الخميس 18 سبتمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

طقوس البقــاء.. كيف ننقذ معرض القاهرة الدولى للكتاب؟

حرف

- رغم ملايين الزوار لم يستطع المعرض حتى الآن أن يتحول إلى محرك اقتصادى لصناعة النشر

- نحتاج إلى قوافل ثقافية تخرج من القاهرة إلى المحافظات قبل وأثناء وبعد المعرض

- يمكن لمعرض القاهرة أن يُترجم سياسات مصر الإفريقية إلى واقع ثقافى ملموس

- معرض القاهرة الدولى للكتاب يمكن أن يكون أحد أهم أدوات مصر فى تعزيز قوتها الناعمة

- معرض القاهرة لا بد أن يتحول إلى منصة اقتصادية لا مجرد مهرجان ثقافى

حين انطلقت الدورة الأولى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب عام ١٩٦٩، لم يكن القائمون على تأسيسه يدركون أن هذا المشروع سيصبح بعد عقود إحدى العلامات البارزة على الخريطة الثقافية العربية بل وأحيانا العالمية. كان الهدف آنذاك إقامة مهرجان ثقافى يتيح للمصريين والعرب فرصة الاطلاع على أحدث الإصدارات والتواصل مع الناشرين، لكن المعرض وبالتوازى مع دور مصر الريادى ثقافيًا، سرعان ما تجاوز هذا الدور ليتحول إلى مؤسسة وطنية تعبّر عن هوية مصر الثقافية ودورها الحضارى فى محيطها.

قد أصبح انعقاد المعرض حدثًا سنويًا يتجاوز حدود الثقافة إلى السياسة والاجتماع والاقتصاد، إذ تتداخل فيه مصالح الدولة واهتمامات المثقفين وتوقعات الجمهور، ونظرات العالم إقليميًا ودوليًا.

خلال نصف قرن من الزمان، رسّخ المعرض نفسه كأكبر تظاهرة ثقافية فى العالم العربى، بل وثانى أكبر معرض كتاب فى العالم من حيث عدد الزوار بعد معرض فرانكفورت الألمانى. ومع ذلك، فإن خصوصية القاهرة لا تكمن فقط فى الحشد الجماهيرى، بل فى التنوع الاجتماعى والإنسانى الذى يحتضنه المعرض. ففى أروقته تلتقى الأسرة المصرية البسيطة التى تصطحب أبناءها فى رحلة ثقافية، إلى جانب الباحث الجامعى الذى يتقصى المراجع النادرة، والمثقف العربى القادم من الخليج أو المغرب، والأجنبى المتخصص وغير المتخصص الذى يريد أن يتعرف إلى ملامح الفكر العربى الحديث. هذا التلاقى الإنسانى يضع المعرض فى مرتبة استثنائية؛ فهو ليس مجرد سوق للكتب، بل ساحة للحوار الحضارى وفضاء للتواصل الإنسانى وواجهة لمحتوى الدولة الثقافى والإبداعى والاجتماعى.

أصبح المعرض بمرور السنين جزءًا من الذاكرة الوطنية. أجيال كاملة ارتبطت بزيارته، وصار علامة فى الوعى الجمعى للمصريين. إنه موعد لا يفوّت، ومهرجان ينتظره ملايين كل عام بشغف، وكأنهم ذاهبون إلى عيد جماعى يحتفل فيه الجميع بالكتاب وبالثقافة. ومن هنا يمكن القول إن المعرض تحوّل إلى رمز ثقافى يعادل فى قيمته الرمزية ما تمثله الأهرامات أو النيل: عنوانًا على استمرار مصر كأرض للحضارة والثقافة.

لكن هذا النجاح الرمزى لا ينبغى أن يُخفى التحديات.

فالعالم من حولنا يتغير بسرعة، وأدوات القوة الناعمة أصبحت محددة ومقاسة جيدًا. بينما كانت الأعداد الغفيرة تكفى فى الماضى لتدل على نجاح المعرض، باتت اليوم مجرد رقم إذا لم تُستثمر فى صناعة ثقافية واقتصادية متكاملة. ما كان يصلح فى السنوات الماضية لم يعد كافيًا فى العقد الثالث من القرن الحادى والعشرين. لقد أصبحت المنافسة على المكانة الثقافية أشد، وأصبحت معارض الكتب الأخرى تتبنى سياسات مدروسة لجذب الناشرين والقراء والتأثير كواجهة للدولة على حد سواء.

معرض القاهرة، يقف اليوم على عتبة مفصلية: هل يبقى مجرد مهرجان شعبى ضخم يحتفى به الناس ويستمتعون بأجوائه، أم يتحول إلى مؤسسة استراتيجية تواكب رؤية الدولة المصرية الحديثة، وتُسهم فى الاقتصاد الوطنى، وتمنح مصر دورًا قياديًا متجددًا فى الثقافة العربية والإفريقية والعالمية؟

الإجابة ليست سهلة، لكنها حتمية.

فالمعرض يحمل فى طياته إمكانات هائلة: ملايين الزوار، تاريخ عريق، موقع جغرافى فريد، ورعاية سياسية عليا. كل هذه عناصر قوة، لكنها تتحول إلى عناصر ضعف إذا لم تُدار وفق رؤية استراتيجية. من هنا يطرح هذا المقال السؤال الجوهرى: كيف نحول الأرقام البراقة إلى رؤية واضحة تعزز مكانة مصر الثقافية وتمنع ضياع الفرص؟

هنا المفارقة المركزية: إننا نملك كنزًا حقيقيًا اسمه معرض القاهرة الدولى للكتاب، لكنه كنز لم يُصقل بعد بالصورة التى تجعله يلمع فى سماء العالم كما يلمع فى قلوب المصريين.

بالطبع لا يختلف اثنان على أن الأرقام التى يحققها معرض القاهرة الدولى للكتاب مذهلة بكل المقاييس. 

فنحن أمام حدث يزوره سنويًا ما بين أربعة إلى خمسة ملايين شخص، وهو رقم لم تستطع أن تحققه حتى المعارض الأكثر عراقة عالميًا. فمعرض فرانكفورت- وهو الأقدم والأكثر تأثيرًا فى مجال صناعة الكتاب- لا يتجاوز عدد زواره ٣٠٠ ألف فى المتوسط. معرض بكين الدولى للكتاب يستقطب نحو نصف مليون، ومعرض لندن للكتاب لا يزيد جمهوره على ١٥٠ ألفًا. حتى أبوظبى، برغم الاستثمارات الضخمة التى تضخها الدولة فى المعرض، يستقطب ما يقارب ٣٥٠ ألف زائر فى أفضل أحواله.

بهذا المعنى، معرض القاهرة يتفوق عدديًا على الجميع. لكن السؤال الأعمق هو: ماذا نفعل بهذا الرقم؟ هل نكتفى باستعراضه كوسام على الصدر، أم نُحوّله إلى قوة ناعمة مؤثرة ورافعة اقتصادية وثقافية؟

الأمر لا يقتصر على العدد وحده، بل على النوعية والتنوع. فالمعرض لا يقتصر على شريحة واحدة، بل يستقطب المصريين على اختلاف مستوياتهم، من الأسرة البسيطة التى تبحث عن كتب تعليمية لأطفالها، إلى الأكاديمى المتخصص الذى يبحث عن مراجع نادرة، إلى الشباب الذين يجدون فى المعرض فرصة لاكتشاف الأدب العالمى والعربى الحديث.

إلى جانب الجمهور المحلى، هناك حضور عربى وإفريقى ودولى، وإن كان محدودًا، لكنه يعكس جاذبية القاهرة كمدينة للثقافة. وهذا التنوع البشرى هو ثروة لا تُقدَّر بثمن، لأنه يثبت أن الكتاب ما زال قادرًا على توحيد شرائح المجتمع المختلفة، وأن المعرض يشكل مساحة للاندماج الثقافى والاجتماعى.

غير أن الأرقام، مهما كانت مبهرة، لا تساوى شيئًا إن لم تُستثمر. ملايين الزوار يدخلون المعرض ويخرجون منه كل عام، لكن إلى أى مدى يترك هذا الحدث أثرًا استراتيجيًا على صناعة النشر المصرية، أو على صورة مصر فى العالم؟

الحقيقة أن الأثر الحالى محدود، فالناشرون يشكون من ضعف المبيعات مقارنة بحجم الجمهور، والصفقات الدولية وتعاقدات حقوق النشر لا ترقى لمستوى معارض أخرى، والأنشطة الثقافية غالبًا ما تظل محلية الطابع. بمعنى آخر: الأرقام تتحول إلى مشهد كرنفالى أكثر من كونها منصة استراتيجية.

فى حين أن معارض مثل فرانكفورت وبكين ولندن وحتى بعض المعارض العربية المجاورة، الأرقام تعنى المال والسياسة والثقافة معًا. فكل زائر هناك يُترجم إلى قيمة اقتصادية مباشرة أو غير مباشرة: مبيعات كتب، عقود ترجمة، اتفاقيات نشر، صفقات حقوق فكرية، إعلانات، ورعايات. أما فى القاهرة، فالأرقام تبقى رقمًا مجردًا. المعرض لا يزال بعيدًا عن استغلال هذا الحشد الضخم لتأسيس اقتصاد ثقافى مستدام.

فعلى سبيل المثال، إذا اعتبرنا أن متوسط إنفاق الزائر الواحد لا يتجاوز ٢٠٠ جنيه، فإن العوائد المباشرة من المبيعات قد تصل إلى مليار جنيه فى دورة واحدة. ومع ذلك، فإن الناشرين لا يحققون إلا جزءًا ضئيلًا من هذا الرقم، بسبب غياب آليات التسويق الحديثة وضعف البنية التحتية للمعرض كمنصة اقتصادية.

إذن، ما لم يُترجم الحشد البشرى إلى تأثير اقتصادى وثقافى وسياسى، ستظل الأرقام مجرد بريق بلا مضمون. الجمهور الضخم هو قوة كامنة، لكن تحويله إلى قوة فاعلة يتطلب أدوات جديدة: استراتيجيات تسويق، شراكات مع القطاع الخاص، برامج لزيادة القراءة، خطط لربط المعرض بالمؤسسات التعليمية والبحثية، وتحويل الزائر من مستهلك عابر إلى شريك فى صناعة المعرفة.

معرض القاهرة الدولى للكتاب يمتلك ما لا يمتلكه غيره: القاعدة الجماهيرية. وهذه القاعدة هى نقطة الانطلاق لتجديد دوره، شرط أن نخرج من دائرة الاحتفاء العددى إلى دائرة البناء الاستراتيجى.

رغم الأرقام المبهرة التى يحققها معرض القاهرة الدولى للكتاب، ورغم مكانته التاريخية والثقافية، فإن الواقع يكشف عن غياب رؤية استراتيجية متماسكة لإدارته وتطويره. لقد ظل المعرض لسنوات طويلة يعتمد على قوة الزخم الجماهيرى وعلى رمزيته التاريخية، دون أن يُترجم هذا النجاح الكمى إلى إنجاز نوعى يضعه فى مصاف المعارض الكبرى التى تُدار وفق خطط طويلة الأمد.

حيث عادةً ما يبدأ التحضير للمعرض قبل انعقاده بثلاثة أشهر تقريبًا. هذا النمط من العمل أشبه بإدارة موسم مؤقت، لا بمؤسسة وطنية كبرى. والنتيجة أن كل دورة تُدار بمعزل عن الأخرى، وكأنها مشروع جديد يبدأ من الصفر كل عام. فلا توجد استمرارية فى الأهداف، ولا تراكم للخبرات المؤسسية، ولا خطة تُبنى على ما تحقق فى الدورة السابقة.

على النقيض، نجد أن معارض مثل فرانكفورت أو بكين تُدار عبر لجان دائمة تعمل على مدار العام، وتضع خططًا خمسية أو حتى عشرية، تُحدد فيها الأهداف الثقافية والاقتصادية والسياسية بدقة. هكذا تتحول المعارض من فعاليات موسمية إلى مشروعات استراتيجية مرتبطة بالدولة والمجتمع معًا.

ومنذ نشأته، كان معرض القاهرة الدولى للكتاب فضاءً للحوار السياسى والاجتماعى بقدر ما هو ساحة للكتب. غير أن هذا التداخل كثيرًا ما أضر بالمعرض بدل أن يفيده، إذ جعله عرضة للتجاذبات والقرارات المفاجئة التى لا تستند إلى رؤية متماسكة. فمرة يُستخدم كمنصة للدعاية الرسمية، ومرة كمجال للتعبير الحر، ومرة كمهرجان احتفالى. غياب الهوية الثابتة جعل المعرض يبدو أحيانًا وكأنه يعكس اللحظة الموجهة أكثر مما يعكس المستقبل.

ورغم ملايين الزوار، لم يستطع المعرض حتى الآن أن يتحول إلى محرك اقتصادى لصناعة النشر. لا توجد استراتيجية واضحة لاستغلال الرعايات أو الإعلانات أو شراكات القطاع الخاص. ولا توجد آليات مؤسسية لربط المعرض بالاقتصاد الوطنى. فبينما تُعد معارض الكتب الكبرى مصدرًا مهمًا للدخل فى دول مثل ألمانيا والصين، يظل معرض القاهرة أقرب إلى مهرجان جماهيرى كبير بدلًا من كونه صناعة اقتصادية متكاملة.

وهنا تكمن المشكلة الحقيقية: إن المعرض ما زال يُدار بعقلية الماضى. الاعتماد على الحشود والاحتفاء بالعدد لم يعد كافيًا فى عالم باتت فيه الثقافة صناعة قائمة على المعرفة والاقتصاد الرقمى. العالم من حولنا يتغير بسرعة، والقوة الناعمة أصبحت تُقاس بمدى القدرة على التصدير الثقافى والتأثير الإعلامى، لا بعدد الزوار وحده. فإذا لم يتطور المعرض ليستوعب هذه المتغيرات، فإنه مهدد بأن يفقد بريقه تدريجيًا، حتى وإن ظل يحافظ على أرقامه البراقة.

إن الرؤية المشوشة التى يعانى منها المعرض لا تعنى غياب الإمكانات، بل غياب التخطيط طويل المدى. المطلوب ليس مجرد تحسينات تنظيمية، بل إعادة صياغة المعرض ككل ضمن مشروع ثقافى وطنى أكبر. رؤية تجعل منه منصة اقتصادية وثقافية وسياسية، وتربطه برؤية مصر ٢٠٣٠ وبمشروع الجمهورية الجديدة. رؤية تحدد الأهداف: رفع المشاركة الدولية، دعم صناعة النشر المحلى، تعزيز الدور الإقليمى لمصر، وتحويل القاهرة إلى مركز عالمى لصناعة الكتاب.

إن أخطر ما يواجه معرض القاهرة الدولى للكتاب اليوم هو أن يظل أسيرًا للحظة الراهنة، دون أن يضع نصب عينيه المستقبل. وإذا لم نواجه هذه الحقيقة بشجاعة، فإننا نخاطر بأن نفقد واحدة من أهم أدواتنا الثقافية فى العالم.

ولكى نفهم موقع معرض القاهرة الدولى للكتاب فى الخريطة العالمية، لا بد من النظر إلى تجارب المعارض الكبرى الأخرى، التى استطاعت أن تتحول من مجرد أسواق للكتب إلى مؤسسات استراتيجية تُسهم فى الاقتصاد الوطنى وتُعزّز القوة الناعمة لدولها.

فمثلًا فرانكفورت: عقل صناعة النشر فى العالم

يُعتبر معرض فرانكفورت للكتاب «Frankfurt Book Fair» الأقدم والأهم عالميًا، ورغم أن عدد زواره لا يتجاوز ٣٠٠ ألف شخص، أى أقل بكثير من القاهرة، إلا أن قيمته الحقيقية تكمن فى كونه العقل المدبر لصناعة النشر العالمية. ففى أروقته تُعقد كل عام أكثر من ٤٠٠ ألف صفقة بيع وشراء حقوق نشر وترجمة. هناك لا يُقاس النجاح بعدد الزوار، بل بعدد العقود والاتفاقيات التى تُبرم، وبحجم التأثير على حركة الكتاب عالميًا.

تُدير ألمانيا المعرض بعقلية اقتصادية وثقافية متكاملة: لجان دائمة، استراتيجية طويلة الأمد، برامج للترويج للأدب الألمانى فى العالم، واهتمام بالابتكار الرقمى. والنتيجة أن فرانكفورت صار أداة من أدوات الاقتصاد الألمانى، يدر مئات الملايين من اليوروهات سنويًا، فضلًا عن كونه وسيلة لتعزيز مكانة ألمانيا كقوة ثقافية عالمية.

بكين: المعرض كذراع للقوة الناعمة الصينية

الصين، بدورها، حولت معرض بكين الدولى للكتاب إلى أداة من أدوات قوتها الناعمة. هنا لا يتعلق الأمر فقط بالكتب، بل بالترويج للنموذج الصينى عالميًا. تستغل بكين المعرض لعرض إنجازاتها الفكرية، لتصدير الأدب والفلسفة الصينية، ولعقد شراكات واسعة مع ناشرين من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

الأهم أن الصين ربطت المعرض بمبادراتها الكبرى مثل «الحزام والطريق»، فصار المعرض جزءًا من استراتيجيتها الجيوسياسية، لا مجرد حدث ثقافى.

بولونيا: التخصص فى أدب الطفل والتطور مؤخرًا نحو النشر العام

قد لا يكون معرض بولونيا للكتاب فى إيطاليا الأكبر من حيث الحجم، لكنه يقدّم درسًا مهمًا فى قيمة التخصص. فقد ركز المعرض من بدايته حتى سنوات قريبة على مجال واحد: كتب الأطفال والناشئة. وبهذا التخصص نجح فى أن يصبح المركز العالمى الأول لهذه الصناعة، حيث تُبرم فيه سنويًا آلاف العقود الخاصة بكتب الأطفال، ويتنافس فيه الناشرون على عرض أحدث الإبداعات الموجهة للأجيال الجديدة.

إذن ما الدرس المستفاد لمعرض القاهرة؟

من هذه النماذج نستخلص عدة دروس أساسية:

١. العدد ليس كل شىء: ففرانكفورت وبكين وأبوظبى تستقطب أعدادًا أقل بكثير من القاهرة، لكن تأثيرها يفوقه بمراحل، لأنها تترجم الأرقام إلى صفقات وعوائد وسياسات.

٢. الرؤية الاستراتيجية أساس النجاح: كل هذه المعارض تُدار عبر لجان دائمة وخطط طويلة الأمد، بينما يظل معرض القاهرة أسير التحضير اللحظى.

٣. القوة الناعمة هدف مركزى: المعارض العالمية تستخدم لترويج صورة الدولة وتعزيز دورها السياسى والاقتصادى، لا فقط للاحتفال بالكتب.

٤. التخصص أو التميز ضرورة: سواء بالتخصص كما فى بولونيا، أو بالتركيز على الاقتصاد كما فى فرانكفورت، أو على الصورة الثقافية كما فى أبوظبى، لا بد للمعرض من أن يحدد هويته المميزة.

إن المقارنة تكشف بوضوح أن القاهرة تمتلك ما لا يمتلكه الآخرون: قاعدة جماهيرية عريضة، تاريخ طويل، ومكانة رمزية فى العالم العربى. لكن الآخرين يمتلكون ما نفتقده نحن: الرؤية والخطة.

ومنذ عقود طويلة، اعتمدت مصر على قوتها الناعمة لتأكيد مكانتها الإقليمية والعالمية. فالفن والسينما والمسرح والدراما، ثم الأدب والكتاب والترجمة، كلها كانت أدوات جعلت من القاهرة عاصمة للثقافة العربية بلا منازع. واليوم، ومع تحولات النظام الدولى، ومع صعود التنافس على النفوذ الثقافى والإعلامى، أصبح من الضرورى أن تستعيد مصر زمام المبادرة، وأن تعيد بناء قوتها الناعمة بأسس جديدة. وفى هذا السياق، يبرز معرض القاهرة الدولى للكتاب كأداة استراتيجية لم تُستغل بعد بالقدر الكافى.

حيث الثقافة جزء من مشروع الجمهورية الجديدة

حين أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى رعاية المعرض، كان ذلك بمثابة رسالة واضحة بأن الثقافة جزء من مشروع الجمهورية الجديدة. فالدولة المصرية لا تنظر إلى الثقافة بوصفها نشاطًا ترفيهيًا، بل باعتبارها ركيزة من ركائز التنمية الوطنية. غير أن التحدى الحقيقى يتمثل فى كيفية ترجمة هذه الرعاية السياسية إلى سياسات عملية تجعل من المعرض ذراعًا من أذرع القوة الناعمة.

بمعنى آخر، يجب أن يدار المعرض باعتباره أداة استراتيجية للدولة، لا مجرد مناسبة ثقافية. تمامًا كما تستثمر الدولة فى البنية التحتية والطرق والمشروعات القومية، عليها أن تستثمر فى صناعة الثقافة كرافعة للقوة الناعمة.

والقوة الناعمة لا تُمارَس عبر القنوات الرسمية وحدها، بل من خلال ما يُسمى بـ«الدبلوماسية الشعبية». وهنا يأتى دور المعرض بوصفه فضاءً مفتوحًا يلتقى فيه المصريون مع العالم. الزائر الأجنبى الذى يدخل المعرض لا يرى الكتب فقط، بل يقرأ صورة عن مصر: تنوعها الثقافى، عمقها التاريخى، حيويتها المجتمعية. هذا التأثير الرمزى لا يمكن أن يتحقق عبر الخطابات الرسمية وحدها، بل عبر التجربة المباشرة التى يعيشها الزائر فى القاهرة.

ولذلك، فإن المعرض يمكن أن يتحول إلى أداة دبلوماسية موازية لوزارة الخارجية، يُسهم فى تحسين صورة مصر عالميًا، ويعزز مكانتها كجسر بين الثقافات.

وبالطبع لطالما كانت مصر مركزًا ثقافيًا للعالم العربى. لكن العقود الأخيرة شهدت صعود قوى إقليمية أخرى تنافس على هذا الدور.

وإذا أرادت القاهرة أن تستعيد ريادتها، فإن معرض الكتاب يجب أن يتحول إلى المنصة العربية الأولى التى يلتقى فيها الناشرون والمثقفون العرب. لا يكفى أن يحضروا كزوار أو مشاركين فى أجنحة، بل يجب أن يكون المعرض ساحة لاتخاذ قرارات مشتركة، لطرح المبادرات، ولصياغة السياسات الثقافية العربية. هكذا فقط يمكن لمصر أن تعيد تأكيد دورها القيادى.

وإلى جانب الدور العربى، هناك العمق الإفريقى الذى طالما شكل جزءًا من هوية مصر. ومع عودة الاهتمام الإفريقى فى السياسات المصرية، يمكن للمعرض أن يلعب دورًا مهمًا فى تعزيز هذا البعد. فاحتفاء القاهرة بالأدب الإفريقى، وتخصيص مساحات واسعة لعرض إنتاجات الكُتاب الأفارقة، وتنظيم ندوات حول الثقافة الإفريقية، كلها خطوات تجعل من المعرض جسرًا ثقافيًا بين الشمال والجنوب.

هكذا، يمكن لمعرض القاهرة أن يُترجم سياسات مصر الإفريقية إلى واقع ثقافى ملموس، وأن يمنحها أداة جديدة لتعزيز نفوذها فى القارة.

لكن القوة الناعمة الحقيقية لا تتوقف عند الإطار العربى أو الإفريقى، بل تمتد إلى الحضور العالمى. هنا يمكن للمعرض أن يستضيف دولًا كبرى كضيف شرف، وأن ينظم حوارات فكرية عالمية، وأن يطلق برامج للتبادل الثقافى والترجمة مع دول آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. بهذا، تتحول القاهرة إلى محطة أساسية فى الأجندة الثقافية العالمية، لا مجرد عاصمة إقليمية.

إن تحويل المعرض من مهرجان جماهيرى إلى أداة للقوة الناعمة هو ما سيمنحه القيمة الحقيقية، ويجعل من الأرقام البراقة أدوات فاعلة فى خدمة رؤية مصر ٢٠٣٠ والجمهورية الجديدة

ونحن حين نفكر فى مستقبل معرض القاهرة الدولى للكتاب، لا يكفى أن ننظر إليه كحدث سنوى فى العاصمة، بل يجب أن نُعيد تعريف رسالته فى إطار أربعة أبعاد متكاملة: داخلى، إقليمى، إفريقى، وعالمى. هذه الأبعاد ليست مجرد مستويات جغرافية، بل دوائر تأثير ثقافى وسياسى واقتصادى، إذا أحسنّا تفعيلها، يمكن أن يتحول المعرض إلى منصة متعددة الوظائف، تعكس مكانة مصر وتُعزّز دورها على المستويات كافة.

١. البعد الداخلى: الثقافة لكل بيت

المعرض فى صورته الحالية يظل متركزًا فى القاهرة الكبرى، رغم أن مصر بلد واسع يضم أكثر من مائة مليون نسمة موزعين على محافظات وقرى وأقاليم. إن اقتصار المعرض على العاصمة يكرّس صورة المركزية الثقافية، بينما المطلوب هو أن يتحول إلى مشروع وطنى يشمل الجميع.

يمكن تحقيق ذلك عبر:

- قوافل ثقافية تخرج من القاهرة إلى المحافظات قبل وأثناء وبعد المعرض.

- مكتبات متنقلة تصل إلى القرى والنجوع، تحمل معها أحدث الإصدارات، وتتيح للأطفال والشباب فرصة التواصل مع الكتاب.

- برامج قراءة مدرسية مرتبطة بالمعرض، بحيث يشعر الطالب فى أسوان أو مطروح أن المعرض يعنيه بقدر ما يعنى ساكن القاهرة.

هكذا يصبح المعرض مهرجانًا وطنيًا شاملًا، لا مجرد فعالية حضرية. وبهذا نحقق العدالة الثقافية التى تعد جزءًا من مبادئ الجمهورية الجديدة.

٢. البعد الإقليمى: منصة عربية مشتركة

إذا أرادت القاهرة أن تحافظ على ريادتها، فعليها أن تجعل من المعرض المنصة العربية الأولى التى تلتقى فيها دور النشر العربية والمؤسسات الثقافية لمناقشة القضايا المشتركة:

- حقوق الملكية الفكرية.

- حركة الترجمة البينية.

- مستقبل صناعة النشر فى العالم الرقمى.

- التحديات التى تواجه الثقافة العربية فى العولمة.

بهذا المعنى، يمكن للمعرض أن يتحول إلى برلمان ثقافى عربى، يعيد لمصر موقعها القيادى، ويجعل من القاهرة عاصمة القرار الثقافى العربى، لا مجرد عاصمة الاستضافة.

٣. البعد الإفريقى: جسر بين الشمال والجنوب

العمق الإفريقى جزء لا يتجزأ من هوية مصر ومصالحها الاستراتيجية. غير أن الثقافة كثيرًا ما بقيت غائبة فى تفعيل هذا البعد. هنا يأتى دور المعرض كفرصة لتجديد العلاقة الثقافية مع إفريقيا:

- تخصيص أجنحة واسعة للأدب والفكر الإفريقى.

- دعوة الكُتاب والمفكرين الأفارقة إلى ندوات وورش مشتركة.

- إطلاق برامج للترجمة المتبادلة بين العربية واللغات الإفريقية.

- ربط المعرض بمبادرات الاتحاد الإفريقى الثقافية والتعليمية.

بهذا يتحول المعرض إلى جسر ثقافى يعزز الروابط بين مصر والقارة، ويُترجم سياستها الإفريقية إلى واقع ملموس، ويمنحها بعدًا جديدًا فى القوة الناعمة.

٤. البعد العالمى: حضور فى الساحة الدولية

الأرقام وحدها لا تكفى لمنح المعرض مكانة عالمية. المطلوب هو أن يصبح المعرض جزءًا من الأجندة الثقافية الدولية، بحيث يُذكر إلى جانب فرانكفورت وبكين ولندن. يمكن تحقيق ذلك عبر:

- اختيار دولة ضيف شرف كبرى كل عام «الصين، فرنسا، روسيا، البرازيل» بما يعزز الحوار الثقافى.

- عقد مؤتمرات فكرية دولية تناقش قضايا إنسانية كبرى: مستقبل المعرفة الرقمية، العلاقة بين الثقافة والتنمية.

- بناء شراكات مع منظمات دولية كاليونسكو والمنظمة العالمية للملكية الفكرية.

- التوسع فى الترجمة الثنائية الاتجاه: من العربية إلى لغات العالم، والعكس.

إن تحويل المعرض إلى منصة دولية لا يعنى فقط تعزيز صورة مصر، بل يعنى أيضًا فتح الباب أمام تدويل الأدب والفكر العربى، بما يضع القاهرة فى قلب الحوار الثقافى العالمى.

وهذه الأبعاد الأربعة ليست رفاهية فكرية، بل ضرورات استراتيجية. فالمعرض إن بقى محصورًا فى بعده المحلى، سيفقد بريقه تدريجيًا. أما إذا توسع ليشمل الداخل والإقليم وإفريقيا والعالم، فسيتحول إلى أداة شاملة للقوة الناعمة المصرية، وإلى منصة تترجم طموحات الجمهورية الجديدة ورؤية مصر ٢٠٣٠.

وإذا كان معرض القاهرة الدولى للكتاب قد رسّخ مكانته كأكبر حدث ثقافى فى المنطقة من حيث الحجم والجمهور، فإنه اليوم بحاجة ماسة إلى قفزة نوعية فى الإدارة والتخطيط، كى يتحول من مهرجان جماهيرى ناجح إلى مؤسسة استراتيجية تسهم فى الاقتصاد الوطنى وتعزز القوة الناعمة المصرية. ومن أجل تحقيق ذلك، يمكن طرح مجموعة من المقترحات العملية التى تجمع بين الرؤية الفكرية والجدوى التنفيذية.

١. لجنة دائمة تعمل طوال العام

أول ما يحتاجه المعرض هو إلغاء منطق الموسمية. فلا يجوز أن يبدأ التحضير للحدث قبل ثلاثة أشهر فقط، بل يجب أن تكون هناك لجنة دائمة تعمل على مدار العام، تتابع وتخطط وتنسق.

هذه اللجنة يجب أن تضم:

- ممثلين عن وزارات الثقافة والخارجية والتعليم والتعليم العالى والاتصالات والتجارة والصناعة.

- ناشرين بارزين من القطاع الخاص.

- خبراء فى الاقتصاد والثقافة والإدارة العامة.

- متخصصين فى العلاقات العامة والتسويق والدعاية والإعلان.

- خبراء فى الإدارة الثقافية والتخطيط الاستراتيجى.

المطلوب أن تكون اللجنة فاعلة لا تكريمية، وأن يُسند لكل عضو فيها دور محدد، بحيث تشكّل عقلًا جماعيًا متكاملًا لإدارة المعرض.

٢. خطة خمسية مرتبطة بالدولة لا بالأشخاص

دائمًا التغيير فى الإدارات والأفراد يؤدى إلى تقطّع فى المسار، وفقدان للخبرة المتراكمة. لذا يجب أن تكون للمعرض خطة خمسية واضحة، تحدد الأهداف المرحلية:

- فى العام الأول رفع نسبة المشاركة الدولية من ٧٪ إلى ١٥٪.

- فى العام الثالث بلوغ نسبة ٢٥٪.

- فى العام الخامس الوصول إلى ٣٠٪ على الأقل.

- تطوير برامج القراءة الداخلية وربط المعرض بالمدارس والجامعات.

- بناء شراكات مع معارض وكيانات ثقافية دولية كبرى.

هذه الخطة يجب أن ترتبط بالدولة كمؤسسة، لا بالأشخاص الذين يتولون إدارتها.

٣. كشف حساب سنوى

الشفافية هى أساس التطوير. يجب أن يُعلن سنويًا كشف حساب واضح يبين ما تحقق وما لم يتحقق:

- عدد الزوار.

- نسبة المشاركة الدولية.

- حجم المبيعات والعقود الدولية.

- البرامج التى نُفذت داخليًا وإقليميًا وإفريقيًا وعالميًا.

- مؤشرات الرضا لدى الناشرين والزوار.

هذا التقييم السنوى يتيح تصحيح المسار وتجاوز الأخطاء، ويجعل من المعرض مؤسسة حية قادرة على التعلم من تجاربها.

٤. منصة اقتصادية مستدامة

معرض القاهرة لا بد أن يتحول إلى منصة اقتصادية، لا مجرد مهرجان ثقافى. يمكن تحقيق ذلك عبر:

- باقات رعاية احترافية تقسم إلى مستويات «بلاتينية، ذهبية، فضية»، تستهدف البنوك، شركات الاتصالات، مؤسسات التكنولوجيا.

- إعلانات داخلية وخارجية فى أجنحة المعرض، تدر دخلًا ثابتًا.

- شراكات مع شركات الدفع الإلكترونى لتطوير البنية المالية، بما يسهل على الزوار الشراء ويزيد من حجم المبيعات.

- تطوير برنامج سياحة ثقافية يرتبط بالمعرض، بحيث يُدر عائدًا إضافيًا عبر استقطاب سياح يرغبون فى حضور الفعاليات الثقافية.

بهذا يصبح المعرض مصدر دخل مستدامًا، يُموّل نفسه بنفسه، ويدعم صناعة النشر المحلية.

٥. رفع نسبة المشاركة الدولية إلى ٣٠٪

الهدف المركزى هو تحويل القاهرة إلى منصة عالمية. ولتحقيق ذلك، لا بد من خطوات عملية:

- تقديم حوافز مالية وتنظيمية لدور النشر العالمية للمشاركة.

- عقد اتفاقيات مع اتحادات النشر الدولية.

- استضافة دولة كبرى كضيف شرف سنويًا، مع برنامج متكامل يربطها بالثقافة المصرية.

- بناء جسور تعاون مع معارض كبرى لتبادل الوفود والبرامج «فرانكفورت، بكين، لندن».

- إطلاق برامج للترجمة المتبادلة، بحيث يصبح المعرض منصة لتصدير الأدب العربى واستيراد الفكر العالمى.

٦. استثمار الرعاية الرئاسية

رعاية الرئيس السيسى للمعرض يجب أن تُترجم إلى مشروعات ملموسة:

- إدخال البنية الرقمية المتكاملة فى كل ما يخص المعرض.

- دعم حضور المؤسسات التعليمية والبحثية الكبرى.

- تحويل الافتتاح الرئاسى إلى حدث عالمى يُنقل إعلاميًا وله حفل وجوائز ويُترجم إلى لغات عدة.

وكل ما سبق ليس أحلامًا بعيدة، بل خطوات عملية قابلة للتنفيذ إذا ما توافرت الإرادة والرؤية. المطلوب أن نتوقف عن الاكتفاء بالأرقام البراقة، وأن نبنى مؤسسة استراتيجية قادرة على توظيف هذا الزخم الجماهيرى فى خدمة الدولة والمجتمع.

إن معرض القاهرة الدولى للكتاب يمكن أن يصبح خلال خمس سنوات فقط منصة عالمية تضاهى فرانكفورت وبكين، شرط أن نمتلك الشجاعة لنقطة التحول: من إدارة موسمية إلى إدارة مؤسسية طويلة الأمد.

إن المعرض، فى صورته الحالية، يشبه جوهرة كبيرة لم تُصقل بعد. فالجماهير الغفيرة التى تحضر، والرمزية التاريخية التى يحملها، والرعاية الرئاسية التى يحظى بها، كلها عناصر قوة كامنة. لكن هذه القوة تحتاج إلى إدارة مؤسسية حديثة، وإلى خطة خمسية مرتبطة بالدولة لا بالأشخاص، وإلى لجنة دائمة تضم خبراء الاقتصاد والتسويق والإدارة الثقافية والعلاقات العامة، لا مجرد لجان تكريمية شكلية. تحتاج إلى كشف حساب سنوى شفاف، وإلى مؤشرات أداء دقيقة تقاس بها الإنجازات لا بالشعارات.

ومعرض القاهرة الدولى للكتاب يمكن أن يكون أحد أهم أدوات مصر فى تعزيز قوتها الناعمة، شرط أن نخرجه من أسر اللحظة إلى أفق المستقبل. فالقارئ الذى يخرج من أبواب المعرض لا يجب أن يكتفى بشراء كتاب جديد، بل يجب أن يخرج وهو يشعر أن مصر ما زالت تقود بالكلمة كما قادت بالتاريخ، وأنها قادرة على أن تكون منارة للمعرفة فى زمن تشتد فيه الحاجة إلى صوت العقل والثقافة.

المعرض هدية مصر لنفسها وللعالم. وإذا أحسنا استثماره، فسوف يتحول إلى منارة يزداد ضوؤها عامًا بعد عام، لا مجرد كرنفال ثقافى عابر. أما إذا تركناه دون رؤية واضحة، فسوف نجد أنفسنا بعد سنوات نبكى على الفرص الضائعة، وقد تحولت القاهرة من مركز عالمى للثقافة إلى مجرد ذكرى جميلة.

لكن مصر، بتاريخها وإمكاناتها وبأبنائها، قادرة على أن تجعل من معرض القاهرة الدولى للكتاب جوهرة مضيئة فى تاج الجمهورية الجديدة، ومنصة تعكس طموحاتها ورؤيتها لمستقبل يليق بتاريخها. وهذا هو التحدى الذى لا بد أن نخوضه، حتى نحول الأرقام البراقة إلى رؤية واضحة، ونمنح لهذا الكنز مزيدًا من اللمعان الذى يليق به وبمصر.