المؤلف: مؤسسة محتالة.. واستغرقت أكثر من 5 سنوات لإكمال الكتاب

- الجمعية الأمريكية للأوبئة: 85 ألف امرأة توفين بسبب سرطان المبيض مع استخدامهن بودرة جونسون للأطفال
أمضى أكثر من ثلاثة عقود كصحفى يومى يتنقل بين سهول شرق كنتاكى وغابات المانجروف فى بنجلاديش وأروقة السلطة فى البيت الأبيض. وفى كل مكان، أحدث تغييرات عميقة فى القانون وأسلوب الحياة والنظرة المستقبلية.
فى صحيفة لويزفيل كورير جورنال، كشفت تحقيقاته عن قضية اغتصاب سرية ضد ضابط شرطة وأدت إلى توجيه اتهامات جنائية واستقالات بين كبار الضباط. وعندما تم إرساله إلى ولاية كنتاكى، كشف عن مؤامرة شبه عالمية فى صناعة الفحم فى المنطقة للغش فى اختبارات جودة الهواء فى مناجم الفحم، مما عرض آلاف عمال المناجم لخطر مميت.
أدى ذلك إلى إقرار المجلس التشريعى فى ولاية كنتاكى إصلاحًا شاملًا لقوانين سلامة مناجم الفحم، ودفعت إدارة السلامة والصحة فى المناجم الأمريكية إلى إعادة النظر فى اللوائح. وتعرضت حياته للتهديد مرارًا وتكرارًا.
هو جاردينر هاريس محرر الأدوية السابق فى صحيفة وول ستريت جورنال، الذى أدى تحقيقه فى شركة بريستول مايرز سكويب إلى توجيه اتهامات جنائية لثلاثة من كبار المسئولين التنفيذيين وإقالة رئيسها التنفيذى.
وعندما انتقل للعمل كمسئول عن تغطية الصحة العامة فى صحيفة نيويورك تايمز، أدت تحقيقاته إلى سحب دواء لمرض السكرى بمليارات الدولارات وعشرات من أدوية السعال والبرد الشائعة للأطفال. وأدت قصصه التى تكشف مدفوعات سرية من شركات الأدوية إلى أكاديميين بارزين إلى إقرار قانون «مدفوعات الأطباء»، الذى يلزم شركات الأدوية والأجهزة الطبية بالإبلاغ عن مدفوعاتها للأطباء والمستشفيات التعليمية.
فى عام 2012، انتقل إلى نيودلهى ليصبح مراسل صحيفة التايمز فى جنوب آسيا. وأدت تحقيقاته أيضًا إلى كشف مستويات تلوث الهواء المروعة فى الهند إلى تغييرات جذرية فى القوانين وأنماط الحياة فى جميع أنحاء القارة. وأدت قصصه عن سوء الصرف الصحى فى الهند وآثاره على تقزم الرضع إلى عقد مؤتمر فى الجمعية العامة للأمم المتحدة وبناء أكثر من 100 مليون مرحاض.
فى عام 2015، عاد إلى واشنطن ليصبح مراسلًا لصحيفة نيويورك تايمز فى البيت الأبيض، ثم مراسلًا دبلوماسيًا لها. حصد العديد من الجوائز عن عمله الصحفى، بما فى ذلك جائزة وورث بينجهام للصحافة الاستقصائية، وجائزة جورج بولك للتقارير البيئية، ووصل إلى نهائيات جائزة بوليتزر مع فريق فى صحيفة التايمز.
ترك الصحافة اليومية عام 2019، ليصدر كتابه الأحدث «لا دموع بعد اليوم» والذى يكشف فيه المخالفات التى ارتكبتها شركة جونسون آند جونسون، وكان لـ«حرف» الحوار التالى معه حول كواليس إعداد الكتاب.

■ فى البداية.. ما الذى ألهمك للكتابة عن جونسون آند جونسون فى هذا الوقت تحديدًا؟
- لأنه لا توجد شركة فى العالم تعانى من فجوة أكبر بين صورتها المحبوبة من جهة، وسلوكها المميت والخبيث من جهة أخرى مثلها. لقد أسهمت جونسون آند جونسون فى وفاة أكثر من مليونى أمريكى وعدد لا يحصى من الأشخاص خارج حدود الولايات المتحدة. ومع ذلك، تصنف عادة من بين أكثر الشركات إثارة للإعجاب فى العالم. هذا التناقض يستحق التدقيق.

■ برأيك، ما أهم مخالفة ارتكبتها الشركة؟
- لقد وجدت صعوبة فى ترتيب مخالفات جونسون آند جونسون العديدة. هل بيع بودرة سامة للأطفال هو الأسوأ؟ أم بيع دواء لمرضى السرطان مع علمهم سرًا أنه سيسبب نمو الأورام؟ أم بيع دواء لكبار السن يقتلهم، أم بيع نفس الدواء للأطفال مع علمهم أنه سيؤدى إلى نمو ثديين لدى ١٠٪ من الأولاد؟ لا أعرف.
■ كيف أزهق عقار ريسبردال أرواحًا لا تُحصى؟
- أزهق ريسبردال أرواح مليون أمريكى على الأقل، لأن شركة جونسون آند جونسون شجعت الأطباء النفسيين على وصفه للمرضى المسنين الذين يعانون من الخرف، رغم أن الدواء يسبب نوبات قلبية وسكتات دماغية والتهابات تنفسية. ولا يقدم الدواء أى فوائد لمرضى الخرف. أخبرنى أحد كبار مسئولى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأن استخدام ريسبردال مع كبار السن هو جزء من حملة قتل رحيم جماعية تنكر مسئوليتها.
■ كيف يمكن لأموال الشركات أن تدعم العلم وتفسده فى الوقت نفسه؟
- يحتاج البحث إلى تمويل، بالطبع، ويمكن للشركات أن تكون مصدرًا ضروريًا للتمويل. لكن الشركات غالبًا ما تلزم الباحثين بإخفاء النتائج حتى يوافق مسئولو الشركة على النشر، وهذا يشوه العلم لأن النتائج السيئة غالبًا ما تدفن لسنوات. والأسوأ من ذلك، أن الشركات يمكنها تغيير طريقة عرض الدراسات للجمهور بشكل جذرى من خلال حث الباحثين على جعل البيانات تبدو أكثر إيجابية مما هى عليه فى الواقع. فى بعض الحالات الفاضحة، كذبت جونسون آند جونسون بشكل صارخ بشأن نتائج الدراسات.
■ هل تعتقد أن تحالف الشركة مع الحكومة أدى إلى التواطؤ وانعدام محاسبتها؟
- لشركة جونسون آند جونسون نفوذ واسع فى الدوائر الحكومية. فى إحدى الحالات التى أرويها فى الكتاب، أنقذ الرئيس التنفيذى لشركة جونسون آند جونسون وظائف مئات من المسئولين الطبيين فى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» من خلال حشد قطاع الأجهزة الطبية لدعم تشريع رسوم المستخدمين. ردت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الدين للشركة بتساهلها غير العادى فى عدة حالات تتعلق بأدوية وأجهزة خطيرة باعتها الشركة.
■ اتهمت ممثلى الأدوية والأطباء والجهات التنظيمية. هل يعنى هذا أن قطاع الرعاية الصحية بأكمله فاسد؟
- الفساد شائع فى قطاع الرعاية الصحية الأمريكى.
■ ما هى الفكرة أو الرسالة الرئيسية التى تريد إيصالها فى الكتاب؟
- تعد شركة جونسون آند جونسون الطرف الرئيسى فى أسوأ حالات الاحتيال المؤسسى فى التاريخ الأمريكى. تعتبر الشركة لاعبًا سيئًا بشكل فريد فى المشهد الأمريكى، وقد حان الوقت لتخضع جونسون آند جونسون لتدقيق أكبر بسبب سلوكها المروع.
■ ما المصادر التى اعتمدت عليها فى تأليف الكتاب؟
- آلاف الوثائق الداخلية للشركة، ومئات المقابلات، وعشرات ملفات هيئة المحلفين الكبرى.
■ هل واجهت أى تحديات أثناء تأليف الكتاب وما هى؟
- الكتابة عن تكتل شركات أمر بالغ الصعوبة، إذ لا يوجد شخص واحد يروى من خلاله القصة. فى هذه الحالة، كانت القصة محفوفة بالمخاطر أيضًا، لأن التهم التى وجهتها لشركة جونسون آند جونسون كانت خطيرة للغاية. لذلك، احتجت إلى التأكد من دقة كل جملة، واستشهاد كل وثيقة بشكل مناسب. لهذا السبب استغرق إكمال الكتاب أكثر من خمس سنوات.