خريف العم سام.. 4 كتب تغوص فى سياسات البيت الأبيض

- حملتى الرئاسية أمامه كانت الأقصر فى التاريخ الحديث
- دعوات إلى نهج سياسى جديد فى الولايات المتحدة يتجاوز ثنائية الحزبين
فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على مواكبة كل جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز فيه إلى تعريف القارئ المصرى والعربى بما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات، انطلاقًا من إيمانها بأهمية الانفتاح على التجارب الإنسانية المتنوعة.
ومن خلال زاوية «ماذا يقرأ العالم الآن؟»، تصحب «حرف» قراءها فى جولة خاصة داخل أبرز المكتبات ودور النشر العالمية، لتسلط الضوء على المنتج الإبداعى الغربى، وأبرز الإصدارات الحديثة فى مجالات الرواية والسياسة والثقافة والسينما والمغامرة.
وفى هذا العدد، نسلط الضوء على 4 كتب حديثة تتناول موضوعات متقاربة، حيث تغوص فى سياسات البيت الأبيض وقاطنيه ومسئولى إداراته الحالية أو السابقة، وهى: «ذكريات البيت الأبيض»، و«المشروع»، و«107 أيام»، و«نظرة فاحصة داخل البيت الأبيض المنقسم».
The Project.. كيف تحولت الولايات المتحدة إلى دولة يمينية متشددة؟

صدر كتاب «The Project: How Project 2025 Is Reshaping America» أو «المشروع: كيف تعيد وثيقة ٢٠٢٥ تشكيل أمريكا؟»، عن دار النشر ذائعة الصيت «راندوم هاوس»، فى أواخر أبريل ٢٠٢٥، من تأليف الصحفى البارز ديفيد جراهام، الكاتب فى مجلة «ذا أتلانتيك» الفائز بجائزة «تونر» للتميز فى التغطية السياسية عام ٢٠٢٠.
ويكشف «جراهام»، فى هذا الكتاب، عن وثيقة ضخمة تتجاوز الألف صفحة، نشرتها مؤسسة «هيريتدج» الفكرية ذات التوجه المحافظ المتشدد فى الولايات المتحدة، التى تُعرف باسم «مشروع ٢٠٢٥».
ويسلط الكتاب الضوء على كيفية تبنى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، هذه الوثيقة، وسعيه إلى تنفيذ بنودها التى تهدف إلى إعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وتعزيز السلطة التنفيذية، وفق رؤية محافظة مثيرة للجدل.
ويُعد الكتاب من أكثر الكتب مبيعًا على قائمة «نيويورك تايمز»، حيث يقدم تلخيصًا مكثفًا لخطة اليمين المتطرف لإدارة أمريكية ثانية بقيادة «ترامب»، فى ١٦٠ صفحة فقط، مقارنة بوثيقة «مشروع ٢٠٢٥» الأصلية التى نشرتها مؤسسة «هيريتدج» وتضم نحو ألف صفحة.
ويشرح المؤلف ما هو «مشروع ٢٠٢٥» تحديدًا، ومن يقف وراءه، وما الذى يعنيه للأمريكيين والعالم، الآن وفى السنوات المقبلة، ويقوم بتفكيك العناصر الأساسية لهذه الوثيقة الشاملة، موضحًا أهدافها وآثارها المحتملة، ومسلطًا الضوء على استراتيجيتها؛ باعتبارها خطة يمينية متطرفة واسعة النطاق تهدف إلى إعادة تشكيل السياسة الأمريكية من جذورها.
ويقول المؤلف إنه عندما علم الأمريكيون لأول مرة بأمر الوثيقة، تركز معظم الاهتمام على الأفكار السياسية المحددة المطروحة فيها، وهى خطط من شأنها أن تقلب العديد من جوانب الحياة فى الولايات المتحدة رأسًا على عقب.
ويلفت النظر إلى أن مفهوم مخطط السياسة للرئيس الأمريكى ليس جديدًا، فمع اتساع نطاق الحكومة الفيدرالية وتعقيدها، اعتمدت إدارات كلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى على جهات خارجية لوضع أطر للحكم عبر معلومات مفيدة تُمكّن الرئيس من إنجاز المهمات بدلًا من حشد الكفاءات وتحديد الأولويات.

ووُضع النموذج الأولى لهذا النوع من المشاريع بواسطة إدارة رونالد ريجان، حين نشرت مؤسسة «هيريتدج» التى تأسست عام ١٩٧٣ بهدف الجمع بين وجهات النظر المؤيدة للأعمال التجارية، والحكومات الصغيرة، والمحافظة الثقافية، وثيقة مفصلّة عام ١٩٨٠ عُرفت باسم «تفويض القيادة».
استهدفت الوثيقة الأشخاص المتوقع أن يعملوا مع الرئيس الجمهورى القادم، وكان «ريجان» حينها المرشح الأوفر حظًا، وتصوّرت الوثيقة كيف يمكن للإدارة الجديدة أن تتخلى عن السياسات المعتدلة التى تبناها الحزب الجمهورى بعد الحرب العالمية الثانية، لصالح نهج أكثر محافظة وتشدّدًا.
ونجحت الوثيقة بالفعل فى التأثير على إدارة «ريجان»، إذ تبنّاها مساعدوه، وأصبحت، كما وصفتها صحيفة «نيويورك تايمز»، «بيان ثورة ريجان»، ووفقًا لإحصاءات مؤسسة «هيريتدج»، تحوّلت ٦٠٪ من توصيات الوثيقة إلى سياسات فعلية خلال السنة الأولى من رئاسة «ريجان».
وواصلت «هيريتدج» إنتاج أجندات سياسية، ورغم أن أيًا منها لم يُحدث نفس تأثير السنة الأولى، إلا أن منظمات أخرى لاحظت ذلك، وفى سبتمبر ٢٠٠٠، نشر مركز الأبحاث المحافظ الجديد وثيقة «إعادة بناء دفاعات أمريكا» بعد هجمات ١١ سبتمبر.
وأصبحت أفكار الوثيقة والمساهمين فيها محورية فى الحرب العالمية على الإرهاب التى شنتها إدارة جورج دبليو بوش، وعندما انتُخب باراك أوباما عام ٢٠٠٨، وكان لا يزال جديدًا فى واشنطن، أسهم مركز «التقدم الأمريكى» فى توفير الموظفين والأفكار لإدارته.
وقالت مجلة «تايم» عن المركز: «لم يسبق لمجموعة خارجية واحدة، منذ أن ساعدت مؤسسة «هيريتدج» فى توجيه انتقال رونالد ريجان عام ١٩٨١، أن حظيت بهذا القدر من النفوذ».

العراب هيريتدج
فى تلك الأثناء، فقدت مؤسسة «هيريتدج» شيئًا من بريقها وتأثيرها التقليدى، ففى عام ٢٠١٢، استقال جيم ديمينت أحد أبرز رموز حركة حزب الشاى، من مجلس الشيوخ لتولى رئاسة المؤسسة، غير أن قيادة «ديمينت» وحركة «حزب الشاى» نفسها سرعان ما تراجعت خلال سنوات قليلة.
ولاحقًا، اصطدمت كاى كولز جيمس، التى خلفت «ديمينت» فى رئاسة المؤسسة، بحلفاء الرئيس دونالد ترامب، ما أدى إلى توترات داخلية.
وفى أكتوبر ٢٠٢١، تولّى كيفن روبرتس رئاسة «هيريتدج»، وسرعان ما دعا إلى إطلاق ما سيُعرف لاحقًا بـ«مشروع ٢٠٢٥»، وعيّن «روبرتس» بول دانز الذى شغل سابقًا منصب مدير شئون الموظفين فى البيت الأبيض خلال إدارة «ترامب» لرئاسة المشروع، وبدأ العمل عليه مطلع عام ٢٠٢٢.
ولضمان ألا يكون «مشروع ٢٠٢٥» مجرد مبادرة عابرة، وجّه «روبرتس» «دانز» إلى توسيع نطاق المشاركة خارج المؤسسة، وجمع مساهمين من مختلف أطياف اليمين المحافظ والمتطرف.
وهكذا تحوّلت «هيريتدج» إلى جهة تنسيقية لحركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا» بأكملها، وأسهمت مئات الشخصيات من الجماعات المحافظة فى صياغة المنتج النهائى، ممثلين بذلك مختلف أطياف «الترامبية».
ورأت «هيريتدج» فى «مشروع ٢٠٢٥» وسيلة لاستعادة مكانتها البارزة التى بلغت ذروتها فى عهد «ريجان»، وتحمل الوثيقة السياسية، التى تتألف من ٩٢٢ صفحة تحديدًا، جوهرًا مشابهًا لوثيقة «تفويض القيادة» التى أثّرت فى إدارة «ريجان».
وصرّح بول دانز قائلًا: «وضعت وثيقة المشروع ٢٠٢٥ حرفيًا الحركة المحافظة وريجان فى قلبها، وما كانت الثورة التى تلتها لتتحقق لولا هذه المجموعة من النشطاء الملتزمين والمتطوعين».
ومع ذلك، يختلف «مشروع ٢٠٢٥» اختلافًا جوهريًا عن الوثيقة التى نفذها «ريجان»، ليس فقط بسبب التباين الكبير فى الرؤية السياسية، بل أيضًا بسبب أحد الابتكارات الرئيسية التى تضمنها المشروع: إنشاء نوع من حكومة ظل جاهزة للتواصل مع السلطة التنفيذية منذ اليوم الأول لتولّى الإدارة الجديدة، وهو دور كانت تضطلع به الإدارات الرئاسية نفسها تقليديًا، لكن «مشروع ٢٠٢٥» انطلق حتى قبل ترشيح أى رئيس، ليكون جاهزًا فى ٢٠ يناير ٢٠٢٥، حين دخل دونالد ترامب البيت الأبيض للمرة الثانية.
وسبق أن كشف بول دانز العام الماضى لـ«ستيف بانون» مستشار «ترامب» السابق فى ولايته الأولى، الذى لا يزال يتمتع بنفوذ واسع رغم ابتعاده عن الإدارة الثانية، أنهم «بحاجة إلى رؤية شاملة، وقد طرحها دونالد ترامب، لكننا نحتاج أيضًا إلى دليل إرشادى فعلى، حول كيفية إنجاز الأمور».
هذا التصريح يكشف أن «مشروع ٢٠٢٥» لا يقتصر على وضع أفكار سياسية مفصلة فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى البحث عن الأشخاص المتوقع أن يطبقوها، وتدريبهم على تنفيذها.
ورغم أن المحور الرابع من «مشروع ٢٠٢٥»، وهو دليل الأشهر الستة الأولى من الإدارة الأمريكية الجديدة لم يُعلن رسميًا، فإن راسل فوجت، أحد مهندسى الوثيقة، ألمح إلى محتواه فى خطاب ألقاه عام ٢٠٢٤، قائلًا : «لدينا خطط تفصيلية للإدارة الأمريكية المقبلة، ونحن بصدد صياغة الأوامر التنفيذية الفعلية، ونكتب اللوائح الفعلية الآن، ونقوم بفرز السلطات القانونية لكل ما يعتمد عليه الرئيس ترامب فى حملته الانتخابية».
وعكس هذا التوجه طموحًا غير مسبوق فى إعداد إدارة جاهزة منذ اليوم الأول، عبر ما يشبه «حكومة ظل» محافظة، تعمل على تسريع تنفيذ السياسات بمجرد تولّى السلطة، فى حال فوز «ترامب» بالرئاسة مجددًا.

نسف البيروقراطية
يكشف المؤلف عن الشخصيات التى تقف وراء وثيقة «مشروع ٢٠٢٥» التى باتت توجه السياسة الأمريكية الراهنة، ويؤكد أن أهم شخصيتين لفهم هذا المشروع هما بول دانز الذى تولّى إدارته، وراسل فوجت الذى ذُكر كأحد مؤلفى بنود الوثيقة، ويُعد على نطاق واسع القوة الفكرية الدافعة خلفها.
ويتشارك الرجلان قناعة جوهرية مفادها أن «الموظفين هم أساس السياسة»، وفقًا لمبدأ يعود إلى عهد «ريجان»، وأن جوهر الحكومة غالبًا ما يُغفل لصالح البيروقراطية.
غير أن كلًا منهما وصل إلى هذه القناعة عبر مسار مختلف تمامًا: فـ«دانز» نشأ فى بيئة ليبرالية علمية، ثم انقلب عليها تدريجيًا ليصبح أحد رموز الثورة المحافظة، بينما «فوجت» خاض مسيرة طويلة داخل أروقة الحزب الجمهورى، وشغل مناصب رفيعة فى إدارة «ترامب»، قبل أن يؤسس مركز أبحاث خاصًا به ويصبح أحد أبرز مهندسى «مشروع ٢٠٢٥».
ويتمتع بول دانز بسمعة نخبوية تقليدية، ويتصرف بحذرٍ محسوب، ودودٌ إلى حدٍّ ما، لكنه لا يُظهر ذلك تمامًا، وفى المقابلات، يتحدث بنبرة حنين غامضة عن ماضٍ أمريكى أكثر سعادة، حيث يصوّر نفسه بوصفه الناخب الكلاسيكى لحركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا»: ابن ساخط لعائلة كاثوليكية ليبرالية، تنبّه إلى عيوب الحزب الديمقراطى واتجه نحو اليمين.
وفى بودكاست أجرته معه مجموعة «اللحظة الأمريكية» المتحالفة مع «مشروع ٢٠٢٥» عام ٢٠٢٣، قال «دانز»: «أنا من مزيجٍ بائسٍ أصيل»، مشيرًا إلى أن والديه انجذبا إلى واشنطن بفعل مثالية عهد «كنيدى»، حيث التقيا هناك، ونشأ هو فى منطقة العاصمة، ولاحقًا، التحق بـ«معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، حيث درس الاقتصاد، وحصل على درجة الماجستير فى تخطيط المدن.
والتحق بول دانز بكلية الحقوق فى جامعة «فرجينيا»، وانخرط فى «الجمعية الفيدرالية» وهى مجموعة قانونية محافظة وفى وقت لم يكن فيه الميل إلى اليمين خيارًا شائعًا، حتى فى بيئة تقليدية مثل جامعة «فرجينيا».
ولم تكن الجمعية قد بلغت بعدُ النفوذ الذى ستتمتع به لاحقًا فى المحكمة العليا خلال عهد «ترامب»، وفى مقابلة بودكاست «اللحظة الأمريكية»، قال: «كان شتاءً، إن صح التعبير، على المحافظين. عندما تولى بيل كلينتون السلطة».
وعقب تخرّجه، قرر عدم العمل فى الحكومة، واختار بدلًا من ذلك الانضمام إلى مكاتب محاماة مرموقة فى نيويورك، وشارك فى معركة قانونية ملحمية بين شركة «شيفرون» والمحامى البيئى ستيفن دونزيجر، الذى رفع دعوى قضائية ضد الشركة بسبب الأضرار البيئية التى تسببت بها فى «الإكوادور»، حيث شارك فى فريق قانونى حصل على لقطات ضارة لـ«دونزيجر»، صُوّرت لفيلم وثائقى، وأسهمت فى النهاية فى شطب اسم الأخير من سجل المحامين.
وظل مهتمًا بالسياسة، وانغمس فى وهم «مكان ميلاد باراك أوباما» الذى يتحدث عن أن الرئيس الأمريكى السابق لم يولد فى الولايات المتحدة، وقال لمقدمى برنامج «اللحظة الأمريكية» بابتسامة ساخرة: «لقد طرحتُ أسئلة أكاديمية جادة حول مكان ميلاده»، وعندما ظهر «ترامب» كأبرز مؤيدى هذا الزعم، أصبح «دانز» من أشد المعجبين به، وكان من أوائل المعجبين بحملته الانتخابية الأولى عام ٢٠١٦.
وبعد فوز «ترامب» غير المتوقع فى ولايته الأولى، أمل «دانز» أن تُمهّد سيرته الذاتية المرموقة ودعمه الراسخ له الطريقَ نحو الوصول إلى الإدارة سريعًا، لكن بدلًا من ذلك، وجد نفسه مُستبعدًا، وخلص إلى أن المشكلة تكمن فى فرط تمسكه بشعار «لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا».
وفى أوائل ٢٠٢٢، اتُّهم بول دانز، بتشكيل مجموعة من المفكرين من مختلف أطياف اليمين المؤيد لـ«ترامب»، بهدف صياغة برنامج أو أجندة له أو للرئيس الجمهورى القادم، أيًا كان.
وشمل ذلك كلًا من أفكار السياسات، وسبل تنفيذها، وفحص الموظفين الذين يمكنهم العمل فى تلك الإدارة وتدريبهم مسبقًا، ثم وضع دليل إرشادى للسنة الأولى حتى يتمكن الرئيس من الانطلاق فورًا بتطبيق سياسات فعالة، ومع اقتراب انتخابات ٢٠٢٤، أثار الديمقراطيون مخاوف بشأن توصيات وثيقة «مشروع ٢٠٢٥» السياسية المتشددة بشأن قضايا داخلية وخارجية.
ووسط ذاك الجدل، حاول «ترامب» النأى بنفسه عن وثيقة «مشروع ٢٠٢٥» وواضعيها، لكنه فاز فى الانتخابات، ومنذ ولايته الثانية، أطلق العنان لتخفيضات هائلة فى أعداد الموظفين والميزانيات الفيدرالية، وأصدر وابلًا من الأوامر التنفيذية التى تُعزز سياسات مرتبطة مباشرةً بالمشروع أو مُلتزمة به تمامًا، وهو يبدو الآن وكأنه يسير على خطاها.
107 Days.. كامالا هاريس: خسرت كل شىء أمام ترامب!

يصدر كتاب «١٠٧ Days» أو «١٠٧ أيام»، فى ٢٣ سبتمبر الجارى، عن دار النشر «سايمون آند شوستر»، التى سبق ونشرت عددًا من مذكرات سياسيين بارزين من مختلف الأطياف، بمن فيهم هيلارى كلينتون ومايك بنس.
الكتاب من تأليف كامالا هاريس، النائبة السابقة لرئيس الولايات المتحدة، وتروى فيه قصة واحدة من أكثر الحملات الرئاسية جرأةً وأهميةً فى تاريخ أمريكا، والتى امتدت على مدار ١٠٧ أيام فقط.
الكتاب أصبح الأكثر مبيعًا على موقع «أمازون» فى فئة السير الذاتية للأمريكيين السود من أصل إفريقى، بعد أيام من طرحه، حيث تروى «هاريس» التى شغلت منصب نائبة رئيس الولايات المتحدة التاسعة والأربعين من عام ٢٠٢١ إلى عام ٢٠٢٥، لتكون بذلك أول امرأة تشغل هذا المنصب فى تاريخ أمريكا، مفاجآت صادمة وتفاصيل حملتها المحمومة للوصول إلى البيت الأبيض بعد انسحاب الرئيس السابق جو بايدن وسط تساؤلات حول سنه وقدرته العقلية والبدنية على تولى المنصب.
وتصف «هاريس» فى كتابها المكون من ٣٢٠ صفحة، كيف استشارت عائلتها وأصدقاءها وفريقها، عقب خسارتها انتخابات ٢٠٢٤ أمام دونالد ترامب، حول ما حدث خلال «أقصر حملة رئاسية فى التاريخ الحديث»، كاشفة عن أنها دوّنت تلك الأفكار والذكريات فى دفتر يوميات أصبح أساسًا لمذكراتها التى اختارت لها اسم «١٠٧ أيام» الذى يُمثل مدة حملتها الانتخابية المُختصرة، ولإضفاء طابع روائى على ما كتبته، تعاونت مع الروائية الحائزة على جائزة بوليتزر، جيرالدين بروكس، وهو اختيار غير معتاد لمؤلفة كتاب سياسى.

ويركز الكتاب على الحملة الانتخابية القصيرة التى خاضتها أمام «ترامب»، وليس على فترة عملها كنائبة للرئيس بايدن، وتفاصيل الجدول الزمنى، والمناظرات، واستطلاعات الرأى سواء على الصعيد الوطنى أو على مستوى كل ولاية، بالإضافة إلى ردود أفعال وسائل الإعلام، وصولًا إلى صناديق الاقتراع والهزيمة فى انتخابات ٢٠٢٤.
وتوضح «هاريس» فى كتابها تفاصيل إعلانها عن ترشحها للرئاسة لعام ٢٠٢٤ فى ٢١ يوليو ٢٠٢٤، حيث انسحب جو بايدن فى ذلك التاريخ، من السباق لإعادة انتخابه، وأعلن تأييده لها على الفور كخليفة له، وأصبحت مرشحة الحزب الديمقراطى فى ٥ أغسطس بعد تصويت افتراضى، واختارت حاكم ولاية مينيسوتا، تيم والز، نائبًا لها فى اليوم التالى، ليواجها معًا المرشحين الجمهوريين، اللذين هُزما أمامهما، الرئيس السابق دونالد ترامب والسيناتور الأمريكى جيه دى فانس.
وتسرد بنود برنامج الانتخابى الذى جاء مشابهًا لبرنامج «بايدن» فى بعض القضايا، فقد دعمت الحماية الوطنية للإجهاض، وتشديد الرقابة على الأسلحة، والتشريعات الرامية إلى معالجة تغير المناخ، كما دعمت تقنين «القنب» على المستوى الفيدرالى، وتعزيز حقوق التصويت، وقانون الرعاية الصحية الميسرة، والتمويل الفيدرالى للإسكان.
ولكن «هاريس» خالفت برنامج «بايدن» فى القضايا الاقتصادية، مقترحةً ما وُصف بأنه أجندة اقتصادية «شعبوية»، ودافعت عن سيطرة حكومية محدودة على أسعار البقالة والمواد الغذائية، ووضع حد أقصى لتكاليف الأدوية الموصوفة، وتوسيع نطاق الإعفاء الضريبى للأطفال.

وفيما يتعلق بالهجرة، أيدت زيادة عدد عناصر حرس الحدود وإصلاح نظام الهجرة، أما فى السياسة الخارجية، فأيدت استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل فى حربيهما، لكنها أصرت على ضرورة موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار واتفاقية تبادل الأسرى، والعمل على تحقيق حل الدولتين للصراع الإسرائيلى الفلسطينى.
وفى النهاية خسرت «هاريس» الانتخابات العامة والتصويت الشعبى الوطنى أمام الرئيس الجمهورى دونالد ترامب فى ٦ نوفمبر ٢٠٢٤، واعترفت بالهزيمة فى اليوم التالى، وخسرت جميع الولايات الرئيسية المتأرجحة، بما فى ذلك ولايات ميشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن، والتى اعتُبرت مفتاح هزيمتها.
كتاب «١٠٧ يومًا» ليس الأول لـ«هاريس» فقد كتبت سابقًا عن نشأتها ومسيرتها السياسية المبكرة كعضو فى مجلس الشيوخ الأمريكى ومدعية عامة لولاية كاليفورنيا فى مذكراتها الصادرة عام ٢٠١٩ بعنوان «الحقائق التى نتمسك بها: رحلة أمريكية».
وستروج «هاريس» لكتابها من خلال جولة تجوب فيها فى ١٥ مدينة فى الولايات المتحدة ودول مثل كندا والمملكة المتحدة، وستبدأ الجولة فى ٢٤ سبتمبر فى مدينة نيويورك، وتنتهى بعد شهرين تقريبًا فى ٢٠ نوفمبر فى ميامى.
House MemoriesWhite.. كبير موظفى البيت الأبيض عن 37 عامًا: كل الرؤساء مندفعون

يصدر كتاب «White House Memories ١٩٧٠–٢٠٠٧: Recollections of the Longest Serving Chief Usher» أو ذكريات البيت الأبيض- مذكرات أطول رئيس خدمة من ١٩٧٠ إلى ٢٠٠٧»، أواخر العام الجارى، عن مطبعة «جمعية البيت الأبيض التاريخية»، من تأليف جارى والترز، أطول من شغل منصب كبير موظفى البيت الأبيض فى تاريخه.
ويكشف «والترز» فى هذا الكتاب عن كواليس ٣٧ عامًا من الخدمة، عايش خلالها سبعة رؤساء أمريكيين وعائلاتهم، مثل ريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد، وجيمى كارتر، ورونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وجورج دبليو بوش.
ويتناول الكتاب تفاصيل الحياة اليومية لعائلات الرؤساء، من روتينهم الخاص وأماكن معيشتهم، إلى الضيافة الرسمية وغير الرسمية، والعناية بالمنزل وصيانته، والتزيين لمواسم الأعياد، وحتى الحيوانات الأليفة التى قطنت البيت الأبيض، فى سرد حميمى يضىء على الجانب الإنسانى من أكثر المناصب السياسية نفوذًا فى العالم.
ويسرد أيضًا كواليس فضيحة «ووترجيت» وآخر يوم لـ«نيكسون» فى منصبه، وانتقال ٣ عائلات من عائلة كارتر إلى البيت الأبيض، ودون وسردًا دقيقًا لما حدث فى البيت الأبيض فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١، وزيارات القادة والسياسيين والمشاهير، وتفاصيل محاولات اغتيال الرؤساء، والتوترات التى تسود عائلات الرؤساء خلال بعض المناسبات منها يوم إعلان نتائج الانتخابات.

وفى المذكرات المصورة المكونة من ٤٣٠ صفحة والمُزوّد برسوم توضيحية غنية بأكثر من ١٠٠ صورة، يشارك جارى والترز، لأول مرة التاريخ الاستثنائى الذى عاشه، حيث بدأ خدمته عام ١٩٧٠ كضابط فى خدمة الحماية التنفيذية للرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، وانضم إلى مكتب موظفى البيت الأبيض كمساعد عام ١٩٧٦، وفى عام ١٩٨٦، تولى مهام كبير الموظفين، وهو المنصب الذى شغله حتى ٢٦ يناير ٢٠٠٧.
ويقدم والترز شهادته على لحظات محورية لا تُحصى فى تاريخ الولايات المتحدة الحديث، جميعها من داخل مقر الرئاسة فى البيت الأبيض، مقرًا فى كتابه بأنه لا يعتقد أن معظم الأمريكيين يدركون الصعوبات التى تجلبها الرئاسة للرئيس وعائلته، حيث يقول: «كل رئيس عملتُ معه كان مُندفعًا بشكلٍ لا يُصدق، ودءوبًا فى مساعيه لتحقيق ما يراه الأفضل للبلاد».
ويحاول المؤلف أن يفصل البيت الأبيض السياسى عن كونه منزلًا للرؤساء فهو يقدم منظورًا فريدًا له، موضحًا أن قصصه ستُلقى نظرةً خاطفةً خلف ما أسماه بستار الخصوصية الذى حرص على حمايته أثناء خدمته، ويعترف بأن إرث مكتب «موظفى البيت الأبيض» يقوم على الاحترام العميق لخصوصية العائلات الأولى، ما يعزز بدوره المصداقية بينهم وبين الموظفين.
ويشير إلى أنه نظرًا لمسئوليتهم المباشرة عن راحة أفراد الأسرة الرئاسية وضيوفهم، غالبًا ما يُنظر إلى أعضاء مكتب «موظفى البيت الأبيض» على أنهم «عائلة» من قبل الرؤساء الذين يخدمونهم، وبالتالى، غالبًا ما يبنون علاقات مميزة مع قاطنيه ، ويؤكد أن من مسئوليتهم، كخدم للرئاسة، أن يضمنوا حصول الرئيس والسيدة الأولى على أفضل رعاية ممكنة، ومن خلال هذا الشعور العميق بالمسئولية والطبيعة الحميمة لتفاعلاتهم اليومية، ترسخت روابط وثيقة بين الموظفين وعائلات الرؤساء.
وتحدث بشكل مفصل عن طقوس واستعدادات البيت الأبيض للانتقال الرئاسى والأنشطة التى يقوم بها موظفو البيت الأبيض خلال يوم التنصيب، مبينًا أنه أحد التقاليد المهمة والذى يحدث يوم ٢٠ يناير، ويخوض العشرات من الموظفين الدائمين سباقًا مع الزمن، لإعداد البيت المكون من ٦ طوابق و١٣٢ غرفة للعائلة الأولى الجديدة فى أقل من ٦ ساعات، ويتم إخراج أغراض العائلة السابقة قبل انتقال الجديدة.
ولمدة ثلاثة عقود، كان والترز مسئولًا عن تنظيم الانتقال، من «ريجان» إلى «أوباما»، ويكشف عن أن الميزانية الرسمية لعملية الانتقال إلى البيت الأبيض تبلغ عادةً حوالى ١٠٠٫٠٠٠ دولار، ولكن ليس من غير المعتاد أن تجمع الأسرة الأولى المقبلة أموالًا خاصة أو أن تنفق من مالها الخاص لتغطية هذه التكاليف.
أما حجم أعمال ترميم المنزل، فهو من مسئولية الرئيس الجديد وعائلته، وعلى سبيل المثال، قال «والترز» إن عائلة «كارتر»، اختارت القيام بأعمال قليلة جدًا عند انتقالها.
ويعترف بأن مهمة كبير موظفى البيت الأبيض ليست سهلة لكن فى بعض الأحيان، تكون المهمة أسهل من غيرها، وخاصة عندما تكون هناك مراجع عن الرئيس الجديد الذى ينتقل إلى البيت البيض، وهو ما حدث مع جورج بوش الابن، فقد كانت لديه فكرةٌ جيّدة عمّا يُفضّله وما يُكرهه منذ اليوم الأول، بفضل زياراته السابقة بصفته «الابن الأكبر» للرئيس جورج بوش الأب.
Independent.. مستشارة بايدن: تعرض لـ«خيانة» من الحزب الديمقراطى

يصدر كتاب «Independent: A Look Inside a Broken White House» أو «المستقلون: نظرة داخل البيت الأبيض المنقسم»، فى أكتوبر المقبل عن دار النشر «ليجاسى ليت»، التابعة لمجموعة «هاشيت» ذائعة الصيت.
الكتاب من تأليف كارين جان بيير، المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض والمستشارة الأولى للرئيس السابق جو بايدن، وتتناول فيه بالنقد الحاد ما تعتبره خداعًا ممنهجًا تمارسه الديمقراطية الأمريكية القائمة على نظام الحزبين.
فى ١٩٠ صفحة، تكشف جان بيير عن حقائق صادمة وجريئة حول الحزبين الديمقراطى والجمهورى، وتسلّط الضوء على تفاعلات وسائل الإعلام معهما، وتقلباتهما السياسية عبر العقود.
وتدعو فى كتابها إلى نهج سياسى جديد فى الولايات المتحدة، يتجاوز ثنائية الحزبين، ويشجع على التفكير خارج الصندوق، ونبذ التحزب والتعصب الحزبى المستمر.

وخدمت كارين جان بيير رئيسين أمريكيين، «أوباما» و«بايدن»، وفى عام ٢٠٢٠، انضمت إلى حملة الأخير كمستشارة أولى، وأصبحت رئيسة موظفى «هاريس»، ثم بعد عامين، المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، وهى أول امرأة سوداء مثلية الجنس، تشغل هذا المنصب، وتُطلع القراء فى كتابها على الأسابيع الثلاثة التى أدت إلى تخلى «بايدن» عن مساعيه لولاية ثانية، وخيانة الحزب الديمقراطى له والتى أدت إلى قراره، وتكشف لماذا استقالت من الحزب؟ والذى وصفته بالقرار الصعب.
وتكشف المؤلفة أيضًا وجهات نظر من الداخل حول مكافحة التضليل الانتخابى، وتقدم رؤى حول أسباب رفض عدد متزايد من الأمريكيين للتصنيفات الحزبية التقليدية، وهى تنقد بشكل لاذع نظام الحزبين، حيث تعرف معنى أن يكون الفرد جزءًا من النسبة المتزايدة من الناخبين المستقلين، وتوضح لماذا قد يكون من المفيد تهيئة مساحة سياسية أكثر ولاءً للمعتقدات الشخصية من الانتماء الحزبى، وما هى الأسئلة التى يجب طرحها على نفسك كناخب لتحديد موقعك السياسى.
ويثير الكتاب ردود فعلٍ حادة فى الأوساط الديمقراطية، إذ رفض أحد الديمقراطيين البارزين إدعاءات المؤلفة فى كتابها واعتبره دليلًا على عدم الكفاءة، وليس الاستقلالية، بينما أقرّ آخر بأنه لا يمكنه غضّ الطرف عنها، كما انتقد زملاءها السابقين فى البيت الأبيض والحزب الديمقراطى ما جاء فى الكتاب، قائلين إن إبعاد «بايدن» عن الترشح لم يكن «خيانة»، بل كان خطوة رئيسية منعت الديمقراطيين من تكبد المزيد من الخسائر فى الكونجرس، ما عزز قدرتهم على عرقلة قرارات «ترامب» للأولويات الليبرالية، ولو جزئيًا.