بنات الجماعة.. كيف اخترقت «الوثائقية» أسوار الإخوان؟

- رئيس قطاع الإنتاج الوثائقى بـ«المتحدة»: «الوثائقيات» تحفز المشاهد على التفكير والاستفهام بدلًا من التلقين
- الدائرة النسائية داخل الجماعة فى نفس خطورة رجال التنظيم
- تسجيل شهادات حقيقية مع المنشقات عن الجماعة كان أحد أهم التحديات
- حاولنا ربط الخيوط ببعضها لكشف حقيقة توظيف الإخوان المرأة

كل أسرار.. «قسم الأخوات».. شريف سعيد: الفيلم يكشف انخراط «إخوانيات» فى أعمال عنف
قال المخرج والروائى شريف سعيد، رئيس قطاع الإنتاج الوثائقى بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إن الفيلم الوثائقى «بنات الجماعة» يأتى ضمن استراتيجية قناة «الوثائقية» لتقديم أعمال متنوعة، منها ما تتعلق بجماعات التأسلم السياسى، بهدف تفكيك مرويتها ومناقشة أفكارها والرد على أفكارها المتطرفة، بالاعتماد على التحليل والوثائق والمستندات والمواد الأرشيفية وشهادات شهود العيان الخاصة.

وأوضح شريف سعيد أن قرار إنتاج الفيلم جاء لكونه يتناول زاوية حساسة لم تُسلّط عليها الأضواء بالشكل الكافى، من خلال عرض وكشف الدور الذى تلعبه المرأة داخل الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، وذلك منذ نشأة قسم الأخوات على يد حسن البنا فى ثلاثينيات القرن العشرين وحتى اليوم، لافتًا إلى أن العمل يسعى إلى تقديم فهم أعمق لأدوار ووظائف المرأة داخل الجماعة الإرهابية، سياسيًا واجتماعيًا وميدانيًا، لا سيما فى هذه المرحلة المهمة، من أجل حماية الأجيال الجديدة من الوقوع فى فخ تلك الجماعات.
وأشار رئيس قطاع الإنتاج الوثائقى إلى أن الفيلم يرصد نشأة قسم الأخوات وتطور أدواره عبر الحقب المختلفة، بدءًا من مرحلة التأسيس مع حسن البنا فى الثلاثينيات والأربعينيات، ثم عمله كحلقة وصل بين القيادات فى السجون وقواعد التنظيم فى الخارج عقب حل الجماعة نهايات الأربعينيات، مرورًا بدوره فى مخططات العنف والإرهاب فى الخمسينيات والستينيات، وصولًا إلى الاعتماد عليه فى عمليات التجنيد والاستقطاب داخل الجامعات والنوادى والنقابات والجمعيات الأهلية منذ أواخر السبعينيات.
كما يسلط الفيلم الضوء على دور قسم الأخوات فى الخارج مع تأسيس التنظيم الدولى للجماعة فى الثمانينيات، فضلًا عن استخدامه فى عمليات التسلل إلى بيوت المصريين والتأثير على المواطنين خلال كل الاستحقاقات الانتخابية، إلى جانب توظيفه أيضًا فى المظاهرات والاعتصامات المسلحة، حيث استُخدمت النساء كدروع بشرية، وصولًا إلى انخراط بعضهن فى أعمال عنف وإرهاب بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
وبيّن «سعيد» أن المعالجة الأولى للفيلم اعتمدت معلومات موثقة، واستهدفت تقديم مروية متكاملة لقسم الأخوات داخل جماعة الإخوان الإرهابية لنحو ما يقرب من ١٠٠ سنة، حتى يفهم المشاهد الوظيفة والدور والغرض من هذا القسم، ويعرف كيف تعمل الجماعة الإرهابية على محاولات اختراق المجتمع بكل السبل، مشيرًا إلى أنه جرى التحقق من جميع المعلومات عبر شهادات متنوعة من داخل الجماعة وخارجها، ومن العديد من المصادر التاريخية، مع الاستناد إلى وثائق رسمية ومستندات وكتب وخبراء وشهود عيان.
وعن طبيعة الدور الذى لعبته المرأة داخل الجماعات المتطرفة، أكد «سعيد» أن «التجربة أظهرت صورة واقعية للمرأة الإخوانية التى لا تقل فى سميتها عن ذكر الإخوان، إن لم تزد»، مضيفًا: «هناك نساء لعبن أدوارًا مؤثرة فى التحريض والحشد ونقل المعلومات وجمع الأموال، بل وفى ممارسة العنف أيضًا، بينما انجرفت أخريات إلى هذا المسار تحت ضغوط اجتماعية أو أسرية أو نتيجة عمليات غسل دماغ».
وحول الاستراتيجية العامة لقناة «الوثائقية»، شدد «سعيد» على أن «الوثائقية» تستهدف من بين ما تستهدف مواجهة جماعات التأسلم السياسى عبر أعمال متنوعة، لكشف حقيقة تلك الجماعات للمشاهد، وإظهار خطورة فكرها المتطرف على المجتمع والأسرة، وتحصين الأجيال الجديدة من أن يكونوا ضحايا محتملين لتلك الجماعات، وتمكين المشاهد من قراءة نقدية واعية تحفزه على التفكير بدلًا من التلقين.
وأكد رئيس قطاع الإنتاج الوثائقى أن الأفلام الوثائقية تمثل سلاحًا رئيسًا فى مواجهة التطرف، لأنها لا تقتصر على الرأى والتحليل فقط، وإنما تستند إلى شهادات ووثائق ومصادر موثقة. وقال: «الوثائقيات قادرة على تحرير المشاهد فكريًا عبر تقديم مواد تحفزه على المعرفة والاطلاع والإدراك، وهى أداة أساسية تسهم فى بناء مروية متكاملة لتاريخنا، وحماية الوعى العام، وتعزيز مناعة المجتمع الثقافية أمام محاولات المتطرفين النفاذ إلى نسيجه الداخلى».

الإعداد.. عمرو فاروق: اللهو الخفى وراء التقارير الدولية ضد مصر
لم أكن أتوقع حجم التعدى والتطاول الذى هاجمتنى به بشدة إحدى فتيات جماعة الإخوان فى اتصال تليفونى من داخل تركيا، بعد حصولها على رقمى من أحد الصحفيين المصريين، عقب نشر كتابى «بنات المرشد»، فى منتصف عام 2014، والذى كان نتاج ثمرة مجموعة من الحلقات نشرت بعضها على صفحات جريدة «اليوم السابع» بالتنسيق مع الزميل وائل السمرى، رئيس التحرير التنفيذى حينها، فى محاولة لرصد طبيعة وتركيبة الدائرة النسائية داخل جماعة الإخوان بعد مشاهد اعتدائهن على جامعة الأزهر.

لم يكن كتاب «بنات المرشد»- من وجهة نظرى- كافيًا لرصد المكون النسائى، وكشف غموضه وملامحه، وإدراك عملية تأهيله على المستوى الفكرى والتنظيمى، وكيفية تدريبهن على مسالك عمليات الاستقطاب والتجنيد بين الأوساط النسائية، ودورهن الفاعل فى زيادة وتوسيع الرقعة الجغرافية للتنظيم، سواء كان داخليًا أو خارجيًا، فى ظل التزعم بكونهن الحلقة الأضعف داخل المجتمع الإخوانى، فضلًا عن إهدار حقوقهن وسحقها أمام الذكورية الإخوانية.
فكرة «الفيلم الوثائقى» حول العالم الخفى لنساء جماعة الإخوان، كانت حاضرة بقوة لكن لم يكتب لها التوفيق فى أكثر من تجربة، حتى أخذ على عاتقه قطاع الإنتاج الوثائقى بشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، من خلال قناة «الوثائقية»، تنفيذ مشروع «بنات الجماعة»، وحقيقة لم يتردد الأستاذ شريف سعيد، رئيس القطاع، على قرار إنتاج الفيلم معتبرًا أنه إضاقة قوية فى صناعة الوعى العام حول مخاطر جماعة الإخوان وروافدها التنظيمية، وكذلك لم يبخل الزملاء بأى دعم أو مراجعة لمختلف الوثائق والمعلومات والتحقق من مصادرها، وفى مقدمتهم بالطبع الزميل الأستاذ إمام أحمد، مدير إدارة المحتوى بالقناة.
عملية إنتاج فيلم «بنات الجماعة»، فى اعتقادى قرار شجاع من قبل شركة المتحدة، فى ظل توظيف قيادات جماعة الإخوان المرأة، على المستوى السياسى والحركى والتنظيمى، واستخدامها كدروع بشرية فى معركتها مع أجهزة ومؤسسات الدولة، لمحاولة إثارة المؤسسات الحقوقية الدولية ودوائر صنع القرار فى الخارج ضد النظام السياسى المصرى.

يعد فيلم «بنات الجماعة» مشروعًا فكريًا قبل أن يكون عملًا دراميًا ووثائقيًا لما يحويه من تفاصيل تاريخية ووظيفية متعلقة بنشاط الدائرة النسائية داخل جماعة الإخوان، وإلقاء الضوء على المناهج الفكرية التى تتم بها بلورة الرؤية الفكرية لفتيات الإخوان، ووضعهن داخل الإطار التنظيمى، وإبراز دورهن ليس على المستوى المحلى، وإنما على مستوى التنظيم إقليميًا ودوليًا.
رحلة البحث خلال كتابة فيلم «بنات الجماعة»، تطلبت الاطلاع على عدد كبير من الكتب والوثائق المعنية والمرتبطة بنشأة قسم «الأخوات» داخل الجماعة، مثل كتاب «أيام من حياتى» لزينب الغزالى، وكتاب «رحلتى مع الأخوات المسلمات» لفاطمة عبدالهادى، وكتاب «مذكرات أخت سابقة» لانتصار عبدالمنعم، وكتاب «صندوقى الأسود» لناهد إمام، ورسالة «المرأة المسلمة» لحسن البنا، وكذلك كتاب «الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ» لمحمود عبدالحليم، وكتاب «مذكرات الدعوة والداعية» لحسن البنا، وبعض الأعداد لمجلة «النهضة النسائية»، التى أسستها لبيبة أحمد، وكتاب «الإخوان المسلمون» للكاتب الأمريكى ريتشارد ميتشل، فضلًا عن الاستعانة بعدد من الوثائق الهامة، مثل «أول لائحة داخلية لقسم الأخوات»، الصادرة فى أربعينيات القرن الماضى، ولائحة التطوير التى صدرت عام ١٩٨٤، ووثيقة «المرأة المسلمة فى المجتمع المسلم»، التى صدرت عام ١٩٩٤، فضلًا عن وثيقة استقالة وانشقاق «لمياء خالد قريطم» عن التنظيم بمحافظة البحيرة.
ولم يتم الاكتفاء بهذا القدر من الوثائق، بل تم الاطلاع على عدد كبير من أهم الكتب التى مثلت منهجًا فكريًا وثقافيًا داخل «قسم الأخوات»، وساهمت فى تحويل المرأة إلى وعاء محتضن لمنهجية التكفير والتطرف، واتجاه ميولهن إلى الاعتداء على مؤسسات الدولة عقب ثورة ٣٠ يونيو عام ٢٠١٣، مثل «معالم فى الطريق» لسيد قطب، و«معركة التقاليد»، لشقيقه محمد قطب، و«رسالة الجهاد» لحسن البنا، و«حتمية الحل الإسلامى» ليوسف القرضاوى.
فى إطار عملية توثيق وتحليل المعلومات، تجلت أهمية الدور الفاعل للدائرة النسائية الإخوانية، فى ظل تحولها إلى مناعة وحائط صد أمام انهيار التنظيم خلال مواجهاته مع الأنظمة السياسية المتعاقبة، ومساحة للاتصال بين عناصر وقيادات الجماعة، سواء داخل السجون أو خارج البلاد او حتى عن طريق المصاهرة والتزاوج الأسرى، لما يتمتعن به من سهولة فى الحركة، وضمان عدم تتبعهن أمنيًا أو التعرض لهن شعبيًا، بجانب دورهن فى العملية السياسية التشريعية من الحشد والتعبئة والتأثير على العقل الجمعى للمرأة المصرية فى نطاق المناطق الأقاليم والمؤسسات التنفيذية، من خلال نشر الأيديولوجية الفكرية، وصناعة ظهير داعم للإطار الحركى والتنظيمى للجماعة بين الطبقات المهمشة والفقيرة خاصة.
الحالة العدوانية التى ظهرت لـ«تنظيم الأخوات» عقب انهيار المشروع الإخوانى، وتورط بعضهن فى العنف المسلح، كانت دافعة لى كباحث فى شئون تيارات الإسلام السياسى، أن أوثق المتغيرات الفكرية والتاريخية والتنظيمية للمكوّن النسائى داخل «الإخوان»، فى دراسة بحثية، أبرزت تشربهن منهجية التيار القطبى المهيمن فعليًا على سلطة التنظيم منذ ستينيات القرن الماضى.

وخلال عملية الرصد والمتابعة، كان قسم الأخوات حاضرًا بقوة فى إشعال الأجواء فى الداخل المصرى، وكان لاعبًا رئيسيًا فى صناعة التقارير المفبركة والتحريضية، لا سيما المتعلقة بأوضاع السجون، وإرسالها إلى المنظمات الدولية الحقوقية، مثل «هيومن رايتس ووتش» الأمريكية، إلى جانب إدارة عدد كبير من المنصات الرقمية والإلكترونية العربية والإنجليزية، على مختلف وسائل السوشيال ميديا، بهدف تعبئة الرأى العام الدولى والنيل من سمعة الدولة المصرية ومؤسساتها.
فى نوفمبر ٢٠١٨، القت أجهزة الأمن القبض على عدد من قيادات الدائرة النسائية، أمثال عائشة خيرت الشاطر، وهدى عبدالمنعم، وسمية ناصف، وسحر حتحوت، وراوية الشافعى، وعلياء إسماعيل، وإيمان القاضى، بتهمة مسئوليتهن عن نشاط التنظيم النسائى فى مصر، وقيامهن بدور حلقة الدعم المالى بين القواعد التنظيمية فى القاهرة، وقيادات التنظيم الدولى، منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
على الجانب الآخر أرّقت أزمة «الأخوات المنشقات» منام قيادات الجماعة، فى ظل فضحهن الكثير من خبايا الكيان النسائى المغلق، ففى نهاية ٢٠٠٩، اشتعلت موجة تمرد تعتبر الأولى من نوعها داخل «تنظيم الأخوات»، عقب مطالبة بعضهن بزيادة مناصبهن فى المؤسسات الفاعلة فى الجماعة، وتم التطرق إلى فكرة «تمكين الأخوات»، من خلال تطبيق «نظام الكوتا» فى المناصب التنفيذية.
وعقب أحداث يناير ٢٠١١، أصبح «تنظيم الأخوات»، بمثابة كيان موازٍ داخل جماعة «الإخوان»، ومن ثم حاولن التمرد على الأوضاع القائمة، التى تقلل من قدرهنّ ومكانتهن، مطالبات بجملة من التغييرات الجذرية، وزيادة فاعليتهن داخل الهرم التنظيمى، وأحقية تمثيلهنّ فى مكتب الإرشاد، ومكتب الشورى العام، والمكاتب الإدارية، ومنحهنّ حقّ إدارة الدائرة النسائية بعيدًا عن السلطة الذكورية المتحكمة فى سلطة التنظيم.
خلال هذه الرحلة لا بد أن تدرك أن الدائرة النسائية داخل الجماعة لا يقل دورها أو تأثيرها خطورة عن عناصر وقيادات الجماعة من الذكور، فى ظل تمتعهن بنفس المنهجية الفكرية وسعيهن لعمليات الاستقطاب والتجنيد، ودورهن كذلك فى الهجوم على الدولة المصرية داخليًا وخارجيًا، ومن ثم يعد فيلم «بنات الجماعة»، مشروعًا فكريًا يلقى الضوء على مفاصل هذه الدائرة ودورها، وتغلغلها وانتشارها بين الأوساط الجماهيرية المتنوعة فى ظل إنتاجها عناصر وأجيالًا جديدة تتربى على نفس المنهجية الفكرية وتحمل فى طياتها عداء صريحًا للدولة ومؤسساتها.

الإنتاج.. أحمد العربى: التصوير فى بلدان عربية وأجنبية
تحدث أحمد العربى، المنتج الفنى لفيلم «بنات الجماعة»، عن تجربته فى الفيلم منذ اليوم الأول وحتى الانتهاء من نسخته النهائية، قائلًا إن رحلة الفيلم بدأت بالبحث والأرشيف والوثائق والمعلومات، إضافة إلى إعداد وإجراء المقابلات فى مصر وعدد من العواصم العربية والأجنبية، ثم كتابة الاسكريبت النهائية، وصولًا لمرحلة المونتاج، قائلًا: «كانت رحلة ثرية جدًا، ومفيدة حتى لصناع العمل أنفسهم الذين اقتربوا بشدة من هذا التنظيم الإرهابى، وهو تنظيم الإخوان، وتحديدًا قسم الأخوات الذى لعب أدوارًا مهمة وخطيرة يكشفها الفيلم».

وأضاف «العربى» أن تنوع ضيوف العمل بين مصر وعدد من البلدان العربية والأجنبية، مثل تونس واليمن وسوريا وأمريكا، كان من أهم التحديات التى نجح فريق العمل فى التغلب عليها، موضحًا أن هذا التنوع ساهم فى إثراء العمل، وأعطى المزيد من التحليل والمعلومة من عقول وأصوات وثقافات مختلفة ومتنوعة. وأشار إلى أن فريق العمل كان يتحرك كخلية واحدة وعلى درجة عالية من التنسيق والتعاون.
وتابع: «الفيلم يشتمل على العديد والعديد من الوثائق التى توضح إلى أى مدى أدى قسم الأخوات داخل الجماعة أدوارًا خطيرة على مستوى الحشد والتجنيد والاستقطاب والتمويل والعنف أيضًا، وأثبتنا ذلك بالوثائق وشهادات المنشقات اللاتى خضن تجارب داخل الجماعة»، مؤكدًا أهمية الفيلم نظرًا لما يكشفه من جوانب خفية داخل تنظيم الإخوان الإرهابى، وتوظيفه المرأة لخدمة أغراضه، قائلًا: «أنصح كل شاب وفتاة بمشاهدة هذا الفيلم الوثائقى، وسعيد جدًا بمشاركتى فيه كمنتج فنى، لأنه يكشف خطورة الإخوان ويحذر من دور المرأة فى التنظيمات الإرهابية عمومًا، وليس الإخوان وحدها، لأن هناك تنظيمات أخرى تبنت نفس الفكرة من الإخوان، وأعادت استخدامها، وهو ما يكشفه الفيلم أيضًا».

الإخراج.. محسن عبد الغنى: الفيلم يحمى بناتى من «خطر الإخوان»
قال محسن عبدالغنى، مخرج فيلم «بنات الجماعة»، إنه سعيد بهذه التجربة التى تكشف عن جوانب مهمة جدًا وزوايا لم يتم تناولها كثيرًا داخل جماعة الإخوان الإرهابية، والتى تتعلق بقسم الأخوات بالجماعة، مؤكدًا أنه تحمس للعمل منذ اللحظة الأولى، وبدأ على ربط الخيوط ببعضها حتى يخرج الفيلم، بما يليق بصناعه، وبما يفيد المجتمع المصرى أيضًا، حتى يعرف حقيقة التنظيمات الإرهابية وتوظيفها المرأة واستهدافها الأجيال الشابة والصغيرة.

وحول عملية بناء الفيلم، أوضح محسن عبدالغنى، أنه تم الاعتماد على تركيبة سردية تبدأ بالبيئة التاريخية «ثلاثينيات القرن العشرين»، ثم عبور الزمن حتى اليوم، مع تحولات بصرية تدعم فهم تطوّر القسم النسائى داخل الجماعة، وربط الشهادات من الداخل مع صور ومقاطع أرشيفية للأماكن، والتظاهرات، ومراسلات داخل التنظيم.
وأضاف «محسن»: «على مدار أكثر من عشر سنوات من العمل كمخرج لأفلام تسجيلية لم تكن هذه هى المرة الأولى التى أتعرض فيها لملف تنظيم الإخوان الإرهابى، لكن فى كل مرة اكتشف جريمة جديدة لهذا التنظيم ضد الوطن والدين والإنسانية نفسها، وتزداد قناعتى بأن توثيق هذه الجرائم وكشف هذا التنظيم المختل هو واجب إنسانى ومهنى». مشيرًا إلى أن فيلم «بنات الجماعة» حاول كشف تفاصيل قسم الأخوات فى تنظيم جماعة الإخوان، وأدواره ووظائفه، وكل الألاعيب والحيل فى الإيقاع بضحاياه، وقلت أثناء التحضير للعمل: «لا بد أن نحكى القصة، ليس كمجرد سرد تاريخى فقط، بل من جوانب أخرى إنسانية واجتماعية وفكرية، لفهم كيف بإمكان تنظيم مختل أن يقنع ويستخدم المرأة- فى سياق سياسى دينى متشدّد- لتكون أداة من أدوات التمكين والتجنيد والعنف، وليس فقط مستهدَفة أو ضحية».
وتابع: «بالنظر لدورى كمخرج، كان عندى شغف للاستماع إلى تجارب المنشقات وقصصهن داخل التنظيم، والتى أصابت بعضهن بكم غير طبيعى من الأمراض النفسية والذهنية كأنها آثار حرب، كانت فرصة لاكتشاف كنز معرفى عن دور النساء فى التنظيمات الظلامية، وكيفية توظيف المرأة واستخدامها، هذا هو كان دافعى للتحمس من أجل تلك الخطوة».
وأشار مخرج «بنات الجماعة»، إلى أن الفيلم بالنسبة له لم يكن مجرد عمل يقوم به، بل محاولة لحماية بناته شخصيًا، وغيرهن من الفتيات الصغار، من الوقوع فى فخ تلك الجماعات، قائلًا: «سبب حماسى للفيلم هو الخوف على بناتى من موجات التطرف، فلا أريد أن يأتى يوم وأرى بنتى تصدق شخصًا جاهلًا ومتطرفًا جعل من نفسه مرشدًا لجماعة ووسيطًا بينها وبين الله، وبينها وبين أهلها وبلدها أيضًا».
وعن أهم التحديات خلال رحلة تنفيذ العمل، قال «محسن»: «تسجيل شهادات حقيقية مع المنشقات عن الجماعة كان أحد أهم التحديات، كما واجهنا تحديًا آخر هو إيجاد باحثين عرب وأجانب من اليمن وسوريا وتونس والولايات المتحدة، لديهم الخلفية البحثية التى تؤهلهم للحديث عن هذا الموضوع، إضافة إلى نقل ورصد التحوّلات الدرامية داخل التنظيم، دون الوقوع فى مغالطة تاريخية، والحفاظ على المعايير المهنية فى توظيف الصور، والمقاطع الوثائقية، والتركيز على رواية مبنية على دلائل ووثائق وحقائق وليس مجرد كلام مرسل».