لا نهاجمه.. نطالب بمحاكمته.. انظر من يدافع عن خالد أبو الليل

- ندعو الدكتور أحمد مجاهد والوزير حلمى النمنم للكتابة وتوضيح ملابسات خروج كتاب «التاريخ الشعبى» من مطابع الهيئة العامة للكتاب.. وكيف سارت رحلة «نشره بليل»
قبل كل شىء، كنت أود التعبير عن سعادتى بالإفراج عن السيد أحمد سراج، وبعودته إلى أسرته بعد أشهر من الاحتجاز باتهامات «الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، واستخدام موقع للترويج لأفكار إرهابية، وارتكاب جريمة من جرائم التمويل»، حسب محاميه الذين حضروا معه جلسات التحقيق، لكننى بعد قراءة الكلمات التى يحدد فيها بوضوح أننى المقصود بعبارتيه «أسراب الخراب» و«غدارة الطعن»، خفت حماسى للتهنئة واختفى، فتراجعت تلك الرغبة، بل ووجدتنى أقول لنفسى أن لا أحد يتغير، فعلًا.. «اللى فيه داء عمره ما يسلاه».. لا أحد يريد أن يفهم، أو يقرأ.. فالمؤكد، بالنسبة لى، أن من يكتب مثل هذه المطولة الغزلية للترويج لكتاب لا تخلو صفحة من صفحاته من جريمة فى حق التاريخ المصرى الحديث، لم يقرأ حرفًا مما كتبت، ولا من المكتوب الذى يدافع عنه فيدينه من حيث لا يدرى.. ورغم قوله بمتابعته لمراحل إنتاج الكتاب والاحتفاء به، وقراءته له بالتفصيل، فإنه لم ير ما به من قصور، وإن تضمن رده إشارات واضحة لمناطق خلل علمى لم تكن لتخفى على المؤلف وقت تدوينه لجريمته، ولم ير ما فيه من «تبنٍ لسرديات الإخوان»، فأعماه الغرض أو الاندفاع العاطفى عن رؤية مواطن الخلل (!!)
هنا وجدتنى أردد بينى وبين نفسى مقولة الأعرابى الفقير الذى قال ردًا على سؤال «بم عرفت ربك؟!»، إن «البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير».. فعلًا.. فهذه البعرة لا تدل إلا على بعير.

عندما يتحول الدفاع إلى إرهاب وتهديد.. وإدانة لمن يدافع عنه
كثيرًا ما تذكرت بيت الشعر الذى يقول فيه أبوالطيب المتنبى «وكم ذا بمصر من المضحكات، ولكنه ضحك كالبكاء»، أعزى به نفسى وأصدقائى من الكتاب والمثقفين حين يغلب الجهل والادعاء على ردود فعل العامة وبعض أفعالهم، وحين تنتشر أفكار الغوغاء وسلوكيات القطيع، وغيرها من المواقف البائسة والمحزنة، لكننى للحقيقة لم أكن أتصور أن أكون طرفًا فى واحدة من هذه المضحكات المريرة، حتى بدأت قصة الكتاب المضلل لصاحبه خالد أبوالليل وتوابعه أو تابعيه ومن يشاورون عقولهم..
كتبت على «فيسبوك» كلامًا مختصرًا وشديد الوضوح، دون تدخل أو وصف، فهاج الذين على رءوسهم بطحة، رغم أننى أشرت إلى عبارة واحدة خارجة فى كتاب يدعى الانتساب إلى التاريخ، لا الأدب الشعبى (!!)
كتبت بعدها مقال رأى أوضح فيه الاختلالات المنهجية لمؤلف الكتاب، وأحدد مواطن الخلل فيه، وسوء الاستخلاص والاستشهاد، فكتبت عن المقدمات التى بنى عليها كتابه، والنتائج التى لم يتحدث عنها ودسها بين السطور، وحاولت تحليل الخطاب المدسوس فى ثنايا الصفحات وغيرها من أمور تتعلق بمناهج البحث العلمى، والفارق بينها وبين تحويل الشائعات والسباب و«قلة الأدب» إلى وثائق تاريخية نحتفظ بها فى «دار الكتب والوثائق القومية»، فزاد الهيجان، وظهرت الاتهامات المجانية التى تكشف عن سوء الطوية وعدم القدرة على القراءة الصحيحة، ومحاولات الترهيب والتهديد، وتحويل النقاش إلى اتجاهات أخرى لا أصل لها ولا فصل.. أقول لهم إن هناك انحرافات منهجية، وأخطاء فى الاستدلال، وفى اختيار العينة، وسوء قصد فى جمع الشتائم وإثباتها كمقولات رأى، وتصديرها كوجهة نظر، فيقولون هذه محاكم تفتيش، وتحريض للسلطات!! ويتساءلون بمنتهى الأريحية «لماذا لا ترد عليه بمقال رأى؟!.. أومال ده إيه؟!

ما هذا الجهل؟! ولماذا تلجأون إلى تحريف الكلام، والإرهاب والتهديد بترديد تلك النوعية من العبارات الممجوجة عن تحول الصحف إلى محاكم تفتيش؟! فما الذى تفعله الصحف أمام جريمة واضحة ومكتملة؟! من أين جاءكم التصور أن المناقشة محكمة تفتيش؟! هل النقد حلال على فئة وحرام على فئة أخرى؟!
طيب.. «الأخ» أحمد سراج يقول فى رده المنشور فى هذا العدد من «حرف» ما نصه: «يبدو للقارئ للوهلة الأولى أن المؤلف يعبر عن أفكاره هو، وهذا يوقعه فى مشكلة كبرى، وعليه أن يدرك أن المؤلف يلجأ إلى تفصيح مجتزأ الشهادة، وتفسيره، وكان على المؤلف أن يضع الجملة الاعتراضية منذ بداية الكتاب» (!!) ويضيف: «سواء جرى هذا بإرادة المؤلف، أو أنه تركه لفطنة القارئ فقد أحدث بلبلة يسهل تجاوزها فى كثير من المواضع» (!!)
ما هذا؟! أليست إشارة إلى خطأ علمى لم يكن ينبغى لشخص يحمل درجة «أستاذ دكتور» الوقوع فيه؟!
أليس فى ذلك أى إدانة لمؤلف الكتاب الذى حاول أن يدافع عنه فكشف دون أن يدرى عن عدم جدارته العلمية، وإيقاعه لنفسه بنفسه فى مشكلة «كبرى»؟!
قبلها يذكر فى بداية رده أنه انتظر على مدار عشر سنوات أن يؤخذ الكتاب، ومجاله المعرفى الجديد، على محمل الجد، وأن ينتبه القائمون على الثقافة المصرية؛ أفرادًا ومؤسسات إلى أهمية «التاريخ من أسفل»، لكن الأمر اقتصر على ندوة فى جامعة القاهرة، تحدث فيها محاضروها، ومنهم رئيس قسم التاريخ فى الكلية العريقة عن «محاولة الكتاب لفتح أفق جديد فى باب نمتلك فيه أكثر ما يمتلك الآخرون»، لم يقل إن رئيس قسم التاريخ تحدث عن دقة المنهج المتبع، أو عن كفاءة الباحث، ولا عن مقدماته ونتائجه، مجرد عبارة مجاملة لتقدير الجهد، لا لثمرة ذلك الجهد، كلمة تحية «لفتح أفق جديد»، لا شهادة على محتوى الكتاب، ولا تعنى بحالٍ من الأحوال براءة مؤلف الكتاب من العمل على ترويج سردية تنظيم الإخوان بخصوص فترة الحكم الناصرى، وإثباتها، والانتصار لها».. ولا يجوز التحجج بها واستخدامها لغير ما قيلت له، إذ يبدو أن تلك الندوة، أيضًا، لم تأخذ كتاب «أخاك» على محمل الجد، وإلا كنت تذكرت بحكم متابعتك اللصيقة للكتاب وكاتبه أى عبارة ثناء على «المؤَلَف» أو منهجه، أو استخلاصاته.

لن أعلق على عبارة «ولأسباب محيرة تُحدِّث عنه»، وسابقتها «التاريخ من أسفل»، فبهما من الركاكة «المتفردة» والسوء ما بهما.. «تُحدِّث عنه»؟!
فقط، سأقول له إن عشرات الكتب تصدر سنويًا بتوقيع متطرفين وإخوان، فى مصر أو خارجها، تنشرها دور نشر مجهولة أو يغلبها الهوى، معادية ومتخفية ومجهولة الهوية، لكنها جميعًا يتم التعامل معها بجدية، رغم أنهم فى النهاية متطرفون وإرهابيون ينشرون لبعضهم البعض، لن أذهب معك إلى القول بأننا «نترك مواقع ومنصات وكتبًا تهاجم مصر بضراوة وقسوة.. بل وتعيد تأريخ الأجهزة المصرية وفق رؤيتها»، فكتاب «التاريخ الشعبى من وجهة نظر المهمشين» واحد من هذه المؤلفات، يعيد تأريخ «مصر فى فترة الحكم الناصرى» وفق رؤية «تنظيم الإخوان»، ومحبيه، والمركوبين من عناصره، ووجهات نظرهم الموتورة، كما هو واضح من عنوانه الشارح.. ولهذا «تُحدِّث عنه»، وتأخر الالتفات لجريمته لأن الأمر يختلف عندما يتم نشر مثل هذه الجرائم فى هيئة حكومية كبرى، هى أهم جهة نشر فى مصر والعالم والعربى، ولأنه تم التحايل لنشره فى غفلة من الجميع.. ولعله لا يعرف أن الكتاب دخل الهيئة العامة للكتاب فى ٢٠١٢، وقت حكم التنظيم، ورواج مقولة «الستينيات وما أدراك ما الستينيات»، وحصل على إجازة النشر من قبل محمد سالمان، الذى كان يشغل وقتها منصب رئيس الإدارة المركزية للنشر فى الهيئة، والمعروف بانتمائه، وقبل أن يدخل الكتاب المطبعة تمت الإطاحة بالإخوان من الوزارة، وتولى الدكتور أحمد مجاهد رئاسة الهيئة، فأوقف طباعته، واستمر الحال حتى ٢٠١٥، عندما تم تكليف الكاتب الصحفى حلمى النمنم بتسيير أعمال الهيئة، بجانب عمله كرئيس لدار الكتب والوثائق القومية، حيث تم استغلال انشغال وزير الثقافة الأسبق بأعماله فى دار الكتب لإصدار الكتاب، حتى إننى أشك فى معرفة الوزير الأسبق بمراحل طباعته، وأدعوه هو والدكتور أحمد مجاهد للكتابة وتوضيح ملابسات نشر هذا الكتاب، وخروجه من مطابع الهيئة العامة للكتاب.

لهذا تأخر الحديث عنه ولم يتم الالتفات إليه، لأنه «نًشر بليل»، ولأن مؤلفه كان «خامل الذكر» قبلها، فكم من «وكيل» لكليات فى مصر لا يعرف بهم أحد غير طلابهم وزملائهم فى هيئة التدريس.. ولكن لأن مواجهة مثل هذه الجرائم تصبح ضرورة عندما يتجاهلها، أو لا يعرف بها وزير الثقافة، ويأتى بمؤلفها لإدارة أهم وأكبر هيئة ثقافية فى مصر، جاء الحديث..
خلصت الحيرة؟!.. أشك.
احتشاد للتاريخ أم للتزوير وتشويه الحقائق؟!
فى معرض دفاعه عن «حبيبه» يوضح «الأخ» سراج أن جمع شهادات «المبحوثين» تم بإشراف أكاديمى، وقام به ١٩ باحثًا، ويقول نصًا: «جرى هذا بإشراف علمى وإدارى من كلية الآداب جامعة القاهرة، وعلى يد أربعة مشرفين بَينين، لأن «التاريخ الشفاهى» يقع فى حقل الدراسات البينية»!! وأنه استفاد من «مئات المصادر والمراجع العربية والأجنبية، وهذا يدل على احتشاد الكاتب وفريقه للعمل الذى تناول فترة مهمة ومليئة بالأحداث الجسام»!!
وهنا دعنى أقول لك، إن أبسط قواعد جمع الشهادات العلمية، ولو كان لوجهات نظر ورؤى، تتمثل فى تحديد عينة البحث، وفى تنوعها لتمثل مختلف وجهات النظر، وإثبات ذلك فى مقدمة البحث، فما المعايير التى وضعها الأستاذ الدكتور لاختيار العينة؟! وأين سجلها فى كتابة الضخم؟! لا شىء معلن.. وركز من فضلك فى كلمة معلن!!
الأسوأ أنه لم يكن كما يبدو صاحب رأى فى اختيار الباحثين، أو من قاموا بجمع الشهادات، والذين يبدو جهلهم بالتاريخ فيما يذكره هو فى صفحة «٢٦٤» من خلط المبحوثين بين حسن البنا وسيد قطب، وعدم تدخل حامل جهاز التسجيل بالتوضيح للمتكلم، وكأنه مجرد ماكينة صماء لا علم لها بما تجمع من شهادات عنه.. فهل من العلم أن يكون الباحث على غير دراية بموضوع الشهادة التى يجمعها؟!.. وأين الإشراف الأكاديمى والإدارى لجامعة القاهرة الذى يتحدث عنه صاحب الرد فى ذلك؟!، أين «احتشاد المؤلف وفريقه للعمل الذى تناول فترة مهمة ومليئة بالأحداث الجسام»؟! أم أنه كان احتشادًا لتزوير تاريخ مصر، لا لجمع شهادات ووثائق ومعلومات تقترب من مصاف الحقائق؟!

وبغض النظر عن مسألة المراجع التى يقول إن المؤلف اعتمد عليها، والتى يبدو أنه ينتبه إلى أن السيد المؤلف لم يستفد منها فى شىء، ولم يرجع أو يشر إلى بعضها طوال كتابه، بل دافع عن «سردية الإخوان لبطولاتهم فى حرب ١٩٤٨، مستندًا على إدانة ما كتبته جريدة «مصر الفتاة» باعتبارها كانت على خلاف مع «التنظيم»، ودون أن يحاول التحقق من رواية «مصر الفتاة»؟!
نأتى إلى مسألة التمويل من «مؤسسة فورد»، وهى لا تختلف كثيرًا عن «تُحدِّث عنه» و«التاريخ من أسفل»، مجرد مراوغات لا قيمة لها، يقول: «بقى أن المؤلف لم يتعامل مع مؤسسة منح أمريكية، بل مع مشروع دعم البحث العلمى الاجتماعى بكلية الآداب، بجامعة القاهرة، ولو كان فى الأمر ما يشين ما ذكره فى الصفحة الأولى من كتابه التى وسمها بـ«شكر وتقدير» (!!) الكتاب موجود، وصفحة الشكر موجودة، ويقول المؤلف فيها نصًا: «مشروع دعم البحث العلمى الاجتماعى بكلية الآداب، بجامعة القاهرة، الممول من مؤسسة فورد».. هى الممول ولا مش هى؟!.. هذه ألاعيب صغيرة لا تستحق التوقف أمامها.
أخيرًا يقول «الأخ» أحمد سراج ما نصه: «وأذكر هنا أن الدكتور جمال زهران كتب مقالًا يهاجمهم فيه (يقصد الإخوان) ففوجئ بهم يتصلون به ليشكروه، وحين سألهم قالوا: يكفى حضور اسمنا فى عنوان مقال»، لهذا أصر على إضافة «الإرهابية» لعنوان كتابه عن فترة حكمهم الذى صدر فى المجلس الأعلى للثقافة..
هكذا.. مجرد حضور اسمهم فى مقال كان كافيًا لاتصالهم به ليشكروه، فماذا كان نصيب «الأستاذ الدكتور خالد أبوالليل»، وهو يذكرهم فى كل صفحات كتابه، ويفرد الصفحات للحديث عن بطولاتهم.. ومعاركهم، وينقل شتيمتهم لرئيس الجمهورية..
هذا هو خالد أبوالليل، وهذا هو كتابه، وهؤلاء هم من يدافعون عنه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حديث الغرام مع «بدر التمام».. واحتفاء «الموقف المصرى»!!
ربما التمست للسيد سراج العذر فى اندفاعته العاطفية، خصوصًا أننى قبل التعليق على رده، حاولت معرفة آليات تفكير الشخص الذى لا أعرفه ولا يعرفنى، ويتهمنى بالخراب وحمل غدارات الطعن (!!)، فألقيت نظرة سريعة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، واندهشت عندما وجدته فى قائمة الأصدقاء، فهو الذى لم ألاحظ له تعليقًا أو رد فعل على أى شىء كتبته طوال سنوات، وإن كان ذلك لا يهمنى فى شىء، فهذه طبيعة الوجود على مواقع التواصل الافتراضى، على أن ما استوقفنى بالفعل هى تلك الحالة الغرامية التى تجمع «الأخ» أحمد سراج بأخيه خالد أبوالليل، والتى تبدو واضحة لا لبس فيها فيما كتبه على صفحته بموقع فيسبوك بعد أيام معدودة من خروجه من السجن، إذ كتب بتاريخ ١٨يونيو الماضى، تحت عنوان: «خالد.. بدر التمام المصرى..
من أى سلالة ينحدر هذا الفتى؟
لماذا أجدنى مدفوعًا إلى حبه، والوقوف إلى جانبه فى كل موقف، فى السراء وفى الضراء؟
أفرح بصدور كتاب له، بتوليه منصب، بجائزة ينالها، مرة هاجمها أستاذ جامعى فتصديت له، وبعدها بفترة سألنى: لماذا فعلت هذا؟ قلت: حين يدخل طالب إليك مهما كانت ظروفه المالية فأثق بأنه سيخرج مجبور الخاطر.. فأنت واحد من الذين جاءوا من عمق الريف وستحاول أن تريح أمثالنا..
لكن الأمر أبعد من ذلك، فنحن أمام أحد نماذج السلالة الرفيعة الآتية من «الكاتب المصرى القديم؛ اجتهاد علمى، عمل دءوب، موهبة لامعة، سعة أفق، سماحة نفس، كأنه النيل يسير الهوينى ليسقى دون أن يؤذى».
هذا نص ما كتبه سراج عن أبوالليل.. بدر التمام، موهبة لامعة، سماحة نفس، فارس خفى، والنيل يسير الهوينى.. ما كل هذه المجازات وما علاقتها بالعلم؟!
حشد من المجازات الغزلية الفارغة التى لا تختلف كثيرًا عن تلك المطولة الغزلية التى كتبها للدفاع عن أخيه وكتابه، والتفتيش عن حيلة أو طريقة لاتهامى بأى اتهامات لا أصل لها، حتى أنك يا أخى لا تجد بينها ما يمكن وضعه فى الاعتبار كمعيار قيمة أو جهد، فلا مكان لدقة بحثية مثلًا، أو نزاهة علمية مثلًا، لا مكان لقيمة الإخلاص فى العمل، أو القدرة على استخلاص النتائج وقراءة ما بين السطور، ولا لأى صفات عملية تميز منتج صاحبها العلمى، فقط صفات غزلية فى مكارم الأخلاق وسماحة النفس.. حسنًا، هذه أمور جيدة بالفعل، ولكن ما علاقة هذا بالعلم؟! لا شىء.. ما علاقة ما كتبه بالكتاب موضوع المناقشة؟! لا شىء.. هذا مجرد رجل يكتب لرجل آخر أنه «مدفوع إلى حبه، والوقوف إلى جانبه فى كل موقف، فى السراء وفى الضراء»، ورغم أن عبارة «فى السراء والضراء» تستخدم فى «الأدب الشعبى» لعلاقات الزواج والارتباط العاطفى، فلا مانع من عدم التوقف قدامها، فلا شأن لنا بما بينهما كشخصين، ولن يختلف الأمر كثيرًا، لأننى هنا لمناقشة أفكار وتصورات ضمها كتاب مطبوع فى أهم دار نشر مصرية حكومية، ولا علاقة لى بما يراه رفاق المؤلف وتابعوه من تصورات عما كتبت.. فلا طائل من رد على «جهل» أو «مجرد تطاول» فى غير محله.

استوقفتنى أيضًا حالة احتفاء صفحة «الموقف المصرى» معروفة الأهواء بالإفراج عن سراج الذى لم أكن أعرفه، إذ لاحظت أن الصفحة كتبت عنه بتاريخ ٣ يونيو الماضى ما نصه: «أحمد سراج مش مجرد صحفى، دا شاعر ومسرحى، وخبير تعليم إلكترونى، ومستشار تطوير محتوى، وعضو فى اتحاد كتاب، وعضو لجنة تأليف المناهج التعليمية بدار الشروق، وعضو جمعية حماة اللغة العربية، وعضو الجمعية التاريخية المصرية ومثقف ذو حضور مميز فى المشهد الثقافى المصرى»..و«إلى جانب كل المؤهلات الثقافية النادرة دى، أحمد سراج أدار الحوار الصحفى مع ندى مغيث باحترافية مرموقة، ولم يتهم أى جهة بأى شىء، لذلك كان القبض عليه خطأ من البداية».. تمام جدًا، فطالما قالت صفحة «الموقف المصرى» الإخوانية الهوية، إن القبض على سراج كان خطأ من البداية، وإنه يتمتع بمؤهلات ثقافية «نادرة»، فلا حاجة بى للكلام، والكتابة، وتعب القلب.. ولا أخفى عليك يا صديقى أننى بالفعل فكرت فى عدم الرد أو التعليق، خصوصًا أن ما كتبه «الأخ» بغرض الدفاع عن «أخيه» يدين الكاتب والكتاب بأكثر مما يفيده، لكننى لست ذلك الذى يسكت حين يحاول «مندفع» الطعن فى مصداقيته، أو النيل منه، لا بطحة على رأسى، لا أحد يملى علىَّ ما أكتب، ولا تأخذنى الاندفاعات العاطفية، ولا ترهبنى عبارات التهديد، ولا الصوت العالى.. ولو قال أتباع السيد أبوالليل ورفاقه والمدفوعون إلى حبه بغير ذلك.