السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

هذا «الخالد» فى وزارة الثقافة

سينما فاتن حمامة
سينما فاتن حمامة

 المركز القومى للسينما الذى يتولى حفظ الأفلام تحولت فيه الأفلام إلى خردة

 مسئولو شركة إدارة أصول السينما يحصلون على مكافآت ومرتبات باهظة دون أى إنجاز

 السيد الرقيب يتعنت بشدة لمنع تصاريح التصوير للسيناريوهات ويلجأ للمماطلة «مثل حالة الزميلة هالة خليل»

لدىّ اعتراف أبدأ به.. هو أن السبب المباشر لكتابة مقالى هذا سبب شخصى!! إذا جاز القول بأن الامتناع عن إعطائى تصريحًا رقابيًا بتصوير مسلسل «مداح القمر» لمدة تزيد على ١٠ سنوات وادعاء فقد تصريح الورثة الذى سلمته له بعد أن كلفنى الكثير، بل ادعاء فقد ٣٠ حلقة كاملة من المسلسل، والاستمرار فى المماطلة حتى تتمكن جهة أخرى من التقدم له بعمل مسلسل عن نفس الشخص، والتصريح لهم بذلك، وهى جهة كان يعمل بها الدكتور مستشارًا وربما لم تنقطع علاقته بهم أبدًا حتى الآن.. إذا جاز اعتبار كل هذا سببًا شخصيًا فأنا أعترف به وذلك بعد أن أعطيت لكثير من الأصدقاء الذين لا يزالون حسنى الظن به- الفرصة لإيقافه عن غيه والتصرف دون أى مسئولية والظهور دائمًا بمظهر الذى لا يهزه ريح استنادًا إلى ادعاءات بعضها تلميح وبعضها تصريح بأنه «مسنود» من أجهزة أمنية حينًا ومن أجهزة قضائية حينًا آخر وإلا ما معنى وجوده غير كل هذه الوزارات، وازدياد نفوذه رغم غياب أى إنجاز له على أى مستوى لعقود، بل إن الجميع بات يدرك أن وجوده فى أى موقع أو منصب معناه القضاء التام على أى أفق للتغيير أو الإصلاح!!

سوف نبدأ هذه السلسلة برءوس موضوعات حيث إن الوثائق التى انهالت علىَّ بمجرد إبداء نيتى لفتح الملف لا تكفيها آلاف الصفحات، فالرجل الذى يتولى كل هذه المناصب نجح تمامًا فى تحريك كل الغيورين على وزارة كانوا يرونها أمل المثقفين فى المساهمة فى معركة مصرالكبرى لاستعادة دورها الثقافى والتنويرى فى المنطقة والعالم، بعد أن كدنا نصبح فى مؤخرة الأمم على المستوى الثقافى.

وطبعًا لا أهدف- ولا أظن أحدًا يصدق- إلى تحميل رجلنا كامل المسئولية عن انهيار دور مصر الثقافى والسينمائى على رأسها.. فالفساد كبير ومتوغل، والوزراء يتم اختيارهم دون أى خلفية ثقافية، إلا ما قدر، والمناخ العام يتم تغذيته بأفكار تنظر إلى السينمائيين والمثقفين عامة على أنهم «حمل زائد» على الدولة والمجتمع، وأن «دمهم تقيل» و«كلامهم كتير».. وأن «الأولويات» يجب أن تضعهم فى نهاية صفوف الاهتمام والدعم.. ولكن التجربة أثبتت أيضًا- للإنصاف- أن وجود الرجل المناسب فى الوقت والمكان المناسبيين قادر على إحداث تغيير وعلى إلقاء صخرة فى بركة الثقافة الراكدة.. وها كم رءوس موضوعات لا أظن أن الدولة تشجع عليها مع التركيز على السينما:

١- ضياع تراث السينما المصرية بالكامل تقريبًا فى غياب فهم أو تعمد للفرق بين البيع وبين حقوق الملكية الفكرية، واعتبار هذه الثروة المعرفية إرثًا للوطن يجب استعادته وعدم التفريط فيه تحت أى ظرف.. وقد سبق وتقدمنا باقتراحات محددة لإنقاذ هذا التراث.. دون أى استجابة من الوزارة ولا طبعًا من مستشارها السينمائى.

٢- المركز القومى للسينما الذى يتولى حفظ الأفلام تحولت فيه الأفلام إلى خردة وعلب فارغة لأفلام مفقودة، وغياب كامل للسجلات من أى نوع «لدينا شرائط مصورة لعمليات جرد مفزعة».

٣- على سبيل المثال لا أعرف شيئًا عن عملية ترميم «المومياء» فيلم شادى عبدالسلام العظيم الذى صنعته مؤسسة سكورسيزى، فالأستاذ يخفى النسخة فى مكان يعرفه هو فقط ويخفى المستندات بكل المشتملات التى جاءت من المؤسسة المذكورة.

٤- البدعة التى بدأها السيد الرقيب بتحصيل أموال دون سند قانونى من كل من يريد الحصول على تصريح رقابى، سواء فى مرحلة السيناريو أو الفيلم النهائى وفرض «الإتاوة» ذاتها على تصريح الأغانى والرقصات وحتى أفلام المهرجانات ذات الطابع الثقافى وغير الهادفة للربح.

٥- الشركة التى تشكلت أخيرًا- وبعد سنوات من الخسارة المهولة- لإدارة أصول السينما المصرية من دور عرض واستديوهات ومعامل.. إلخ والتى يشغل رجلنا فيها وظيفة العضو المنتدب والتى يحصل كل أعضاء مجلس إدارتها منذ سنوات على مكافآت ومرتبات باهظة دون أى إنجاز أو خطة يتم عرضها على الرأى العام، أو حتى داخل أروقة الوزارة والتى بدأت بواكير إنجازاتها بطرح دور عرض تاريخية للبيع بأسعار مريبة بدعوى أنها سوف تكون «مولات» ضخمة بداخلها دور عرض سينمائى، هو الأمر الذى لم يحدث فى حالة سينما فاتن حمامة التى لا ضمان فى هذا البيع الذى يتم فى سرية تامة بعد تغيير فى قانون الشركة يتيح البيع دون رقابة ودون محاذير ودون تقدير لتاريخية هذه الأماكن وقيمتها.

وكثيرًا ما قلنا إن حل أزمة دور العرض يفترض عودة «سينما الحى» التى تغرى جمهور السينما العادى من الطبقة الوسطى بالعودة إلى اعتبار السينما طقسًا ثقافيًا معتادًا، وليس «المول» الذى يعتبر السينما قضاءً لوقت ضمن عملية شراء استهلاكية.. فسينما المول ليست هى الحل حتى لو افترضنا أن المشترى سوف يلتزم بذلك دون أن يقدم «رسمًا معماريًا» لمنشآته يتم اعتمادها كشرط من شروط البيع، وهذا ما لم يتم الإشارة إليه، كما أن وسائل الاستثمار فى كل هذه الأصول ليست بالبيع والخلاص منها، وكان بتطويرها ضمن خطة شاملة للنهوض بالصناعة لتواكب تطورات العصر.. وهو الأمر الذى أثق تمامًا أن السينمائيين المصريين لديهم عشرات الأفكار لذلك دون أن يسمعهم أحد.

٦- سنوات ونحن نسمع عن حقوق الملكية الفكرية المنهوبة من كل فنانى مصر والكفيلة بأن ترفع عن الدولة أعباء رعاية الفنانين العاطلين عن العمل، وكبار السن والورثة بشكل يكفل لهم حياة كريمة.. نسمع عن جهود، ولكن لا نتيجة على الإطلاق إلا عبر جمعية صغيرة لا تدعمها الوزارة وتحاول منفردة رغم إنجازها الرائع.

٧- السيد الرقيب يتعنت بشدة لمنع تصاريح التصوير للسيناريوهات، ويلجأ للمماطلة «مثل حالة الزميلة هالة خليل» وألغى عمليًا اللجنة العليا التى كانت تحسم هذه المسألة، وأصبح دوره عرض الأعمال على أجهزة الأمن أو الأزهر أو الكنيسة.. الأعمال كلها وليست فقط المتعلقة بالأمن القومى أو الدينى.. وهذا أمر أصبح شديد الفجاجة بما يسىء إلى كل معانى حرية الإبداع فى ظل محددات نعلمها جميعًا، ونحترمها سلفًا، ولكن ليس بالتخويف والادعاء بأن هذا رأى «الدولة»، وليس رأى السيد الرقيب النافخ فى الزبادى.

٨- تصاريح التصوير الخارجى والداخلى التى يتم فيها دفع رسوم تعجيزية ورقابية متعنتة دون أى محاولة من المستشار أو الوزارة للتدخل لدى الهيئات المختلفة التى تفرض رسومًا تصل لدرجة الابتزاز حتى فى الشوارع.

٩- تم التجديد للدكتور للاستفادة من مواهبه التى لا نظير لها، رغم تجاوزه سن المعاش وطبعًا تمت مكافأته بالعضو المنتدب بالشركة التى تبيع الآن أصول السينما المصرية تحت سمع وبصر الجميع.

هذه بعض رءوس مواضيع سنفتحها مع غيرها.. مع التأكيد أن المصلحة الوطنية هى دافعنا الوحيد، وأن الخلاف ليس شخصيًا على الإطلاق.. ولن يكون كذلك أبدًا.