الجمعة 28 نوفمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

أهم 20 رواية مصرية فى الأدب الحديث

حرف

- أول قائمة تحكمها معايير الجودة الأدبية قبل غيرها.. دون أى اعتبار لحسابات الأرباح والأجيال والجوائز واختيارات النقاد

- الجميع يعرف أن كثيرًا من دور النشر العربية يضع معيار الأرباح المالية قبل أى اعتبار آخر.. ومنها حسابات المحاصصة الإقليمية التى تحكم اختيارات البعض.

- لم يكتب يوسف إدريس رواية تحاذى جمال «انفجار جمجمة» لإدريس على.. ولم تنافس «تغريدة البجعة» «واحة الغروب» فى إحدى الجوائز بل فاز بها اسم بهاء طاهر على مكاوى سعيد

- رغم صغر حجمها تظل رواية الكاتب الكبير يحيى حقى «قنديل أم هاشم» هى التجسيد الأمثل للصراع ما بين الحياة والعلم وبين الأسطورة والخيال الشعبى بكل حضوره وسطوته على البشر.

- «تغريدة البجعة» عمل روائى ثرى بالأحداث والتغيرات، يرثى من خلاله مكاوى سعيد زمنًا مضى، ويبحث فى ملامح مستقبل محمل بأسئلة بلا إجابات، وذلك عبر واقع اجتماعى متحرك ومتبدل.

- لن تجد هنا رواية مهمة زمنيًا لا تتوفر بها معايير الأدب والفن والإبداع التى لا يمكن لعملٍ أن يحيا أو يصمد أمام فعل القراءة بدونها

لا أفضلية فى الفن والأدب والإبداع، هى القاعدة التى أؤمن بها، وأضعها نصب عينىَّ عندما أبدأ فى قراءة أى نصٍ أدبى، أو متابعة أى عمل فنى، ولو كانت أغنية مهرجانات.. ربما تقودنى تفضيلاتى الشخصية إلى البدء بقراءة أو مشاهدة أو الاستماع لعمل قبل آخر، لكننى أقرأ الجميع بنفس الحماس والرغبة فى استكشاف مواطن الجمال والتفرد، فكل إبداع فنى وأدبى يمتلك مناطق فرادته وتميزه وجمالياته الخاصة، لكنها تفضيلاتى الخاصة، تحكمها ذائقتى الشخصية، وقليل من معايير الجودة الأدبية والفنية التى اكتسبتها بحكم الزمن والخبرة وكثرة القراءة، ولهذا كان اختيارى كلمة «أهم» فى العنوان بدلًا من «أفضل» التى «تلطعها» المواقع والصحف والمجلات كعنوان لقوائمها أو اختياراتها، وجميعها بلا استثناء يبدو لكل ذى عينين أنها تخضع لحسابات أخرى بعيدة إلى حدٍ ما عن معايير الفن والإبداع، أو حتى التأثير.. منها حسابات المكسب والخسارة التى لا يعيب دور النشر أن تضعها فى مقدمة أولوياتها، فهى فى المحصلة الأخيرة شركات ربحية، تستهدف المكسب قبل أى شىء.. ولعل الجميع يعرف أن كثيرًا من دور النشر العربية يضع معيار الأرباح المالية قبل أى اعتبار آخر.. ومنها حسابات المحاصصة الإقليمية التى تحكم اختيارات البعض بهدف إرضاء كل الدول الناطقة باللغة العربية، وتمثيلها بعمل أو اثنين، ولو كان هناك ما هو أكثر جدارة منها، بل إن كثيرًا منها يمتثل لمعيار المحاصصة الشخصية، وشهرة الكاتب واتساع دائرة حضوره وتأثيره فى جيله وفى الأجيال التالية، والظن أنه لا يجوز أن تكون هناك قائمة بالأفضل ولا يكون اسمه حاضرًا فيها، أو أنه يكفى عمل أو اثنان لكل كاتب فقط لا غير، كأن تجد مثلًا رواية «الحرام» للكبير إدريس فى مقدمة إحدى القوائم، رغم أن الدكتور يوسف إدريس لم يكتب غير عدد محدود جدًا من الروايات المتوسطة، وتكمن براعته، وقيمته الأدبية، فى القصة القصيرة والكتابة للمسرح، فهو من هو فى هذين الفنين، هو من لا يضاهيه كاتب عربى فى أى منهما، بل وتعلو قامته فوق كثير من كتاب العالم فيهما، لكنه ليس روائيًا بحجم إدريس على مثلًا، وهو الذى لا تجد اسمه فى أى قائمة عربية أو حتى محلية.. وغالبيتنا يعلم تمام العلم أن يوسف إدريس لم يكتب رواية تضارع «انفجار جمجمة» فى جمالياتها وعناصر فرادتها وقدرتها على إدهاش القارئ والقذف به فى قلب أحداثها، ولا تقارب أعماله الروائية رائعة «السيد من حقل السبانخ» أو «حادث النصف» للكبير صبرى موسى، واللتين لا تجدهما أيضًا فى أى قائمة، يكتفى واضعوها برواية «فساد الأمكنة» كممثل لصبرى موسى، بل إن منها قوائم تكتفى برواية أو اثنتين لكبير الرواية العربية نجيب محفوظ، «بين القصرين» أو الثلاثية، و«أولاد حارتنا»، بينما أظن أنه لا يمكن بحالٍ من الأحوال لأى منصف أو قارئ عابر أن يتجاهل ملحمة «الحرافيش» مثلًا، فهى فى ظنى ليست أهم أعماله فقط، ولا أهم رواية عربية فى الأدب الحديث فقط.. هى أهم رواية عربية على الإطلاق، وواحدة من أهم الروايات العالمية فى كل العصور، ورغم ذلك لا تجدها فى بعض القوائم، ولو كان الأمر بيدى وحدى لتضمنت القائمة غالبية أعماله: «الطريق»، «رحلة ابن فطومة»، «ميرامار»، «حديث الصباح والمساء»، «ثرثرة فوق النيل»، وغيرها الكثير والكثير من أعماله المدهشة والفارقة، والتى يتوقف أمامها العقل، ويضطرب القلب، فتقودك من حيث لا تدرى إلى مراجعة كل ما اكتسبته على مدار حياتك من أفكار وتصورات ومعتقدات وما مررت به من أحداث وسلوكيات، تعيد النظر إليها جميعًا وتقدير موقعك منها ومن الوجود كله.

بعض القوائم مثلًا، لأن أفراد لجنة اختيارها يريدون وضع اسم الكاتب الكبير بهاء طاهر ضمن تفضيلاتهم، يضعون روايته «الحب فى المنفى»، وينسون أو يتناسون أنها أقل رواياته نضجًا بعد «نقطة النور»، هى رواية رومانسية متوسطة الجودة فى أحسن تقدير، وتعبير «متوسطة الجودة» هنا هو رأيى الشخصى غير الملزم لأى أحد، فغالب ظنى أن قصته الطويلة «بالأمس حلمت بك» هى أهم ما كتب، وتحتل قمة تفضيلاتى فى القراءة له، هى قصة فاتنة بمعايير الجودة الفنية والأدبية، من حيث الحبكة واللغة والمفارقة وأسلوب الطرح، تتقدمها روايته «واحة الغروب» مثلًا، رغم أننى أظن أنها تغلبت فى إحدى المسابقات على «تغريدة البجعة» للراحل مكاوى سعيد لمجرد أن مؤلفها هو بهاء طاهر، وكتبت أكثر من مرة أن تغريدة مكاوى لم تكن فى منافسة مع «واحة الغروب»، بل مع اسم بهاء طاهر الذى يفوز بالطبع على اسم أى منافس فى زمنه.. ناهيك بالطبع عن القوائم المدفوعة بحسابات مُلاكها، أو تلك التى تصدرها هيئات أو صحف تابعة لمؤسساتٍ ذات توجهات سياسية واضحة ومعلومة للكل، ولا تحتاج لأكثر من إشارةٍ عابرة مثل هذه الجملة.. لا أكثر ولا أقل.

الأهمية هنا، فى هذه القائمة، ربما تكون مؤشرًا على دور فنى أو اجتماعى أو سياسى للرواية فى زمن صدورها، وفى محيطها العربى عمومًا، لتناولها مسكوتًا عنه فى مجتمعها، أو لترافقها مع أحداث تالية لصدورها، وإن كانت هذه المؤشرات لا تعمل دون تقديم لاعتبارات الجودة الفنية، وجماليات الكتابة والإبداع الأدبى، هى تأتى تالية لهذه المعايير، ولا مكان لها بدونها، ولهذا فلن تجد هنا رواية مهمة زمنيًا لا تتوفر بها معايير الأدب والفن والإبداع التى لا يمكن لعملٍ أن يحيا أو يصمد أمام فعل القراءة بدونها، ومنها كثير من الروايات التى أحدث صدورها دويًا لا مثيل له فى مصر والعالم والعربى.. دويًا لم يقترب منه سوى ما صاحب صدور الترجمة العربية لرواية سلمان رشدى «آيات شيطانية»، ورغم ذلك لن تجدها هنا، فهناك الكثير من الأعمال الأدبية العربية التى لا يجوز تجاهلها لحسابها ولا لحساب ما صاحبها من ضجيج، ولا لحساب أى عمل آخر، أيًا كان كاتبه، وأيًا كان ما تم تسويده من صفحات للاحتفال به.

هنا معيار الأهمية لنفى الأفضلية فيما لا يجوز فيه التفضيل، لكنها أيضًا أهمية غير مطلقة ولا منفردة، بل تالية لمعايير الفن والإبداع والأدب، وأغلب ظنى أنها القائمة الأولى للرواية العربية الحديثة دون حسابات الأرباح التجارية، شخصية أو مؤسساتية، ودون نظرٍ إلى المحاصصة الإقليمية، والتمثيل المشرّف للدول، دون اهتمام بالمحاصصة الشخصية للمشاهير من الكتّاب والمبدعين.. اعتمدت فيها على ما راكمته من قراءات وخبرات جاهدت لتنميتها وترويضها خلال سنوات طويلة من التورط فى الحالة الثقافية العربية والعالمية، بالمتابعة والرصد والتحليل، بالكتابة أحيانًا والتأمل فى أحيان أخرى، وبمجرد الفرجة من قلب الأحداث فى كثير من الأحيان، كما اعتمدت فيها على كتابات من أثق بهم من نقاد وكتّاب ومبدعين ومفكرين ممن أعرف عنهم الحياد والموضوعية والجدية الصارمة حين يتطرق الأمر إلى الفن والإبداع، من أعرف أنهم الأبعد عن المجاملات الخادعة، ولجان الترويج لتيارات وأحزاب وفئات بعينها، فلا يؤخذون بسيف الحياء، ولا تغريهم مكاسب وقتية عابرة.. ولطالما انتصروا فى كتاباتهم ومواقفهم لحرية الفن والإبداع وجماليات الكتابة والأدب وحدها.

أخيرًا، فربما تغيب بعض الأسماء والروايات المهمة والمؤثرة فى تاريخ الرواية المصرية الحديثة، لكنها تغيب هنا فقط لاعتبارات المساحة والتوقيت، لا لاعتبارات القيمة الأدبية، ولعله من المهم الإشارة إلى بعض هذه الروايات شديدة الأهمية، وفى مقدمتها «الطوق والإسورة» للراحل المبدع يحيى الطاهر عبدالله، والتى حفرت مكانها فى ذاكرة الأدب العربى، رغم قصرها، ومنها «واحة الغروب» للكبير بهاء طاهر، و«وكالة عطية» للكبير خيرى شلبى، و«الشمندورة» لمحمد خليل قاسم، و«النمل الأبيض» رائعة الكبير عبدالوهاب الأسوانى، ورفيقتها «سلمى الأسوانية»، وغيرها كثير من الروايات والأعمال التى ربما يأتى وقت لتقديمها فى قوائم أكثر شمولًا وتنوعًا.

1- ملحمة الحرافيش.. نجيب محفوظ 1977

وهى الرواية التى يقدم من خلالها الكبير نجيب محفوظ تفاصيل رحلة عشرة أجيال تنتمى إلى عائلة واحدة، وتوارث «الفتونة» والزعامة بين سكان الحارة من «الحرافيش»، وهى الرمزية التى استخدمها للتعبير عن فلسفة الحكم، وأدوار المحكومين، أو الشعوب فى مسيرة السلطة وأسلوب تعاملها مع «الحرافيش»، إذ يتوارث أفراد العائلة زعامة الحارة؛ فيُحسن بعضهم إلى «الحرافيش»، ويزداد بعضهم فسادًا، ويقع بعضهم فى حيرة من أمره، أو يزهد فى «الفتونة» إلى أن تستدعيه جموع الفقراء فى مواجهة فتوات الحوارى القريبة والبعيدة وأطماعهم فى خيرات حارتهم، وهى الرواية التى يتفق غالبية النقاد على اعتبارها درة أعمال نجيب محفوظ، وأكثرها قدرة على تصوير الحياة وتقلبات الزمن، وتجسيد الصراع بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، والظلم والعدل؛ من خلال الحارة المصرية التى يقدمها كنموذج مصغر للكون كله.

2- عتبات الجنة.. فتحى إمبابى 2014

هذه رواية حدث فى المرتبة الأولى، تقرأ فيها أهوال وأشواق وعذابات اثنى عشر ضابطًا من ضباط عرابى فى رحلة نفيهم مع أسرهم إلى مجاهل القارة الإفريقية، بصحبة ثلاثة عشر ألف جندى، تحت غطاء رحلة استكشاف لمنابع النيل، ورصد تصرفات النهر، ووضع إحداثيات لمجراه والبحيرات المتصلة به، وهى الرواية التى قال عنها مؤلفها: «كنت أشعر خلال كتابتها بأننى فى رحلة باتجاه عتبات الجنة، فالنيل يبدو لك وأنت تشاهد مجراه الهائل وكأنه الثعبان الذى هبط بآدم وحواء من الجنة، وهناك تماهٍ فى الميثولوجيا بين النيل والبشر الذين عاشوا على ضفافه، فهو أول الأنهار الأربعة التى تنبع من الجنة، وهو الوحيد الذى يتجه من الجنوب إلى الشمال، لأنه يتجه نحو مصر».

3- امرأة عند نقطة الصفر.. نوال السعداوى 1977

تستند الرواية على لقاء أجرته الكاتبة الكبيرة الدكتورة نوال السعداوى بسجينة فى الليلة السابقة لإعدامها، «فردوس» القاتلة التى توافق على سرد قصة حياتها، فتحكى عن طفولتها البائسة، وارتباكها بسبب التناقض بين أفعال والدها، الذى يضرب والدتها، وهو الرجل المتدين، الذى يتبع التعاليم الدينية فى كل شىء، ومن بعده قضت حياتها بين شخصيات مشوهة ومريضة ومزدوجة المعايير فى كل ما يخص العلاقات الإنسانية. الرواية رفضتها دور النشر المصرية، فذهبت بها الكاتبة إلى بيروت قبل أن تصدر فيما بعد فى أكثر من عشرين لغة حول العالم.

4- قنديل أم هاشم.. يحيى حقى 1960

رغم صغر حجمها تظل رواية الكاتب الكبير يحيى حقى «قنديل أم هاشم» هى التجسيد الأمثل للصراع ما بين الحياة والعلم، وبين الأسطورة والخيال الشعبى بكل حضوره وسطوته على البشر، وهى الرواية التى صنعت شهرة كاتبها رغم سحر كتاباته الأخرى، وفى مقدمتها روايته «صح النوم» التى كتبها قبل القنديل بخمس سنوات، وتعتبر «قنديل أم هاشم» واحدة من روائع الأدب المصرى والعربى التى عالجت عادات المجتمع المصرى وتقاليده فى عشرينيات القرن الماضى، واستطاع من خلالها تجسيد فكرة الصراع بين الشرق بعاداته وتقاليده المقيدة للتطور، والغرب بما يمثله من تقدم تكنولوجى وعلمى فى خدمة الحياة.

5- فساد الأمكنة.. صبرى موسى 1973

وهى الرواية التى اعتبرها كثير من النقاد بوابة الحداثة فى الأدب المصرى فى الستينيات والسبعينيات، فقال عنها الناقد الأكبر الدكتور على الراعى إنها «رواية فذّة، كتبتها روح شاعرية، تتمتع بحسّ اجتماعى وسياسى مرهف، وروح تنفذ إلى ما وراء الأشياء، تستحضر روح الطبيعة والإنسان معًا، وتكتب هذا كله بلغة مشرقة؛ أنيقة ورصينة وجميلة.. وهى بهذا علامة بارزة فى الأدب العربى»، وهى الرواية التى يتجسد فيها الصراع بين خطايا الإنسان وبراءة الصحراء فى إطار ملحمى شديد الجاذبية، ولغة آسرة واضحة البساطة.

6- الباب المفتوح.. د. لطيفة الزيات 1960

وهى الرواية المكتوبة بلغة أقرب إلى الفصحى الحديثة، وربما كانت الرواية الأولى التى تستخدم الحوار بالعامية المصرية، وفيها تستكشف الكاتبة الكبيرة لطيفة الزيات مرحلة بلوغ فتاة من الطبقة المتوسطة المصرية فى خمسينيات القرن الماضى وما يقابلها من صعوبات وتحديات، ولهذا فقد تم التعامل معها باعتبارها علامة فارقة فى تاريخ الأدب العربى، خصوصًا أنها الرواية التى فتحت بوابة الكتابة الأدبية الواقعية أمام عديد من الكاتبات المصريات فيما بعد.

7- دنقلا.. إدريس على 1993

هى الرواية الأولى فى «ثلاثية روح» للكاتب إدريس على، والتى قال عنها الدكتور على الراعى إن «الصدق يغمر الرواية كلها، مشاهد مصورة بإتقان، مادة روائية تشد الانتباه»، وكتب عنها الناقد والأديب محمود عبدالشكور ما نصه أنها «عمل سردى كبير وعميق لروائى متفرد، يشهد على زمنه وأهله، ويقدم باقتدار ثلاثة وجوه متداخلة لمأساة النوبة، أحلام سكانها المجهضة، وآثار تهميشهم المضاعف بعد بناء السد العالى»، وهى الرواية التى فاز عنها إدريس على بجائزة الترجمة الأدبية لجامعة «أركنساس» الأمريكية، كما فازت روايته «انفجار جمجمة» بجائزة الدولة التشجيعية عام ١٩٩٩.

8- دعاء الكروان.. د. طه حسين 1934

هى أول رواية عربية تعتمد أسلوب السرد الاسترجاعى، حيث تحكى لنا «آمنة» قصة الفقر والحاجة والغدر والرغبة القاتلة فى الانتقام، هنا شخصيات مرسومة بعناية فائقة، وسرعة فى تدفق الأحداث، ولغة تتناسب مع التعبير عن فكرة الانتقام وما قد يخلفه أو يتركه فى نفسية الذات الساردة من توتر أحيانًا، ورغبة عارمة فى أحيان أخرى، عندما تهدأ هواجسها، وحين تجد نفسها أسيرة لغريزتها التى تحفزها للانتقام وانتظار اللحظة المناسبة لأخذ ثأر أختها التى راحت ضحية الحب الخادع.

9- الثلاثية.. نجيب محفوظ 1956

بدأ نشر الثلاثية عام ١٩٥٦ برواية «بين القصرين»، تلاها «قصر الشوق» و«السكرية»، واللتان نشرتا تباعًا فى العام التالى ١٩٥٧، وكانت وقتها أول رواية أجيال فى الأدب العربى الحديث، ركز فيها أديب مصر الأكبر على النمط الإنسانى لا على العقدة أو الحبكة القصصية، كما اعتمد على التحليل النفسى والنقد الاجتماعى بلا افتعال زائد أو مبالغ فيه، وتحول التاريخ بين سطورها إلى كائن حى، تراه فى الأحداث، وفى العمارة والأثاث والملابس والموسيقى والغناء والتقاليد والعلاقات الاجتماعية والسياق الاقتصادى، ولا أظن أنه يمكن الاستطراد فى الحديث عنها بعد تعليق عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين بقوله إن نجيب محفوظ «أتاح للقصة أن تبلغ من الإتقان والروعة ومن العمق والدقة ومن التأثير الذى يشبه السحر ما لم يصل إليه كاتب مصرى قبله».

10- صالح هيصة.. خيرى شلبى 2000

فى هذه الرواية يغوص الكاتب الكبير خيرى شلبى ومعه القارئ فى رحلة عميقة وساحرة لاستكشاف حياة الصعاليك والمثقفين فى قاع القاهرة، عبر حكاية مكتوبة بلغة آسرة عن بطل تراجيدى يجسد معنى الضياع والأمل فى وقت واحد، ما يضعها فى مكانة متفردة فى الأدب العربى، ويضع بطلها صالح هيصة كشاهد على عصره بأحلامه وانكساراته وانتصاراته وهزائمه فى واحدة من أكثر فترات المجتمع المصرى حساسية خلال سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى، فهو المثقف الذى يجالس كبار الأدباء والفنانين، وهو الصعلوك الذى يعرف دروب القاهرة السفلية.

11- الناس فى كفر عسكر.. أحمد الشيخ 1979

سلسلة من ثمانى روايات متعددة الأصوات ووجهات النظر، يمنح الكاتب صلاحية لجميع الأصوات، فلكل رواية راوٍ جديد يحمل وجهة نظر ورؤية ومنظور مختلف للأحداث، تتداخل وجهات النظر أحيانًا وتتباعد أحيانًا أخرى حتى تصل إلى درجة التعقيد، فى محاولة للوصول إلى الحقيقة ذاتها، يقدم فيها أحمد الشيخ مرثية للقرية القديمة والحلم الضائع، حلم السيادة والتفوق، الحفاظ على الأرض وضياعها، والخصومة المتوارثة بين عائلة عوف الأصيلة وعائلة شلبى. قال عنها الروائى علاء الديب «رواية مهمة، غنى حقيقى فى الموضوع، صورة جديدة وأصيلة للريف المصرى.. إنها أشبه بمرثية للقرية القديمة».

12- الزينى بركات.. جمال الغيطانى 1974

الرواية تدور حول ولى الحسبة فى عصر المماليك بركات بن موسى، والملقب بالزين بسبب تقربه فى بداية عهده من العامة برفع الأذى والظلم عنهم، وتطبيق الشرع، ما يجمع بين يديه بين السلطة الدينية والدنيوية، إلا أنه سرعان ما تتكشف ملامح ما يعانيه من ازدواجية فى الشخصية، لتعود المظالم إلى حال أسوأ مما كانت عليه من قبل، وذلك فى لغة تراثية فاتنة، وأغلب الظن أنها كانت الرواية التى فتحت الطريق أمام كثيرين بعدها لكتابة روايات تستنطق الماضى لمحاكمة الحاضر.

 

13- البلدة الأخرى.. إبراهيم عبدالمجيد 1991

فى هذه الرواية، كما فى غيرها من أعماله، يمزج الكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد ما بين الواقعى والأسطورى، لكنه لا يشغل باله بالبحث عن رمزية لما يضيفه سحر الخيال إلى الأحداث الحقيقية، بقدر ما يُسخر كل جهده للتأريخ للمكان، هى رواية مكان بامتياز مثل غالبية أعماله السابقة واللاحقة، تتحول معها تبوك إلى أرض للتحفظ الصارم والخوف والتوتر، وهى رواية عن الغربة والأحلام الضائعة، من خلال مغامرة شاب مصرى بالسفر إلى تبوك السعودية عله يعثر فيها على ما يعوضه عما يعانى منه فى بلاده، ليجد نفسه فى قلب تركيبة معقدة، بشخصياتها المتباينة والمحتشدة بمختلاف الجنسيات والثقافات والأديان، وسط سؤال لا إجابة له حول التناقض الحضارى الشاسع بين بلاد الخليج العربى وبين مصر السبعينيات.

14- ذات.. صنع الله إبراهيم 1992

«ذات» هى الشخصية الرمز التى حاول من خلالها صنع الله إبراهيم أن يقدم سيرة وطن وثورة، وجيلًا كاملًا، فجعل منها نموذجًا للمرأة المصرية فى مختلف مراحل عمرها، بداية من صِباها الأول، وزواجها من عبدالمجيد، وعملها وإنجابها وأمومتها، ليقدم عبر هذه الرحلة تفاصيل كاشفة للحياة اليومية فى مصر خلال عصرى الرئيسين السادات ومبارك، وما مرت به مصر من تحولات سياسية واقتصادية وأثرها على حياتها، وهو ما دفعه إلى رحلة من التوثيق التاريخى والتقليب فى الأرشيف الصحفى لتلك السنوات، وتدعيم الرواية بها كخلفية اجتماعية وسياسية واقتصادية للأحداث تؤثر فيها، وتتغير بتغيرها.

15- عزازيل.. يوسف زيدان 2008

الرواية التى أحدثت ضجيجًا هائلًا فور صدورها لتناولها الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة حول طبيعة المسيح ووضع السيدة العذراء، واضطهاد المسيحيين للوثنيين المصريين فى القرن الخامس الميلادى، وتقوم على ترجمة لمجموعة من اللفائف المكتوبة باللغة السريانية، يتم العثور عليها بحالة جيدة ونادرة، مدفونة فى صندوق خشبى فى منطقة الخرائب الأثرية حول محيط قلعة القديس سمعان العمودى قرب حلب، وقال عنها الناقد الكبير الدكتور جابر عصفور «لو قرأنا هذه الرواية قراءة حقيقية، لأدركنا سمو أهدافها ونبل غاياتها الأخلاقية والروحية التى هى تأكيد لقيم التسامح وتقبل الآخر، واحترام حق الاختلاف، ورفض مبدأ العنف»، فيما قال الناقد الكبير الدكتور سامى خشبة «هذه الرواية عمل مبدع وخطير».

16- زينب والعرش.. فتحى غانم 1972

من أوائل الروايات التى تغوص فى عالم الصحافة وصراعات العاملين به وعلاقاتهم بأصحاب السلطة والنفوذ، وتكشف العديد من الأسرار والخبايا والكواليس فى هذا العالم المشحون بالتناقضات الصارخة، كما ترصد التغيرات التى طرأت على المجتمع المصرى على مدى عقود، هى رواية ملحمية عن الصحافة والثورة والرقيب العسكرى والنفس البشرية والإنسان، تبدأ أحداثها فى العهد الملكى، وتمتد إلى ما بعد ثورة يوليو وحتى حرب يونيو عام ١٩٦٧، والاستعدادات لحرب أكتوبر، وقيل وقتها إن شخصياتها حقيقية، وثار جدل كبير بسببها، وخصوصًا بعد تحولها لمسلسل تليفزيونى حظى بنسب مشاهدة غير مسبوقة.

17- أيام الإنسان السبعة.. عبدالحكيم قاسم 1969

من الروايات الأولى التى تناولت حياة دراويش الطرق الصوفية فى عموم القرى والنجوع فى بر مصر، وتعلقهم بآل البيت وأولياء الله الصالحين، على اختلاف مشاربهم، هؤلاء الذين يقضون صباحاتهم فى الحقول وسط الخضرة والزرع، فى انتظار المساء، حيث يبيتون لياليهم فى «الحضرة»، وحلقات الذكر والإنشاد، وحيث الحلم باليوم الذى يذهبون فيه إلى مولد السيد أحمد البدوى فى طنطا.. كل ذلك تجده بلغة بسيطة سهلة، وشخصيات مرسومة بعناية فائقة، ربما يتباطأ الحدث أو يعود إلى الخلفية، لكنها فى الأساس رواية شخصيات، لا تعتمد الحبكة التقليدية من صراع وعقدة وما شابه، فلا تبحث فيها عن دراما أو صراع، وإنما تستمتع بما يرسمه من شخصيات وأحداث، تستكشف معها حشدًا من مواصفات الشخصية المصرية التى ربما يمر بك العمر دون أن تصادفها أو تقترب منها.

18- تغريدة البجعة.. مكاوى سعيد 2006

عمل روائى ثرى بالأحداث والتغيرات، يرثى من خلاله مكاوى سعيد زمنًا مضى، ويبحث فى ملامح مستقبل محمل بأسئلة بلا إجابات، وذلك عبر واقع اجتماعى متحرك ومتبدل يطرح من خلاله العديد من القضايا الاجتماعية المغلفة بطابع سياسى، فى مقدمتها قضية أطفال الشوارع وخبايا حياتهم فى أزقة وميادين القاهرة، وتمتد إلى الكثير من القضايا بلغة سلسة ممتعة ترصد حالة ضياع كاملة لجيل لا يعرف أين تنتهى الحكاية، يبدو فيها وكأن المجتمع كله يغرد تغريدة البجعة الأخيرة التى تنهى حياتها بها.

19- خافية قمر.. محمد ناجى 1994

عمل بهى، ممتع، لغة شعرية آسرة، قال عنها الروائى والناقد الكبير علاء الديب «على العكس من الروايات الأولى للكتاب خرجت خافية قمر ناضجة، لا استرسال فيها، ولا استسهال، كل شىء موضوع فى مكانه، وذات الكاتب لا تعرف البوح المباشر الصارخ، ولكنها ذات مدركة لتلك العملية المعقدة التى تجمع بين الموهبة والإبداع والصياغة والصناعة، يعمل الكاتب على مستويات ثلاثة.. المعاصر، والواقعى، والأسطورى، ويتحرك ليس بين النقيضين فقط، ولكن بين كل الألوان، حملته موهبته الشعرية التى سكنت فى الجملة، وتبدت فى الترنيمات والأغانى، إلى أفق بعيد، لكنه حكم التيار الشعرى ببناء روائى مبتكر وغير مسبوق، جمع فيه بين رائحة البداوة والعربان، وطين القرى ورهافة الحقول، فجاء عملًا يستحق الإعجاب».

20- زهر الليمون.. علاء الديب 1978

تصور الرواية عمق ما عاناه جيل الخمسينيات والستينيات من محنة الاغتراب والهزيمة، هى أقرب إلى رحلة البحث عن الذات والوجود أمام تدفق الأفكار الغربية من شيوعية ورأسمالية وغيرهما، وقال عنها الكاتب الكبير محمود أمين العالم «على كثرة الروايات الجيدة التى عالجت نفس أزمة الرواية، فإن زهر الليمون، تعد إضافة حقيقية للرواية العربية عامة سواء بينيتها الفنية، أو بما تعبر عنه تعبيرًا عميقًا من خبرة إنسانية حية صادقة»، وكتب ناشرها أنها «رحلة دائرية تبدأ من حجرة البطل الصغيرة فوق سطح بيت فى السويس وتنتهى فى القاهرة بين الأسرة وأصدقاء قدامى، فى عطلة نهاية الأسبوع. رحلة تبدو نزولًا إلى الماضى والعودة منه، تعود خلالها ملامح هذا الماضى بذكرياته المختلفة، لكن خلفية هذه الرحلة الخاطفة هى عمق ماعاناه هذا الجيل».