الأربعاء 16 يوليو 2025
المحرر العام
محمد الباز

ألوان الثروة الخمسة.. دليل تحويلى لتصميم حياة أحلامك

حرف

- كتاب يعيد صياغة مفهوم الثراء بما يتجاوز المال.. ويقدم اقتراحات لتحقيق الرضا العميق فى الحياة

- الأصول الخمسة الحقيقية للحياة المرضية: النجاح المالى.. حرية الوقت.. الصحة الجيدة.. العلاقات القيمة.. والسلام الداخلى

- المؤلف: الثراء ليس بالمال وحده بل بالوقت والناس والهدف والصحة

- الكاتب: الوقت أغلى ما تملك.. والعلاقات أهم وأكثر تأثيرًا من أى استثمار مالى 

- الكاتب: لا يمكن لأى قدر من المال أن يحل محل الصداقات العميقة أو الروابط العائلية المتينة 

يعتقد معظم الناس أن الثروة تعنى مالًا كثيرًا. ولكن إذا كان هذا صحيحًا، فلماذا لا يزال بعض أصحاب الملايين يشعرون بالفراغ والإرهاق والوحدة؟

قد تمتلك الملايين، ولكن إذا لم يكن لديك الوقت للاستمتاع بالحياة، فهل هذه ثروة حقيقية؟ قد تكون لديك مسيرة مهنية ناجحة، ولكن إذا كانت صحتك متدهورة، فهل النجاح مهم حقًا؟

قد تمتلك كل ما تمنيته، ولكن إذا كنت تفتقر إلى المعنى، فهل أنت ثرى حقًا؟

طوال حياتك، تم تلقينك تدريجيًا على الاعتقاد بأن المال هو النوع الوحيد من الثروة. فى الواقع، قد تتضمن حياتك الثرية، المال، ولكن فى النهاية، سيحددها كل شىء آخر.

ولذا ارفض المسار التقليدى، وحدد أولوياتك، وحقق سعادة دائمة مع حياة أحلامك، وهى حياة تتمحور حول أنواع الثروة الخمسة: ثروة الوقت، والثروة الاجتماعية، والثروة العقلية، والثروة الجسدية، والثروة المالية.

هذه الأنواع الخمسة من الثروة تشترك معًا وتعمل بحيوية وانسجام على مدار رحلة حياتك، لتستطيع بها تحديد أولويات المهام المولدة للطاقة، لتوفير المزيد من الوقت فى يومك، وبناء روابط أعمق، وتحقيق هدفك لتحفيز النمو المستمر.

بالإضافة إلى تعظيم الصحة من خلال مبادئ بسيطة، وتحقيق الاستقلال المالى وتحديد مفهوم «الكفاية» الخاص بك، وهو ما يوضحه بالتفصيل رائد الأعمال ساهيل بلوم، فى كتابه: «أنواع الثروة الخمسة: دليل تحويلى لتصميم حياة أحلامك».

الكتاب صدر فى فبراير الماضى، عن دار نشر «بالانتاين بوكس» الأمريكية، التابعة لمجموعة بيرتلسمان الإعلامية الألمانية، فى ٤٠٠ صفحة، ويعد فى المرتبة التاسعة للكتب الأكثر مبيعًا فى مجال السعادة والمساعدة الذاتية.

ساهيل بلوم كاتب وصانع محتوى، ورائد أعمال، ومالك شركة «إس آر بى» القابضة، والشريك الإدارى لشركة «إس آر بى فينتشرز»، وهى صندوق استثمارى فى مراحله الأولى. تخرج فى جامعة ستانفورد بدرجة ماجستير فى السياسات العامة وبكالوريوس فى الاقتصاد وعلم الاجتماع. 

وتعتمد الفكرة الأساسية للكتاب على أنك لن تشعر بالنجاح إلا إذا وضعت تعريفك الخاص له. وإذا اتبعت تعريف الثروة والنجاح الذى قدمه لك العالم دون وعى، فستسعى جاهدًا وراء أى «زيادة»، أقنعت نفسك بأنها ستمنحك السعادة. 

عملية حسابية

قبل عدة سنوات، كان بلوم، المعروف بعباراته التحفيزية التى ينشرها عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى، بالإضافة إلى رسالته الإخبارية الشهيرة «ذا كوريوسيتى كرونيكل»، يعيش حياة بائسة.

للوهلة الأولى، قد يظن الإنسان أنه يمتلك كل شىء- وظيفة مرموقة فى المجال المالى، ومنصبًا مرموقًا، ومنزلًا فاخرًا وسيارة فاخرة. لكن فى أعماقه، كما يصف الكاتب، كان فى غاية التعاسة.

لكن جاءته دعوة لتغيير حياته، عندما سأله صديق سؤالين: كم عمر والديك وكم مرة تراهما؟ أجاب المؤلف، الذى كان يعمل فى وظيفة شاقة تستغرق ١٠٠ ساعة أسبوعيًا آنذاك، ربما مرة واحدة فى السنة الآن. 

ثم أجرى عملية حسابية وأدرك أنه إذا لم يتغير شىء، فمن المرجح أنه لن يرى والديه سوى ١٥ مرة أخرى فى حياته. يقول رائد الأعمال: «هذه هى العملية الحسابية التى حطمتنى. هذه هى العملية الحسابية التى غيرت حياتى».

تقوم فكرة الكتاب الكبيرة على إعادة تعريف الثراء، حيث قام بلوم بتقسيمه إلى خمسة أنواع، مؤكدًا أن الإنسان حتى إذا كان ثريًا بشكل مذهل فى الجانب المالى، إلا أن ذلك لا يعادل أن يكون ثريًا فى جميع جوانب حياته، فالثروة الحقيقية متعددة الأوجه.

يقول الكاتب إنه استوحى من جده فكرة استخدام كلمة «ثروة» فى اسم الكتاب. يوضح: «لطالما كان يتحدث عن فكرة أن الثروة تتجاوز مجرد امتلاك المال». ويضيف: «استغرق الأمر منى حتى بلغت الثلاثين لأصل إلى هذا الإدراك القاطع- أن تعريفى الكامل للنجاح والثروة كان ضيقًا للغاية».

يرى المؤلف أن الإنسان لن يحقق ذاته، دون أحد هذه الأنواع الخمسة من الثروة، وأن عليها أن تعمل معًا بتناغم لتحقيق الثراء الحقيقى، ومن خلال هذه الفكرة. 

يريد رائد الأعمال تحطيم المفاهيم الخاطئة التى تقول إن الثروة تعادل ببساطة مقدار الأموال الموجودة فى البنك.

يقول بلوم: «لن يقدم لك هذا الكتاب الإجابات، لأن الحقيقة هى أنك تمتلكها بالفعل. سيطرح عليك الأسئلة الصحيحة لتكتشفها وتتصرف بناءً عليها».

ويعتقد أن الإنسان مخلوق ديناميكى ليس مقيدًا بما يركز عليه فى أى نوع من الثروة خلال مرحلة واحدة من حياته، فما تعطيه الأولوية أو تركز عليه خلال أى مرحلة من مراحل حياتك، يمكن أن يتغير وسيتغير. 

ساهيل بلوم

نصائح مختلفة

كجزء من بحثه للكتاب، أجرى الكاتب مقابلات مع مجموعة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ٨٠ و٩٠ عامًا، وسألهم عن النصائح التى ينصحون بتقديمها لأنفسهم فى سن أصغر. عند مراجعة إجاباتهم، تمحورت فكرته الرئيسية حول ما أغفلوه. «كان الموضوع الرئيسى هو عدم ذكر أى شخص للمال».

قال له المشاركون فى المقابلات: «لا تسمح للمال بالتأثير على راحة بالك». فى الواقع، ذهبت النصيحة التى قدمتها المجموعة فى اتجاه مختلف تمامًا، حيث نصحتنا بـ«إخبار شريكك بحبك له كل يوم» و«الرقص فى حفلات الزفاف حتى تتعب أقدامنا».

يبدأ الجزء الأول من الكتاب، بالثروة الزمنية أو ثروة الوقت، أى كم من اللحظات تقضيها مع أحبائك؟ يعلمك الكتاب فى هذا الجزء، كيفية ترتيب أولويات المهام الموفرة للطاقة، لتوفير المزيد من الوقت خلال اليوم.

فالوقت حسب المؤلف، يحتل المرتبة الأولى فى أنواع الثروة الخمسة، وهو الذى يفتح المجال لجميع الأشياء الأخرى، بجانب أنه الأكثر محدودية، فلا أحد يستطيع خلق المزيد من الوقت أو استعادة الوقت الماضى.

يقول رائد الأعمال: «عندما تتمتع بالحرية، عندما تمتلك ثروة الوقت- أى القدرة على اختيار كيفية قضاء وقتك، ومع من تقضيه، وفى ماذا تقضيه، ومتى تستبدله بأشياء أخرى- فهذا ما يمكنك من تحديد المجالات التى تريد التركيز عليها أو إعطائها الأولوية خلال هذه المرحلة من الحياة».

يشير بلوم إلى أن هناك ثلاث ركائز لثروة الوقت وفقًا لأهميتها، وهى: الوعى: فهم محدودية الوقت وزواله، الانتباه: التركيز على ما يهم وتجاهل كل ما عداه، التحكم: اختيار كيفية قضاء وقتك المتاح.

ينصح الكاتب بالتراجع قليلًا عن الاندفاع المحموم واستعادة زمام وقتنا. ويقتبس من الفيلسوف الرواقى سينيكا: «لا تمنح لنا حياة قصيرة، بل نحن من نجعلها قصيرة، ولسنا نعانى من نقص فى الموارد، بل من إهدارها». أو كما يقول المؤلف: «أنت تعلم أهمية وقتك، ومع ذلك تتجاهل مروره وتنشغل بأنشطة تافهة تبعدك عن الأمور المهمة حقًا».

ببساطة، لا يتعلق هذا المفهوم بالتفكير فى الموت، بل بامتياز وقيمة التحكم والمرونة فى وقتك، لتعيش حياتك وفقًا لشروطك. 

يقدم رائد الأعمال نصائح فى هذا الجزء باسم مصفوفة أو تقوم الطاقة، تعتمد فكرتها على تحديد أنواع الأنشطة المولدة للطاقة، مقابل المستنزفة لها فى حياتك، حيث عادة ما تحقق أفضل النتائج عند تطبيق ذلك على الأنشطة والأشخاص أيضًا.

ومن خلال النظر إلى يومك وتصنيف الأنشطة إلى مولدة للطاقة باللون الأخضر، ومحايدة باللون الأصفر، ومستنزفة بالأحمر، يكون لديك رؤية بصرية واضحة لأنواع الأنشطة فى حياتك، وهو ما يمكنك من وضع خطة للتعامل مع كل نوع منها.

يوصى بلوم بأن نحسن إدارة وقتنا. ويعنى ذلك جزئيًا تخصيص وقت أطول لتحقيق أهدافنا فى العمل، ووقت أقل لإخماد المشاكل. على سبيل المثال، اتباع نهج الرئيس أيزنهاور والتركيز على العمل المهم، بدلًا من الانشغال بأعمال عاجلة، لا تحدث فرقًا حقيقيًا.

لكن حل الكاتب يتجاوز مجرد إنجاز المزيد فى حياتنا المهنية، إذ يؤكد أيضًا التخلى عن روتين الاستهلاك وتخصيص وقت أكبر للأمور المهمة حقًا. على سبيل المثال خصص وقتًا لمزيد من المواعيد مع زوجك/ زوجتك. خصص وقتًا لأطفالك. خصص وقتًا للقراءة والتأمل والتفكير بعمق فى الحياة. 

خريطة العلاقات

ينتقل المؤلف إلى الثروة الاجتماعية، والتى يضعها فى المرتبة الثانية، فهى النوع الوحيد من الثروة الذى إن لم تمتلكه، يصعب عليك الاستمتاع بأى من الأنواع الأخرى. 

فلا أحد يحلم بالبقاء وحيدًا على متن يخت. يقول: ما فائدة أن تكون بصحة جيدة ولياقة بدنية إن لم تستطع المشى أو التنزه مع من تحب؟ الثروة الاجتماعية هى ما يمنح حياتك قوامًا ومعنى. ويؤكد العلم هذا أيضًا- إنها العامل الأهم فى التقدم فى السن بشكل جيد.

يضيف: لا يمكن لأى قدر من المال أن يحل محل الصداقات العميقة، أو الروابط العائلية المتينة، أو شبكة الدعم، مشيرًا إلى أن إعطاء الأولوية للثروة الاجتماعية، يعنى استثمار الوقت والطاقة فى علاقات تجلب السعادة والهدف.

هذه العلاقات لا تقف عند العميق منها بل أيضًا العلاقات غير الرسمية العديدة التى تعزز الشعور بالانتماء للمجتمع. ويرى رائد الأعمال أنه يجب على الناس من جميع الأعمار أن يكونوا أكثر قلقًا بشأن الوحدة من جميع القضايا الأخرى. 

فيقول: «إن أكبر تهديد للبشرية هو اعتمادنا على التكنولوجيا. إنها تستنزف قدرتنا وطاقتنا على التواصل الإنسانى. نحن لا نتطلع إلى المستقبل بما فيه الكفاية!». 

وينصح بالبدء فى بناء الثروة الاجتماعية من الآن، حيث يقول: «استثمر فى علاقاتك يوميًا. هذه الاستثمارات ستملأ حياتك الآن وفى المستقبل». 

ويوضح: «لا نفكر فى الاستثمار فى العلاقات بنفس الطريقة التى نفكر بها فى الاستثمار فى الأسهم أو صناديق الاستثمار، ولكن العلاقات تؤتى ثمارها. ويمكن القول إن العلاقات أهم وأكثر تأثيرًا من أى استثمار مالى يمكنك القيام به».

يؤمن بلوم بفكرة «التواصل المضاد»، والتى وصفها بأنها تخصيص الوقت لبناء علاقات أعمق غالبًا ما تترجم إلى صداقات- أشخاص يمكنك الوثوق بهم والاعتماد عليهم. فهو يرى أن التواصل هو الحماية.

رسالة الكاتب فى ذلك هى أنه يجب عليك ألا تتواصل مع الآخرين لمحاولة الاستفادة منهم. بل أن تركز بدلًا من ذلك على إضافة قيمة إلى حياة من حولك. لا تسعَ لأن تكون مثيرًا للاهتمام، بل اجتهد أن تكون مهتمًا. عندما يتحدث الآخرون، استمع إليهم بصدق وحاول التعلم منهم.

يوصى المؤلف بالاستثمار فى الأشياء التى لا يمكن شراؤها بالمال، ولكنها أكثر أهمية فى هذا السياق: أن تكون صديقا لطيفًا وحنونًا، وأن تكون زوجًا داعمًا، وأن نكون آباء حاضرين ومهتمين. 

ويرى أن القيام بهذه الأمور يمكننا من سد الفراغ فى قلوبنا الذى لا تستطيع سيارة فاخرة أو يخت مستأجر سد هدره. ويوضح أن هناك ثلاث ركائز للثروة الاجتماعية وهى: العمق: الروابط القيمة التى تنشئها مع عدد قليل من الناس.

والاتساع: دائرة أوسع من الأشخاص الذين يقدمون الدعم الروحى أو الثقافى. وأخيرًا المكانة الاجتماعية المستحقة: احترام وإعجاب وثقة أقرانك.

الأساس الداخلى

يذهب بنا رائد الأعمال إلى الأساس الداخلى الذى يدعم كل شىء آخر، وهو العقل والصحة النفسية ورأس المال الفكرى، أى الثروة العقلية أو الذهنية، والتى تمثل الرفاهية العاطفية.

يعبر هذا النوع من الثروة عن السلام الداخلى، والمرونة، والنمو الشخصى. فالحياة الثرية لا تقتصر على تراكم النجاح الخارجى، ويشير بلوم إلى أن الفضول هو أساس الثروة العقلية- أى القدرة على الاستمرار فى النمو والتعلم وتوسيع فهمك للعالم. 

إنه الطاقة الخام التى تغذى الاكتشاف والإبداع والإنجاز مدى الحياة. ويجسد الأطفال هذا الأمر فطريًا. يستكشفون كل شىء بدهشة متسعة، دون خوف أو شك. ولكن مع تقدم الحياة، يتلاشى الفضول. يدفعه عبء المسئوليات والروتين والتوقعات إلى الخلفية.

تشير الدراسات إلى أن الفضول يقوى الوظائف الإدراكية، ويقلل من القلق، ويزيد من الرضا العام عن الحياة. ذلك لأن العقل الفضولى يبقى منفتحًا ومنخرطًا؛ فهو يرى العالم كمصدر لا ينضب للتعلم بدلًا من كونه واقعا ثابتًا يجب قبوله. دون الفضول، تصبح الحياة راكدة. تختفى الرغبة فى الاستكشاف، تاركة شعورًا باهتًا بالتكرار.

يوضح الكاتب أن الركائز الثلاث للثروة العقلية هى: الهدف «رؤيتك الفريدة التى تقود إلى المعنى»، والنمو «الحاجة إلى الشغف والتغيير»، والفضاء «خلق السكون والعزلة».

وينصح المؤلف بكتابة اليوميات لمدة خمس دقائق، والتى تحسن الصحة النفسية، عن طريق كتابة إنجاز واحد، ونقطة توتر واحدة، ونقطة امتنان واحدة. ويصف كتابة لحظة الامتنان الواحدة كل يوم بأنها ممارسة بسيطة، لكنها مؤثرة لتنمية الوعى. 

ويؤكد قائلًا: «عندما لا نتوقف وندرك اللحظات الجميلة، فإنها لا تستوعب. التوقف لملاحظة هذه اللحظات يحسن صحتك العقلية، ويحسن نومك، ويمنحك شعورًا أكبر بكثير بتوازن أيامك».

البيت الأبدى

مع تقدمك فى العمر، يمر جسمك بحالة من التدهور الطبيعى، ودون الصحة والطاقة والحيوية الجسدية، لا يمكن لأى ثروة أخرى أن تستمر، يسأل رائد الأعمال: هل سترقص فى حفل عيد ميلادك الثمانين؟ 

يقول: «تبنى الثروة الجسدية من خلال أفعال صغيرة ومتواصلة تتراكم مع مرور الوقت، ويتم ذلك من خلال ثلاثة مبادئ بسيطة: الحركة، والتغذية، والتعافى، والتى تشكل كيفية عمل الجسم بعد عقود من الآن. 

كل وجبة، كل تمرين، كل ساعة نوم هى إيداع فى صحتك المستقبلية. الجسد كالبيت، أهمله، وسينهار. حافظ عليه، وسيوفر لك الراحة والاستقرار لسنوات قادمة».

يوصى بلوم بالالتزام بأشياء بسيطة: تحرك ٣٠ دقيقة يوميًا- لا يهم كيف. امش، اركض، هرول، تنزه، تجدف، ارقص، أيًا كان ما تحب- فقط افعله. استهدف الأطعمة الكاملة غير المصنعة لنحو ٨٠٪ من وجباتك. استهدف ٧ ساعات من النوم ليلًا. انس الساونا، والغطس البارد، والعلاج بالضوء الأحمر، وكل تلك الصيحات العصرية. ابدأ من هنا. أتقن هذه الأساسيات فقط.

ويشارك الكاتب خمسة مبادئ لروتين صباحى منظم، فالساعة الأولى من يومك تحدد مسار بقية اليوم: استيقظ فى وقت ثابت كل يوم، اشرب كمية كافية من الماء،

مارس بعض التمارين الرياضية، اخرج وامش، ركز فى عملك.

ويؤكد المؤلف أنك لست بحاجة إلى نظام صحى مكلف. شرب الماء هو أبسط ما يمكنك فعله لصحتك الجسدية. دون الماء، أنت ضعيف وخامل. بشرب الماء صباحًا، تنجز مهمة بسيطة، يمكنها مضاعفة طاقتك عشرة أضعاف.

ويضع رائد الأعمال قواعد للتعافى أو النوم: التزم بجدول نوم منتظم، اقض بضع دقائق فى ضوء الشمس كل صباح، حافظ على بيئة نومك باردة ومظلمة، لا تأكل قبل النوم مباشرة، لا تشرب كثيرًا قبل النوم، تجنب الكافيين بعد الظهر، ضع روتينًا خاصًا بك للاسترخاء، تجنب الشاشات قبل النوم.

مفهوم الكفاية

يضع بلوم الثروة المالية فى الترتيب الأخير، فهو يرى أن المال فى شكله التقليدى والأصول والحرية التى توفرها، مهمة، لكنها ليست سوى جزء من الصورة الأكبر.

ويقول: «السؤال الذى أطرحه باستمرار فى حياتى، والذى حاولت تضمينه فى كتاباتى وأبحاثى حول هذا الموضوع، هو: ما الغرض الحقيقى من المال؟ ما الغرض من المال فى حياتك؟ لأن ما يحدث غالبًا هو أن الناس يفترضون أن المزيد من المال يعنى الأفضل. لذلك سأواصل السعى وراء هذا الأمر لأنه ينتج المزيد من المال. لكن اسأل نفسك: لماذا؟ ولأى غرض؟ وفى ماذا يستخدم؟».

يعتقد الكاتب، أن المال ليس «لا شىء»، ولكن لا ينبغى أن يكون الشىء الوحيد الذى تركز عليه. ويوضح أن إحدى الخطوات الأولى لبناء ثروتك المالية هى تحديد «حياتك الكافية».

يلفت إلى أن «الحياة الكافية» هى أن يكون لديك «القدر المناسب من الثروة المالية لعيش أيامك المثالية». ولكن كيف تحدد القدر المناسب من الثروة المالية؟ 

يقول المؤلف إنه بدلًا من أن تكون لديك فكرة مجردة عن شكل مستقبلك، عليك أن تمتلك رؤية واضحة ومحددة. على سبيل المثال، لا يكفى أن تقول إنك تريد قضاء ثلاثة أشهر سنويًا فى السفر بعد التقاعد. بدلًا من ذلك، عليك أن تكون أكثر تفصيلًا، وتحدد المكان الذى ترغب فى السفر إليه، ونوع أماكن الإقامة التى ترغب فيها لنفسك، ونوع الأنشطة التى ستظل مشغولًا بممارستها.

يشير رائد الأعمال إلى أنه ينبغى على الناس إعادة تقييم «حياتهم الكافية» كل بضع سنوات، إذ من المرجح أن يتزايد تعريفك لـ«الكفاية» مع مرور السنين. ويقول: «هذا أمر متوقع. الهدف ببساطة هو أن تكون هذه الحياة حركة تصاعدية واعية قابلة للقياس والمراقبة، لا حركة لا واعية تتسارع بشكل خارج عن السيطرة».

ويضيف أن لبناء الثروة ما عليك سوى التركيز على ثلاثة أمور: توليد الدخل: خلق دخل ثابت ومتزايد من خلال العمل الأساسى، والعمل الثانوى، والمصادر غير النشطة.

بالإضافة إلى إدارة النفقات: بحيث تكون أقل من مستوى دخلك بشكل موثوق، وتنمو بمعدل أبطأ، وأخيرًا الاستثمار طويل الأجل: استثمر الفرق بين دخلك ونفقاتك فى أصول طويلة الأجل، ومنخفضة التكلفة، وذات عائد تراكمى فعال.

ويحذر بلوم من أن المشهد المالى الحديث أشبه بمدينة ملاهى، حيث تستغل شركات التكنولوجيا المالية والبنوك رغبتك فى الاستمتاع والإشباع الفورى، ولذا يجب عليك كبح جماح رغبتك لتحقيق ثروة طويلة الأمد.

ويقدم الكاتب نصائح للثروة المالية: ركز على ما هو مهم: مكان سكنك، ومن ستتزوج، والمهنة التى تزاولها. احتفظ بأموال طوارئ تكفيك من ٦ إلى ١٢ شهرا نقدًا. ادخر واستثمر شهريًا. لا تنفق أكثر مما لديك. اشتر أفضل الأشياء التى يمكنك تحمل تكلفتها واحتفظ بها لأطول فترة ممكنة. كن مقتصدًا مع نفسك، ولكن كريمًا مع الآخرين. لا وجود للاستثمارات أو الفرص المالية التى تبدو رائعة لدرجة يصعب تصديقها. انتظر ٣٠ يومًا قبل شراء أى سلع غير أساسية. الإنفاق الواعى لا يعنى البخل. يجب أن تكون أمورك المالية بسيطة.

ويوصى المؤلف بسبع نصائح مهنية لتوليد الدخل: اصنع قيمة، تكسب قيمة. لإنجاز أصعب المهام، أنجزها مبكرًا فى الصباح. كن مبكرًا، وانظر فى أعين الناس، وكن محل ثقة، ولا تثرثر. اعمل بجد أولًا، ثم بذكاء لاحقًا. ارو قصصًا جيدة. اغتنم الفرص.

ولتحقيق الحرية المالية، هناك سبعة مبادئ لإدارة نفقاتك: ضع ميزانية، أتمِت الادخار «اجعله آليًا»، عامل بطاقات الائتمان كما لو كانت نقودًا، أنشئ صندوقًا للطوارئ، خصص ميزانية للتجارب، خطط مسبقًا للمشتريات.

ويشير رائد الأعمال إلى أن أعظم استثمار فى العالم «استثمار طويل الأجل» هو زهيد التكلفة مقارنة بالمكافآت المحتملة منه، ويشمل: التعليم، واللياقة البدنية، والطعام الجيد، والصحة النفسية، والنوم، مضيفًا أن أفضل استثمار يمكنك القيام به هو الاستثمار فى نفسك.

أسئلة كبرى

فى النهاية يؤكد بلوم أهمية تخصيص وقت للتفكير فى أسئلة الحياة الكبرى: يقول: «آمل أن يناقش الناس هذه الأسئلة الكبرى حول حياتهم وما يهتمون به. ارفضوا القيود المفروضة علينا، وعيشوا حياتكم كما خططتم لها».

ويلفت إلى أنه أحيانًا، قد لا يكون الفصل الأغنى من حياتك هو الفصل الأعلى دخل. فقد يكون الفصل الذى تستعيد فيه نشاطك الصباحى، أو تتواصل فيه مع أحبائك، أو تجد فيه هدوءًا داخليًا.

جوهر الرسالة يدور حول بناء حياة ذات معنى ومترابطة ومتوازنة- حيث يعمل وقتك وعلاقاتك وعقليتك ومواردك معًا من أجل صالحك العام.