الخميس 05 يونيو 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

كيرى جينكينز: الحزن حكمة مُهملة فى ثقافات مهووسة بالسعادة الدائمة

كيرى جينكينز
كيرى جينكينز

- نحتاج إلى حب يتجاوز سرديات الرومانسية الساذجة ويحتضن التجربة الإنسانية بكل تناقضاتها

- قصص الحب الرومانسى تشبه الوجبات السريعة.. والفلسفة تفتح آفاقًا بديلة

- المعنى فى الحياة لا يأتى من الاستهلاك بل من السعى نحو ما يتجاوز ذواتنا 

- نملك دائمًا خيارات تتجاوز «القدر» و«توأم الروح» والنهايات السعيدة

فى ترجمة عربية حديثة، صدر كتاب «حب حزين؛ الرومانسية والبحث عن معنى» للفيلسوفة والكاتبة الكندية كيرى جينكينز، الذى يقدم نقدًا للصور النمطية للحب الرومانسى، ويطرح تصورًا جديدًا يوسع آفاق التجربة الإنسانية بعيدًا عن إملاءات الصور السينمائية التقليدية.

تنطلق جينكينز فى كتابها من نقد الخيال الرومانسى السائد، الذى غالبًا ما يُختزل فى قصص عاطفية نمطية ومتكررة عن الوقوع فى الحب ثم الزواج والسعادة الأبدية، فهذا النموذج، الذى يشكل أساس معظم الحكايات العاطفية فى الأدب والفن السائدين، تراه الكاتبة شكلًا من «القدر» الذى لا يمكن تجنبه، وهو ما يهمَّش بقية أشكال العلاقات الإنسانية المعقدة.

فى مواجهة هذا التصور التقليدى، تقترح كيرى جينكينز بديلًا فلسفيًا يُسمى «الحب اليودايمونى»، وهو مصطلح مشتق من اليونانية القديمة ويصعب ترجمته بكلمة واحدة إلى العربية. يشير هذا المفهوم إلى الحياة المُزدهرة أو الهانئة، التى تتناغم فيها أفعال الإنسان مع قيمه وفضائله. فى الترجمة العربية، اختير له اسم «الحب المُطمئن»، للإشارة إلى الطمأنينة التى تنبع من اختيار واعٍ للتعاون مع الآخر فى بناء معنى مشترك، بدلًا من الانجذاب العاطفى الطارئ أو الاعتقاد فى «قدر» محدد.

فى هذا النموذج من الحب، لا يُعتبر الحزن أمرًا سلبيًا أو خللًا، بل هو جزء من التجربة الإنسانية. فالحب اليودايمونى لا يُرى بصفته حادثة مفاجئة أو ضربة برق، بل باعتباره مشروعًا أخلاقيًا يشمل التعاون والتفاهم المتبادل، ويجمع بين العاطفة والفكر فى تناغم يكشف عن أبعاد جديدة للحب.

وكيرى جينكينز هى فيلسوفة وكاتبة كندية من أصول بريطانية، تعمل أستاذة للفلسفة فى جامعة كولومبيا البريطانية، وتتقاطع فى أعمالها أسئلة الحب، والمعنى، والهوية. فى هذا الحوار، نقترب أكثر من أفكارها المطروحة بكتاب «حب حزين» حول الحب والمعنى، ونتناقش معها فى الأسباب التى تجعل الحكايات العاطفية السائدة بحاجة إلى إعادة نظر، وكيف يمكن أن يسهم مفهوم الحب المُطمئن فى إعادة تشكيل العلاقة بين الأفراد والمجتمع.

■ بداية.. ما الذى دفعك إلى كتابة «حب حزين»؟ وكيف أثرت تجاربك الشخصية أو اهتماماتك الفلسفية فى تشكيل أفكاره؟

- كنت أتساءل دائمًا: لماذا يبدو الناس مهووسين بفكرة أن الحب يجب أن يجلب السعادة؟ حين نقع فى الحب، يُفترض بنا أن نعيش «سعادة أبدية»، وإذا لم يحدث ذلك، يُنظر إلى العلاقة كما لو كانت فاشلة. لماذا؟ هذا السؤال فى حد ذاته كان محفزًا. كنت قد بدأت بالفعل فى إجراء بعض الأبحاث النقدية حول الحب الرومانسى، وأرغب فى التعمق أكثر فى التفكير فى مدى كون الحب الرومانسى ظاهرة اجتماعية مبنية.

لكن كان هناك أيضًا دافع شخصى قوى وراء هذا التساؤل فى تلك الفترة من حياتى؛ كنت أمرّ بحالة من الاكتئاب، وأعيش فترات ممتدة من الحزن العميق. ومع ذلك، كنت مؤمنة بأن الحب لا يزال ممكنًا. كنت بالفعل واقعة فى الحب، لكنه لم يكن قادرًا على جعلى سعيدة فى ذلك الوقت، لأن لا شىء، أيًّا كان، كان بوسعه أن يسعدنى حينها. فهل يعنى ذلك أننى «أحب بشكل خاطئ» لأننى ما زالت حزينة؟

وجدت نفسى أطرح الكثير من الأسئلة حول هذا الافتراض السائد بأن الحب، أو الشريك الرومانسى، يجب أن «يمنحك السعادة». من أين جاءت هذه الفكرة؟ لماذا نُرددها؟ ما الذى يديمها أو من يستفيد منها؟ وهل يمكن أن يكون هذا الافتراض، الذى يبدو بريئًا جدًا للوهلة الأولى، فى الواقع مضللًا أو حتى مؤذيًا؟ وإذا كان كذلك، فكيف يمكننا مساءلته، وربما الاستعاضة عنه بأفكار أكثر عمقًا وإنصافًا حول ماهية الحب والغاية منه.

■ فى كتاب «حب حزين»، تستكشفين فكرة أن الألم العاطفى يمكن أن يحمل معنى. هل يمكنكِ شرح كيف يسهم الألم، من وجهة نظركِ، فى فهمنا للحب ولذواتنا؟

- كان إدراكى أن الحب لا يمكن أن يدور فقط حول السعادة واحدًا من التحولات الجوهرية التى مررت بها. فإذا كان من المفترض أن يتّسع الحب لكل ما فى ذواتنا من تعقيد، فإنه فى جوهره، أكبر من مجرد شعور، إذ ينبغى أن يكون قادرًا على احتواء التجربة الإنسانية بكل ما تحمله من مشاعر، بما فى ذلك تلك التى نُصنفها عادة بأنها «سلبية» مثل الحزن أو الغضب.

أرى أن الحب يتعلق بالمعنى أكثر مما يتعلق بالعاطفة. حتى فى لحظات اكتئابى، كنت مدركة تمامًا أن علاقات الحب التى أعيشها تساندنى، وتمنحنى طاقة الاستمرار، وتشكّل جزءًا كبيرًا مما يمنح حياتى معنًى.

ثمة هوس واضح فى ثقافة أمريكا الشمالية بفكرة «السعادة الدائمة»، وغالبًا ما يُوصم الأشخاص الذين لا يتماشون مع هذا التوجه، أو لا يلتزمون بمبدأ «الطاقة الإيجابية فقط». لكننى أؤمن بأن ما يُسمى بالمشاعر السلبية، ضرورى وأساسى، فالحزن أو الغضب ليسا علامة فشل، بل مشاعر مشروعة، وغالبًا ما تكون مناسبة فى سياقاتها. بل أكثر من ذلك: كثيرًا ما تنطوى على حكمة عميقة؛ إنها إشارات تستحق أن نصغى إليها.

■ أنتِ تميزين بين الحب الرومانسى كما يُتخيل تقليديًا، وبين ما تصفينه بأنه حب «مطمئن» أو «يودايمونى». هل يمكنكِ توضيح هذا التمييز، ولماذا ترين أن هذا التحول ضرورى لإعادة التفكير فى علاقتنا بالحب؟

- أستخدم عبارة «الحب اليودايمونى» لوصف نوع من الحب يقوم على التعاون الحقيقى، ويُضفى معنًى على حياتنا. إنه يتعلق بالاجتماع من أجل إنجاز شىء معًا. قد يكون أى شىء؛ تربية الأطفال، زراعة حديقة، تأليف موسيقى، إدارة مطعم، لا يهم ما هو تحديدًا، طالما أنه يحمل معنًى حقيقيًا للأشخاص المعنيين، وطالما أن هذا المعنى يشير إلى شىء أكبر يتجاوز الفرد نفسه.

كلمة «يودايمونى» تعنى فى أصلها اليونانى «ذو روح طيبة»، وأنا أحب أن أفكر فى كل الطرق التى يمكن أن يعمل بها الحب بصفته روحًا طيبة، لا يعود بالنفع فقط على الأفراد فى العلاقة، بل يمتد أيضًا ليشمل أصدقاءهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم، وحتى العالم بأسره.

إحدى المشكلات التى أراها فى كثير من التصورات المعاصرة عن الحب، وخصوصًا الحب الرومانسى، أننا نفكر فيه من زاوية الاستهلاك المشترك؛ تناول الطعام معًا، التشارك فى الذوق إزاء الأفلام أو الموسيقى، وما إلى ذلك. لكن لدينا العديد من الأسباب للاعتقاد بأن المعنى فى الحياة لا يأتى من الاستهلاك، بل من الإبداع، ومن قدرتنا على التطلع إلى ما هو أبعد من أنفسنا، والعمل من أجل خدمة شىء أكبر.

■ هل تعتقدين أن للفلسفة دورًا فى مداواة الجراح العاطفية، خصوصًا تلك المرتبطة بالحب؟ وكيف؟

- يمكن أن يكون لها دور، نعم. لكننى أتحفظ كثيرًا على تقديم الفلسفة كنوع من الضماد أو كعلاج نفسى. أراها أكثر مجموعة مهارات أو أدوات فكرية تُمكِّننا من فهم الأمور بطرق جديدة، وتساعدنا على رؤية أنفسنا، وأحداث حياتنا، بعدسات مختلفة.

تقول السردية الشائعة لـ«الحب الحزين» فى الثقافة الشعبية بأمريكا الشمالية إنه حينما تُحب شخصًا لا يبادلك الحب، أو حينما يتركك أحدهم، فإنك تمرّ بألم مدمّر لا يُحتمل، وتغرق فى حالة من البؤس التام. لكن هناك الكثير من السرديات الأخرى الممكنة لنهاية العلاقة؛ يمكن أن تتحول العلاقة إلى صداقة، أو يمكن للطرفين أن يتفقا وديًا على الفراق، وهكذا.

الحزن على فقدان علاقة هو أمر طبيعى، وغالبًا ما يحمل فى داخله حكمة خاصة، لكن لا يجب أن يبدو هذا الحزن دائمًا فى شكل دراما مأساوية. نحن نفهم أن الحزن على فقدان شخص بسبب الوفاة يمكن معالجته بطرق صحية. فلماذا لا نتعامل مع حزن العلاقات الرومانسية بنفس النضج؟ السبب هو أن الدراما الرومانسية ممتعة ومثيرة للخيال، ولهذا تهيمن على أفلامنا ورواياتنا وأغانى الحب. 

لذلك، فإن أحد أدوار الفلسفة أن تساعدنا على الانفتاح على سرديات بديلة، وعلى إعادة موضعة هذه السرديات الشائعة؛ التى تشبه فى كثير من الأحيان «الوجبات السريعة» من حيث قيمتها الفكرية والعاطفية.

وعندما نفعل ذلك، نستعيد بعض المسئولية فى صياغة حكاياتنا الشخصية؛ لسنا مضطرين لأن نفسر أنفسنا وفق القوالب المحدودة التى تقدمها تلك الصور المكررة. أملى من خلال عملى الفلسفى هو أن أُسهم، من خلال طرح مفهوم مثل «الحب اليودايمونى»، الذى يركّز على الإبداع والاختيار والتعاون والمعنى، فى زحزحة مفهوم الحب الرومانسى السائد ثقافيًا، والذى يتمحور حول «النهايات السعيدة»، ومفاهيم مثل «القدر» و«توأم الروح»، التى تجعلنا نشعر وكأننا لا نملك أى خيار أو سيطرة، فى حين أننا نملك.

امتلاك مفاهيم أفضل لن يجعل الألم يختفى بالضرورة، ولا أظن أننا يجب أن نحاول دومًا التخلص من مشاعرنا السلبية. لكننى أؤمن بأن الفلسفة يمكن أن تساعدنا على صناعة المعنى فى حياتنا؛ بما فى ذلك الأجزاء المؤلمة منها، هذا هو أملى.

■ لقد كتبتِ عن التفاوت الجندرى المستمر فى الفلسفة الأكاديمية. كيف شكّل كونكِ امرأة صوتكِ الفلسفى، خاصة حين كتبتِ عن الحب والعاطفة والحميمية، وهى موضوعات غالبًا ما تُهمّش فى الخطاب الفلسفى؟

- بدأت مسيرتى بكتاب فى فلسفة الرياضيات، وهو مجال نادر للغاية أن تعمل فيه امرأة؛ حتى ضمن الوسط الفلسفى نفسه. أذكر أن أحد النقاد الذين كتبوا مراجعة للكتاب افترض أننى رجل! ولا يفوتنى ملاحظة أن الناس يميلون أكثر إلى تقبّل فكرة أن فيلسوفة تهتم بالحب أكثر من اهتمامها بالرياضيات.

ومع ذلك، فإن أفلاطون نفسه فكّر كثيرًا فى الحب، بل وضعه فى صميم فلسفته؛ كان يرى أن محبة إنسان آخر تُعدّ نوعًا من التمرين على أن تكون فيلسوفًا. وفى المأدبة، تُنسب أشهر نظرياته عن الحب إلى امرأة، رغم أننا لا نعرف إن كانت شخصية حقيقية أم من اختراعه. ومع ذلك، فإن كل من يتحدث عن الحب فى المأدبة هم رجال. وهذا، بطريقة ما، رسم ملامح فلسفة الحب الغربية منذ ذلك الحين. مع تطور المجتمع الغربى، جرى تصنيف الحب بوصفه «شأنًا نسائيًا»، بينما لدى الرجال «أمور أهم» مثل السياسة والتجارة والمهن، فى حين أن المرأة، حتى وقت قريب، كان يُنظر إلى أن غايتها الأساسية فى الحياة هى الزواج والإنجاب.

ومع ذلك، فإن أغلب الفلاسفة الغربيين الذين نالوا التقدير بسبب كتاباتهم عن الحب كانوا رجالًا. وبوجه عام، ظل موضوع الحب مُهمّشًا فى البحوث الأكاديمية المعاصرة، بما فى ذلك فى الفلسفة، وأرى أن هذا التهميش مرتبط بتهميش النساء فى الفضاء الأكاديمى، وخصوصًا فى الفلسفة.

■ لقد كنتِ ناقدة للطريقة التى تميل بها الأدبيات والأفلام إلى تمجيد الحب والمعاناة، ما يرسّخ مثُلًا عليا غير واقعية، وربما حتى مؤذية. هل يمكنكِ توضيح ما ترينه إشكاليًا فى هذه الصور؟ 

- سبق أن تناولت بعضًا من هذه الإشكاليات فى مناسبات مختلفة، لكن ما أراه أكثر عمقًا لا يتعلّق بعمل معين فى حد ذاته، بل بما أسمّيه «النسق النمطى القاسى» لسرد واحد يتكرّر بلا نهاية. نحن نحكى القصة نفسها مرارًا وتكرارًا؛ شاب يلتقى فتاة، يقاومان انجذابًا لا فكاك منه، يتغلبان على العقبات، ثم يتزوجان ويعيشان «فى سعادة أبدية». وكل ما عدا ذلك يصبح، فى أفضل الأحوال، استثناءً؛ قصة حب منقوصة، أو مشروطة، أو غير مكتملة.

لكن ما أبحث عنه ليس قصة بديلة، بل تعدد القصص. كل سردية تتحدى هذا النموذج المغلق تفتح نافذة نحو حب مختلف، أكثر رحابة وتحررًا. فتنوع القصص، فى نظرى، ليس ترفًا بل ضرورة إنسانية، هو ما يُعيد للحب معناه المعقّد والمتعدد، بعيدًا عن قوالب الاستهلاك، وبعيدًا عن ذلك الشعور القدرى الذى تصنعه ثقافة تكرّر علينا الحب كنهاية محتومة لا كإمكانية مفتوحة.

 

■ ما شعورك إزاء ترجمة كتابك إلى العربية ضمن سياق ثقافى مختلف تمامًا؟ وكيف تأملين أن يتفاعل القراء مع هذا العمل؟

- يسعدنى اكتشاف ذلك! فالنقد الذى يقدمه الكتاب للأيديولوجيا الرومانسية فى ثقافة أمريكا الشمالية- الأنجلوساكسونية هو محاولة لـ«رؤية أنفسنا من الداخل»، إذا جاز التعبير، وأعتقد عمومًا أن النظر إلى ثقافة ما من الخارج يمنح الناس نوعًا من الأفضلية فى رؤية مكامن الخلل فى تلك الثقافة. 

بعض ما أقوله ربما يكون أوضح لمن يراه من الخارج. لكننى أعتقد أن مفهومًا مثل «الحب اليودايمونى» يمكن أن يكون ذا فائدة فى عدد من السياقات الثقافية المختلفة. وهناك أمل أكثر بساطة يراودنى أيضًا، وهو أن أكون جزءًا من الحوار. سواء اتفق الناس معى أم لا، فذلك أقل أهمية فى نظرى؛ فالفلسفة، فى نهاية المطاف، هى حوار مستمر، وتؤثر بأفضل شكل حين يسهم فيها أكبر قدر ممكن من الأصوات. وإذا استطاع كتابى أن يسهم فى تحفيز المزيد من النقاشات حول هذه الموضوعات، أيًا كانت نتائج تلك النقاشات، فسأعد ذلك نجاحًا.

■ فى الثقافة العربية، يتشكل الحب الرومانسى فى إطار توقعات اجتماعية ودينية وعائلية قوية. كيف يمكن لفهمك المغاير للحب أن يخاطب قراءً تتداخل حياتهم العاطفية مع الهوية الجماعية؟

- قلتُ فى أعمال سابقة إن «الوقوع فى الحب ليس فعلًا فرديًا». فالأيديولوجيا الرومانسية تصدر عن ثقافة فردانية للغاية؛ إذ نتظاهر وكأن العلاقة تخص شخصين فقط، ونتجاهل تأثير المجتمع والثقافة والأصدقاء والعائلة. لكن هذه العناصر تبقى حاضرة دائمًا، سواء اعترفنا بها أم لم نفعل. ما يميز الحب اليودايمونى عن الحب الرومانسى أنه حب نقوم به عن قصد. الحب الرومانسى يُفترض أن يداهمك كضربة برق؛ أن «تقع فيه» كما لو أنك وقعت فى حفرة، ضد إرادتك. لذا فإن تدخل التوقعات العائلية فى الحب الرومانسى لا يُنظر إليه إلا بوصفه عائقًا أو مشكلة: فأهلك يتوقعون منك الزواج من الشخص «س»، لكن «ضربة البرق» تقع مع الشخص «ص».

أما الحب اليودايمونى فمختلف تمامًا: إنه يقوم على اختيار واع للتعاون مع شخص ما لصنع شىء ذى معنى معًا. وهنا، لا يجب أن يُنظر إلى تدخل العائلة أو الدين باعتباره عائقًا بالضرورة. قد يكون كذلك، لكن ليس بالضرورة. بل يمكن أن يتحول إلى دعم حقيقى؛ امتداد آخر لتلك «الروح الطيبة» التى يحتضنها هذا النوع من الحب.