الأربعاء 04 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

هشام هلال

هشام هلال
هشام هلال

عرفت هشام هلال من ساعة مسلسل «طرف تالت» ٢٠١٢. حسيت إنه المسلسل دا حتى لو فيه أى ملاحظات جانبية، إنما هـ يفتح سكة جديدة فى دراما التليفزيون، مش من حيث الموضوع، لكن من حيث «التخلص».

التخلص حاجة مهمة جدًا فى الإبداع عمومًا، الحذف أهم من الإضافة، واللى ما بـ نقولوش أهم من اللى بـ نقوله، ولما كنت فترة بـ أتدرب على الحكى كان حسن الجريتلى الله يمسيه بـ الخير ينبهنى إننا بـ يبقى جوانا حاجات كتير، وبـ نبقى عايزين نقول حاجة ونعمل كل حاجة، ونفخم ونضخم ما نعرضه، فـ الإبداع الأول هو التخلص من كل دا، لـ إنه هذا الزحام وتلك المبالغة بـ يشوهوا أى عمل.

ما قبل «طرف تالت» كانت الدراما التليفزيونية فيها حاجات كتير مطلوب التخلص منها، زى الحوارات المطولة الأشبه بـ المقالات، أو المشاهد المعمولة خصيصًا لـ خلق تأثر بـ حالة ما وهى عبء على الدراما، أو كاراكترات ولزمات متخيل إنها هـ تعلق مع الجمهور، أو الانشغال بـ مناقشات فكرية أو نظرية على حساب الأحداث والشخصيات، وجه العمل دا فى محاولة أولى لـ دراما رشيقة.

ما أقدرش أقول إنه طرف تالت بس هو اللى عمل كدا، ولا أنسب الكريتيد كله لـ هشام هلال، هى كانت حساسية جديدة ما بعد ٢٠١١، ظهرت فى أكتر من عمل، لكنى بـ أشوف إنه كان الأوضح والأكثر تكثيفًا فى دا، وساعتها كنت مندهش جدًا لـ إنه كاتب جديد وصغير فى السن، وتصدى لـ عمل زى دا.

عرفت هشام وتابعته، والواقع إنى بـ أشوفه عامل مسيرة ممتازة لـ كاتب عصامى، لا استند لـ شلة ولا علاقات، ولا فيه جهات متبنياه ولا من أبناء العاملين والعاملات ولا عائلاتهم، هو راس ماله فعلًا قدرته على الكتابة.

كمان ما اندهشتش لما لقيته قارئ، وقارئ جيد جدًا، لـ الأدب والتاريخ، ومهتم جدًا بـ الأرشيف، وما يتميز بيه هشام (ويشاركه فى دا هانى سرحان) هو إنه بـ يقرأ قراية واعية بـ شكل ممنهج، وعارف إنه القراية مش بـ تبقى علشان نعيد إنتاج ما نقرأ، ولا علشان يظهر بـ شكل مباشر، إنما علشان دا يساهم فى تشكيل ملامح المبدع عمومًا، مش شرط فى عمل معين.

إضافة لـ دا، لقيت عنده اهتمام بـ التفاصيل، وفصل مهارات كتابة الحوار عن كتابة السيناريو، والتفتيش طول الوقت عن طرائق التميز فى كل عنصر من عناصر كتابة الدراما.

عبر ١٢ سنة وداخلين في١٣، هشام قدم أعمال كتير، مسلسلات وأفلام، ويمكن صحيح فى بعض الأعمال كانت الأمور كلها مش فى إيده، أو المشروع مرتبك، أو أى حاجة تؤثر على الجودة، لكن فى المجمل طول الوقت على الأقل بـ يقدم ملمح ما طازج فى كل عمل. 

أعتقد كلنا نفتكر مثلًا فيلم كازابلانكا، ومسلسل أنا عشقت وحوارى بوخارست، وغيره من الأعمال اللى كل واحد أخد مساحة طيبة وموقع مميز فى تاريخ الدراما وصولًا لـ مسلسل العتاولة.

يمكن أنا شخصيًا ما انسجمتش مع العتاولة لـ أمر يخص ذائقتى الشخصية، ونوعية الأعمال اللى بـ أتابعها، لكن كانت سعادتى كبيرة من عدة أمور أهمها تمكن هشام من التعامل مع المشروع فى ظروف إنتاج صعبة، مش مقصود بـ الصعوبة الماليات، إنما يعنى دا أمر يطول شرحه.

سعدنى كمان إنه المسلسل دا عمل لـ هشام نفسه نقلة، أرجو إنه يستفيد منها فى السنين الجاية، لـ إنى متأكد إنه العمل اللى يعبر عن إمكانياته فعلًا لسه ما اتقدمش، وأنا مستنيه.