الإثنين 20 مايو 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

القلوب عند بعضها 4

قواعد ابن عروس فى العشق.. «من حبنا حبناه.. وصار متاعنا متاعه»

حرف

- ابن عروس كان صادقًا فى غرامه بالعروس التى صار مجذوبًا بسببها أو منسوبًا إليها

- إن ابن عروس شخصية شفوية بامتياز ما أندر التوثيق لها وما أقله 

- حين شكّل عصابته وعمره ثلاثون سنة كانت بلاده فى مواجهة جنود نابليون الذين كسحوا الصعيد حتى النوبة

«وما بين عامى ١٧٨٠ و١٧٨٤ مرت بالبلاد مجاعة جعلت الفلاحين يتركون أراضيهم هربًا من دفع المال للبكوات.. وانخفض سعر (السبارة)- أى العملة- بمقدار ٥٤٪، وقتل الطاعون سدس سكان مصر.. وبلغت البلاد من الفقر درجة أن أرسلت (الأستانة) قواتها بقيادة «غازى» باشا عام ١٧٨٦ لتحصيل «صرة المال» للباب العالى.. غازى باشا قام بإعدام الفلاحين وجلدهم وأهان علماء الأزهر.. وعندما انحسر وباء ١٧٩٥ عاد مراد وإبراهيم من الصعيد للقاهرة ووافقا على دفع المال للأستانة».

هكذا انتهى معلم التاريخ من حصته وهو يشرح لنا فى أحد فصول مدرسة العسيرات الإعدادية.. ولم يبق فى ذاكرتى سوى أن بلادنا عرفت أيامًا سوداء.. طاعونًا.. وجلدًا.. وإعدامًا.. وإهانات.. كل ذلك جرى فى هذه الأرض من سنوات قريبة.

أكذب إن قلت إننى كنت مهتمًا بأحوال الصعيد قبل ثلاثمائة سنة.. ولا حتى بأحواله نهاية القرن الماضى حيث كنت أعيش.. لكننى بالقطع كنت مهتمًا بتلك الرباعيات التى ينشدها المداحون فى مقامات أولياء الله الصالحين وموالدهم ويسمونها «المربعات». 

وقتها كنت على استعداد أن أهرب من المدرسة وحصة التاريخ لا لشىء سوى لحاقى بحلقة جديدة من سيرة «أحمد بن شبيب» التى كان يذيعها التليفزيون المصرى باسم «مارد الجبل».

أذكر جيدًا ندهة ناى عمنا «عبدالعظيم عويضة» وصوت محمد ثروت وكلمات عبدالرحيم منصور:

«ولكل لسان طريقة

يقول بيها الحقيقة

وأصل الحكاية واحد

حكاية الإنسان».

أصل الحكاية واحد إذن.. لكن ما هى حكاية ذلك اللسان الذى حكى؟!

«أصل الولد شاعر

جواه عذاب واعر

مشواره للآخر

مر وقاسى وصعيب

مارد وفارد فى الجبل طوله

لا حد داق عذابه

ولا حد قال قوله».

هكذا عرفته «أحمد بن شبيب» الذى أحب «زينة».. لكن أهلها قرروا زواجها من «رواسى» فماذا يفعل «البطل» سوى أن يذهب ليخطفها على حصانه؟

لم أكن أعرف أن «سنية قراعة» تحكى سيرة «ولى».. صار له «مقام» ومريدون.. وقامت بسببه خناقة لم تنتهِ حتى هذه اللحظة.. خناقة على «وجوده».

هذا هو العاشق الوحيد الذى يردد الجميع أشعاره.. لكنهم يختلفون على وجوده من الأصل.. لم يتفرق دمه بين القبائل.. تفرقت أشعاره وهويته وسيرته بين القاهرة وتونس والمغرب.. اعترفوا بها.. لكنهم لا يعترفون بأنه كان موجودًا من الأصل.

«أنا بوحد اللى خلق الناس

خلق مسلمين ونصارى

وناس نامت على فرش وناس

ع المعايش حيارى».

يا الله.. هذا رجل «موحد».. عارف ربه جيدًا.. ويعرف «الناس» مسلمين ونصارى.. يعرف الأغنياء و«الفقارى» ويصلى على النبى.

أصلى وأسلم على النبى الزين

مدحت النبى.. العضم بطل «صلاية»

أمر النبى.. يا بلال قوم يا زين

يا أبوبكر قيم «الصلاية».

هو ليس مجرد عاشق.. اختلفنا حول اسمه.. ونسبه وبطاقته الشخصية.. ليس مجرد «مجذوب» من المغرب لم يقل أحدهم ما الذى جاء به إلى مصر.. ومن الذى نقل أشعاره ومربعاته إلى بيوتنا فى الصعيد.

إنه تاريخ «جنوب» عانى من السلطة.. وقسوة الجغرافيا.. وفساد التاريخ الذى يكتبه «التابعون والمنافقون والشعراء الكذبة من مادحى السلاطين والآكلين على كل الموائد».

هو تاريخ مصرى.. حتى وإن اختلفلوا فيه فقد صار جزءًا من عقولنا وذاكرتنا وغرامنا.. صار لسان حال عشاقنا وقت أن أصبح الغرام عيبًا والمحبة خطيئة ينكرها الذين لا يعرفون الله ولا الرسول.

«ولا بد عن يوم معلوم

تترد فيه المظالم..

أبيض على كل مظلوم

أسود على كل ظالم».

حرامى وعاصى وكداب

اختلف المختلفون أو اتفقوا لا تعنينى هذه القصة.. ما يعنينى هنا.. هو علاقة الحب التى أنتجت هذه الرباعيات التى عاشت ثلاثة قرون ولا تزال تجرى على ألسنة المطربين الشعبيين واستلهمها أصحاب الفرق الجديدة فى مصر ليعيشوا عليها، ولن تكون فرقة «طبلة الست» آخرها قطعًا مثلما لم يكن شوقى القناوى أولهم.. عشرات المطربين غنوا رباعيات «المجهول».. ذلك الشبح الذى ألّف الحجاوى حكايته فى مسلسل إذاعى وأسماه «أحمد» فيما أسمى حبيبته «راح» وجعلها فتاة «بدوية» قامت بدورها ماجدة.. فيما قام بدور «أحمد» الممثل الكبير عبدالله غيث.. الدور نفسه لعبه «نور الشريف» فى سيرته التى كتبتها سنية قراعة وكتب لها الحوار الشاعر عبدالرحمن منصور وبعدها بعامين فى ١٩٧٩ كتب الإذاعى صبرى سلامة- صاحب بيان العبور فى حرب أكتوبر ١٩٧٣- الذى كتب من قبل مسلسل «رابعة العدوية» أسماه أحمد عبدالقوى.. وأدى دوره صلاح قابيل.. فيما أسمى حبيبته «زينة» وقامت بدورها صفاء السبع.. وعاد عبدالرحيم كمال لاستدعائه بشكل هامشى فى مسلسله «شيخ العرب همام» ليقوم بأداء دوره محمود عبدالمغنى فيما أسمى حبيبته «ليلة».. وقامت بدورها شيرى عادل وقد أسماه عبدالرحيم «جابر».. هؤلاء جميعًا من كتبة الروايات الدرامية اتفقوا على أنه «قاطع طريق صعيدى» استنادًا إلى الرواية التى تقول إنه أحمد بن محمد بن عبدالله الشهير بابن عروس.

عبدالرحيم كمال جعله من قبيلة مجهولة يتعرض لابنة زعيم هوارة «إسماعيل».. استنادًا لفكرة أن هوارة فى ذلك الوقت كانوا أسياد البلاد وليس معقولًا أن يكون من بينهم قاطع طريق.

على كل حال.. استدعاء عبدالرحيم سيرة بن عروس لأسباب درامية.. فتاريخيًا لم يلتقِ ابن عروس بشيخ العرب همام.. فقد توفى الأخير فى عام ١٧٦٩م أى قبل ميلاد ابن عروس بإحدى عشرة سنة كاملة حيث يتفق الرواة على أن أحمد بن عبدالله المولود لوالدين فقيرين من أبناء مزاتة التابعة لمركز قوص ولد عام ١٧٨٠م.

الرواة أنفسهم يتفقون على أنه ولد فى «مزاتة» فى حين لا يوجد فى كتب الجغرافيا قرية بهذا الاسم فى قنا.. فيما توجد قرية «مزاتة» فى مركز جرجا بمحافظة سوهاج.. وقد رجح البعض أن تكون «مزاتة» هى قبيلة ابن عروس وليست بلدته.. وهى قبيلة تعود أصولها إلى «لواتة» الأمازيغية.. وحسب ابن خلدون «كانوا رجلًا فى مواطنهم بنواحى برقة بليبيا وامتدت مواطنهم فيما بعد إلى سرت وطرابلس».

ويذكر د. حسن حظيرى أحمد فى كتابه «علاقات الفاطميين فى مصر بدول المغرب» الصادر عن مكتبة مدبولى بالقاهرة: «هناك من القرى ما تسمى باسم القبيلة مثل قرية مزاتة شرق التابعة لمركز دار السلام ومزاتة غرب التابعة لمركز جرجا».

«أنا لم لقيتلى سعد ولا بخت 

ولا خِل صادق قنانى

جيت عند بيت عزولى أتلبخت

عبولى الدوا فى قنانى».

اعترف أحمد بن عروس على نفسه وأراح الجميع من شهود الزور وكتبة «التاريخ على المزاج» حينما أقر فى واحدة من رباعياته بأنه «حرامى.. وعاصى.. وكداب».. وربما كان كذلك فعلًا.. لكن المؤكد أنه كان صادقًا فى غرامه بالعروس التى صار مجذوبًا بسببها أو منسوبًا إليها.. فقد صارت وطنه ولقبه الذى عاش به كل هذه السنوات:

«حرامى وعاصى وكداب

عاجز هزيل المطايا

وتبت ورجعت للباب

هيّا جزيل العطايا».

تاب أحمد بن عروس.. وانتظر من مولاه «جزيل العطايا».. وإن كانت التوبة تحدث بلا أسباب واضحة فى معظم الأحيان إلا أن رواة سيرة ابن عروس يعيدونها إلى «زينة» تلك «العروس» التى كشفت عن «وجهها» فأردته صريعًا أمام هودجها.. فصار لها مريدًا.

رغم أنها رفضته فراح ينشد قواعده فى النساء ومعاملتهن وأنواعهن وكيدهن كذلك:

«مسكين من يطبخ الفـاس

ويريد مـرق من حـديده

مسكين من يعاشر النـاس

ويـريـد من لا يـريـده».

الحب فى زمن الحرب

فى كتابه «تاريخ الحركة القومية.. الجزء الأول» يذكر المؤرخ عبدالرحمن الرافعى أن «مقاومة الفرنسيين كانت تظهر فى كل وقت وفى كل بلدة وقرية من قرى الصعيد» و«بشكل يصعب على المؤرخ حصرها»، ويضيف: «وعندما كان الفرنسيون يجدون أنفسهم عاجزين عن القضاء على ثورة قرية من القرى كانوا يقومون بإشعال النيران فيها».

وكتب الجنرال ديزيه قائد الحملة التى تولت إخضاع الصعيد، يُشجع مساعديه على اتباع سياسة إحراق القرى الثائرة «إن هذه هى الوسيلة التى نحصل بها على كل شىء من النفوذ والسلطة والطمأنينة، وعليك أن تأمر بقطع رأس كل من لا يطيع أوامرك».

قال كل من روى سيرة ابن عروس إنه «قاطع طريق» يستعين بقوته لتحصيل قوته.. لكن أحدًا لم يذكر أنه حين شكّل عصابته وعمره ثلاثون سنة كانت بلاده فى مواجهة جنود نابليون الذين كسحوا الصعيد حتى النوبة ثم عادوا للتحالف مع مراد بك بعد أن أحرقوا الذرع والضرع.. فهل كان أحمد بن عروس يقطع الطريق على الفقراء أم على الحكام وتوابع المماليك والفرنساوية من بعدهم؟!

على كل حال وحسب الكاتب محمد بن الطيب فى محاضرته بمنتدى التراث الشعبى فى تونس عام ٢٠٠٨ قال إن ابن عروس شخصية شفوية بامتياز ما أندر التوثيق لها وما أقله.. ذاع صيته عند العامة فأحبوها وأكبروها وتناقلوا أخبارها وروا أشعارها ونسجوا الأساطير حولها.. أما الخاصة من العلماء والكتّاب فالمظنون أنهم «خافوها فأخفوها وتجنبوا الخوض فى سيرتها بل ربما ناصبوها العداء».

وممن ناصبوا الرجل العداء الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى الذى ألّف كتابًا «طويلًا عريضًا» نُشر بعد وفاته، ليثبت أنه لم يكن «مصريًا» ولم «يكن شاعرًا» بل أعاد مربعاته إلى شاعر مغربى اسمه محمد المجدوب- أضحك كلما قرأت ذلك- فالأبنودى قبل غيره يعرف أن عربية أخوتنا فى المغرب لا يفهمها المغاربة أنفسهم فكيف يكتبون ما لا يفهمونه ولا نستسيغه ولا يستسيغونه؟!

محمد بن الطيب يعيد ذلك إلى أن ابن عروس كان «من فئة المهمشين» ولذلك فهو يجزم أنه لم يعثر على كتب تناولت سيرته «على نحو علمى دقيق».. ويضيف: «لم يعثرنا البحث إلا على كتاب وحيد صنفه فى تونس عمر بن على الراشدى عنوانه: (ابتسام العروس ووشى الطروس فى مناقب قطب الأقطاب سيدى أحمد بن عروس)، طبع فى تونس عام ١٨٨٣م».

محمد بن الطيب يفصل ما جمع ويخلص إلى أنهم جعلوا منه «لغزًا» فمن قائل إنه من «وادى الرمل» فى تونس ومن جازم أنه مصرى من الصعيد ومن ثالث يرى أنهما شخصيتان تحملان نفس الاسم.

فى تونس اسمه «أحمد بن عروس بن محمد بن عبدالله بن بكر بن عبدالدايم» وسبب تسمية جده بابن عروس أنه أباه لم يمكث مع أمه فى عرسها سوى ساعة غادر بعدها إلى غير رجعة ولما أنجبت «عبدالدايم».. سموه ابن عروس.

الغريب أن محمد بن الطيب فى محاضرته يؤكد أن تلك الحكايات تعيده إلى قرية «المزاتين» بوادى الرمل- لاحظ اسم القرية- وهو قريب من قرية «مزاتة» فى مصر!!

المهم أنه فى رواية أهل تونس ولد مجذوبًا.. آوى إلى زاوية الشيخ أبى عبدالله المحجوب تحت جامع الهواء وكان كثير التردد على مقام «سيدى محرز بن خلف» عمل نجارًا ثم خبازًا فى فرن ثم تفرغ للعبادة.. وانتقل إلى الجزائر لفترة ثم عاد لتونس ليلتف حوله المريدون داخل فندق الرصاص ثم على سطح الفندق يخاطب المريدين من أعلاه- قصة أقرب لقصة السطوحى سيد البدوى.

المهم أنهم منحوه الكثير من الكرامات مثل البدوى منها أن الطيور الوحشية كانت تأكل من يده .. الغريب أنهم فى سيرته تلك يقولون إنه لم يضبط «لا مصليًا ولا صائمًا» وإنه كان «يمازح النساء ويلامسهن ويمزج بالفحش كلامه».. ويدافع مريدوه بأن ذلك من قبيل انتماء «الشيخ ابن عروس» إلى التيار الملاقى حيث يوهم الناس باقتران المعاصى فيما هو من العلماء الأنقياء.

لم يقل أحدهم فيما قال إنه «شاعر» ولم يقل أحدهم شيئًا عن حبيبته «زينة» فكيف أصبح تونسيًا فى رواية الأبنودى.. لا أعرف؟!

«الليل ما هواش قصير

إلا على اللى ينامه

والشخص لو كان فقير

ما حد يسمع كلامه».

ولأنه فقير.. لم يدقق الكتبة سيرته على أصولها.. لكن الفقراء من مريديه كتبوها على هواهم.. ومن بين ما كتبوا ما رواه الشاعر أحمد سليمان حجاب من أنه: لما بلغ الستين من عمره أحب فتاة فى سن الخامسة عشرة وراح يخطبها من أهلها الفقراء ولخوفهم من عصابته وسطوتها وافقوا.. وليلة الزفاف هربت العروس مع شاب من عمرها كانت تحبه فجن جنون «أحمد بن عروس» «المصرى» وراح يفتش عنها فى كل مكان منشدًا:

«يا قلبى لاكويك بالنار

وإن كنت عاشق لأزيدك

يا قلبى حملتنى العار

وتريد من لا يريدك».

استغرق الشاعر العاشق فى ذم حبيبته الهاربة واصلًا إلى «حكمة العاجز» التى صارت قانونًا يرفض ما يسمى بالحب من طرف واحد:

«من حبنا حبناه

وصار متاعنا متاعه

ومن كرهنا كرهناه

يحرم علينا اجتماعه».

فى كل روايات سيرة ابن عروس.. وإن اختلفت.. ومن بينها أن «زينة» كانت سبب توبته عن قطع الطرق والسرقة والمعاصى.. لكن أحدًا لم يقل إنه «تزوجها» أو إنه عاش برفقتها زمن ما بعد التوبة.

فى روايته «ابن الليل التائب» وضع صبرى سلامة نهاية لطيفة لغرام ابن عروس وزينة.. فقد أعاد ابن عروس أو أحمد بن عبدالقوى «زينة» إلى أهلها.. وهو ما فعله عبدالرحيم كمال بجابر الذى أعاد «ليلة» ومكث إلى جوارها خادمًا فى ديار أهلها يرجو «نظرة من شباكها».. وينشد:

«ما يرقد الليل مفتون 

ولا يقرب النار دافى 

ولا يطعمك شهد مكنون 

إلا الحبيب الموافى».

تلك الرباعية استعارها محمد جلال عبدالقوى على لسان بطلته «حسنات» فى «الليل وآخره» ولحنها ياسر عبدالرحمن لتغنيها «مى فاروق» دون إشارة لصاحبها.. مكتفين بأن أشعار المسلسل لسيد حجاب.. وهو الأمر نفسه مع محمد صفاء عامر الذى سمح للأبنودى باستعمال رباعية كاملة من إبداع ابن عروس فى نهاية «ذئاب الجبل» دون إشارة.. على اعتبار أنها من «الفولكلور» حيث يؤمن الأبنودى بعدم وجود الرجل من الأصل وأن كل ما نسب له هو إبداع مصرى للعديد من المجهولين فى أزمنة مختلفة.. اختلقوا هم «لأسباب غير منطقية وغير مفهومة» شخصية ابن عروس.

الروائى الكبير إبراهيم عبدالمجيد يقول «عامية قصائد بن عروس لا تقول إنه مجرد زائر، عاميته تقول إنه مصرى المنشأ والنهاية».

«طبيب الجراح قوم إلحق

وهاتلى الدوا اللى يوافق

فيه ناس كتير بتعرف الحق

ولجل الضرورة توافق».

ولأننى لا أجد أى ضرورة.. فلن أوافق.. لن أوافق سوى على أن حبيبة ابن عروس المجهولة كانت سببًا فى ذلك الخيال الذى سبق كل شعراء العامية فى مصر.. كل كتبة الشعر المحلى بألوانه فى مصر وتونس والمغرب.. بل ولا أكون مدعيًا إن قلت وفى الفصحى أيضًا.. ابن عروس «الشبح» الذى أقلق الشعراء فى مناماتهم صار كتابًا للعشاق رغمًا عنهم يؤنسهم فى لياليهم العصيبة.. ويرقص بالعصا فى أفراح صعيدهم الذى عانى- وما زال- من اللصوص وقطاع الطرق وما أكثرهم.