الأربعاء 08 مايو 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مصر والإمارات وبينهما «النجيب»

الرئيس السيسي والشيخ
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد

عندما تلتقى مصر الإمارات، وتستقبل الإمارات مصر، فليس الأمر جديدًا أو محض صدفة، إنما هو ترسيخ لثقافة أصيلة، نُعزز فيها سويًا المشترك الثقافى، ونعلى الكلمة، نصونها، مدركين قدسية منحها الله إياها، عندما جعلها البدء، وأوحى إلى نبيه أنْ اقرأ. هنا نرتقى بالكتاب الحاضن لها، مدفوعين بمسئولية الحفاظ على هويتنا العربية، وحماية ميراثنا الثقافى وصونه، ضمانًا لتسليمه لأجيال قادمة قادرة على النهوض به، واستكمال مسيرة الحضارة العربية. 

عندما نكون هنا فلسنا ضيفًا برغم رسمية المصطلح، بل إننا مع أشقاء، تجمعنا روح واحدة يقودها الإبداع والفكر والعطاء العلمى، لنمنح العالم ما أنتجه المبدعون والمثقفون والعلماء العرب قدًيما وحديثًا، مستفيدين من ريادة معارض الكتب العربية، التى نهضت لتكون واحدة من ركائز الصناعات الثقافية العالمية، وآلية مهمة تعكس قوتنا الناعمة. فبالأمس كنا سويًا فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى يحظى برعاية فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وارتقى ليعكس توجه الجمهورية الجديدة فى صون الهوية ودعم الإبداع والفكر، حيث تحلقنا جميعًا حول صون الكلمة، واليوم نلتقى فى معرض أبوظبى الدولى للكتاب، لنواصل مسيرة العمل والإبداع، وكلنا إيمان بمسئوليتنا تجاه ثقافتنا ومبدعيها، فلن يكون الكتاب حاضرًا وحده، بل سنلتقى نخبة من المبدعين والعلماء وصناع المعرفة والفنون، نتحاور، نناقش قضايا الثقافة والحضارة والمستقبل، ليكون المعرض منصة تتلاقى فيها الأجيال، لتستمر مسيرة العطاء والإبداع، وكلنا أمل فى أن يقوى دورنا الحضارى فى ظل عالم يتبارى فى إنتاج الثقافة واستثمارها فى مساراته الجديدة.

ومن حسن الطالع كذلك أن يُختار المصرى العربى الأديب العالمى نجيب محفوظ شخصية هذه الدورة، وهو اختيار يحمل دلالات كثارًا، فمحفوظ ارتقى للعالمية عبر بوابة ثقافته وحضارته وحارته المصرية الأصيلة بمفرداتها وبنائها الاجتماعى، ليؤكد ضرورة دورنا فى التعبير عن إرثنا وثقافتنا، وألا نتركه رهينة لتأويلات لا تفصح عن فرائد أسراره. ومتى آمنا بذلك كانت لنا مكانة بارزة فى بناء الإنسانية المعرفى والإبداعى.

أنتهز هذه الفرصة لأقدم التهانى لمركز اللغة العربية برئاسة الأستاذ الدكتور على بن تميم، على استشراف الدورة الجديدة لمعرض أبوظبى للكتاب، التى ستنطلق بعد أيام قليلة تحمل معها تطلعاتنا جميعًا فى إثراء رصيدنا الثقافى. فمنذ الإعلان عن اختيار مصر ضيف هذه الدورة إبان معرض القاهرة الدولى للكتاب فى يناير الماضى، وبرغم ضيق الوقت، لم يتوقف العمل، واللقاءات الفعلية والافتراضية، والنقاشات الجادة التى سادتها روح المحبة والتعاون، فالكل اصطف وراء هدف واحد هو أن تكون هذه الدورة متميزة، تضاف إلى رصيد معرض أبوظبى الذى يحظى بمكانة عالمية متميزة.

ختاما، ليست هذه الدورة تتويجًا للتعاون كما هو الحال فى مشاركات نمطية، بل هى محطة متميزة فى طريق العمل الثقافى المشترك بين الإمارات ومصر، تحمل الجميع مسئولية البناء عليها واستثمار الوفرة الحضارية التى ورثناها منذ آلاف السنين فى وادى النيل والخليج العربى.