إصدار خاص ضمن مئوية روزاليوسف يوثق لتاريخ فن الكاريكاتير
بيت الكاريكاتير.. 100 عام من تاريخ مصر فى ألف رسمة
- صدر «كتاب رسم مصر» ليسجل واقع المجتمع المصرى سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وإقليميًا على مدى مائة عام من خلال ما يقرب من ١٠٠٠ رسمة لثلاثين فنانًا.
- لم يغب فن البورتريه عن فنانى روزاليوسف، فقد قدم رخا وجورج وجاهين وحجازى ورجائى وغيرهم البورتريه بشكل رائع.
- 20 ألف رسمة هى نتيجة حصر الأعمال الفنية فى 100 عام
- استطاع الفنان «رخا» أن يؤسس المدرسة المصرية فى الكاريكاتير بعد جيل من الرواد الأجانب، وتأثر أسلوبه الفنى وخطوطه فى بداياته بـ«صاروخان».
بخطوط بسيطة وكلمات قليلة أو حتى بدون كلمات يستطيع رسام الكاريكاتير أن يعبر عن معانٍ تعجز عنها مئات الكلمات.. ومن هنا جاءت أهمية الكاريكاتير كفن صحفى استطاع أن يبرز القضايا، ويواجه المشكلات، وينتقد الواقع، ففضله القارئ واهتم به صناع الصحف.
فى أكتوبر ١٩٢٥ أنشأت السيدة فاطمة محمد محيى الدين اليوسف مجلة «روزاليوسف» ومنذ صدورها أدركت أهمية هذا الفن ليكون سلاحها الأول فى معاركها الصحفية، وبذلك وضعت السيدة فاطمة اليوسف الحجر الأول لتأسيس بيت الكاريكاتير المصرى الذى شهد تألق كبار الفنانين.
وبعد مائة عام وضمن احتفالات المئوية، أصدرت مجلة روزاليوسف الإصدار الخاص «بيت الكاريكاتير- كتاب رسم مصر»، ليوثق تاريخ الكاريكاتير المصرى على صفحات المجلة.

توثيق فن الكاريكاتير
فى منتصف شهر سبتمبر وقبل المئوية بشهر واحد تلقيت اتصالًا من الصديق أحمد إمبابى رئيس تحرير المجلة ليخبرنى برغبته فى عمل إصدار خاص يجمع فيه أعمال أهم فنانى مجلة روزاليوسف على صفحات كتاب واحد، ليكون مرجعًا لهذا الفن وذاكرة لكل المهتمين به، على أن أقوم بإخراج هذا العمل فى أسرع وقت ممكن.
سبق هذا الاتصال دعمًا ضخمًا من الأستاذة هبة صادق رئيس مجلس الإدارة ومجهود كبير من رئيس التحرير ورسامى روزاليوسف بقيادة الفنان عمرو سليم لحصر الأعمال الفنية على مدار المائة عام وكانت النتيجة أننا أمام ما يقرب من عشرين ألف رسمة تخص مجلة روزاليوسف فقط، بخلاف الأعمال التى نشرت فى مجلة صباح الخير والتى قد تزيد على العشرين ألفًا هى الأخرى. ثم جاء الدور على فرز هذه الرسومات حسب إسهام كل فنان، ومن ثم وضع معايير للاختيار من بين هذه الأعمال، فلا يمكن استيعاب هذا الإنتاج الضخم فى إصدار واحد.
تم الاستقرار على أن يقتصر الإصدار على الرسومات المنشورة فى مجلة روزاليوسف، واختيار ٣٠ فنانًا هم الأكثر تأثيرًا فى مسيرة الكاريكاتير المصرى لتقديم مجموعة منتقاة من أعمالهم وفقًا للتسلسل الزمنى.
«كتاب رسم مصر»
صدر «كتاب رسم مصر» ليسجل واقع المجتمع المصرى سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وإقليميًا على مدى مائة عام من خلال ما يقرب من ١٠٠٠ رسمة لثلاثين فنانًا.
عندما تتصفح الكتاب ستجد مقاومة المصريين للاحتلال الإنجليزى، ودعم سعد زغلول، انتقاد حكومة إسماعيل صدقى، رفض التواجد الإسرائيلى على أرض فلسطين، تأييد ثورة يوليو، مواجهة آثار النكسة والفرحة بانتصار أكتوبر، والأسى على حرب العراق، والدفاع عن الحريات.
ستجد حياة الناس اليومية، العامل والفلاح، الموظف ورجل الأعمال، المرتشى، والفهلوى، شهر رمضان، وخروف العيد، بنات الحارة، وبنات المصيف، أزمة الأتوبيسات والمجارى، أسعار اللحمة والخضروات، الأهلى والزمالك، الفنانين والمطربين.. يكفيك أن تتصفح هذا الكتاب لتأخذ نبذة مختصرة عن مصر فى مائة عام.

جيل الرواد
كانت البداية مع الرسامين الأجانب وهنا يبرز اسم الفنان التركى «على رفقى» الذى تصدرت رسوماته أغلفة المجلة وصفحاتها الداخلية مصحوبة بتعليق طويل نسبيًا أقرب ما يكون إلى خبر قصير.. ففى هذه الفترة كانت إدارة التحرير هى التى تحدد الأفكار وتضع التعليق المصاحب للرسمة.
ثم جاء الفنان الأرمينى «صاروخان» الذى يعد صاحب الفضل فى تعريف الجمهور بهذا الفن وانتشاره من خلال أعماله الساخرة التى تنتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية فى ذلك الوقت. وتصدرت رسوم «صاروخان» الغلاف الرئيسى للمجلة عام ١٩٢٨.. وابتكر مع رئيس التحرير محمد التابعى شخصية «المصرى أفندى» وهى الشخصية التى تعبر عن نبض الشارع المصرى.

ومن الناحية الفنية تتمثل أهمية الكتاب فى رصد التطور فى فن الكاريكاتير الصحفى سواء على مستوى الأسلوب أو الفكرة.
الجيل الذهبى
بعد ثورة يوليو ١٩٥٢ ظهر جيل جديد من الرسامين بأفكار وأساليب مبتكرة فدخل الكاريكاتير المصرى مرحلة جديدة من مراحل التطور.
البداية مع ريشة جورج البهجورى التى تمردت على الشكل الكلاسيكى للكاريكاتير، وأسس مدرسة حديثة تعتمد على قوة الخط والإيجاز والتلخيص فى الملامح، وقد أبدع فى رسم الشخصيات بمنظور مختلف يعتمد على تعظيم بعض الملامح مثلما فعل مع الرئيس عبدالناصر حين رسمه بأنف طويل بارز وعيون واسعة.
ومثلما طور البهجورى فى الأسلوب جدد صلاح جاهين فى الأفكار ومزج ما بين الكاريكاتير الاجتماعى والسياسى، وتميز كاريكاتير جاهين بالتفاصيل الفنية فبجانب اهتمامه بتعابير وملامح الشخصيات كان يهتم برسم الملابس والإكسسوارات والخلفيات والديكور وحتى قطع الأثاث فى المنزل. ويعد أحمد حجازى من أهم فنانى هذا الجيل وأكثرهم إنتاجًا وتأثيرًا فقد ناقش من خلال رسومه الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بأفكار قوية وجريئة تنحاز للطبقات الفقيرة وتعبر عنها فكان بحق فنان الحارة المصرية.
وواصل الجيل الذهبى إبداعاته من خلال أعمال الفنانين الكبار بهجت عثمان وصلاح الليثى ورجائى ونيس وإيهاب شاكر وناجى كامل ومحيى الدين اللباد، نجوم فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين التى شهدت أيضًا تألق الفنان جمال كامل بلوحاته الفنية على صفحات المجلة.
تمصير الكاريكاتير
استطاع الفنان «رخا» أن يؤسس المدرسة المصرية فى الكاريكاتير بعد جيل من الرواد الأجانب، وتأثر أسلوبه الفنى وخطوطه فى بداياته بـ«صاروخان»، لكنه سرعان ما كون شخصيته الفنية المستقلة بروح مصرية خالصة، وكانت رسوماته الأكثر تعبيرًا عن الشارع المصرى.
وتخرج فى مدرسة «رخا» الفنية مجموعة من الرسامين الذين أكدوا على تمصير الكاريكاتير وأسهموا فى انتشاره مثل عبدالسميع وزهدى وطوغان.

الفكرة من إبداع الرسام
عندما تنتهى من تصفح رسومات «رخا» ستجد نفسك فى عالم جديد من فن الكاريكاتير أبدعه الفنان عبدالسميع عبدالله، فهو أول فنان كاريكاتير مصرى يفكر لنفسه بعد أن كان رئيس التحرير هو الذى يطرح الأفكار لينفذها الرسام مثلما فعل التابعى مع «صاروخان» و«رخا» وهو ما نتج عنه قصر التعليق المصاحب للرسمة ليكون عدد كلماته أقل، وفى نفس الوقت أكثر تعبيرًا.
ظهرت أعمال عبدالسميع على غلاف المجلة عام ١٩٤٦، وخاض معارك روزاليوسف وحملاتها السياسية ضد الفساد والإنجليز والأحزاب واستكمل رسم شخصية المصرى أفندى بعد أن غادر «صاروخان» و«رخا» روزاليوسف إلى أخبار اليوم، وابتكر عبدالسميع شخصية الشيخ متلوف.
وكما أبدع عبدالسميع تألق طوغان فى رسومه عن قضايا الحريات وحقوق الإنسان وحرية الشعوب، فيما دافع زهدى عن العمال والفلاحين وتصدى برسوماته لجشع التجار وغلاء الأسعار.

جيل جديد فى مدرسة الفن
استمرت إسهامات خريجى مدرسة الكاريكاتير من خلال أعمال إسماعيل دياب ورءوف عياد وجمعة فرحات ومحسن جابر ومحمد حاكم وجواد ججازى وعبدالحليم المصرى وعمرو سليم والتى تزين رسوماته صفحات المجلة حتى الآن.

الإبداع لا يزال مستمرًا
قدمت مدرسة روزاليوسف جيلًا جديدًا من الفنانين ففى عام ١٩٩٩ بدأ شريف عرفة النشر على صفحات المجلة بأسلوب شبابى مبتكر، وفى عام ٢٠٠٦ احتضنت روزاليوسف الموهوب مصطفى سالم، وفى عام ٢٠٠٧ ظهر إبداع الفنان أحمد دياب على صفحات المجلة ولا يزال العطاء مستمرًا.

نجوم البورتريه
لم يغب فن البورتريه عن فنانى روزاليوسف فقد قدم رخا وجورج وجاهين وحجازى ورجائى وغيرهم البورتريه بشكل رائع، ولكن من الأسماء التى تخصصت فى رسم البورتريه على صفحات المجلة يبرز اسم الفنان سامى أمين والدكتور سامح حسان والفنان الشاب عماد عبدالمقصود.







