السبت 13 سبتمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

جمال القصاص يكتب: معى حرفان لعوبان

حرف

هل عضَّكِ الموتُ

أظنُّ أنه خجلَ حين رأى الحياةَ 

تأخذ زينتها فوق شفتيك 

تتمسّح كوردة فى خديك 

ربما أغمضَ عينيهِ 

وأنت توقظين بصيرةَ الكون فى قرص الدواء 

تدسين دهشتك الصغيرة فى نتف الوسادة 

تخشين أن تصبحَ أرملةً 

تهمل الواجبَ المدرسىَّ 

ولا تحفظ النشيد..

السماءُ وحدها تضبطَ المقاديرَ 

والفراغ لا يزال نيئًا فى اللوحة 

بصمته لم تجف 

هيا انهضى.. لن يعودَ 

سيحاول أن ينأى بنفسه عن جرحكِ الغائر

سيتردَّدُ ألفَ مرة ويصرخ كسكير أبله: 

يا ربى.. أنقذنى من نفسى!

نعم .. 

غضِبتُ منكِ 

طاشت اللوحةُ

لم تستطع أن تؤنثَ الفراغَ

تهدهدَ الفرشاةَ

تذكرها بحقوقَ الوسادة 

كم خبأنا فيها عرينًا 

كنّا أطفالًا نَرعى العِشرة 

نكسر لعبتنا بحبّ

ونعيد الكَرّة من جديد.

حين نتعبُ 

نقلِب الكون على بطنه، 

نرسمُ بلادًا وأنهارًا وقصائدَ

ونضحك: سلحفاةٌ 

خدعها العشبُ

ضيّعتْ المفتاحَ فى السَّوق. 

ينبغى أن أحتفى بنفسى 

معى قصيدة مراهقة

وحرفان لعوبان

يمكننى أن أستبدل بهما تذكرةً للسينما 

أشترى جوربًا رخيصًا

أصنع وليمة 

وأهتف: هلموا أيها الشعراءُ والشاعرات 

معى حرفان لعوبان وقصيدة 

هيا.. نربك البحيرةَ

نلملم أمعاءها الورقيّة فى الطبق 

نلونها بجنوننا الناصع

هذا دستورنا الحق

سلطتنا الأبدية 

لا تكترثوا بكلاب السلطة

ذيولها جرباء 

وعيونها تنطفئ 

فى بياض الظل 

هيا .. ندخل السينما 

نستمتع بالفيلم

لن أنتظر أحدًا غيرى

لدى ما يكفى من فائض الزوال 

من فائض النور

فى هذا المربع الصغير 

يمكننى أن أفرد ذراعىّ بحبّ 

يمكننى أن أرى ما لا يُرى 

أسمع ما لا يُسمع

سئمت القبلاتِ المحنطة 

فى سقف الصورة 

فى نشارة الذكرى

لا أريد شيئًا من الحياة 

كثر وسطاؤها حولى

أشباحٌ ليليّة 

لا لونَ لها ولا رائحة 

أنا ريشة الميزان

فواصلُ الروح فى فراغ الجسد 

عقدة الماء فى عنق الزمن 

أعرف كيف أحرس ظلى 

أصون هبائى 

بكسرة خبز

برنّة حرف 

سأرحل.. 

معى هلاهيلى، الكنكة والمصفاة، 

الكاسيت المنزوع الكتفين، 

إطار فارغ يبحث عن صورة لأمى،

الشعرُ والحبُّ والجنون، 

إرثى الطيب من شمس أيامى الباردة،

أتعكز عليه وأمضى، 

أتمنى أن أسكن بيتا للريح، 

أطلَّ على بحر مملوء بالملح والضياء، 

ألاعب الحياة بطائرتى الورقية، 

بحرف يعرف كيف يتنفس جذورى بحبّ. 

صعب أن تسألنى عن الحقيقة 

أن تجعلها معادلًا رمزيا لحبَّة المسكَّن 

لخشونة الماء فى الساقين

نحن لم نولد من نهد الليل 

صرختنا طاشت فى غبار الأرصفة والذكريات 

لم يعلمنا أحدٌ كيف نرسم العطشَ فى الكراس 

نمنحه نقط ضوء فى حضننا الفارغ

نرجوه أن يقتلعنا من يأسنا

يضبط رقرقة البحر فى أزقة الأحلام

يربط الوطنَ فى رجل السرير 

ويضحك: 

هذه حكمة الماء 

الوضع الأمثل لتداول السلطة