الخميس 27 نوفمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

القيصر VS الكاوبوى.. فيلم ومسلسل عن فلاديمير بوتين وجون كينيدى.. قريبًا

حرف

- الأحداث تركز بشكل أساسى على «مهندس صعود بوتين» فلاديسلاف سوركوف

- يُعرض للجمهور فى يناير المقبل وصناعه يُترجمونه إلى 30 لغة حول العالم

- «الكرملين» لا يمانع: «تجسيد أحد أكثر السياسيين تأثيرًا فى العالم أمر طبيعى»

- أحداث الموسم الأول تدور حول نشأة جون كينيدى والثانى يغطى فترة رئاسته

لا يمكن إنكار جاذبية وشهرة الأفلام أو المسلسلات التى تتناول حياة شخصيات سياسية حقيقية. فمثل هذه الأفلام يستمتع بها الجمهور بشدة، حتى لو بدافع الفضول لمعرفة صراعات صانعى القرار الداخلية والإنسانية والعاطفية، بالإضافة إلى التفاصيل المتعلقة بممارسة السلطة وتفاعلهم معها، والمناطق الرمادية التى تحيط بالسياسة، وغالبًا ما تنطوى على ما يمكن أن نسميه «لعبة شطرنج» مُعقدة، يختلط فيها الخط الفاصل بين الخير والشر، الصواب والخطأ، الحكمة والتهور.

لذا، ليس من الغريب أن تحظى مثل هذه الأعمال باهتمام عالمى واسع، وتثير جدلًا ونقاشات كبيرة، بل وتفوز بأكثر الجوائز شهرة وتقديرًا، سواء «إيمى» أو «أوسكار»، مثل مسلسل «ذا كراون»، الذى تناول حياة أفراد العائلة المالكة البريطانية، أو أفلام مثل «أحلك ساعة» للنجم جارى أولدمان، الذى جسد فيه شخصية رئيس وزراء بريطانيا الأشهر وينستون تشرشل، و«المرأة الحديدية» للنجمة ميريل ستريب، عن قصة مارجريت تاتشر، أو «خطاب الملك»، الذى قدم فيه كولين فيرث أداءً أيقونيًا لشخصية الملك جورج السادس، وصولًا إلى «النائب»، لـ«كريستيان بيل» فى دور ديك تشينى، أقوى نائب رئيس أمريكى.

ورغم نجاح معظم هذه الأعمال لتقديمها القضايا السياسية المعقدة بأسلوب سردى شيّق، وهو ما قد يكون أكثر فهمًا من التقارير الإخبارية المجردة، ربما تنتج جهات الإنتاج- عمدًا- أفلامًا ومسلسلات تصور حياة القادة والرؤساء والسياسيين للدعاية والتأثير على الرأى العام، أو إقناعه والتلاعب به، خاصة الولايات المتحدة، التى كثيرًا ما استخدمت الفن لإيصال رسالة أيديولوجية مرغوبة أو غير مرغوبة حول أسماء بارزة فى عالم السلطة والسياسة.

وخلال الأيام القليلة الماضية أعلنت منصات فنية وشركات إنتاج كبرى عن إصدار موجة جديدة من الأفلام والمسلسلات التى تروى قصصًا لقادة بارزين، منهم الزعيم الروسى، فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكى الراحل، جون كينيدى، وهما العملان اللذان تُلقى «حرف» الضوء عليهما فى السطور التالية.

The Wizard of the Kremlin.. قصة صعود «الدب الروسى» على الشاشة من بطولة جود لو

صدر الفيديو الترويجى الأول لفيلم «The Wizard of the Kremlin» أو «ساحر الكرملين»، الأسبوع الماضى، والذى يُظهِر فيه النجم الوسيم جود لو، البالغ ٥٢ عامًا، تحولًا كاملًا من خلال تجسيده شخصية فلاديمير بوتين. وبشعره الخفيف ونظرته الهادئة، يعكس «لو» تشابهًا لافتًا للنظر مع الرئيس الروسى.

وفور إصدار الفيديو، نشرت وسائل الإعلام الروسية الرسمية الكثير من التقارير حول الفيلم. وقال المتحدث باسم «الكرملين»، ديمترى بيسكوف، تعليقًا على الفيلم: «الاهتمام بالزعيم الروسى أمر طبيعى تمامًا. الرئيس بوتين أحد أكثر السياسيين تأثيرًا فى العالم، لذا ليس من المستغرب تقديم فيلم عنه»، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن «الكرملين» كان على علم بخطوات الإنتاج والتصوير، لكنه لم يقدم أى مشورة لصُناعه.

ويوثّق الفيلم بدايات صعود فلاديمير بوتين للسلطة وحتى يومنا هذا. ويُسلّط الضوء على شغف «بوتين» المُوثّق باللياقة البدنية والأنشطة البدنية الخارجية. ويُشاهد جود لو، خلال الفيديو الترويجى، وهو يُمارس التمارين الرياضية والتزلج على الماء كقائد روسى.

وأشاد النقاد بأداء جود لو، النجم البريطانى المعتاد على أدوار الكوميديا الرومانسية، والذى يخرج عن المعتاد منه فى هذا الفيلم بتجسيد شخصية «بوتين»، فى اختيار غير متوقع ومُلهم من المخرج أوليفييه أساياس.

ووفقًا لتصريحات ستيفن ماو، المنتج السينمائى الأمريكى رئيس «استديو ماو»، يُظهر الفيلم روسيا فى صورة إيجابية، وأحداثه مقتبسة عن الرواية الفرنسية الأكثر مبيعًا الصادرة بنفس الاسم «ساحر الكرملين» فى عام ٢٠٢٢، من تأليف الصحفى والسياسى السويسرى الإيطالى جوليانو دا إمبولى، والتى تُرجمت إلى الإنجليزية، فى نوفمبر ٢٠٢٣.

الرواية الفائزة بجائزة الأكاديمية الفرنسية الكبرى عام ٢٠٢٢، والتى لا تتجاوز ٣٠٠ صفحة، صاحبها الكثير من القلق داخل فرنسا وأوروبا، لأنها قدمت رؤية إنسانية للرئيس الروسى ودائرته الداخلية، وكشفت عن تعاطف الفرنسيين مع «بوتين».

أما الفيلم، الذى سيُترجم إلى ٣٠ لغة، فهو من إنتاج شركتى «كوريوسا فيلمز» و«جومون»، وإخراج أوليفييه أساياس، الذى شارك فى كتابة السيناريو مع إيمانويل كارير، الكاتب والمخرج الفرنسى ذى العلاقات الروسية، وذلك من بطولة بول دانو وجود لو وأليسيا فيكاندر وزاك جاليفياناكيس وتوم ستوريدج، على أن يُعرض للجمهور فى يناير المقبل.

الكاردينال الرمادى

رغم أن رواية جوليانو دا إمبولى «ساحر الكرملين»، المقتبس منها الفيلم، نُشرت فى البداية باللغة الفرنسية بعنوان «Le Mage du Kremlin»، تُرجمت بعد ذلك إلى عدة لغات، منها الإنجليزية.

بطل الرواية «فاديم بارانوف»، شخصية خيالية، لكن المؤرخين والمراقبين المتمرسين لاحظوا تشابهًا واضحًا بينه وبين فلاديسلاف سوركوف، العميل السرى ذى النفوذ فى الحكومة الروسية، أحد العقول السياسية المدبرة.

يُشار إلى «سوركوف» غالبًا باسم «الكاردينال الرمادى»، ويوصف بأنه «راسبوتين الجديد» و«ساحر الكرملين»، وهو سياسى غير مرئى ظاهريًا، لكنه مؤثر وراء الكواليس بشكل كبير، وكان أحد القوى الفكرية الرئيسية وراء صعود فلاديمير بوتين إلى السلطة السياسية.

بدأ «سوركوف» مسيرته كفنان، ثم اكتسب شهرة كمنتج لمسلسل تليفزيونى واقعى، وكانت طموحاته فى البداية أن يصبح ممثلًا أو مخرجًا مسرحيًا. مع ذلك، كان «سوركوف» هو من قاد الحملات الدعائية والأيديولوجية المنظمة التى دعمت كل صعود لـ«بوتين».

شغل فلاديسلاف سوركوف منصب رئيس الأركان فى الإدارة الروسية لمدة ١١ عامًا تقريبًا، بدءًا من عام ١٩٩٩، تلتها فترة نائب رئيس الوزراء لمدة عام ونصف العام تقريبًا، وظلّ أقرب مساعدى «بوتين» السياسيين لـ٧ سنوات أخرى، قبل أن يُقال من منصبه فى عام ٢٠٢٠.

يتتبع الفيلم «فاديم بارانوف»، وهو يستذكر فترة التسعينيات. ومن منزله المترامى الأطراف خارج موسكو، يُشارك «بارانوف» ماضيه مع «رولاند»، الأستاذ الأمريكى. وتتطرق محادثتهما الأولى إلى الأعمال الخيالية لـ«يفجينى إيفانوفيتش زامياتين»، ورواية «١٩٨٤» للكاتب جورج أورويل، قبل الخوض فى قصص حقبة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، مع إدراك «بارانوف» أن مديرًا تنفيذيًا تليفزيونيًا يمكن أن يمارس نفوذًا فى السياسة الروسية أكبر من مجرد ممثل أو مخرج مسرحى.

تنتقل القصة إلى أوائل عام ١٩٩٦، عندما كان بوريس يلتسين يواجه إعادة انتخابه، وصحته تتدهور بسرعة، وأدى سلوكه غير المنتظم ونوبات الانهيار القلبى التى أصابته إلى اعتقاد الجمهور خطأً بأنه مدمن كحول شديد. قبلها بـ٣ سنوات، كان رجل الأعمال وعالم الرياضيات والمهندس «بوريس بيريزوفسكى» قد تمكن من الوصول إلى دوائر السلطة الداخلية فى «الكرملين»، وعيّن «بارانوف» لوضع استراتيجيات «يلتسين» الانتخابية، وكان التحدى الذى يواجهه هو إخفاء تدهور صحة «يلتسين»، وتقديمه على شاشة التليفزيون فى كامل عافيته وقوته.

وأدرك «بارانوف» ومعاونوه أن هذا الظهور يحمل فى طياته نفوذًا وإمكانات هائلة خلال الانتخابات، حتى إنهم فكروا فى خطط مثل تقييد «يلتسين» بمقعده، ودمج سطور خطاباته القديمة فى البث التليفزيونى.

ورغم إعادة انتخاب «يلتسين»، علم «بيريزوفسكى» أن عهد الرئيس قد شارف على الانتهاء، وأدرك أن الحكم القائم على المال قد حوّل روسيا إلى «سوبر ماركت»، وشعر بأن البلاد بحاجة إلى حاكم حازم.

أدت القرارات اللاحقة إلى إجبار «بيريزوفسكى» على الفرار من البلاد. وهكذا أصبح «بارانوف» القائد الخفى فى مركز السلطة. وتدريجيًا، تقدم فلاديمير بوتين إلى الواجهة، وصعد «بارانوف» سلم السلطة، ليقود «بوتين» عبر أروقة السلطة.

أتمنى أن يشاهده

الفيلم، الذى تبلغ مدته ساعتين ونصف الساعة، لا يقدم قصة صعود فلاديمير بوتين إلى الحكم، والشخصية الرئيسية فيه ليست «بوتين»، بل صانع الملوك «فاديم بارانوف». ويتضمن الفيلم المقتبس بعض التغييرات عن الرواية التى تحمل نفس الاسم، فقد تم توسيع شخصية «كسينيا»، التى تجسدها الممثلة الشهيرة أليسيا فيكاندر، لتشمل علاقة رومانسية مع «بارانوف». كما يتضمن الفيلم نهاية غير موجودة فى الرواية.

ونظرًا للتركيز الدولى على القصة، اختار صناع الفيلم ممثلين من الطراز الرفيع، بداية من «فيكاندر» فى دور «كسينيا»، والممثل الأمريكى بول دانو فى دور «بارانوف». بينما تولى الممثل البريطانى جود لو، الحائز على العديد من ترشيحات «الأوسكار» و«الجولدن جلوب»، دور فلاديمير بوتين. وقدم ويل كين أداءً قويًا فى دور بوريس بيريزوفسكى، وتألق جيفرى رايت فى دور «رولاند».

وخلال العرض الأول للفيلم بمهرجان «فينيسيا» السينمائى، فى أغسطس الماضى، تباينت المراجعات الأولية. وفى حين أشادت «هوليوود ريبورتر» بأداء «لو» و«دانو»، قالت أيضًا إن الفيلم «يغرق فى الكثير من الشخصيات والأحداث»، أما «سكرين إنترناشيونال» فكانت أكثر إيجابية، وأشادت بـ«السيناريو الغنى بالأحداث» و«الإخراج السريع والرشيق».

بدأت صناعة الفيلم حين أرسل جوليانو دا إمبولى، مؤلف الرواية، نُسخة مبكرة منها إلى المخرج أوليفييه أساياس، قبل نشرها. فى البداية، لم يُفكر «أساياس» فى تحويل العمل إلى فيلم، لكن خلال نقاش عفوى مع صديقه المخرج والكاتب الفرنسى إيمانويل كارير، برزت الفكرة فتعاونا على تطوير السيناريو.

لم يخش «أساياس» الانتقادات التى قد يواجهها الفيلم، وخلال لقاءاته فى مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى، قال: «أتمنى أن يشاهده بوتين»، الذى «سيستمتع برؤية نفسه من خلال أداء الممثل جود لو».

وبالنسبة له كمخرج، كان إنتاج فيلم سياسى فى ظل الجيل الحالى من الأفلام تحديًا كبيرًا، وتأمين التمويل العقبة الأولى. لكن بمجرد تولى شركتى «كوريوسا فيلمز» و«جومون» المشروع، بدأ التصوير فى ديسمبر ٢٠٢٤، واكتمل فى فبراير ٢٠٢٥. وكان الموقع الرئيسى للتصوير هو لاتفيا، الدولة التى كانت سابقًا جزءًا من الاتحاد السوفيتى.

وناقش «أساياس» الفيلم بدقة وتحقّق من كل التفاصيل مع الروائى دا إمبولى، والذى كان، باعتباره كاتبًا فرنسيًا ذى صلات روسية، له دور بالغ الأهمية فى كتابة السيناريو. كما استشار «أساياس» العديد من المعلقين السياسيين الروس السابقين الذين يعيشون فى لاتفيا.

مهووس بالدب!

أقرّ النجم «جود لو» بوجود تحديات حتمية فى تقديم شخصية فلاديمير بوتين بعيدًا عن الساحة السياسية. وقال إن صناع الفيلم لم يبحثوا عن الجدل لمجرد الجدل، معتبرًا أن «بوتين» شخصية ضمن قصة أوسع نطاقًا.

وقال جود لو، فى تصريحات لصحيفة «لوموند» الفرنسية، إنه أصبح «مهووسًا» بدراسة شخصية «بوتين» لتجسيدها فى السينما، مضيفًا: «هذا التجسيد كان تحديًا بسبب تعبير وجهه الشهير. الجانب الصعب هو أن الوجه العام الذى يراه العالم لبوتين، نادرًا ما يُرى»، مُرجعًا تشابهه مع «بوتين» إلى «فريق مكياج وتصفيف شعر رائع».

أما ستيفن ماو، المنتج السينمائى الأمريكى رئيس «استديو ماو»، فأشاد بأداء «جود لو» دور فلاديمير بوتين فى فيلم «ساحر الكرملين»، معتبرًا أنه جسده ببراعة، حتى سلوكياته، مضيفًا: «من الواضح أنه درس دوره جيدًا.. كان من المدهش رؤية ذلك».

وأضاف «ماو»، فى تصريحات لوكالة «تاس» الروسية: «الفيلم يُظهر روسيا فى صورة إيجابية، ومبنى على الصورة الإعلامية لشخصية فلاديمير بوتين منذ بداية مسيرته المهنية وحتى الآن»، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن حبكة الفيلم «شبه خيالية»، لذا «من المهم التمييز بين الاثنين».

وواصل: «هناك بعض جوانب الفيلم التى تُركز نوعًا ما على الصور النمطية لروسيا، ولا أعتقد أن هذا أمر سلبى، ويجب قبوله كجزء من رؤية المخرج»، قبل أن يؤكد من جديد أن الفيلم «إيجابى فى معظمه تجاه روسيا».

Kennedy.. رحلة الرئيس من القصر إلى القبر على «نتفليكس»

فى ذكرى رحيل الرئيس الأمريكى، جون كينيدى، فى ٢٢ نوفمبر، تعود واحدة من أكثر العائلات السياسية تأثيرًا فى تاريخ الولايات المتحدة إلى دائرة الضوء، ولكن هذه المرة عبر شاشة «نتفليكس».

وأعلنت المنصة عن بدء تشكيل طاقم مسلسلها الجديد «Kennedy/ كينيدى»، الذى يُتوقع أن يكون النسخة الأمريكية من مسلسل «ذا كراون»، العمل الشهير الذى استعرض حياة العائلة المالكة البريطانية. 

وتطمح «نتفليكس» من خلال هذا المشروع إلى سد الفراغ الذى تركه مسلسل «ذا كراون»، عبر سرد درامى لتاريخ آل كينيدى، أطول سلالة سياسية فى تاريخ الولايات المتحدة.

وفى خطوة لافتة، كشفت المنصة عن أن النجم مايكل فاسبندر سيؤدى دور جوزيف كينيدى، والد الرئيس جون كينيدى، على أن تدور أحداث الموسم الأول فى ثلاثينيات القرن الماضى، متتبعًا نشأة جون كينيدى، ومسيرة والديه جوزيف وروز كينيدى، وحياة أبنائهما التسعة، أما الموسم الثانى فمن المرجح أن يغطى فترة رئاسة كينيدى وصولًا إلى اغتياله.

أطول سلالة حاكمة 

ليس غريبًا على «نتفليكس» الاعتماد على قصص الشخصيات التاريخية الشهيرة لإنتاج مسلسل تليفزيونى ناجح، وأبرزها «التاج»، والآن تُكرّر المنصة ذلك هذه المرة مُوجّهةً أنظارها نحو إحدى أشهر العائلات فى التاريخ الأمريكى: عائلة كينيدى.

وتقول المنصة إن الموسم الأول من المسلسل مستوحى من كتاب السيرة الذاتية «جون كينيدى: بلوغ سن الرشد فى القرن الأمريكى، ١٩١٧-١٩٥٦»، الذى كتبه فريدريك لوجيفال، أستاذ الشئون الدولية والتاريخ فى كلية كينيدى بجامعة هارفارد، والذى صدر عام ٢٠٢٠.

وتبدأ السيرة الذاتية، التى خضعت لبحث مكثف، بوصف موجز لحياة أجداد كينيدى، من حياة والده جوزيف فى بداياته، كطالب مجتهد، إن لم يكن استثنائيًا، فى مدرسة بوسطن اللاتينية، ورياضى متفوق فى المرحلة الثانوية.

ويدعم وصف «الحياة السياسية لأجداد جون كينيدى» آراء «لوجيفال» القائلة بأن كينيدى كان مهيأ جيدًا لحياة الخدمة العامة من خلال تجاربه المبكرة مع عائلته.

ويكشف المسلسل عن الحياة الحميمة، وعلاقات الحب، والتنافسات، والمآسى التى شكلت مسيرة أبرز سلالة حاكمة فى التاريخ الحديث، وساهمت فى خلق عالم اليوم، ابتداءً من ثلاثينيات القرن الماضى، ويروى الموسم الأول الصعود غير المتوقع لجوزيف وروز كينيدى وأطفالهما التسعة.

وسيتولى «سام شو» إدارة المسلسل وإنتاجه التنفيذى، وسيتولى كل من بيتر تشيرنين، وجينو توبينج، وكايتلين داهيل، الإنتاج التنفيذى لشركة تشيرنين إنترتينمنت، كما سيتولى إريك روث الإنتاج التنفيذى إلى جانب لوجيفال، وليلا بيوك، وأنيا إبستاين، وداستن توماسون، وتوماس فينتربيرج، وآنا أومالى، وسيتولى «فينتربيرج» أيضًا الإخراج.

واشتهر «شو» بإنتاج مسلسلات الدراما التاريخية التى نالت استحسان النقاد وشارك فى إنتاج مسلسل «كاسل روك»، المقتبس عن أعمال ستيفن كينج، وغيرها، وهو أيضًا كاتب قصص خيالية وصحفى بارع، نُشرت أعماله فى وسائل إعلام رائدة.

أما اختيار الممثل مايكل فاسبندر لدور والد جون كينيدى فى المسلسل، فليس للشبه فقط بل لنجاح «فاسبندر» فى أدواره التليفزيونية فى السنوات الأخيرة، حيث يشارك فى بطولة مسلسل «الوكالة» على منصة «باراماونت+ بريميوم»، والذى يُحضّر حاليًا لموسمه الثانى.

ويشتهر «فاسبندر» فى المقام الأول بأعماله السينمائية، حيث شارك فى أفلام مثل «١٢ عامًا من العبودية» و«ستيف جوبز»، وكلاهما نال ترشيحات لجوائز الأوسكار، بالإضافة إلى مشاركات متعددة مثل سلسلة أفلام «إكس مين».

مروض الشيوعية 

يتتبع «لوجيفال» فى كتابه «جون كينيدى: بلوغ سن الرشد فى القرن الأمريكى، ١٩١٧-١٩٥٦» طفولة كينيدى حتى فترة عضويته فى مجلس الشيوخ، ويغطى السنوات التسع والثلاثين الأولى من حياته منذ ولادته وحتى قراره بالترشح للرئاسة، ليكشف عن علاقاته المبكرة، وتجاربه التكوينية خلال الحرب العالمية الثانية، وأفكاره، وكتاباته، وطموحاته السياسية. 

وبدراسة هذه السنوات التى سبقت وصوله إلى البيت الأبيض، يُظهر «لوجيفال»، للقارئ، كينيدى أكثر جدية واستقلالية فى التفكير مما سمع عنه سابقًا، والذى أهّلته حساسيته الدولية المتميزة لدخول معترك السياسة الوطنية فى لحظة حرجة من تاريخ الولايات المتحدة الحديث.

ومن خلال الكتاب الكبير، الذى يضم بين دفتيه أكثر من ٨٠٠ صفحة، يُقرّب المؤلف القارئ من جون كينيدى الحقيقى إلى أبعد مدى فى هذه السيرة الذاتية الكاشفة للرئيس الخامس والثلاثين الأيقونى، والذى لا يزال غامضًا.

ويروى «لوجيفال» خلال رحلة صعود جون كينيدى قصة موازية لصعود أمريكا فى منتصف القرن العشرين، فمع بلوغ كينيدى سن الرشد، تكون هناك اضطرابات الحرب العالمية الثانية، التى برزت خلالها الولايات المتحدة كقوة عالمية عظمى، واندلاع الحرب الباردة وتوسعها، والسياسات الداخلية المناهضة للشيوعية وما صاحبها من آفة المكارثية، وتنامى تأثير التليفزيون على السياسة، وغيرها من التغيرات التى اجتاحت أمريكا والعالم معًا.

ويُقدّم الكتاب تاريخًا شاملًا للولايات المتحدة فى العقود الوسطى من القرن العشرين، كما يُقدم أوضح صورة لجون كينيدى، إذ يتناول التعليم والخدمة العسكرية والمسيرة السياسية لرئيس أمريكى اكتسب معرفة واسعة بالعلاقات الدولية فى سنواته الأولى.

ووفقًا لـ«لوجيفال»، فإن معرفة «كينيدى» بالعلاقات الدولية التى اكتسبها فى شبابه هى التى سمحت له بقيادة دفة الأمة عبر المآزق الخطيرة والانتصارات قصيرة الأمد وإخفاقات الحرب الباردة. 

وشملت محاولته الكارثية لإحباط استيلاء «كاسترو» الشيوعى على كوبا فى عملية «خليج الخنازير»، والحل الأكثر إيجابية لأزمة الصواريخ الكوبية عام ١٩٦٢، حيث اشتهرت رئاسة «كينيدى» القصيرة، أيضًا، بتسريع المراحل الأولى من الانفراج العسكرى مع الاتحاد السوفيتى بتوقيع معاهدة حظر التجارب النووية فى أغسطس ١٩٦٣ وإقرارها فى أكتوبر من ذلك العام.

ولاحظ «لوجيفال» أن إدراك «كينيدى» الطبيعة الإمبريالية لروسيا خلال الحرب الباردة وحذره من طبيعة التوسع الشيوعى، أثّر لاحقًا على أهدافه كرئيس، وهى الحفاظ على مكانة أمريكا فى الدبلوماسية، وتحسين العلاقات مع الدول الأجنبية فى الأمريكتين، والحفاظ على مكانتها فى التكنولوجيا العلمية والعسكرية.

ودفع هذا التركيز «كينيدى»، لاحقًا، إلى تأسيس «فيلق السلام»، و«التحالف من أجل التقدم مع أمريكا اللاتينية»، ومواصلة برنامج «أبولو» لإنزال أول إنسان على سطح القمر قبل عام ١٩٧٠.

الرئيس الصحفى

يُرجع «لوجيفال» فهم كينيدى العلاقات الدولية جزئيًا إلى دراسته بجامعة «هارفارد» فى مجال الحكومة، مع تركيز على العلاقات الدولية، بالإضافة إلى المعرفة التى اكتسبها من تقييم آراء العديد من قادة العالم الذين التقى بهم فى شبابه كابن ثرى لسفير الولايات المتحدة لدى المملكة المتحدة من عام ١٩٣٨ إلى عام ١٩٤٠. 

واعتقد «لوجيفال» أن فهم «كينيدى» المبكر العلاقات الدولية سيُرشده لاحقًا فى القرارات الحاسمة التى اتخذها كرئيس، وسيتعلم المزيد عن المناخ الدولى خلال رحلاته الجامعية القصيرة فى أوروبا الغربية وألمانيا قبل عام ١٩٤٠، ورحلاته العالمية الواسعة عام ١٩٥١ عندما كان عضوًا شابًا فى مجلس الشيوخ.

ويكشف الكتاب، أيضًا، عن علاقات جون كينيدى المبكرة، وطموحاته السياسية، التى يعتقد المؤلف أنها تبلورت فى سن مبكرة، وأنها كانت مستقلة عن رغبة والده فى دخوله الحياة العامة.

ويتتبع المؤلف مسيرة «كينيدى» خلال نشوء «الحرب الباردة»، مُظهرًا لأول مرة وعى «كينيدى»، كصحفى شاب عام ١٩٤٥، حيث حصل والده على وظيفة مؤقتة لابنه كصحفى فى جريدتين مملوكتين لشركة «هيرست».

وكان «هيرست»، مالك الشركة، صديقًا شخصيًا لوالد جون كينيدى. وغطى «جون»، عندما عمل فى الصحافة، مؤتمر الأمم المتحدة فى سان فرانسيسكو لصالح صحيفتى «شيكاغو هيرالد- أمريكان» و«نيويورك جورنال أمريكان»، ثم غطى لاحقًا الانتخابات البريطانية لصالح صحيفتى «هيرست»، وفوجئ بهزيمة تشرشل أمام حزب العمال.

وحول دخول جون كينيدى مجال السياسة، أشار «لوجيفال» إلى أن والد كينيدى «جوزيف» كان عونًا كبيرًا فى تنسيق التغطية الإعلامية لـ«جون» خلال ترشحه الأول لعضوية مجلس نواب الدائرة الحادية عشرة فى ولاية ماساتشوستس عام ١٩٤٦، على الرغم من أن مارك دالتون كان يشغل رسميًا منصب مدير الحملة. مع ذلك، يُرجّح أن شخصية جون كينيدى وساعاته الطويلة فى حملته الانتخابية كانت العامل الحاسم فى فوزه.

ووفقًا لـ«لوجيفال»، فقد أمضى «جوزيف» ساعات على الهاتف مع المراسلين والمحررين، يبحث عن المعلومات، ويتبادل الأسرار، ويقنعهم بنشر مقالات مُمجّدة عن ابنه «جون»، ومقالات تُبرز سجله الحربى فى المحيط الهادئ، وأشرف على حملة إعلانية احترافية ضمنت ظهور الإعلانات فى الأماكن المناسبة تمامًا.

واحتكرت الحملة فعليًا مساحات فى مترو الأنفاق، وعلى ملصقات نوافذ السيارات والمنازل، كما استخدمت اللوحات الإعلانية بفاعلية، وقدر مدير الحملة، مارك دالتون، الإنفاق بحوالى ٥٠ ألف دولار، وهو مبلغ كبير، لكنه ليس باهظًا كما قد يقدره بعض المعارضين لاحقًا.