شلة كوهين.. المعلومات الغائبة فى قصة المنتفعين من رفائيل

- هل كان «كوهين» يجرؤ على طلب موافقة إبراهيم أصلان أو مستجاب أو خيرى شلبى لترجمة أعمالهم.. وهم مَن كانوا يجلسون على بعد مقعد أو اثنين فى «الأتيلييه» و«زهرة البستان»؟!
- هل حصلت عبلة الروينى على مقابل حقوق ترجمة «أوراق الغرفة 8» أو أى من ورثة الشاعر الكبير أمل دنقل؟! وهل تم نشر الديوان أو حتى ترجمته من الأصل؟!.. الإجابة «بالتأكيد لا».. فلماذا الكذب والتمسح فى اسم أمل؟!
منذ الكشف عن التشكيل الجديد للجنة التحكيم فى جائزة نجيب محفوظ التى يقدمها قسم النشر بالجامعة الأمريكية، تكتسى سماء القاهرة بحالة متشنجة وانفعالية لرفاق ومعارف «فرقة التحكيم»، وكلها، كما تابعت، لا تخلو من مغالطات وأكاذيب، ومحاولات للتحايل على الحقائق المجردة، البسيطة والبديهية، ولا تخلو من اللف والدوران دون الدخول فى صلب الموضوع، أو الرد الواضح والصريح والمباشر بقليل من المعلومات العادية والسهلة، والتى «نشف ريق» الكتاب والمثقفين فى طلبها.. مع اختفاء تام لصاحب الشأن الذى توارى خلف «شلة» من الشتامين المستعدين لإشهار جميع أنواع الأسلحة لقمع كل من تسول له نفسه التساؤل عن حقيقته، وتطوعوا لتصويره فى صورة المناضل المهذب «الكيوت» الذى سوف تخسره القضية الفلسطينية بسببنا، وتضيع معها جهوده «الجبارة» من أجل إحلال السلام.. فمن هو هذا الشخص؟! ولماذا كل هذا التشنج والانفعال البائس؟! ما حيثيات اختياره فى لجنة تحكيم أهم جائزة عربية؟! ما الكذب وما الحقيقة فى كل ما يتعلق به؟! وفى علاقته بالكيان الصهيونى على وجه التحديد؟ ما علاقته بالأناركيين وفصائل اليسار التروتسكى التى يتولى أفرادها تقطيع كل من تسول له نفسه السؤال عنه؟! هل شاهده أحدٌ فى مظاهرة للدفاع عن الحق الفلسطينى؟! أو ضد الإجرام الإسرائيلى فى غزة وغيرها؟! زار تل أبيب أم لم يزرها؟! عاش هناك لمدة 4 سنوات «لأسباب عائلية»، أم تم رفض دخوله إليها؟!.. والغريب أنهم يقولون بالأمرين معًا فى نفس ذات الوقت «!!».
كم من الأكاذيب والمغالطات التى لا حصر لها، والتى لم تكن بحاجة إلى كل هذه السفالات للرد على من يطالبون بالحق فى المعرفة، ونشر المعلومات الصحيحة، وهى الحالة التى لا يمكن قراءتها بمعزل عن عبارة «كاد المريب أن يقول خذونى».. هذا شخص مريب، وهؤلاء أشخاص أكثر ريبة، والقصة كلها لا تليق بمقام نجيب محفوظ، ولا بما تريده الجامعة الأمريكية لمنتسبيها فى مصر ولو للابتعاد عن دوائر الشبهات.
ولتكن البداية من بيان «دار نشر الجامعة الأمريكية» نفسه.. يقول كاتب البيان، أو كاتبته، إن السيد رفائيل، لا مؤاخذة، كوهين، يعيش فى مصر منذ عام ٢٠٠٦، وهذه معلومة كاذبة ومضللة لسبب بسيط جدًا، وهو تجاهلها، أو تغافلها عن معلومة أخرى تقول إنه عاش هنا فى السنوات من ١٩٩٢، وحتى خروجه من مصر «بلاش إبعاده اللى بتضايقهم» عام ١٩٩٦، وهى المعلومة التى لابد أن تستدعى البحث عن أسباب خروجه، ومعرفة أن ذلك حدث بعد التحقيق معه فى اتهامات أمنية، وبعد استبعاده من العمل فى جريدة «الأهرام ويكلى» التى دخلها بطلب ووساطة من الملحق الثقافى البريطانى، ورفيقه فى السكن الشاعر والمترجم اليسارى أحمد حسان، وتحت رعاية الراحل الكبير هانى شكرالله، والذى كان يحتوى عددًا لا بأس به من أفراد «اليسار التروتسكى» بالجريدة، وهو نفس الدور الذى كان يقوم به الراحل الكبير محمود أمين العالم فى «أخبار اليوم» مع اختلاف الفصيل، وهو دور ليس محل أى شك أو ريبة بالمناسبة، ولكنه، بقصد أو دون قصد، يقدم غطاءً لعملية تمرير يلجأ إليها كثيرون، خصوصًا من لا يعرفهم أحد، فما بالك بشخص يحمل اسمه دائرة شك لا مفر منها «كوهين»!!
ولعله من المناسب أن أذكر أننى عرفته شخصيًا فى تلك الفترة، والتى انتقل خلالها للسكن مع محرر مجلة «الكتابة الأخرى» الشاعر هشام قشطة فى شقة مفروشة بشارع شامبليون فى وسط البلد، إذ كان يتردد على جميع أماكن تجمعات الأدباء والفنانين، من مقهى «زهرة البستان»، إلى مطعم «الجريون»، و«النادى اليونانى» و«أتيلييه القاهرة» ومقهى «الحرية» و«بار ستيلا»، وغيرها من الأماكن.. واللافت أننى منذ اللحظة الأولى لم أشعر تجاهه بغير الريبة والشك وعدم الارتياح، ولم أكن قد عرفت اسمه بعد، إذ كانوا يقدمونه على أنه «راف» دون «كوهين» (!!)، وأنه مترجم بريطانى مقيم فى مصر.. وكان يجالس الجميع، ويتقاسم معهم اللقمة والسيجارة وبعض «المخدرات»، ويتنقل بين شققهم المستأجرة والمبيت فيها، ودون أن يتردد فى الكذب عليهم جميعًا بادعائه أنه لم يسافر إلى «إسرائيل»، ولا يعرف شيئًا عن عائلته المقيمة بها، ودون أن يعرف أحد أنه عاش هناك قبل مجيئه إلى القاهرة، فى الفترة من ١٩٨٥ إلى ١٩٨٨، وبعبارة واحدة من فرقة المدافعين عنه «كان يتردد على إسرائيل لأسباب عائلية».. يعنى كان بيسافر، ومرتبط بعلاقات هناك، أومال إيه بقى؟!.
فى هذا السياق قالت الكاتبة الكبيرة منى أنيس فى تعليق على أحد المنشورات بموقع «فيسبوك» ما نصه: «عمل معنا فى الأهرام ويكلى مترجمًا عامًا أو أكثر، لا أذكر، وهو بريطانى الجنسية متخرج من إكسفورد تخصص لغات شرقية (عبرى وعربى) وقد أثار اسمه ضجة إعلامية سابقة فى أوائل التسعينيات عندما رفضت عبلة الروينى السماح له بترجمة ديوان لأمل دنقل. وكانت قد ثارت أقاويل وقتها فى مقاهى المثقفين حيث كان يجلس، وفى مجلة روزاليوسف، حول أن له أقارب فى إسرائيل وأنه يستقبلهم فى القاهرة»، وهو ما يقودنا لقصة ترجمته المزعومة لديوان «أوراق الغرفة ٨» للشاعر الكبير أمل دنقل.. فالحقيقة أنه لا يوجد كتاب مترجم بهذا العنوان بتوقيع السيد كوهين، لأنه أصلًا لم يترجم الكتاب، ولم ينشر غير قصائد قليلة جدًا، فى بعض المواقع والمجلات، والحقيقة أيضًا أن قصة توقيعه عقدًا مع الكاتبة الكبيرة عبلة الروينى كاذبة تمامًا، فالعقد يعنى تجاهل بقية ورثة الشاعر الكبير، ولا يجوز أن توقع الأستاذة عبلة العقد بمفردها، فكيف تجاهلت دار نشر كبيرة، تتبع مؤسسة كبيرة بقية ورثة الكاتب ومنهم الكاتب أنس دنقل وهو حى بيننا يمكنه التعليق والتوضيح؟! هل حدث الاتفاق أصلًا؟! أشك.
طيب.. العقد يعنى حقوق نشر، يعنى فلوس.. هل حصلت الأستاذة عبلة أو الأستاذ أنس على أى مقابل من السيد «كوهين» أم أنه ضرب عليها؟!.
هل دفعت «الجامعة الأمريكية» لهما، أو له، حقوق النشر أو مقابل الترجمة الوهمية؟! بالتأكيد لأ..
هل نشرت الكتاب؟! لدينا إذن «لا» ثالثة أو رابعة.. لا أعرف «بطلت أعد».
لم يكن الأمر أكثر من التمسح فى اسم أمل دنقل وعبلة الروينى.. لا أكثر ولا أقل، وهذا هو ما حدث، كلهم يرددون أنه ترجم قصائد أمل دنقل، شاعر «لا تصالح»، وفقط لا غير.. لا كتاب ولا عقد ولا حقوق، ولا شىء غير الدعاية لتمرير الاسم «المشبوه».
طيب.. ما الخدمات الجليلة التى قدمها للأدب العربى، هو أو رفاقه فى اللجنة؟! لن أتوقف عندهم، وأحيلك يا صديقى إلى مقال كتبته بموقع «الدستور» للرد على بيانهم بالاستمرار فى عملهم باللجنة، ولكنى سأقول لك إنه ترجم رواية «الملف ٤٢» للمغربى عبدالمجيد سباطة، وصدرت عن دار «بانيبال بوكس»، لصاحبها صموئيل شمعون وزوجته عام ٢٠٢٠، ما موقع السيد «سباطة» فى الأدب المغربى؟! أدعو الأصدقاء فى المغرب العربى لكى يعرفوننا به، فالحقيقة أننى لم أقرأ له أو عنه.
وقبلها ترجم فى ٢٠١٣ رواية «إيموز» عن دار نشر الجامعة الأمريكية، للكاتب إسلام مصباح، وقيل إنها وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة ساويرس، ورواية للكاتبة منى البرنس، الداعية للتطبيع مع إسرائيل، وهى بالمناسبة لا تخفى ذلك، ولا تتنكر له.. ماذا ترجم أيضًا؟! ديوان للراحل «رفعت سلام»، وعدد متفرق من كتاباتٍ لغير مؤثرين فى المشهد الثقافى المصرى والعربى.. فهل قرأ لمحمد المخزنجى مثلًا، المنسى قنديل، جار النبى الحلو، وهل ترجم لأى منهم؟ لجمال القصاص، أو عبدالمنعم رمضان، أو أحمد طه الذى فتح له بيته ليقيم فيه بالقاهرة فى أولى زياراته إليها؟! حلمى سالم.. شعراء كثيرون كان هنا وهم أحياء.. وروائيون وكتاب قصة، تركهم جميعًا واختار منى البرنس ويحيى وجدى وسباطة وإيموز، أو بعبارة أدق لم يكن يجرؤ على مجرد طلب إذنهم بترجمة أعمالهم، ولك أن تتصور معى مثلًا أنه اقترب من الراحل الكبير إبراهيم أصلان، الذى كان يتردد على زهرة البستان كثيرًا، أو الراحل محمد مستجاب.. تصور ماذا كان سيكون رد فعلهما لو عرفا اسمه وطلب منهما الإذن بترجمة ولو قصة لهما؟!
الحقيقة أننى قبل كتابة هذا المقال كنت أفكر فى أن يحتوى فقط على بعض الأسئلة البسيطة المتعلقة بهذا الشخص، والتى «انقطع نفس» كتاب ومبدعين على مدار الأسبوع الجارى بحثًا عن إجابة لها، وفك الالتباس حول مواطن الشبهات فى مسيرته بيننا، لكننى بعدما قرأت بيان لجنة التحكيم، اكتشفت أنهم أقل من أن توجه إليهم أى أسئلة، وأن إدارة الجامعة بموقفها المريب مما جرى خلال الأيام الماضية تضع المسمار الأخير فى نعش الجائزة، فلا حاجة لحوار عقلانى مع من يغلق أذنيه، هو درب من العبث، ولا رد عليه أقل من إعلان مقاطعة الجائزة لهذه الدورة على الأقل، أو إلى أن يتم استبعاد جميع «المرتزقة» والمنتفعين منها.