محمد أبوداود: توفى قبل أدائه العُمرة بيوم واحد

«أعتبره أحد الناحتين فى الصخر حتى وصلوا إلى النجومية والشهرة ولم يحصلوا عليها من فراغ».. بهذه العبارة لخص المخرج والفنان المسرحى الكبير محمد أبوداود شهادته عن فنان وصديق بحجم «نجاح الموجى»، حيث بدأوا المشوار الفنى معًا وأنهوه معًا أيضًا بعد مسيرة فنية ناجحة بدأت عام 1984، وانتهت قبل وفاة الموجى بساعات خلال أحد العروض المسرحية التى كان يخرجها داود، ويشارك فيها الموجى.
المخرج المسرحى وصف صديقه بالراجل الجدع الذى لم يكذب أو يتجمل يومًا، حيث كان بارًا بأهله يعطف على الجميع، مشيرًا فى حواره مع «حرف» عن صديق العُمر أنه كان فنانًا بحق وحقيقى، أحب الناس والبسطاء فأحبوه..

■ زمالة عمل بين مخرج وفنان ثم صداقة ممتدة حتى آخر العُمر.. لو تحدثنا بدايةً عن نجاح الموجى «الفنان» ماذا يمكننا القول؟
- نجاح الموجى حالة خاصة وفريدة من نوعها فى الفن المصرى، سواء سينمائيًا أو مسرحيًا، حيث بدأ حياته الفنية بأدوار صغيرة حتى تدرج ليصبح بطًلا أول فى العديد من الأعمال الناجحة، وعلى نفس الخط وبالتوازى تدرج الموجى فى الهيكل الوظيفى فى وزارة الثقافة حتى أصبح وكيًلا للوزارة، لذلك أعتبره أحد الناحتين فى الصخر حتى وصلوا إلى النجومية والشهرة ولم يحصلوا عليها من فراغ، حيث بدأنا العمل معًا عام ١٩٨٤ بمسرحية من إنتاج التليفزيون بعنوان «تزوير فى أوراق عاطفية» من تأليف مدحت يوسف وبطولة نجاح الموجى ومجدى وهبة وميمى جمال وممدوح وافى وعائشة الكيلانى وراوية سعيد المنتجة المنفذة، وكانت بمثابة النقلة الفنية له لينطلق منها الموجى إلى النجومية والشهرة بعد ذلك، ويقدم العديد من الأعمال الناجحة التى منحته فيما بعد دور البطولة، ويصبح أحد نجوم القطاع الخاص.
■ تحيزك فى الحديث عن موهبة نجاح الموجى يجعلنا نتساءل.. ما الذى رجح كفته الفنية مقارنة بباقى أبناء جيله؟
- تحيزى لموهبة نجاح جاء من تجربتى معه منذ بداية المشوار عام ١٩٨٤ كما ذكرت، حينها وجدت فنانًا بحق وحقيقى دءوبًا حريصًا على مهنته وعمله وفنه يسعى دائمًا لتقديم الجديد والإضافة، يحضر جميع البروفات بالتزام كامل، كان يدرك جديًا قيمة الورق الجيد والدرامى الهادف، بالمعنى الأوضح الموجى كان يفهم فى الدراما مثله مثل الكاتب أو مخرج العمل، حتى أننى فوجئت به يحضر جميع بروفات الأعمال التى يشارك فيها حتى لو لم يُكن للشخصية التى يقدمها مشاهد يتم تصويرها، حرصًا منه على متابعة العمل بشكل دقيق.
■ هل الثقافة والتدرج الوظيفى ساهما فى تدعيم موهبة الموجى؟
- بالتأكيد، لأنه كما ذكرت كان يدرك جيدًا قيمة الدراما والفن ويفهم فى مختلف الألوان ويستطيع التفرقة بين العمل الثمين والعمل الضعيف، ما عزز خبرته وموهبته الفنية، كما أن عمله مع العديد من المخرجين أصحاب الحس الكوميدى العالى جعله أيضًا يضيف لنفسه العديد من الخبرات الفنية.
■ ننُحى جانبًا الحديث عن نجاح الموجى الفنان وننتقل إلى الصديق والإنسان.. وليس أصلح من الحديث فى هذه المنطقة من صديق العُمر.. حدثنا عنه؟
- نجاح الموجى مثلما كان فنانًا متميزًا كان إنسانًا نادر الوجود، كان رجًلا بمعنى الكلمة بها من مواصفات الرجولة ما ينُدر فى هذا الزمان، جدع وابن بلد، شهم عطوف، لم أسمعه يكذب يومًا ولو على رقبته، لم يخلف وعدًا أو ينحث يمينًا، كما كان بارًا بأهله وأصدقائه، وليس أدل على ذلك من رعايته بل وتبنيه لشقيقه الأكبر «نجاح» الذى كان يُعانى من فقدان للحركة، وكان هو من يتولى مسئولية رعايته بشكل كامل ومنتظم ويقيم معه فى منزله، حتى إنه أصر على استعارة اسمه «نجاح» ليخلد ذكراه بدلًا عن «عبدالمعطى» اسمه الحقيقى، ليضرب نجاح الموجى مثالًا يُحتذى به فى الأخلاق والجدعنة.
■ بالتأكيد فُراق صديق وفنان بحجم نجاح الموجى ترك أثرًا صعب أن يذبُل مع الأيام.. هل تتذكر تلك اللحظة؟
- وفاة نجاح الموجى من أكثر لحظات حياتى قسوة، حيث كنا انتهينا للتو من عرض مسرحية «مولد سيدى المرعب» والتى أنتجها المسرح القومى بطولة نجاح الموجى ورانيا فريد شوقى والمنتصر وبالله، وبعد انتهاء آخر أيام العرض المسرحى فوجئت بالموجى يخبرنى أنه فوجئ بهذا النجاح المبهر للعمل، وعلى ضوئه قالى لى «أنا معاك خمس سنوات مقبلة دون تفكير»، كما طلب منى استعجال الشيك الخاص بمستحقاته المادية عن العمل؛ ليخبرنى أنه مُتجه للأراضى المقدسة لأداء فريضة العُمرة بعد أيام وفى حاجة للمال، ولكن قدر الله أن يتوفى قبل أداء العمرة حيث كان من المقرر أن يتوجه لأداء الفريضة يوم الخميس، ليرحل عن دُنيانا يوم الأربعاء السابق للموعد المحدد.