الممسوس.. هل أصابت لعنة «هامان» فؤاد أحمد؟ (ملف)
حين ثار شاعر الرفض أمل دنقل، فى ديوانه الشهير «لا تصالح»، وتساءل: «أترى حين أفقأ عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى؟»، أجاب نفسه سريعًا: «هى أشياء لا تُشترى»، ليأتى بعد عشرات السنين من ينسف ثوابت الشاعر الكبير بإجابة أخرى: «نعم، أحيانًا تُشترى!»، لا بالمال ولا بالجواهر ولا بالكنوز، بل بالتفانى والإخلاص لموهبة قلما يأتى بها الزمان، موهبة سطرها صاحبها بتاريخ من نور، وحفر أساسها بعرق واجتهاد كلفه أغلى ما يملك إنسان: عيناه!
عينان دفعهما الموهوب المظلوم فؤاد أحمد ثمنًا باهظًا نظير إتقانه أحد أشهر أدواره الدرامية: شخصية «هامان» فى المسلسل الدينى والتاريخى الشهير «محمد رسول الله»، حين أبى أن ينصت إلى التحذيرات والتنبيهات، ومضى يُتقن أدوات دوره بإخلاص منقطع النظير.
بصوت مميز به من الغلظة ما يكفى لأن يكون أحد مُسببات الرعب، ونظرات عينين لا تخلو من الحدة التى تصيب الخصم بالهلع، نجح النجم الكبير فؤاد أحمد فى أن يحجز لنفسه مكانًا بين أفضل من قدموا أدوار الشر، فمن ينسى «حمودة الأقرع» فى فيلم «المشبوه» بطولة الفنان الكبير عادل إمام؟ من ينسى جملته الشهيرة لـ«الزعيم»: «بقية حقى عينيك؟!».
الغريب أن هذه الجملة كانت بمثابة تنبوء من الفنان الكبير بما سيتعرض له فى المستقبل، فقده لنعمة البصر، بعدما قدم فى الفيلم شخصية «حمودة الأقرع»، الذى فقد إحدى عينيه وظل طوال أحداث الفيلم يبحث عن استعادة حقه.
ورغم ملامحه الحادة، التى من الصعب أن يتخيلها متابع إلا فى أدوار الشر، نجح فؤاد أحمد فى كسر هذا القالب، بعد أن قدم شخصية «الناظر» فى المسرحية الكوميدية «علشان خاطر عيونك» بطولة الفنان الكبير فؤاد المهندس، والتى استطاع من خلالها إثبات موهبته وإمكانياته الفنية فى تقديم أدوار نوعية ومتعددة، حتى لو كانت لا تلائم حدة ملامحه وغلظة صوته.
لكن يبقى الدور الأشهر، بحكم ما ترتب عليه وأثر فى حياته ومسيرته فيما بعد، هو شخصية «هامان» فى المسلسل التاريخى «محمد رسول الله»، والتى تسببت فى فقدانه لبصره، ليقدر له أن يعيش ما تبقى من عمره فاقدًا لنعمة البصر.
عن أحد أبرز نجوم الظل، والموهبة التى قلما يأتى الزمان بمثلها، تحتفى «حرف» بذكرى الفنان الكبير فؤاد أحمد بالحديث مع نجله الفنان التشكيلى أيمن فؤاد، وابنته الأخرى إيمان فؤاد، ليكشفا العديد من الحكايات والذكريات والكواليس عن الفنان الكبير.
