المجرى.. لازلو كراسناهوركاى .. «سيد الكوارث» الذى خطف «نوبل للآداب»

- عاش عمره فى عزلة شبه تامة داخل المجر
- اكتفى بالقليل من المنح الأدبية التى بالكاد تسد رمقه وعائلته
- روايته الأولى ساتانتاجو قُدمت فى فيلم كلاسيكى مدته 7 ساعات كامل
أثار فوز لازلو كراسناهوركاى بجائزة «نوبل» فى الأداب لعام 2025 دهشةً كبيرة فى العالم العربى، وهى دهشة لم تأتِ من فراغ، بل من المفارقة التى يجسدها هذا الكاتب المجرى المنزوى، دهشة تشبه الصمت الذى يلفّ شخصياته. فكل من قرأ أعمال هذا الكاتب قراءة متأنية، يدرك أنه أمام سحر كتابة لا يشبه أحدًا.
إنه كاتب عاش عمره فى الظل، فى عزلةٍ شبه تامة داخل المجر، مكتفيًا بالقليل من المنح الأدبية التى كانت بالكاد تسد رمقه ورمق عائلته، عاش متقشفًا، زاهدًا فى الأضواء، مخلصًا للأدب كما يُخلِص الناس للديانة، حتى بدا أن الكتابة هى الخبز الوحيد الذى لا ينقطع عنه.
ومع هذا الإخلاص العميق، جاءت مكافآته الكبرى: أولًا بالمنح، ثم بالسينما التى فتحت له نافذة على العالم، وأخيرًا بالجائزة الأعلى فى الأدب: «نوبل»، حلم كل كاتب على وجه الأرض.

الحلم البعيد
كما قال نجيب محفوظ يوم فوزه: «كنا نرى فى نوبل حلمًا بعيدًا»، ذلك الحلم الذى بدا طويلًا محجوزًا لعمالقة الأدب الأوروبى، حتى كسره «محفوظ» عام ١٩٨٨، ليكون مصريًّا حتى النخاع، واقعيًّا حتى العَظْم، فى برهان على أن الجائزة ليست حلمًا مستحيلًا، يأتى «لازلو» اليوم من أقصى العزلة الأوروبية ليذكّرنا بالمعنى ذاته: الإخلاص للفن وحده هو طريق المجد.
يشترك «محفوظ» و«لازلو» فى تلك المفارقة الغريبة: كلاهما عاش فى وطنه كأنه منفىّ فيه. لم يغادر «محفوظ» القاهرة إلا نادرًا، كما لم يغادر «لازلو» المجر إلا مؤقتًا، حين تدفعه المنح إلى رحلات قصيرة فى آسيا أو ألمانيا أو أمريكا، يعود بعدها سريعًا إلى عزلته.
كلاهما كتب من موضع المراقب، لا المتورط، من عتمة الهامش لا من صخب المركز. لهذا، حين فاز «لازلو»، شعرنا، نحن العرب، مجددًا بأن «نوبل» ليست قدرًا بعيدًا، بل هى وعد يتجدّد مع كل مخلصٍ للكتابة. إن كان هناك درس فى فوزه، فهو أن الكتابة لا تخون مَن أخلص لها، قد تُهملك طويلًا، لكنها فى النهاية تكافئك بما يشبه الخلود.
والدخول إلى عالم لازلو كراسناهوركاى ليس سهلًا. إنه عالم يسير على إيقاعٍ مختلف عن كل ما نعرفه. فى عوالم «لازلو» الروائية، الزمن لا يسير إلى الأمام، بل يتفكك ببطء، كأنه نسيج بالٍ ينهار خيطًا خيطًا.
شخصياته تمضى فى المشى، لكنها لا تصل إلى وجهة. لا تقطع مسافات، بل تتوقف، والقارئ معها، تحت ضوء مصباح شارع باهت، أمام أوراق مهجورة لا تحركها نسمة. يقفان معًا فى صمت يتكسر إلى أحرف مشتتة.
هذا هو عالم «كراسناهوركاى»: زمن متآكل، معلق، يحمل فى طياته خرابًا وشيكًا. مشى شخصياته ليس سعيًا نحو هدف، بل مشى تتبع حزين لانهيار قادم. هذه الشخصيات ليست مجرد بشر، بل كائنات تتجاوز تعريف الإنسان الحديث. ليست أفرادًا يملكون استقلالًا أو مكانًا فى نسيج المجتمع.
إنها شخصيات تعيش فى فضاءات ما بعد الخراب، حيث الشوارع صامتة، والأبواب إما موصدة بإحكام، أو مفتوحة على فراغ لا نهائى. القرى تنهار، والمدن تذوى فى سكون ثقيل. هذا الفراغ المادى ليس سوى مرآة لفراغ ذهنى أعمق، يعكس عالمًا مشبعًا بالقلق الوجودى.
قد تكون الشخصية معلمًا متقاعدًا، أو فيلسوفًا منسيًا فى ريف مهجور، أو رجلًا عالقًا فى تردد أبدى بين الحياة والموت. لكنهم جميعًا هامشيون، يعيشون خارج إطار النظام، فى أجساد أنهكها الزمن. يتجولون فى السرد كأشباح وجودية، ومشيهم ليس مجرد حركة، بل هو إثبات عنيد لقدرتهم على تحمل أنفسهم، ولو بالكاد.
الإنسان الحديث يُعرف بقدرته على الاختيار والتخطيط، لكن شخصيات كراسناهوركاى لا تختار ولا تتحكم بوجهتها. لا يعرفون حتى لماذا يمشون. لكن هذا ليس غياب وعى، بل هو وعى مفرط، مؤلم. إنهم كائنات رأت العالم فى عريه المرعب، فصاروا يتحركون ببطء شديد، لأن كل خطوة ليست فعلًا، بل كل خطوة كانت عبئًا ثقيلًا يحملونه على أكتافهم.

صانع الرعب الكونى
لازلو كراسناهوركاى، الذى يُلقب غالبًا بـ«سيد الكوارث»، هو روائى مجرى يُعتبر صوتًا فريدًا فى الأدب المعاصر، بفضل نثره المتاهى الذى يجسد هشاشة الإنسان وقلقه الوجودى. ويتميز أسلوبه بجمل طويلة غير منقوطة تشبه تدفق الكون المنهار.
فى عام ٢٠٢٥، حصل على جائزة «نوبل» فى الأدب، تقديرًا لـ«أعماله الرؤيوية التى تؤكد قوة الفن وسط الرعب الكونى»، وهو تكريم يعكس تأثيره العميق من خلال روايات مثل «ساتانتاجو» و«عودة البارون وينكهايم».
تتناول أعماله، التى تدور فى خلفية أوروبا الشرقية بعد الشيوعية أو الفراغات الروحية لثقافات بعيدة، الشوق الإنسانى للمعنى. ووراء هذا النثر العظيم يكمن رجل محاط بالغموض، شخص منعزل تظل حياته الشخصية وصراعاته العاطفية وعمليته الإبداعية لغزًا بقدر أعماله.
يغوص هذا المقال فى كل جوانب حياة «كراسناهوركاى»، من طفولته تحت النظام الشيوعى إلى علاقاته العاطفية الغامضة، وإنجازاته الأدبية والسينمائية، والأسرار التى شكلت رؤيته المؤلمة، وللقراء المتعطشين لمعرفة الرجل وراء الأسطورة، هذه رحلة إلى قلب عملاق أدبى.
وُلد لازلو كراسناهوركاى فى ٥ يناير ١٩٥٤ بمدينة «جيولا»، وهى مدينة صغيرة فى جنوب شرق المجر تشتهر بالينابيع الحرارية، حيث كانت رائحة الكبريت الخافتة تمتزج بثقل الدولة الاشتراكية المتداعية.

والده «جيورجى كراسناهوركاى» كان محاميًا من أصل يهودى، غيّر اسم العائلة عام ١٩٣١ من «كورن» إلى «كراسناهوركاى»، مستلهمًا اسم قلعة مجرية تاريخية للاندماج فى مجتمع حذر من الأقليات. ظل هذا التراث اليهودى سرًا حتى عام ١٩٦٥، عندما اكتشفه «لازلو» فى سن الحادية عشرة، وهو كشف أثر لاحقًا على مواضيع الهوية المخفية والاغتراب فى أعماله.
أما والدته «جوليا بالينكاس»، فقد عملت كاتبة فى التأمين الاجتماعى، وتتعامل يوميًا مع البيروقراطية المرهقة للنظام الشيوعى، وعاشت العائلة حياة متواضعة، وكانت طفولته عادية لكنها حاسمة.
بين عامى ١٩٦٠ و١٩٦٨، التحق بالمدرسة الابتدائية فى «جيولا»، حيث تفوق فى الأدب لكنه كافح فى الرياضيات. فى سنوات المراهقة فى ثانوية «إركل فيرينتس» «١٩٦٨–١٩٧٢»، انغمس فى دراسة اللاتينية، التى صقلت شغفه بالدقة اللغوية.
وخلال هذه الفترة، عمل بدوام جزئى فى دار نشر «جوندولات» فى بودابست، حيث دقق المخطوطات فى مكتب مظلم، وهى تجربة عرّفته على آليات الأدب، لكنها كشفت له أيضًا عن الروتين المميت للعمل البيروقراطى.
هذه المواجهات المبكرة مع الروتين انعكست لاحقًا فى عوالمه الروائية القاحلة والدورية، حيث تُحاصر الشخصيات فى أنظمة تسحقها. وتركت شوارع «جيولا» الهادئة، بشعاراتها الاشتراكية الباهتة، بصمة لا تُمحى فيه، شعورًا بالزمن المعلق، ومن وجهة نظره كان هذا عالم ينتظر الانهيار.

ضد الشيوعية
بدأت رحلة «كراسناهوركاى» الأكاديمية بدراسة القانون، داخل جامعة «يوسف أتيلا»، وهى الآن جزء من جامعة «سجيد»، بين عامى ١٩٧٣ و١٩٧٦، فى خيار عملى يعكس مهنة والده. لكن عالم القانون الصلب خنقه، فانتقل عام ١٩٧٦ إلى جامعة «إيوتفوش لورانده» بالعاصمة بودابست، حيث واصل دراسة القانون لفترة وجيزة، قبل أن يتحول إلى الأدب المجرى و«الأنثروبولوجيا» الثقافية «١٩٧٨–١٩٨٣».
تناولت أطروحته الكاتب المجرى المنفى ساندور ماراى، الذى هاجر عام ١٩٤٨ هربًا من الشيوعية، واستكشفت مواضيع المنفى والاغتراب ، وهى مواضيع شكلت لاحقًا أعمال «كراسناهوركاى» نفسه.
كان لتمرد «ماراى» ضد الشمولية صدى عميقًا، إذ واجه «كراسناهوركاى» قيودًا مماثلة تحت النظام الشيوعى. فى أواخر السبعينيات، صادرت الشرطة السرية جواز سفره، ما منعه من السفر حتى عام ١٩٨٧، وهذا الحصار القسرى غذى شعورًا بالاختناق يتردد فى رواياته الأولى، حيث تجول الشخصيات فى دوائر عاجزة عن الهروب.
عرّفته دراسته على «كافكا»، و«جوجول»، والفلسفة الشرقية، ما شكل رؤيته للأدب كأداة لمواجهة عبثية الوجود، وكان يتردد على المقاهى الأدبية فى بودابست، مثل «موفيز» و«كافيهاز»، حيث كتب ملاحظات على مناديل ورقية، مطورًا الجمل الطويلة غير المنقوطة التى أصبحت توقيعه. هو يستخدم جملًا طويلة جدًا، غالبًا تمتد لصفحات، دون استخدام النقاط أو علامات الترقيم التقليدية.

كانت هذه السنوات مليئة بالضغوط المالية؛ عاش فى مهجع ضيق، يعتمد على الخبز والشاى، وعمل فى وظائف غريبة مثل تحرير المجلات الأكاديمية. وشكلت معاناة البقاء تحت الشيوعية، إلى جانب صحوته الفكرية، كاتبًا مهووسًا بالتوتر بين النظام والفوضى.
أما عالم «كراسناهوركاى» العاطفى فغامض مثل نثره، ويتميز بالوحدة والعلاقات العابرة. وتزوج مرتين، وانتهى كلا الزواجين بالطلاق. زواجه الأول من أنيكو بيليه عام ١٩٩٠ تزامن مع سقوط الشيوعية وسفره الأول إلى الخارج. وانتهى الزواج بهدوء، وتفاصيله نادرة، لكن الأصدقاء لاحظوا تزايد قلق «لازلو» مع حريته الجديدة.
وفى عام ١٩٩٧، تزوج من دورا كوبشانيى، عالمة صينيات ومصممة جرافيك، وانتهى زواجهما أيضًا بالطلاق، ما دفع «كراسناهوركاى» إلى الانزواء أكثر. لديه ٣ بنات: «كاتا» و«أجنيس» و«إيما»، لكنه نادرًا ما يتحدث عنهن، حاميًا خصوصيتهن بنفس شدة خصوصيته.
أما تعاونه مع المخرج بيلا تار، فبدأ عام ١٩٨٥، ووُصف بأنه «أخوة روحية»، وشكل هوسهما المشترك رابطًا أعمق من الصداقة. كما أن له علاقة أخرى محورية مع الشاعر ألن جينزبرج، الذى التقاه فى نيويورك عام ١٩٩٦ أثناء كتابة «الحرب والحرب».
عاش «كراسناهوركاى» داخل شقة «جينزبرج» فى «إيست فيليج»، متشربًا نصيحة الشاعر بأن «يكتب بجنون منضبط»، وفى مقابلة مع «جيرنيكا» عام ٢٠١٢، وصف هذه الفترة بأنها «حمى الوضوح».
تعكس رحلاته إلى «كيوتو» فى اليابان «١٩٩٦، ٢٠٠٠، ٢٠٠٥، كل منها ٦ أشهر»، شوقًا للسكينة الروحية، حيث تجول فى حدائق المعابد، وكتب فى دفاتر، باحثًا عما وصفه بـ«الصمت وراء الضجيج». واليوم، يعيش فى تلال «سزنت لاسزلو» النائية فى المجر، محاطًا بالكلاب الضالة، وهو رمز متكرر فى أعماله ، وحيث تظل وحدته ملاذًا ومختبرًا لفنه.

موسيقى الانهيار
بدأت مسيرة «كراسناهوركاى» بتواضع عبر نشر قصته القصيرة الأولى «تيبينيد هيتيم»، فى مجلة «موزجو فيلاج» الأدبية عام ١٩٧٧. وبحلول عام ١٩٨٣، كان كاتبًا حرًا، يكافح من خلال منح مثل «موتز زيجموند» ١٩٨٣ و«يوسف أتيلا» ١٩٨٧.
جاءت انطلاقته الكبرى مع منحة «DAAD» فى برلين الغربية عام ١٩٨٧، حيث بدأ كتابة «حزن المقاومة»، وتبعتها إقامات فى منغوليا والصين «١٩٩٠»، والولايات المتحدة وإسبانيا واليونان واليابان. غذت كل رحلة شغفه بتدهور الثقافات وصمود الإنسان. كما درّس كأستاذ ضيف بالجامعة الحرة فى برلين عام ٢٠٠٨، وحصل على منحة مكتبة نيويورك العامة فى ٢٠١٥/٢٠١٦، وهى فترات أثرت منظوره العالمى.
جوائزه عديدة، منها جائزة «مان بوكر» الدولية عام ٢٠١٥ «الأولى لمجرى»، وجائزة الكتاب الوطنى للأدب المترجم عام ٢٠١٩ عن «عودة البارون وينكهايم»، وجائزة «كوسوث» المجرية، وصولًا إلى جائزة «نوبل» عام ٢٠٢٥.
وتشمل إنجازاته الأقل شهرة تعاونه مع الفنان ماكس نويمان فى «أنيمال إنسايد» «٢٠١٠»، وهو عمل نثرى-شعرى مؤثر، وعمله الأرشيفى الدقيق، مثل تصنيف المخطوطات بمتحف «بيتوفى» الأدبى فى بودابست، وهذه المهام «المملة»، كما قال ذات مرة، أرست خيالاته، وعلمته الانضباط فى هيكلية الفوضى.
تشكل أعماله نسيجًا من اليأس والجمال والتساؤل الدئوب، بداية من «ساتانتاجو» ١٩٨٥، وهى روايته الأولى، وتدور فى قرية مجرية متداعية، تتبع مجموعة تنتظر مسيحًا وهميًا، ويجسد هيكلها الدائرى ونثرها الجارف الخيانة والعبثية، وتم تكييفها بواسطة «بيلا تار» إلى فيلم مدته ٧ ساعات ١٩٩٤، وهو كلاسيكى عبادى لإيقاعه المنوم.

وتضم قائمة أعماله «حزن المقاومة» ١٩٨٩، وهى حكاية سريالية عن بلدة تتفكك بسبب حوت محنط وسيرك متنقل، يرمز إلى الانهيار الاجتماعى، وفازت بجائزة ألمانية عام ١٩٩٣ وألهمت فيلم «تار هارمونيات فيركمايستر» ٢٠٠٠.
ومن أعماله أيضًا «الحرب والحرب» ١٩٩٩، و«الدمار والحزن تحت السماوات» ٢٠٠٤، والتى تمثل مقالة عن تآكل الثقافة الصينية، وتمزج التقرير بالفلسفة، وتعكس نبرتها التأملية رحلاته الآسيوية.
تستكشف «نوفيلاته»، مثل «الذئب الأخير» ٢٠٠٩، ومجموعاته القصصية، مثل «العالم يمضى» ٢٠١٣، مواضيع مشابهة للفقدان والصمود. وترجم نثره إلى صور بصرية قاتمة فى سيناريوهاته مثل «اللعنة» ١٩٨٨، و«حصان تورين» ٢٠١١، متأثرًا ببارانويا «كافكا»، وعبثية «جوجول»، وبساطة «الزن». ويظل عمله عالميًا ومجريًا بعمق، متجذرًا فى القلق ما بعد الشيوعية فى أوروبا الشرقية. وليس لـ«كراسناهوركاى» حياة مليئة بالفضائح بل بألغاز هادئة. تراثه اليهودى، الذى كُشف فى مقابلة عام ٢٠١٨ مع مجلة يونانية، كان سرًا عائليًا شكل شعوره بالإزاحة.
تواصل مع الكاتب النمساوى توماس برنارد، والملحن جيورجى ليجيتى، اللذين أعجبا بـ«دقته الهوسية»، فهو يرفض التكنولوجيا، ويكتب المسودات الأولية فى رأسه أو على الورق، ويستخدم الحاسوب فقط للتسجيل.
ناقش النقاد إمكانية قراءة أسلوبه، واصفين إياه بـ«غير قابل للقراءة» بسبب نثره الكثيف غير المنقوط، لكنّ المدافعين عنه مثل «سونتاج» يرون أنه «موسيقىّ الانهيار».