السبت 15 نوفمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

الرعب المقدس.. عودة المسيح إلى هوليوود فى فيلم رعب

حرف

- نيكولاس كيدج يؤدى دور يوسف النجار.. والمغنية إف كيه إيه تويجز تجسد العذراء 

- المؤلف والمخرج: استلهمته من «إنجيل توما».. وتصنيفه ضمن أفلام الرعب «استفزازى»

- منتقدون: يصور يسوع «قوة شريرة بطبيعتها» بما يدخله فى دائرة «التجديف»

- تعليقات على «السوشيال ميديا»: «كفر لن نشاهده.. فالمسيح ليس مرعبًا»

- معارضون للفيلم: «يصور المسيح كأنه ممسوس أو خاضع لهجوم روحى»

يُعرض فيلم «The Carpenter’s Son/ ابن النجار» فى دور السينما العالمية، خلال أيام، والذى تم تصنيفه ضمن فئة «الرعب الدينى»، من تأليف وإخراج المخرج الأمريكى المصرى ذى الخلفية القبطية، لطفى ناثان، ما جذب اهتمامًا إعلاميًا واسعًا، خاصة فى الصحافة الغربية.

يؤدى بطولة الفيلم النجم نيكولاس كيدج، وتدور أحداثه حول عائلة من الناصرة تلجأ إلى مصر هربًا من خطر يتهددها، حيث تُروى القصة من منظور غير تقليدى لطفولة السيد المسيح، فى معالجة سينمائية تدمج بين الرؤية الدينية وأجواء الرعب.

ويأتى «ابن النجار» فى لحظة ثقافية تشهد إعادة تصور للسرديات المقدسة فى السينما الهوليوودية، إلا أن قلة من الأعمال تجرأت على الغوص فى عالم الرعب دون تحفظ، مستلهمة نصوصًا غير موثقة لاستكشاف السنوات الأولى من حياة المسيح، ويعيد الفيلم صياغة مفهوم الإيمان، لا بوصفه ملاذًا للطمأنينة، بل كمصدر للقلق والاضطراب.

فى السطور التالية، تصطحب «حرف» قراءها فى جولة داخل تفاصيل الفيلم الذى أثار جدلًا واسعًا، ونرصد شكل علاقة الصبى «المسيح» الذى يجسده النجم الصاعد نواه جوب، بيوسف النجار، والده بالتبنى الذى يؤدى دوره نيكولاس كيدج، إذ يُظهر الطفل قوى خارقة للطبيعة، كما نرصد كيف تواجه العائلة رعبًا مزدوجًا دينيًا وطبيعيًا، وفق قصة العمل.

إغواء الصبى

«ابن النجار» فيلم رعب دينى مستوحى من «إنجيل توما»، ويضم نخبة من النجوم، أبرزهم: نيكولاس كيدج فى دور يوسف النجار، والمغنية «إف كيه إيه تويجز» فى دور الأم مريم العذراء، ونواه جوب فى دور الصبى «المسيح»، إلى جانب الممثلة السويسرية من أصل تونسى سهيلة يعقوب، والفيلم تأليف وإخراج لوفتى ناثان، وهو مخرج بريطانى أمريكى من أصل مصرى،حاصل على جوائز دولية منذ عمله الأول.

أما «إنجيل توما» الذى يستند إليه الفيلم، فهو نص غير موثوق يُصنّفه العلماء باعتباره إنجيلًا مُزوّرًا، يعود تاريخه إلى منتصف القرن الثانى الميلادى أو نهايته، ولا يُعد جزءًا من الكتاب المقدس المُعتمد، إذ إن رواياته عن طفولة السيد المسيح لا تظهر فى الأناجيل الرسمية، وقد وُصف بأنه نص خيالى لا يستند إلى مصادر موثوقة.

ويروى «ابن النجار» قصة مظلمة لعائلة من مدينة الناصرة مختبئة فى مصر خلال العصر الرومانى. الابن، المعروف فقط باسم «الصبى»، يبدأ فى الشك بعد لقائه بطفل غامض يدفعه إلى التمرد على ولى أمره، النجار، ومع انكشاف قواه الفطرية ومصيره الغامض، يجد الصبى نفسه وعائلته فى مواجهة أهوال طبيعية وإلهية تتصاعد من حولهم.

ونشرت شركة «ماجنوليا بيكتشرز» المنتجة للفيلم ملخصًا رسميًا جاء فيه: تنفجر قرية نائية فى مصر فى العصر الرومانى فى حرب روحية، حين يُستهدف نجار وزوجته وطفلهما بقوى خارقة للطبيعة، عاش يوسف «نيكولاس كيدج» ومارى «إف كيه إيه تويجز» وابنهما المراهق عيسى «نواه جوب» سنوات تحت التهديد، متمسكين بإيمانهم وتقاليدهم. لكن توقفًا فى مستوطنة صغيرة يُطلق العنان لفوضى متزايدة، عندما تحاول طفلة غامضة «إيسلا جونستون» إغواء عيسى للتخلى عن قواعد والده المتدين.

وتتابع الشركة: مع كل إغراء، ينجذب الصبى إلى عالم محظور، بينما يدرك يوسف، المذعور، أن قوة شيطانية تعمل فى الخفاء، رؤى كابوسية وأحداث عنيفة تطارد الصبى، إلى أن يكتشف الحقيقة المرعبة عن رفيقه الجديد، والاسم الحقيقى للطفل: الشيطان، يقدم الكاتب والمخرج لطفى ناثان، مستلهمًا من خلفيته المسيحية القبطية، فيلم إثارة خارق للطبيعة، متقن الصنع، يتجاوز حدود النوع، ويزخر بصور مذهلة عن صراع بين الإلهى والشيطانى.

أما الصور والمشاهد الترويجية للفيلم فتُوحى بأن الجمهور على موعد مع معركة روحية شرسة، فى أحد المشاهد، يتوسل يوسف «كيدج» بصوته الأجش: «ليصمد إيمانى»، بينما تظهر الطفلة الغريبة إلى جانب ابنه بالتبنى، تنتقل الكاميرا إلى مريم بملابسها السوداء، ثم إلى مشهد أكثر رعبًا: شاب فى حالة ذهول، يصرخ بصوت لا يمكن وصفه إلا بأنه شيطانى.

هذا المشهد المربك يثير تساؤلات مقلقة: «هل هذا هو السيد المسيح؟»، يشير عنوان الفيلم «ابن النجار» إلى أن القصة تدور حول طفولة المسيح ونشأته فى كنف «يوسف»، لكن صراخ الشاب الشيطانى يفتح الباب أمام تأويلات متضاربة، هل هو المسيح نفسه؟ أم مجرد كيان متجسد جاء لمهاجمة العائلة المقدسة؟.

إذا كان الشاب مجرد تجسد شيطانى عابر، فقد يظل الفيلم ضمن الإطار التقليدى الذى تصوره الأناجيل عن الأرواح الشريرة التى تعارض وجود المسيح، لكن إذا كان الفيلم يلمّح إلى أن المسيح نفسه ممسوس أو خاضع لهجوم روحى، فإن ذلك يضعه فى منطقة لاهوتية شائكة. فبحسب إنجيل متى «٤: ١– ١٧»، واجه المسيح تجربة الإغواء فى البرية، لكن دون أن يُمسّ جوهره الإلهى. كما أن رسالة كولوسى «١: ١٩» تؤكد أن «ملء الله حلّ جسديًا فيه»، فهل يمكن أن يتقاسم هذا الجسد المقدس مساحة مع قوة شيطانية؟.

ربما يكون تصوير «المسيح الممسوس مؤقتًا» أقل استفزازًا من احتمال أكثر قتامة، وهو أن الفيلم يصوره كقوة شريرة بطبيعتها. وهذا، فى نظر كثيرين، يتجاوز حدود التأويل الفنى إلى ما يُعد تجديفًا صريحًا، يصعب قبوله دينيًا أو ثقافيًا.

مؤامرة مظلمة

حول الجدل المثار، قالت مجلة «نيوزويك» الأمريكية، فى مقال نُشر على موقعها الإلكترونى بعنوان: «فيلم نيكولاس كيدج المرعب عن المسيح يُثير غضبًا: كفر»، إن العرض الترويجى لفيلم «ابن النجار» أثار موجة من الاستياء على الإنترنت، حيث وصفه البعض بأنه «تجديد».

وأشارت المجلة إلى أن تجسيد شخصية المسيح فى السينما لطالما كان موضوعًا مثيرًا للجدل على مدار عقود، ففى عام ١٩٩٨، تسبب فيلم «الإغواء الأخير للمسيح» للمخرج مارتن سكورسيزى فى احتجاجات عنيفة، وصلت إلى حد قيام جماعة كاثوليكية بإضرام النار فى دار سينما كانت تعرضه، كما تلقى سكورسيزى تهديدات بالقتل واضطر إلى الاستعانة بحراس شخصيين خلال ظهوره العلنى لسنوات.

وأضافت «نيوزويك» أن فيلم «آلام المسيح» للمخرج ميل جيبسون واجه انتقادات واسعة، وصنّفته مجلة «إنترتينمنت ويكلى» فى عددها لعام ٢٠٠٦ كأكثر الأفلام إثارة للجدل على الإطلاق، وفى الآونة الأخيرة، أثار فيلم «مارى» من إنتاج نتفليكس، والذى يتناول حياة والدة السيد المسيح، جدلًا كبيرًا بين المشاهدين عند عرضه عام ٢٠٢٤.

كما تسارعت ردود الفعل السلبية عقب عرض البرومو «الفيديو الترويجى» لفيلم «ابن النجار»، والذى لم تتجاوز مدته ١٥ ثانية، إذ امتلأت منصات الإنترنت بتعليقات غاضبة وانتقادات لاذعة، رغم أن الفيلم لم يُعرض بعد، وفقًا لما أوردته صحيفة «ديلى ميل» البريطانية.

فى مراجعة على «جوجل»، كتب أحد المستخدمين، «ديفيد بادين»: «محاولة مقززة لتشويه سمعة الإيمان المسيحى والاستهزاء به، العبارة الأكثر شيوعًا فى الكتاب المقدس هى (لا تخف)، وهذا الفيلم المرعب الزائف والمشوّه هو كفرٌ ومؤامرةٌ مظلمةٌ للغاية».

وفى تعليق آخر، قال مستخدم: «هذا كفر. عندما شاهدت الفيديو الترويجى لأول مرة، ظننت أنه سيكون فيلمًا مسيحيًا عاديًا، لكن عندما شاهدته مجددًا، أدركت أنه يُثير لدىّ رغبةً فى التقيؤ».

أما مُراجع ثالث فكتب: «تصويرٌ مقزز، كفر، وصف شيطانىّ للسيد المسيح. المسيح ليس شيطانًا، وليس شريرًا، ولا يؤذى شعبه، ولن يفعل أيًا من هذه الأشياء أبدًا، إن عدم تعلّم هوليوود درسها منذ حرائق لوس أنجلوس فى بداية هذا العام يُثبت مدى شرّها، لأنها تعلم أنها لن تصل إلى الجنة وتريد أن يسقط الآخرون معها».

ومن بين المنشورات الغاضبة أيضًا، منشور قال: «لن أشاهد هذا الفيلم. فيلم رعب عن المسيح ليس مناسبًا على الإطلاق»، و«لماذا لا نجعله بطلًا خارقًا أيضًا؟! هوليوود تحاول جاهدةً جنى المال، ولن تحصل على ما تريد»، و«هذا الفيلم مقرف، لا أستطيع حتى إجبار نفسى على مشاهدته، ولا أعرف من منهم بكامل قواه العقلية سيفعل ذلك، لكن لا تضلوا! الله لا يُستهزأ به. ما يزرعه الإنسان يحصده»، و«هذا مُسىء للغاية للمسيحية، لا يُمكن تحريف الأديان للترفيه».

وجاءت تعليقات أخرى على النحو التالى: «أكره حقيقة أنهم صنعوا فيلم رعب عن المسيح، إنه ليس ذا صلة، وأعتقد أيضًا أنه يُمكن اعتباره فيلمًا مُسيئًا للغاية للأشخاص الذين يؤمنون به»، و«أحترم جميع الأديان، وأعتقد أن على الجميع القيام بذلك، إذا أراد الآخرون أن يُحترموا، فعليهم احترامهم أيضًا، ليس لدىّ أى شىء ضد الممثلين أو أى شخص، ولكن القصة والسخرية من المسيح، إنه أمر مُسىء حقًا».

وعلى منصة «X»، تكررت ردود الفعل الغاضبة، حيث كتب أحدهم: «سخيف. قاطعوه. احتجوا عليه. ألغوه»، و«أكره فيلم ابن النجار، فيلم رعب دموى بكل معنى الكلمة»، و«لا تستطيع هوليوود مقاومة تحريف النصوص المقدسة وتحويلها إلى رعب»، و«هل سيُعمّق هذا الفيلم الإيمان أم سيُؤجّج الجدل حول مدى تجاوز الفن للحدود؟»، و«السخرية من المسيح مع طاقم عمل معروف، لنرَ كيف ستكون النتيجة»، و«كفر! كيف يجرؤون على ذلك؟».

وتساءل أحدهم: «لماذا تُريدون السخرية من المسيح تحديدًا؟»، بينما علّق آخر: «ليس هناك جانب مظلم للمسيح. كفّوا عن هذا الكفر»، و«هذه فكرة سيئة للغاية»، و«إنهم يريدون تدمير المسيحية وتدنيسها»، و«كفر. لقد فقدنا كل احترامنا لنيكولاس كيدج، يا إلهى!»، و«فيلم آخر لن أهتم به، لماذا يتورط كيدج فى أعمال تافهة كهذه؟»، و«نيكولاس كيدج فى فيلم رعب من الكتاب المقدس؟ هذا مزيج لم أكن أعلم أننى بحاجة إليه»، و«نيكولاس كيدج بدور زوج أم المسيح ليس على قائمة اختياراتى لأفلام عام ٢٠٢٥»، و«ما هذا بحق الجحيم؟»، و«لماذا تكون طفولة المسيح مظلمة؟».

وبالرغم من موجة الهجوم الحاد، فإن تلك الانتقادات اللاذعة قد تكون هى نفسها ما يُثير فضول عشاق السينما لمشاهدة فيلم «ابن النجار». إذ يُقدّم الفيلم المعجزات والصراع الأخلاقى فى إطار خارق ومرعب أحيانًا، وهو خيار إبداعى يُذكّر بأفلام مثيرة للجدل مثل «الإغواء الأخير للمسيح»، بالنسبة لبعض المشاهدين، تبدو الفكرة كفرًا صريحًا، بينما يراها آخرون تأملًا استفزازيًا فى جوهر الإيمان.

أما الجمهور الأصغر سنًا- خاصة «جيل زد»- فتكمُن جاذبية الفيلم بالنسبة له فى جرأته على كسر التقاليد، إذ ينجذب هذا الجيل إلى القصص التى تتحدى النسخ المُنقّحة من التاريخ والدين، ويجد فى الرعب وسيلةً للتساؤل عن السلطة والتقاليد والمصير، وفى هذا السياق، لا يكتفى «ابن النجار» بإعادة سرد النصوص المقدسة، بل يُزعزع استقرارها، ويدفع المشاهدين إلى الغوص فى أعماق الإيمان، فى أبسط صوره وأكثرها براءة..

إنجيل توما

بعد حالة الجدل الكبير التى أثارها فيلم «ابن النجار»، نشر لطفى ناثان، مؤلف ومخرج الفيلم، بيانًا توضيحيًا لسياق القصة التى يدور حولها العمل، لطمأنة النقاد والمشاهدين، جاء فيه ما يلى:

بصفتى كاتب ومخرج فيلم «ابن النجار»، أود أن أشارككم بعض السياق حول نشأة العمل، وما الذى دفعنى إلى إنجازه.

يتخيل الفيلم لحظةً لم تُستكشف إلا قليلًا فى السرد المقدس: فترة منفى العائلة المقدسة، وطفولة السيد المسيح، تلك السنوات التى غاب فيها عن العهد الجديد. استلهمتُ فكرته من «إنجيل توما»، وهو نص غير موثوقٍ قدّمه لى والدى، وهو جامعٌ شغوفٌ للنصوص الدينية التاريخية.

نشأتُ فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المسيحية. كانت جدتى، التى ربّتنى، مؤمنةً متدينةً. لطالما أحاطنى الإيمان بالإيمان منذ نعومة أظفارى. أحترمُ كيف يُمكن للدين أن يُزوّد الناس ببوصلةٍ أخلاقية ومجتمعٍ مترابط وشعورٍ بالهدف.

فى الوقت نفسه، لطالما أسرتنى قصص الكتاب المقدس وصوره، خاصةً الأجزاء التى لم تُروَ. دفعتنى كتابة السيناريو إلى البحث والتعلّم أكثر بكثير مما كنتُ أعرفه سابقًا عن المسيحية. وفى هذه العملية، استوعبتُ جوانب منها بطرق لم أتوقعها.

بينما قد يُصنّف البعض فيلم «ابن النجار» ضمن أفلام «الرعب» أو «إثارة ما وراء الطبيعة»، أرى أن هذه التسميات «استفزازية»، فالنوع الفنى ليس أكثر من اختيار الألوان التى قد يستخدمها الرسام فى رسم صورة. إنها وجهة نظرى، وطريقتى فى تصوير ذلك الزمان والمكان، مع مراعاة المذهب الطبيعى، وبعد أن تأملتُ فى معنى العيش فى زمن ما قبل العلم، قبل عصر العقل، حيث كانت كل لحظة تحمل وطأة قوى روحية خفية.

جدير بالذكر أيضًا أن الثقافة المسيحية انخرطت منذ زمن طويل فى الفن الذى يُصارع ظلام الشر إلى جانب وعد الخلاص. من رؤى كنيسة «سيستين» عن الجنة والجحيم إلى «جحيم دانتى، وصور الرعب والخارق للطبيعة، رسّخت الإيمان عبر التاريخ بتسليطها الضوء على ما هو على المحك فى النفس البشرية. النظر بثبات إلى الشر، وللمفارقة هو فهمٌ أفضل لضرورة الخير، هى الروح التى صنعتُ بها فيلم «ابن النجار».

ولطفى ناثان كاتب ومخرج بريطانى أمريكى مصرى، وُلد فى إنجلترا، ووالداه مصريان، انتقل وعاش فى ضواحى بوسطن بالولايات المتحدة، من سن العاشرة إلى الثامنة عشرة. حاز أول فيلمٍ له، وهو الفيلم الوثائقى «أولاد الساعة الثانية عشرة»، على جائزة «إتش بى» التى تُمنح للفنان الصاعد.

الفيلم اختير للعرض فى أكثر من ٥٠ مهرجانًا دوليًا، بما فى ذلك مهرجانات «ساوث باى ساوث ويست»، و«صندانس لوس أنجلوس» و«مركز لينكولن» و«فيينا» و«هوت دوكس» و«كوبنهاجن».

وزع فيلم «أولاد الساعة الثانية عشرة» لاحقًا فى الولايات المتحدة بواسطة شركة «أوسيلوسكوب»، ثم استحوذت عليه شبكتا «شوتايم» و«أمازون»، قبل أن تحصل شركة «ويل سميث، أوفربروك إنترتينمنت» على حق تحويله إلى عمل درامى.

وفى عام ٢٠١٥، حصل «لطفى» على منحة «الرأس المال الإبداعى»، وشارك فى برنامج إقامة إخراجية من مؤسسة «سينيريتش». وكان قد حصل سابقًا على منحة من صندوق «جاريت سكوت»، ومؤسسة «بيتر ريد»، وصندوق «جرينجر ماربورج».

نيكولاس كيدج

وسط كل هذا الجدل حول الفيلم، ذهب العديد من النقاد إلى نقطة أخرى مرتبطة، تتعلق بالنجم نيكولاس كيدج، ورغبته فى لعب الدور الرئيسى، معتبرين أن ذلك «مجازفة»، لكن «كيدج» لطالما كان «مُغامرًا سينمائيًا»، وفى هذا الفيلم، يُرسخ سمعته باعتباره «ممثلًا يرفض اللعب بأمان».

وكما أثار دور «المسيح»، الذى جسده النجم ويليم دافو فى فيلم «الإغواء الأخير للمسيح»، انقسام النقاد، قبل أن يتحول فى النهاية إلى أيقونة سينمائية، يُمكن أن يُصبح فيلم «ابن النجار» لنيكولاس كيدج أيقونة أخرى. وإذا كان الجدل مؤشرًا على شىء، فإن الفيلم ترك بصمته بالفعل قبل عرضه.

يعد نيكولاس كيدج لغزًا عندما يتعلق بالتمثيل، فهناك من يُكن له إعجابًا شديدًا، وآخرون لا يرون فيه موهبة فذة، لكن الذى لا يختلف عليه المعجبون والنقاد، هو أن لديه هذه الطاقة الفوضوية والغريبة والفنية، التى غالبًا ما يصعب فهمها.

«كيدج» بلا شك أسطورة تمثيلية، وربما يستطيع الحصول على أى دور يريده فى أى فيلم. لكنه غالبًا ما يختار تقديم الأفلام غير التقليدية. ومع ذلك، قد يكون فيلم «ابن النجار» أعنف قفزة له على الإطلاق، خاصة أنه فيلم رعب دينى،أى يحمل الطابعين الأكثر إثارة فى السينما. 

و«كيدج» ليس غريبًا على أفلام الرعب، وقبل عام لعب دور قاتل متسلسل فى فيلم الرعب والإثارة «Longlegs/ سيقان طويلة»، الذى حظى بإشادة، وحقق إيرادات ملحوظة بلغت ١٢٨ مليون دولار، مقابل ميزانية لم تتعدَ ١٠ ملايين دولار فقط.

وسبق أن تحدّث نيكولاس كيدج عن أدواره فى أفلام الرعب، قائلًا: «لطالما أكدتُ أن الرعب عندما يُقدّم بشكل جيد، يكون سرياليًا بحق. إنه منطق الأحلام. لا يعتمد بالضرورة على الفيزياء أو الواقع»، مضيفًا فى تصريحات لوكالة «أسوشيتد برس»: «يمكن أن يسمح هذا للممثلين بالتعبير عن أنفسهم بطرقٍ أخرى إلى جانب ما يُعتبر معيارًا للتمثيل الرائع، وهو أسلوب السبعينيات الطبيعى».

ولم يخشَ «كيدج» يومًا من المبالغة، من أكل الصراصير فى فيلم «قبلة مصاص الدماء»، إلى استحضار أهوال الرعب الكونى فى فيلم «لون خارج من الفضاء». لقد بنى مسيرته الفنية على خيارات جريئة تطمس الخط الفاصل بين الأداء والاستحواذ. لكن «ابن النجار»، فيلم الرعب الجديد المُستوحى من الكتاب المقدس، قد يكون المشروع الأكثر جرأةً وإثارةً للجدل فى مسيرته.

وعلى مدار العقود الأربعة الماضية، تورط «كيدج» فى مواجهات سينمائية خطيرة، وواجه الجميع، من جون ترافولتا فى فيلم «فيس أوف» إلى أليس كريج فى فيلم «الساحر المبتدئ»، وهو الآن يواجه نفسه فى فيلمه الجديد «ابن النجار»، حيث يواجه عدوه اللدود: الشيطان، فهل يستطيع مواجهة الشر فى نفسه وفيمن حوله؟

وفى نهاية المطاف، الفيلم الجديد ليس مجرد تجربة غريبة أخرى لـ«كيدج»، بل استفزاز سينمائى جرىء بما يكفى للتساؤل عما إذا كان أساس إحدى أكثر قصص العالم شهرةً هو أيضًا أكثرها رعبًا. وإذا كان رد الفعل هكذا على ١٥ ثانية فقط من اللقطات داخل المقطع الدعائى المنشور للعمل، فقد يصبح الفيلم أحد أكثر الأفلام إثارة للجدل خلال العام الجارى.

قيامة المسيح

بالتزامن مع الانتقادات الموجهة لفيلم «ابن النجار»، قبيل عرضه الأسبوع المقبل، عاد النجم والمخرج الأمريكى ميل جيبسون إلى الواجهة من جديد، بعد اختياره الممثلة البولندية الإيطالية كاسيا سموتنياك لأداء دور «مريم العذراء» فى فيلمه الجديد «قيامة المسيح».

أثار اختيار «جيبسون» لـ«كاسيا» ردود فعل غاضبة على الإنترنت، فى ظل اتهمات لها من الجماعات الكاثوليكية اليمينية المتطرفة فى بولندا بأنها «مناصرةٌ لحق الإجهاض». لذا أثار اختيارها ردود فعل غاضبة فى بولندا، التى تُطبق أحد أكثر قوانين الإجهاض تقييدًا فى أوروبا.

وفى عام ٢٠٢٠، شددت بولندا قوانين الإجهاض إلى حظر شبه كامل، حيث لا يُسمح حاليًا بإجراء الإجهاض إلا فى حالات الاغتصاب، أو سفاح القربى، أو إذا كانت حياة المرأة فى خطر.

وهاجم النقاد اختيار «سموتنياك» أيضًا لأنها تشارك بانتظام محتوى سياسيًا على حسابها فى «إنستجرام»، ونشرت العديد من المنشورات المؤيدة لفلسطين، وهو ما أثار مؤيدى الصهيونية وداعمى الاحتلال الإسرائيلى فى هوليوود.