الوديعة المهدورة.. أعضاء «كُتاب مصر»: نتسول العلاج تحت أنظار رئيس الاتحاد

جاءت الأزمة الصحية الأخيرة التى تعرض لها الروائى الكبير صنع الله إبراهيم، لتكشف عن سلسلة طويلة من الأزمات الصحية التى يتعرض لها كُتاب مصر الكبار، بداية من محمد جبريل وأمجد ريان ومصطفى نصر، وصولًا إلى صاحب «ذات» و«شرف».
وفى كل أزمة صحية جديدة يتعرض لها كاتب، ووسط استغاثات على مواقع التواصل الاجتماعى لعلاجه، يطرح العديد من الكُتّاب والمثقفين تساؤلًا حول دور النقابة العامة لاتحاد كُتاب مصر، برئاسة علاء عبدالهادى، المنوط به، ضمن ملفات أخرى عديدة بها الكثير من الخلل، علاج أعضائه على أقل تقدير.
وما يزيد هذا الملف غموضًا، بل ويستدعى تحقيقًا إن لزم الأمر، أن الشيخ سلطان القاسمى، حاكم إمارة الشارقة، كان قد منح اتحاد الكُتّاب وديعة بقيمة 20 مليون جنيه، كان من المفترض أنها مُخصصة لعلاج الكُتاب، قبل أن يكتشف أعضاء الاتحاد تقسيمها لنصفين، أحدهما لنفقات وأنشطة الاتحاد.
عن هذا الملف الهام، وسبب ما به من خلل كبير، ومصير الوديعة سالفة الذكر، تحاور «حرف» عددًا من أعضاء الجمعية العمومية لاتحاد كُتاب مصر.. فإلى أبرز ما قالوه.
منى ماهر: قالولى «مبنعالجش السرطان» رغم دفعى اشتراك 1500 جنيه!

رغم وجود شكاوى من بعض الأعضاء، جدد اتحاد الكُتّاب تعاقده مع شركة التأمين الطبى المتعاقد معها، والتى لم أتلقى مليمًا واحدًا منها حتى الآن، وأنا المريضة بالسرطان، رغم دفعى اشتراكًا بقيمة ١٥٠٠ جنيه.
أرسلت إلى الشركة «إيميل» لمعرفة مستحقاتى فى العلاج، والشروط الواجب توافرها فيما هو قادم من مراحل العلاج المختلفة، بعد خضوعى لجراحة خارج التأمين الطبى، لكنها لم ترد علىّ حتى هذه اللحظة.
تواصلت معها عبر «واتس آب» للاستفسار عن كيفية تحصيل فواتير طبية، وأيضًا لم أتلق أى إجابة، ولا أعرف ما الذى يجب علىّ فعله، رغم أن رئيس الاتحاد أبلغنا من قبل بأن من يريد الاستفسار عن أى شىء خاص بالتأمين الطبى عليه التواصل مع الشركة مباشرة.
بعد ذلك، ومن خلال شروط التعاقد مع هذه الشركة، التى تم وضعها على مجموعة «واتس آب» خاصة بالكُتّاب، علمت بأن هذه الشركة لا تعالج مرض السرطان! هذا على الرغم من وجود وديعة مخصصة لعلاج الكُتّاب، تبلغ قيمتها ٢٠ مليون جنيه، ولم تشترط علاج مرض دون الآخر.لم يحدث فى المجالس السابقة أن تم رفض علاج لأى مرض، وكان الكاتب يحصل على دعم وفق ما تسمح به الوديعة، فى نظام أفضل بمراحل من نظام التأمين الطبى الحالى، الذى يرفض علاج بعض الأمراض.
عرفت من خلال تصريحات رئيس اتحاد الكُتّاب، فى الجمعية العمومية الأخيرة، التى عُقدت بتاريخ ١١ يوليو الماضى، أن الوديعة البالغة ٢٠ مليون جنيه، التى كان قد أودعها الشيخ سلطان القاسمى لعلاج أعضاء الاتحاد، تم تقسيمها وفقًا لقانون الاتحاد الحالى: ٥٠٪ للعلاج، و٥٠٪ للصرف على أنشطة الاتحاد، فهل الندوات أو الأمسيات التى تُعقد فى اتحاد الكُتّاب تكلف ١٠ ملايين جنيه؟!
إيهاب بديوى: من أكثر النقابات تكلفة فى الاشتراك

اتحاد الكُتّاب كان سباقًا إلى تلبية نداءات الطوارئ، مثل مرض أحد المبدعين، أو حاجته إلى دعم من أى نوع، إذ يخاطب وزارة الثقافة، ويستصدر فورًا قرارًا بالعلاج على نفقة الدولة لمن يحتاج. كذلك أودع الشيخ الدكتور سلطان القاسمى وديعة بقيمة ٢٠ مليون جنيه، مخصصة للحالات المرضية التى لا تستطيع العلاج على نفقتها، حفظًا لكرامتهم ودعمًا كريمًا لجموع الكُتّاب.
لكننا فوجئنا فى السنوات الأخيرة بالكثير من الكُتّاب يعانى ويشكو من عدم علاجهم، أو مساعدتهم فى العلاج، خاصة أصحاب الأمراض الخطيرة، وآخرهم الكاتبة منى ماهر، التى أصيبت بالسرطان، ولم تجد أى دعم من أى نوع، رغم أنها عضو مجلس إدارة اتحاد الكُتاب، إلى جانب حالة الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم. إذا كان اتحاد الكُتّاب غير قادر على رعاية أعضائه صحيًا ومعنويًا وثقافيًا فى الفترة الأخيرة، فما دوره بالضبط؟ خاصة بعد أن ضاعف الاشتراك السنوى، ليصبح من أكثر النقابات تكلفة فى الاشتراك، دون أن نرى أى مقابل حقيقى لذلك.
ماجد أبادير:أعيدوا القوانين التى عالجتنى فى 2018

بصفتى عضو جمعية عمومية باتحاد كتاب مصر، أُحمل مجلس الإدارة بالكامل مسئولية معاناة الكُتّاب، أو تحديدًا أعضاء الاتحاد، فى الحصول على خدمة طبية تحفظ لهم كرامتهم المستحقة، دون اللجوء إلى نصوص ومواد عقيمة، عُدِل أغلبها من خلال جمعيات عمومية سابقة موجهة، وخلت من المعارضة الحقيقية لبعض القرارات، التى أرجو أن تُعدَل فى أقرب وقت. ليس من العدل أن اتحاد الكتاب الذى تم إنشاؤه فى الأساس لدعم الكُتّاب وعلاجهم يستعين بشركة تأمين لا تُسمن ولا تغنى من جوع، لذا لا بد من الاستغناء عن خدماتها بحلول ٣١ ديسمبر ٢٠٢٥، فتلك الشركات عقودها سنوية، تبدأ من بداية العام وتنتهى بنهايته. أرجو من كل قلبى أن يُعاد التفكير فى تعديل اللائحة أو حتى القوانين التى تنظم علاج الكُتّاب، وتُعاد إلى عهدها الأول، فاتحاد كُتّاب مصر وقف معى فى أزمتى الصحية، وساعدنى عند خضوعى لعملية قلب مفتوح، فى عام ٢٠١٨، وتكفل بمصروفات العملية من الألف إلى الياء، بعد أن تخلى عنى الجميع.
ريم أبوعيد: نحتاج موافقات مع كل خطوة

بصفتى عضوة فى اتحاد الكُتّاب، اشتركت فى مشروع الرعاية الصحية الخاص به قبل سنوات قليلة، ودفعت رسوم الاشتراك، واستلمت الكارنيه الخاص بالمشروع، إلا أننى اكتشفت بعد ذلك أن الإجراءات عقيمة ومعقدة جدًا، عند الكشف لدى أى طبيب فى أى تخصص، وكذلك فى تلقى العلاج المناسب.
فى كل مرة يرغب العضو فى توقيع الكشف الطبى عليه، عليه أن يرسل أولًا طلبًا إلى نجوى عبدالعال، مسئولة اللجنة الطبية فى الاتحاد، مع ضرروة أن ترد بالموافقة قبل الذهاب إلى الطبيب المختص، وهو إجراء غير منطقى وغير مقبول، فماذا لو كان العضو المريض بحاجة عاجلة للكشف الطبى؟! هل يعقل أن ينتظر موافقة الأستاذة «نجوى» من عدمها أولًا؟!
هذا بالإضافة إلى عدم وجود دليل طبى يوضح للعضو المشترك فى المشروع من هم الأطباء والمستشفيات والمراكز الطبية المتعاقد معها، كما هو الحال فى أى مشروع رعاية صحية تابع لأى نقابة أخرى، وهو ما أعلمه بتعاملى مع مشروع العلاج التابع لنقابة المهندسين، فى ظل عضوية والدى وابنى بها.
زين عبدالهادى: شركة التأمين ترفض علاج «الحالات الخطيرة»

هناك مشكلة فى التأمين الطبى داخل اتحاد الكُتّاب، نظرًا لأن الشركة الموكل لها علاج المرضى من الكُتّاب والمثقفين ترفض علاج بعض الحالات لخطورتها، إذن لماذا ندفع؟ ومن الذى تعاقد مع هذه الشركة؟ وكيف تم ذلك؟ بالطبع لن نحصل على إجابات مفيدة.
كيف نترك الكاتب العالمى صنع الله إبراهيم، الذى تتدهور صحته يومًا بعد آخر نتيجة حدود الإنفاق؟ هل نترك الرجل يموت؟ لقد لجأت شخصيًا عشرات المرات إلى وزراء الثقافة السابقين من أجل إنقاذ حياة كُتّاب ومثقفين، وأذكر بالخير هنا الدكتورة إيناس عبدالدايم، والدكتور أحمد هنو، اللذين لم يتأخرا لحظة فى فعل ما فى استطاعتهما، لكن اتحاد الكتاب هذا دوره ما يجب أن يقوم به.
لا أريد الخوض فى مسألة «منحة الشيخ سلطان القاسمى»، لكن الاتحاد لديه حساب مالى يُمكِنه من الإنفاق على الكُتّاب المرضى، لا ينبغى أن يقف كل كاتب هذا الموقف المذل من أجل علاجه، حان الوقت للتغيير.
أمينة عبدالله: ما دفعوه لرفعت سلام لا يكفى حقنة واحدة!

سمعنا جميعًا عن وديعة العلاج فى اتحاد الكتاب، وأنا كعضو جمعية عمومية عامل، لم أرَ أى كشف بهذه الوديعة، وأرباحها، ومن استفاد منها. بالعكس فى أزمة المبدع رفعت سلام، كان المبلغ الخارج من النقابة لعلاجه لا يكفى حقنة واحدة، وهو ما تتعرض له أيضًا الكاتبة المبدعة منى ماهر، عضو مجلس إدارة الاتحاد غير المرضى عنها من قبل مسئوليه، والتى تواجه تجاهلًا تامًا منهم.
يتعرض أعضاء النقابة للتعطيل الدائم، ومعى من المستندات ما يؤكد كلامى، من بينها خطاب تحويلى إلى مركز أشعة متعاقدة معه الشركة المسئولة عن مشروع العلاج، مُحدد به موعد الإجراء بعد التاريخ المُحدد من اتحاد الكُتّاب، وكانت النتيجة أننى أجريت فحصى بالكامل على نفقتى الخاصة، لأنه لم يتم تجديد الموعد، وقيل لى: لكِ موعد واحد فى الشهر!
ومع إصابتى بمرض «الروماتويد»، وهو مرض مناعة ذاتية، وتوجهى للكشف عند استشارى مناعة وروماتيزم يتابع حالتى منذ ١١ عامًا، رفضت الشركة صرف «الروشتة»، قبل أن توافق على صرف نصفها فقط، بعد تدخلات من عضو مجلس الإدارة، السيد حسن.
وبالإطلاع على كتاب الدليل الطبى، نجد تكدسًا للخدمات بشكل غير طبيعى فى المعادى مقارنة بالمناطق الأخرى.
محمد العون: خضعت لجراحتين وكيماوى دون مساعدة

أُصِبت بورم سرطانى فى المستقيم عام ٢٠٢٣، وتلقيت علاجًا كيماويًا وإشعاعيًا، ثم أجريت جراحة لإزالة الورم، وبعدها جلسات كيماوى، ثم أجريت جراحة أخرى لإعادة مسار الإخراج، فى بداية ٢٠٢٤، وكل هذا تكلف مبلغًا كبيرًا، لم يقدم لى اتحاد الكتاب أى مليم منه.
الآن، عندى متابعة كل ٣ أشهر، مسح ذرى ومنظار، وأتعامل مع شركة التأمين الصحى فى نسبة من المصاريف.
كانوا يعرفون ما أمر به، ولم يهتم أحد، وأنا لم أطلب منهم شيئًا، ولو طلبت كانوا سيرسلوننى إلى أحد المستشفيات الحكومية.
أما موضوع الوديعة، فلن ننال منها شيئًا طالما علاء عبدالهادى فى الاتحاد.
ناصر كمال: نحتاج إلى قسم مختص للحالات الحرجة والطارئة

اتحاد الكُتاب كهيئة مسئولة لا بد أن ينهض بواجبه نحو القوة الناعمة المصرية، المتمثلة فى المبدعين، خاصة فى الحالات الحرجة والطارئة، التى تستلزم علاجًا مكلفًا لا يقدر على تحمُّله معظم الكُتَّاب. تكمن المشكلة فى غياب آلية واضحة داخل الاتحاد للتواصل مع قسم مُختص يتكفل بهذه الحالات الطارئة، ما يدفع الأصدقاء إلى مناشدة الاتحاد عبر وسائل التواصل الاجتماعى، فى عملية لا تليق بمكانة اتحاد كُتَّاب دولة مركزية للثقافة والأدب فى الشرق كله، مثل مصر.
ابتهال الشايب: لجوء المبدعين إلى الاستغاثات «عيب»

دائمًا ما كان يُقال إن اتحاد الكتَاب فى مصر ملىء بالمشاحنات والخلافات والشللية، وهو كيان منغلق على ذاته، وعلى الذين يحضرون فيه باستمرار، وبسبب ذلك، أصبح لا يملك دورًا واضحًا فى دعم الكاتب والاهتمام به، فابتعد الكثير من الكُتّاب عنه.
هذه الأمور باتت عادية، وتحدث كثيرًا داخل الوسط الثقافى، لكن مسألة علاج الكاتب أمر مختلف، ولا يجوز السكوت عنها.. من حق الكاتب أن يكون له مكان يلجأ إليه فى تلك اللحظة. لكن لم يستطع الاتحاد أن يحفظ كرامة الكاتب، والبعض يضطر إلى اللجوء إلى صفحات التواصل الاجتماعى لعرض مشكلاته، وهذا مؤسف وعيب.