدى الجامعات الدولية التى تروج لهذه النوعية من الكتابات، وهى فى الغالب دور نشر ممولة من بعض الجهات الأمريكية، ودول الاتحاد الأوروبى.
يبقى أن أقول لنفسى، ولهؤلاء الذين ما زالوا يؤمنون بالفن والفكر والإبداع، أو يرون أن الإخلاص لما يؤمنون به من أفكار وتصورات هو الوسيلة الوحيدة للمعرفة، واكتشاف حقيقة الإنسان وجوهره، وكواليس رحلته على سطح على الأرض، وهى القيمة الحقيقية التى تبقى على مر الزمن، وأن مثل هذه النوعية من الجوائز لا تضمن لأصحابها سوى بعض المال والشهرة المؤقتة، احتفالات هنا وهناك، وندوات وتكريمات واستضافات تليفزيونية، ثم لا شىء مطلقًا، تمامًا كما حدث مع سابقيهم.. مثل أى «ترند» على مواقع التواصل الاجتماعى، ينشغل به الجميع، ويتداوله الجميع، يعلقون عليه، وينفعلون به.. ثم سرعان ما يلقون به إلى مجاهل النسيان، وينشغلون عنه بأى «ترند» آخر.

ثم يتهمون العرب بالهوس الجنسى!!
القائمة القصيرة لجائزة المرأة البريطانية للرواية ضمت ست روايات قالت عنها صحيفة «الجارديان» إنها «تستكشف الحاجة إلى الحرية الشخصية والتواصل الإنسانى، وتُقدم هذه الروايات قصصًا آسرة ومتعددة الجوانب، تحثّك على التأمل فى العالم من حولك»!!.. وقدمت بعض الصحف مراجعات للروايات الست، قام بها من وصفتهم بأنهم خبراؤها، وجاء فى مراجعة رواية «الحارس» ليائيل فان دير فودن أنها: «تتناول مصادرة وسرقة ممتلكات اليهود خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها، وتُعيد إحياء فصل مظلم من التاريخ الهولندى، عندما سقطت هولندا فى قبضة ألمانيا النازية، حيث تم ترحيل العديد من اليهود الهولنديين إلى معسكرات الموت وتجريدهم من منازلهم وممتلكاتهم.. وتُسلط رواية فان دير فودن الأولى الضوء على الأشياء التى تُركت وراءهم، والتى كان من المفترض أن يستردها أصحابها الشرعيون، ولكنها فُقدت أو سُرقت فى الحرب، وتخيم صدمة هذا التاريخ على حياة ثلاثة أشقاء يحزنون على فقدان والدتهم، ومن بينهم إيزابيل، بطلة الرواية التى تعيش وحيدة فى منزل العائلة، وعندما يطلب منها شقيقها أن تنتقل صديقته إيفا للعيش معها خلال الصيف، تشعر بالنفور منها فى البداية، ثم تتطور العلاقة بينهما تدريجيًا».. انتهى كلام الخبيرة، ليبقى أن أقول لك إنها ذات المظلومية اليهودية التى لا تخلو قصة أو رواية أو فيلم سينمائى عن الحرب العالمية الثانية منها.. هى ليست سوى قصة جديدة من قصص «الهولوكوست» مضفورة فى التفاصيل الحميمة لعلاقة مثلية، ولكنها بحسب كلمات رئيسة لجنة التحكيم كيت دى وال: «تكشف جانبًا من الحرب والمحرقة لم يُستكشف فى الأدب حتى الآن، حيث نعيش معها قصة حب بمشاهد حميمة مرسومة ببراعة، ومكتوبة برقة وإثارة آسرة».
الرواية الثانية فى القائمة القصيرة للشاعرة والروائية الألمانية الأمريكية ذات الأصول الأفغانية آريا آبر، هى رواية «فتاة صالحة»، وجاء فى مراجعة خبراء الصحف البريطانية لها ما نصه «رواية آريا آبر الأولى ترسم رحلة تطور فنان، وهى رواية شاعرية وقوية فى كثير من الأحيان، وتتبع حياة نيلا، وهى شابة أفغانية تعيش فى برلين، وتحاول الهروب من تراثها الثقافى، وتراث المدينة الألمانية التى تعيش فيها، فى معظم أحداث الرواية، تتنقل نيلا بين هامش المجتمع، من منزل عائلتها فى مبنى سكنى متهالك ذى طابع وحشى فى حى نويكولن إلى دوامة لا نهاية لها من النوادى والحفلات والمهرجانات السرية، وتتخلى عن عائلتها وأصدقاء طفولتها وتعليمها الجامعى لتسعى وراء حياة إبداعية بديلة، وقصة حب عاصفة ومدمرة مع مؤلفة أمريكية جذابة تُتيح لها الهروب من ضغط كونها النموذج الأفغانى المثالى لـلفتاة الصالحة.. هى رواية تلتقط بدقة التوترات بين الحرية والتقاليد كما تعيشها النساء المسلمات ثنائيات الثقافة فى صراعهن مع المتوقع لهن بأن يكن «فتيات صالحات»!!

قصة أخرى عن علاقة مثلية أخرى فى صراعها مع موروث دينى وثقافى ولا شىء آخر!!
الثالثة «كل الأربعة» للكاتبة والمخرجة الأمريكية ميراندا جولى وتتخذ من الجنس موضوعًا لها، من خلال قصة بطلة مجهولة الهوية فى الخامسة والأربعين من عمرها، فنانة ناجحة متزوجة ولديها طفل غير ثنائى الجنس(!!)، تنطلق فى رحلة برية من لوس أنجلوس إلى نيويورك، ولكن على بعد ٢٠ دقيقة فقط من منزلها، تجد نفسها فى علاقة غرامية غير مكتملة مع رجل وسيم فى غرفة فندق، ويقضى الثنائى أسبوعين معًا سعيًا وراء هوس مشترك، وتقلب هذه التجربة حياتها رأسًا على عقب، فتعود إلى مغامرات جنسية مضطربة، مكتشفةً إحساسًا جديدًا بالذات، وكيف تتعارض الحرية الإبداعية والجنسية مع المسار التقليدى لحياة المرأة.
نأتى إلى رواية «أساسًا» للبريطانية نسيبة يونس المولودة فى مانشستر عام ١٩٨٦ لأب عراقى وأم باكستانية، وهى عن قصة انجذاب نادية، المعينة من قبل الأمم المتحدة لإعادة تأهيل «عرائس داعش» فى العراق، إلى سارة، الفتاة القادمة من شرق لندن، والتى انضمت إلى التنظيم الإرهابى وهى فى الخامسة عشرة من عمرها، حيث ترتبطان من خلال حبهما المشترك للتزلج على الجليد، وحسهما الفكاهى اللاذع، وتتبع الرواية قصة نادية ورحلتها عبر تقلبات العمل الإنسانى، تتخللها ذكريات عن علاقتها الفاشلة مع حبها الأول «روزى» (!!)، وعلاقتها المتوترة مع والدتها، ومهمتها الحالية فى مساعدة سارة وتعقيداتها العاطفية.
الحقيقة أننى لم أكمل القراءة عن الروايتين المتبقيتين فى القائمة، ورحت أسأل نفسى: أهذا هو «مشهد كتابة الرواية فى المملكة المتحدة» الذى تريده لجنة تحكيم الجائزة وتحتفل به؟! أهذه هى الروايات التى لا تشك رئيسة لجنة التحكيم مطلقًا فى أنها ستصبح من روائع المستقبل، وتقول عنها نصًا: «يبدو لى جليًا تمامًا مدى تجسيد كل رواية من هذه الروايات الست للمبادئ الأصيلة للجائزة»؟!
ما كل هذا الهوس الجنسى الذى تروج له وتوزعه مجانًا؟! وما علاقة الكتابة والأدب والمبادئ الأصيلة بكل هذا الشبق الذى تعانى منه الكاتبات باللغة الإنجليزية؟!
الغريب أنهم يتهموننا نحن العرب بالهوس الجنسـى؟! ولا تتوقف الصحف الغربية عن ترويج تعرض مواطناتهن للتحرش فى بلاد الشرق والعرب على وجه التخصيص!!