الثلاثاء 30 ديسمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

أساطير الملاعب والكُتب.. صلاح وميسى فى إصدارين جديدين

حرف

إذا كنت لا تؤمن بالمعجزات فعليك فقط أن تشاهد مباراة كرة قدم. لِمَ لا وأنت ترى كل تلك المفاجآت المذهلة والتحولات غير المتوقعة فى عالم الساحرة المستديرة؟ لعبة تبدو وكأنها أشبه بالخيال، لأنها لا تعرف المستحيل، فلا حدود لما يحدث فى الملعب، حيث يمكن لموهبة اللاعبين وشغفهم ومثابرتهم أن تصنع المعجزات بالفعل.

ولأنها الرياضة الأكثر شعبية فى العالم، ونجومها دائمًا هم الأكثر شهرة وحبًا ودعمًا، يسعى العديد من المؤلفين إلى تسليط الضوء عليهم، من خلال كُتب تتناول مسيرتهم وأحلامهم وطموحاتهم وإنجازاتهم وإخفاقاتهم أيضًا.

وفى هذا السياق يبرز إصداران منتظران فى العام الجديد، عن كل من نجمنا المصرى محمد صلاح، والأرجنتينى ليونيل ميسى.. فما أبرز ما جاء فى هذين الكتابين؟

هل عَلَّمَ «البرغوث» الأمريكيين كرة القدم؟

عن دار نشر «سانت مارتن» الأمريكية، يصدر كتاب «The Messi Effect: How the Global Legend Changed the Future of American Soccer»، أو «تأثير ميسى: كيف غيّر الأسطورة العالمية مستقبل كرة القدم»، فى يونيو المقبل، من تأليف الكاتب الصحفى الأمريكى، بول تينوريو، والذى يستند فيه إلى معلومات حصرية من مصادر مطلعة، ليأخذ القراء فى جولة خلف الكواليس، ويروى الفصل الأخير من مسيرة ليونيل ميسى.

وبصفته كاتبًا متخصصًا فى كرة القدم بصحيفة «ذا أثليتيك»، أمضى أكثر من عقد زمنى فى تقديم رؤى ثاقبة حول قوة وسياسة هذه الرياضة، يكشف المؤلف، فى كتابه الجديد، ومن خلال مصادره العديدة رفيعة المستوى داخل نادى إنتر ميامى، وكرة القدم فى الولايات المتحدة، وخارجها، كيف حوّل وصول «ميسى» فريقًا متذيلًا إلى ظاهرة عالمية.

يأخذ الكتاب القراء فى جولة داخل غرف تبديل الملابس، حيث هدف «ميسى» منذ وصوله إلى أول لقب له مع إنتر ميامى. وخلال موسمين آخرين حافلين بالتغييرات، كان تأثير الأسطورة الأرجنتينية فوريًا وهائلًا، وأصبح قميصه الوردى رقم «١٠» الأكثر مبيعًا فى العالم، ونفدت تذاكر ملاعب الدورى الأمريكى لكرة القدم فى مدن عديدة، وتجاوزت قيمة ناديه الجديد مليار دولار.

ويرصد المؤلف، فى ٣٢٠ صفحة، إرث رجل واحد فى لعبة سريعة النمو والتغير، ويسرد قصة عن عالم الرياضة، وكيف يمكن للاعب أن يكون رياضيًا ومحركًا اقتصاديًا فى آنٍ واحد، مُقدمًا أيضًا نظرة معمقة على كيفية تطور أعمال الدورى الأمريكى لكرة القدم تاريخيًا وفوريًا بعد وصول ليونيل ميسى.

ويشرح كيف أعاد النجم الأرجنتينى تشكيل اللعبة الأكثر شعبية عالميًا، فى هذا الجانب من المحيط الأطلسى، وذلك بمسيرة أسطورية بكل معنى الكلمة. فمع رقم قياسى بلغ ٧ من جوائز «الكرة الذهبية»، و٤ ألقاب فى دورى أبطال أوروبا، و١٠ ألقاب فى الدورى الإسبانى مع نادى برشلونة، يعتبر «ميسى» منذ زمن طويل أحد أفضل لاعبى كرة القدم فى العالم. وكان تتويجه الأبرز عام ٢٠٢٢، عندما قاد الأرجنتين للفوز بكأس العالم، مُرسّخًا مكانته كواحد من أعظم لاعبى كرة القدم على مرّ التاريخ. كما تألق فى «كوبا أمريكا»، حيث قاد الأرجنتين للفوز باللقب عام ٢٠٢١. ويكشف «بول تينوريو» لماذا اختار «ميسى» الانضمام إلى نادى إنتر ميامى، فى خطوة فاجأت الكثيرين، موضحًا أن هناك عدة عوامل ساهمت فى ذلك، على حساب عروض مغرية من السعودية، إلى جانب إمكانية العودة إلى برشلونة، على رأسها سحر تشكيل كرة القدم الأمريكية، وفق المؤلف.

ويضيف: «إلى جانب رؤية ديفيد بيكهام، الشريك المؤسس لنادى إنتر ميامى، التى مثلت عاملًا لا يُقاوم بالنسبة للمايسترو الأرجنتينى. كما كانت هذه المرة الأولى التى يلعب فيها ميسى فى دورى خارج أوروبا، سائرًا على خطى منافسه اللدود كريستيانو رونالدو، الذى انتقل إلى السعودية العام الماضى».

وعن تأثير «ميسى» على إنتر ميامى، يقول المؤلف إن وصوله كان له أثر فورى وعميق على النادى الأمريكى، داخل الملعب وخارجه، فقد دفع به إلى دائرة الضوء العالمية، ما زاد بشكل كبير من مكانة النادى وقاعدة جماهيره، حتى ارتفع عدد متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل هائل، وأصبحت قمصان «ميسى» الخاصة بإنتر ميامى تُباع بسرعة كبيرة، ويتوافد المشجعون من جنوب فلوريدا وخارجها لمشاهدة النجم العالمى، على ملعب «تشيس» فى «فورت لودرديل».

ويرصد الكتاب إسهامات «ميسى» فى الملعب الأمريكى، حيث بدأت مهاراته وذكاؤه الكروى بالفعل فى تغيير أسلوب لعب إنتر ميامى ونتائجه، وكان تأثيره على أرض الملعب فوريًا وعميقًا، وأحدثت رؤيته الثاقبة وتمريراته الدقيقة وقدرته على تسجيل الأهداف نقلة نوعية فى هجوم إنتر ميامى. وتطرق المؤلف إلى تأثير «ميسى» على زملائه، وإسهاماته الشخصية، إذ كان لوجوده أثر إيجابى على جميع لاعبى إنتر ميامى، وساهم وجود لاعب بمستواه فى رفع مستوى الفريق بأكمله، وبات بإمكان اللاعبين الأمريكيين الشباب الآن التعلّم من أحد أعظم عقول اللعبة، ما قد يُسرّع من تطور المواهب المحلية فى الولايات المتحدة.

«مو الأوحد».. سيرة الملك المصرى

يصدر كتاب «Only Mo Salah: A Biography of the Egyptian King» أو «مو صلاح الأوحد: سيرة الملك المصرى»، عن دار «أوريون» البريطانية للنشر، فى أغسطس المقبل، من تأليف الكاتبة الصحفية المرموقة، ميليسا ريدى، التى تُعد من أبرز صحفيات الرياضة فى بريطانيا، والمعروفة بدفاعها الموضوعى عن محمد صلاح خلال أزمته الأخيرة فى ليفربول.

تقدم «ريدى»، فى كتابها الجديد، تفاصيل معمقة عن مسيرة «صلاح»، أحد عظماء كرة القدم المعاصرين، من بداياته المتواضعة وطفولته فى قرية «نجريج»، مرورًا بتحدياته فى تشيلسى، وعودته القوية فى إيطاليا مع فيورنتينا وروما، قبل صناعة أسطورته ونجاحه الباهر فى ليفربول.

ويتضمن الكتاب مقابلات ولقاءات حصرية مع المقربين من محمد صلاح، مثل الألمانى يورجن كلوب، تُفصّل مثابرته وتطوره المستمر، مُسلطًا الضوء أيضًا على تواضعه وإيمانه وأعماله الخيرية، وتأثيره العالمى وكيف أصبح قدوة، وليس مجرد لاعب كرة قدم، وراسمًا صورة شاملة لصعوده، وتجاوزه الصعاب، ومكانته الأيقونية التى تتجاوز مجرد الأهداف، وتشمل تأثيره داخل وخارج الملعب.

الكتاب، الذى يضم بين دفتيه ٣٢٠ صفحة، ولم يُكشف عن غلافه بعد، يروى قصة استثنائية من خلال الكاتبة والإعلامية الرياضية الشهيرة، التى دائمًا ما تتغنى بإنجازات «مو»، وتقول فى كتابها: «محمد صلاح يُعدّ أحد أعظم لاعبى كرة القدم على مرّ التاريخ، حطم الأرقام القياسية للعبة مرارًا وتكرارًا، حتى صُنع سجل خاص للإحصائيات فى لعبة كرة القدم يحمل توقيعه وحده».

وترى المؤلفة أن تأثير «صلاح» وإرثه يتجاوزان بكثير مجرد الأهداف والألقاب ولحظات التألق على أرض الملعب، فهو، حسب ما أوردته فى كتابها الذى نُشرت بعض المقاطع الترويجية منه: «رمز ثقافى عظيم، ورجلٌ يُمثّل معانى مُختلفة لشرائح مُتنوّعة من الناس حول العالم. ومع ذلك، ورغم كل هذا النجاح والشهرة، ظلّ وفيًا لنفسه».

«ريدى» سافرت بالفعل إلى مصر لاكتشاف الأصول المتواضعة لـ«صلاح»، قبل أن تمر بانطلاقته فى بازل السويسرى، وإحباطه فى تشيلسى الإنجليزى، ثم عودته القوية فى إيطاليا مع فيورنتينا وروما، مبينة كيف هيّأته هذه التجارب ليصبح نجمًا ساطعًا فى «ميرسيسايد».

وتبرز المؤلفة خطوات صعود «صلاح» إلى ذروة تألقه، والسكينة التى كان ينشدها طوال مسيرته فى ليفربول، من خلال مقابلات حصرية مع أقرب الناس إليه، بمن فيهم يورجن كلوب، بالإضافة إلى مقابلات مع أرنى سلوت، المدرب الحالى لفريق ليفربول، والذى تبدو علاقته الحالية بالنجم المصرى متوترة.

وفى تلك السيرة الذاتية الشاملة، ترسم «ريدى» صورة حية لمسيرة محمد صلاح مع «الريدز». وإلى جانب الانتصارات والألقاب، تستكشف أيضًا أصعب لحظات اللاعب، وسعيه الدءوب لتجاوزها، وكيف تحدى نفسه باستمرار للتطور بدنيًا ونفسيًا وتكتيكيًا، بما فى ذلك صعوبات التأقلم مع الثقافات الجديدة، ومواجهة النكسات.

ويرى النقاد أن «ريدى» بأسلوبها الصريح والموثوق والآسر، وكونها مرجعًا موثوقًا فى نادى ليفربول، بإمكانها تقديم الصورة الأمثل عن «الملك المصرى»، من خلال سيرة ذاتية تليق بمسيرته الرائعة، وتوثق أثره الدائم فى العالم كله.

وميليسا ريدى صحفية ومراسلة رياضية لها ثقلها فى عالم الساحرة المستديرة، حائزة على عدة جوائز، وهى مؤلفة ومقدمة برامج، ولها خبرة تزيد عن عقد فى تغطية أخبار كرة القدم، وعملت كمراسلة رئيسية فى «سكاى سبورتس» و«ذا إندبندنت» و«إى إس بى إن». كما ظهرت فى «ذا أثليتيك» و«بى بى سى» و«سى إن إن» و«سى بى إس» و«ذا أنفيلد راب» و«سكند كابتنز».