أيمن فؤاد: نورالشريف كان بيغير منه ومفيد فوزى قاد حملة ضده

والدى كان فنانًا من منازلهم، كما كُنت أصفه دائمًا، لم يكن من هواة الشللية والسهر والتردد على مكاتب النجوم والسهرات، بل كانت حياته تنحصر بين منزله وأماكن التصوير فقط.. بهذه الكلمات تحدث الفنان التشكيلى «أيمن فؤاد» عن والده الفنان الكبير «فؤاد أحمد»، حيث اعتبر غيابه عن جلسات السهر والشلل السر فى تقلص أدواره ونجوميته.
وأضاف «فؤاد» أن والده تعرض لحملة إعلامية دون مبرر حينها من الإعلامى «مفيد فوزى» عبر مقالات وجهها ضده دون أن يعرف السبب وهو ما أحزنه بشكل كبير، وهو نفس الشعور الذى أًصابه بعد حذف الفنان «نورالشريف» العديد من مشاهده فى فيلم «أصدقاء الشيطان» الذى قدماه معًا.
وكشف «فؤاد» عن أن الفنان الراحل عاش فى عُزلة تامة آخر خمس سنوات فى حياته لم يختلط بالوسط الفنى على الإطلاق، بل كان يخصص وقته للعبادة وأداء الصلوات فقط، حيث كان أشبه باعتزال الفن.
عن فؤاد أحمد الأب والفنان يتحدث الفنان التشكيلى أيمن فؤاد عن ذكريات وكواليس الوالد ويفتح خزائن الأسرار والعديد من المواقف فى حياة الفنان الكبير فى حواره مع «حرف»..

■ «فؤاد أحمد» فنان عُرف بالصوت الغليظ والنظرات الحادة التى جعلته رفيقًا دائمًا لأدوار الشر.. ماذا يقول الابن لو تحدث عنه؟
- بالتأكيد من يتابع أعمال والدى، عليه رحمة الله، يتوقع أنه بمثابة شخص عصبى يصيب من يتعامل معه بالرعب طيلة الوقت، ولكن الحقيقة كانت العكس تمامًا، حيث كان بمثابة الأب الطيب الحنون الجدع المتفاهم، والزوج المتعاون الذى يحترم زوجته ويشجع أبناءه على تحقيق أحلامهم دون عوائق، بل يحفزهم على النجاح حتى لو كانت طموحاتهم عكس أحلامه، فهو من شجعنى على السفر للخارج والدراسة والعمل رغم أمنيته فى أن أدرس وأعمل بالإخراج، ولكننى اخترت الفن التشكيلى والحياة خارج مصر أغلب الوقت، وكان يقدم لى الدعم المالى دون حدود، وربطتنا صداقة وثيقة نوعية فى حد ذاتها وليست علاقة أب بـ ابن، حيث كنا نتبادل الحديث والحوارات فى أشياء لن يتخيلها أحد، للدرجة التى كانت تثير استغراب والدتى حينها من شدة خصوصيتها وحساسيتها.
■ وهل كانت تتغير تلك الطبيعة خلال استعداده لتقديم أى من أدواره؟
- بالفعل، حيث كان يتقمص الدور والشخصية التى سيقدمها بشكل رهيب ويبدأ فى تجهيزها من حيث الملابس والأداء والصوت والطباع حتى يتحول إلى صورة طبق الأصل من الشخصية التى سيقدمها، وأذكر أن منزلنا كان يتحول إلى شبه ورشة عمل بسبب تلك الاستعدادات، حتى إنه كان أحيانًا يستعمل أشياءً أصلية مثلما حدث فى مسلسل «لا إله إلا الله» حيث كان يظهر بإكسسوارات ذهبية حقيقية وليست تقليدًا، وبعد أداء الدور والانتهاء من تصوير العمل يقوم ببيع تلك الأدوات التى اشتراها من حسابه الخاص ويتوجه لأداء الحج أو العمرة بهذه الأموال التى باع بها المشغولات الذهبية.
■ هل تتذكر دورًا معينًا شهد التحضير له كواليس خاصة؟
- دوره فى فيلم «أصدقاء الشيطان» حيث كان يقدم شخصية «شارو» الساحر والمشعوذ، ولكنه حينها رفض أن يستعمل البخور والدخان وغير ذلك فى أداء الشخصية، وفوجئت به يحدثنى حيث كنت أقيم فى لندن ويطلب منى أن أرسل له أدوات وإكسسوارات خاصة تتفق مع طبيعة الدور، وحينها أحضرت له بالفعل وبدأ فى استخدامها خلال أحداث الفيلم وكانت أشياءً تظهرلأول مرة على شاشة السينما فى مصر للدرجة التى أبهرت كل من شاهد كواليس تصوير الفيلم، إلا أن عدم ظهورها بالشكل الجيد أصابه بالحزن.
■ وما الذى جعله يحزن رغم هذه التجهيزات؟
- أثناء مشاهدة العرض الخاص للفيلم فوجئ بحذف أغلب مشاهده من قبل الفنان «نورالشريف» ما جعله يشعر بخيبة أمل وحزن شديد للغاية بسبب تسلل الغيرة بين أبطال العمل، خاصة أن الدور كلفه العديد من الدراسة والتجهيز والمصاريف، إلا أنها ذهبت بلا طائل، عكس مثلًا ما حدث معه فى فيلم «التعابين» بطولة الفنان «عادل أدهم» حيث كان بمثابة المباراة فى فنون التمثيل التى يشعر بالسعادة من يشاهدها، كذلك نفس الأمر فى الفيلم الشهير «المشبوه» حيث كان الفنان «عادل إمام» متعاونًا بشكل كبير من أجل ظهور العمل بالشكل اللائق.
■ ما الذى كان يغضبه بشكل سريع أو العمل الذى ندم على المشاركة فيه؟
- لم يندم على المشاركة فى عمل، ولكن أعتقد أن مشاركته فى مسلسل «جحا المصرى» فى أواخر أيامه لم تكن بالشكل الموفق بالنسبة له، خاصة أنه قام بتأدية الدور وهو يعانى من ضعف شديد فى البصر، علاوة على نشوب أزمة كبيرة بينها وبين بطلة العمل وصل لحد الاشتباك اللفظى، ولكن أكثر ما أزعجه وجعله يشعر بالضيق، هى الحملة التى قادها الإعلامى «مفيد فوزى» ضده دون سبب على الإطلاق، كما أنها لم تكن حتى فى إطار النقد البناء الذى يوجه للفنانين، ولا أعلم حتى اليوم سبب تلك الحملة الغريبة من وجهة نظرى.
■ موهبة بحجم قيمة الفنان فؤاد أحمد، لماذا ابتعد عن مصاف نجوم الصف الأول؟
- والدى كان فنانًا من منازلهم، كما كُنت أصفه دائمًا، وهو الوصف الذى اتفق فيه معى المخرج الكبير حسام الدين مصطفى، حيث لم يُكن من هواة الشللية والسهر والتردد على مكاتب النجوم والسهرات، بل كانت حياته تنحصر بين منزله وأماكن التصوير فقط، ما جعله دون شلة أو أصدقاء إلا عدد محدود للغاية مثل الفنان فاروق الفيشاوى وعزت العلايلى،، كما كان صديق دراسة لرسام الكاريكاتير مصطفى حسين، بمعنى أنه كان محدود العلاقات لم يطلب يومًا عملًا أو دورًا.
■ هل يمكن اعتبار الفنان فؤاد أحمد اعتزل فى نهاية أيامه؟
- بالفعل، حيث عاش فى عُزلة تامة آخر خمس سنوات فى حياته لم يختلط بالوسط الفنى على الإطلاق، بل كان يخصص وقته للعبادة وأداء الصلوات فقط، حتى إننى أذكر قيامه بتكسير العديد من التحف والأنتيكات والتماثيل التى أحضرها خلال إحدى سفرياته لليونان وكانت تزين منزلنا، حيث اعتبرها بمثابة الأصنام وبدأ فى تكسيرها، وكان لا يريد سوى أداء الفروض الدينية والذهاب للحج والعمرة وفقط، ووصل إلى ما يوصف بمرحلة الاستغناء والزهد فى كل نواحى الحياة، وابتعد عن الجميع فى تلك الفترة.
■ من كان الأقرب له خلال تلك الفترة وبالتحديد من الوسط الفنى؟
- من الوسط الفنى لا أحد خاصة أنه وكما ذكرت لم يكُن من أرباب الشلل والسهرات فلم يكن له أصدقاء مقربون فى تلك الفترة من الوسط الفنى، فلم يكُن هُناك إلا الأسرة فقط من كانت بجانبه فى آخر أيامه فى الحياة.
■ فى النهاية.. نعود لـ «فؤاد أحمد» الأب.. هل تتذكر آخر أيامه قبل وفاته؟
- آخر أيام والدى، رحمه الله، كانت خير دليل على سيرته الطيبة وأعماله الحسنة، حيث كنت حينها أعمل فى الولايات المتحدة الأمريكية وتم انتدابى للعمل فى المملكة العربية السعودية، وتشاء إرادة الله أن يمرض حينها والدى مرض الموت وتحدثنى والدتى وتخبرنى بخطورة حالته، وحينها سافرت على الفور من السعودية للقاهرة وأحضرت معى كميات كبيرة من ماء زمزم، وتوجهت للمستشفى فور وصولى للبلاد والتقيت الوالد، وحينها ومن شدة سيرته وأعماله الطيبة كان له نصيب أن يتناول جميع الأدوية فى آخر أيامه بماء زمزم ولا يشرب إلا ماء زمزم خلال إقامته فى المستشفى، وحين توفاه الله قُمت بتغسيله بماء زمزم، ليقابل الله عز وجل بأطهر ماء على وجه الأرض.