مذكرات الصدفة.. اكتب.. دون أن تكذب كثيرًا!

■ هل ترغب فى إبراز موهبتك الكتابية، والتخلص من قيودك، واستعادة لحظات ساحرة، وفهم الحياة، والاستمتاع بها، وتخفيف التوتر، وترك إرث دائم؟
يأخذك الكاتبان إيف ماكيس وأنتونى كروبر، فى كتابهما «مذكرات الصدفة: الطريقة المميزة لكتابة قصة حياتك»، فى رحلة لاكتشاف الذات، من أصول اسم عائلتك وذكرياتك الأولى، إلى ما كنت ستخترعه، وكيف ستغير العالم؟.
سواء كنت تفكر فى جمع ذكرياتك الخاصة أو تعرف شخصًا يحتاج إلى سرد قصته، ولكنه لا يعرف من أين يبدأ، فقد يكون هذا الكتاب هو الأداة المناسبة لك.
الكتاب صدر فى مايو ٢٠١٩، عن دار نشر «فورث إستيت» التابعة لهاربر كولينز الإنجليزية الأمريكية، فى ١٢٨ صفحة، ومؤلفته الأولى، هى الصحفية والروائية إيف ماكيس ومقدمة البرامج الإذاعية فى المملكة المتحدة وقبرص، والتى حازت أعمالها الروائية على جوائز.
أما المؤلف الثانى، فهو أنتونى كروبر الكاتب والروائى والسيناريست الذى درس الكتابة الإبداعية فى بريطانيا وخارجها، وقدم دورات تدريبية فى الكتابة فى المدارس من خلال «فيرست ستورى»، وهى مؤسسة خيرية أُنشئت لتعزيز محو الأمية ورواية القصص.
وتأتى أهمية الكتاب فى أنه ملىء بأفكار كتابية مبتكرة وسهلة الفهم، بالإضافة إلى نصائحٍ لكل من يرغب فى توثيق حياته واستكشاف إبداعه، فهو كتاب للجميع: كُتابًا وغير كُتاب.
يحتوى الكتاب على روابط لقراءات أوسع ومقتطفات قصيرة من كتاب مثل تيم أوبراين، وسيموس هينى، وليزلى جلايستر، وإرنست همنجواى، وغيرهم من الملهمين.

نافذة الروح
تروى الكاتبة إيف ماكيس، القصة التى ألهمتها لتأليف الكتاب، فتقول: فى ديسمبر ٢٠١٧، واجهت معضلتى السنوية: ماذا أشترى لأبى فى عيد ميلاده؟ لم يكن مولعًا بالهدايا، وكان لديه كل ما يحتاجه، كل أداة يعرفها الإنسان، من مكواة اللحام إلى المنشار الكهربائى.
والدى رجل قصير القامة، متواضع، فى الثمانينيات من عمره، ذو شارب كثيف، لا يتكلم إلا حين يكون لديه ما يقوله. إنه ماء راكد، لكن عليك أن تعرفه جيدًا لتفهم هذا؛ حتى أقرب المقربين إليه يفسرون صمته على أنه تقلب مزاج.
كان والدى يمر بفترة عصيبة؛ كان يعانى من التهاب المفاصل الروماتويدى ويشعر باكتئاب شديد. كانت والدتى قلقة عليه. أردت مساعدته على الشعور بتحسن تجاه نفسه.
بينما كنت أفكر فى المشكلة التى حلت بوالدى فى ذلك الشهر، جاءتنى لحظة من الإلهام: سأصنع شيئًا، فريدًا من نوعه. سيكون شيئًا يجعل والدى يشعر بالتقدير ويخرجه من قوقعته. سأشترى دفتر ملاحظات رخيصًا وأملأه بأفكار تغريه بالكتابة عن حياته. إن لم أستطع إقناعه بالتحدث، فربما أستطيع إقناعه بالكتابة.
لطالما كنت مهتمة بقصص العائلة، وخاصة قصة والدى. نشأ فى قرية قبرصية فى زمن شهد اضطرابات سياسية، خلال كفاح الجزيرة من أجل الاستقلال. انقطع تعليمه مبكرًا لعدم قدرة والده على تحمل تكلفة تذكرة الحافلة إلى المدرسة.
فى ستينيات القرن الماضى، انتقل إلى إنجلترا وفى جيبه عشرة جنيهات إسترلينية فقط، وقضى ليلته الأولى فى كابينة هاتف. كانت قصة، ألهمتنى لكتابة روايتى الأولى.
مع تفكيرى فى كتاب، اتصلت بزميلى، أنتونى كروبر، الذى كان آنذاك رئيسًا لقسم الكتابة الإبداعية فى جامعة نوتنجهام، وطلبت المساعدة. قضينا ساعات طويلة نناقش أفضل السبل لتشجيع الناس على الكتابة، ونتشارك الأفكار التى تجدى نفعًا فى فصولنا الدراسية.
اجتمعنا معًا وأعددنا كتابًا مصممًا خصيصًا لوالدى، مليئًا بتمارين حيوية، تمكنه من كتابة قصته فى دفعات قصيرة وسهلة.

استخدمنا خبرتنا معًا لصياغة أسئلة رئيسية تمكن والدى من الوصول إلى ذكرياته. قمنا بملء دفتر بحجم A5 بتمارين كتابة قصيرة له - مثل «اذكر أكثر عشرة أشياء تجدها مزعجة»، و«اكتب بيتًا من أغنيتك المفضلة»، و«هل هناك شخص تفتقده؟».
كان رد فعل والدى على موهبته متحفظًا كعادته، لكننى رأيت ذلك فى عينيه: كان سعيدًا. شجعته على الكتابة - فى وقته الخاص - وتركته وشأنه. بعد شهر، زارنى وأرانى ما كتبه. قال: «لا أولى الأمر اهتمامًا كبيرًا». لقد أذهلنى الكتاب. أكثر من كونه سردًا لقصته، كان نافذة على روحه.
ملاذ آمن
تضيف ماكيس أنه ردًا على سؤال طلب منه فيه البحث عن اسمه، كتب: «اسمى اليونانى يوركو، وهو مشتق من كلمة يى-أو-جوس، أى المزارع. اسم متواضع وبسيط، قائم على الصدق والثقة. لقبى هو يوركوولى، ويعنى يوركوس، أى الصغير والنحيل. حتى يومنا هذا، إن لم تلقب يوركوولى فى قريتى، فلن يدرك الناس أننى أنا. أنا معجب به جدًا».
قال إن الكتاب كان ملاذًا آمنًا للتعبير عن مشاعره، التى لم يكن ليفصح عنها صراحة، وأنه ينشط ذهنه ويساعده على نسيان مشاكله اليومية. قال: «من الجيد أن تتذكر أيامك الجميلة، حتى الذكريات السيئة. أتذكر أننى مررت بها ونجوت منها».
تشير المؤلفة إلى أن الكتاب جعله يشعر بالرضا عن نفسه، كما كانت تأمل. كان رد فعله بمثابة الضوء الأخضر لما سيأتى لاحقًا.
وعندما بدأت بالقراءة، شعرت بالدهشة. «كتب عن أحداث لم أكن أعرف عنها شيئًا، وبطريقة لم أتوقع منه أن يكتبها. ذكر أشخاصًا افتقدهم، وموسيقاه المفضلة (أغنية حب يونانية رومانسية) والسيارات التى كان يملكها، وذكريات طفولته، وتفاصيل صغيرة عن قريته. أنا روائية، لذا أسأل والدىّ أسئلة طوال الوقت»، تعترف. «لكن كانت هناك أشياء كثيرة لم أكن أعرفها».
تقول: «كانت قصصه كلها مكتوبة بقلم رصاص حاد. لكن هذا لم يكن مهمًا. لم يكن الكتاب عن الدقة أو القواعد أو الإملاء أو أى من الأشياء التى تسلب متعة الكتابة».
كتب بشكل مؤثر عن أخ أصغر توفى بين ذراعيه. قيل له ألا يضيع وقته فى الحداد على أخيه الصغير - لأن الله سيرسل له أخًا آخر.
تضيف: «دفتر الملاحظات هو بمثابة دعامة لمساعدة الناس على تذكر أحداث حياتهم»، ولذا قررت هى وأنتونى تحويل دفتر الملاحظات الأصلى الذى تم إهداؤه لأبيها إلى دليل لمساعدة الآخرين على كتابة قصصهم الخاصة.
القوة العلاجية
تستكمل المؤلفة: تقدمت أنا وأنتونى بطلب للحصول على تمويل من مجلس الفنون، لإنتاج نسخة مصورة من الكتاب، وطباعة ٣٠٠ نسخة لاستخدامها فى المجتمع مع أشخاص لم يعتادوا على حضور ورش الكتابة.
عملنا مع نساء تحت المراقبة، وسجناء، ولاجئين، وكبار السن. عرضنا الكتاب فى بيئات متنوعة، وأشخاص من خلفيات متنوعة للغاية. لقد عاشوا جميعًا حياة صعبة، وعانوا من الكحول وسوء الصحة والإساءة. وبعد خمس دقائق من بدء الورشة، بدأوا الكتابة عن تجاربهم التكوينية، وعن الأطعمة والموسيقى والأفلام التى أحبوها، وعن أماكن طفولتهم.
تحكى الكاتبة أنها ذهبت إلى دار للمسنين. واتبعت نهجًا مختلفًا. لم يكن الجميع يجيدون الكتابة، وكان بعضهم يعانى من صعوبات فى التذكر، لكن جميعهم، دون استثناء، كانوا يحملون ذكريات حية عن شبابهم.
تقول: جلسنا فى حلقة وسردوا قصصهم، عن علاقاتهم الغرامية مع الجنود الأمريكيين، وعن العيش على المؤن، وتجاربهم مع المتنمرين فى المدارس. قالت إحدى النساء إن الكتاب سيكون مشروعها لأشهر الشتاء القادمة. لم تشعر أن عائلتها اهتمت بحياتها بما يكفى، وقد تندم يومًا ما.
تضيف: لم نكن نعرف ما نتوقعه عندما ذهبنا لمقابلة مجموعة المراقبة. كانت النساء متوترات فى البداية، وهو أمر مفهوم، لكن سرعان ما بدأت الأمور تتسارع مع أسئلة مثل: ما الذى ستغيرينه لو كنت مسئولة عن العالم؟
تضمنت الإجابات: «لن تكون هناك حاجة للمخدرات أو الكحول... ستكون الرحلات إلى جزر البحر الأبيض المتوسط مجانية وتستغرق خمس دقائق... لن يكون هناك عنف منزلى... سيتم القضاء على الفقر... ستكون مواقف السيارات مجانية فى مركز المدينة». كتبوا عن تجارب لم يشاركوها قط مع ضباط المراقبة، وعن العنف المنزلى والطفولة الصعبة، وعن آمال المستقبل.
فى مجموعة «كُن أبًا»، المؤلفة من سجناء يأملون فى إعادة التواصل مع أطفالهم، كتب أحد السجناء الأبيات التالية لابنه: «أنت رقصة أيرلندية، ومنظر مُرضٍ لحقل محروث حديثًا فى الصباح». تأثر حتى البكاء مما كشفه بالصدفة.
تشير ماكيس إلى أن كثيرًا ما دهش الناس بما كتبوه وبقدرتهم على الكتابة أصلًا، ولكن هنا يكمن جمال الكتابة عن التجارب الشخصية: مع التشجيع المناسب، يستطيع الجميع فعل ذلك. كل شخص خبير فى حياته.
لقد شهدنا بأم أعيننا القوة العلاجية للكتابة، ونعتقد أن على الجميع تجربتها. تضيف: يواصل والدى الكتابة فى كتابه. تكتب تدويناته مليئة بالأخطاء الإملائية، لكن هذا لا يهم: إنه يزيد من سحر الكتاب.
وأصبحت «مذكرات الصدفة» جزءًا من أدواته لتحسين صحته النفسية، ووسيلة لبدء حوارات فى التجمعات العائلية. إنها طريقة للاحتفال بحياته، وفهمه بشكل أفضل.
الخبير العالمى
يقدم المؤلفان فى الكتاب بعض الأساليب، والتقنيات، والنصائح العامة لأى شخص يرغب فى كتابة مذكراته، تقول ماكيس وكروبر: «لقد كتبت مذكراتك بالفعل. الآن، كل ما عليك فعله هو تدوين الكلمات».
كتابة المذكرات ليست ككتابة رواية أو فيلم. لم نشارك جميعًا فى قصص تجسس، أو عثرنا على كنز مخفى، أو تشاجرنا على خواتم سحرية مفقودة. يحتاج الخيال إلى الإبداع «مع أنه من الواضح أنه يستطيع، بل ويفعل، الاستلهام من الحياة والتجربة».
ولكن، حياتك؟ ذكرياتك؟ مذكراتك؟ لقد عشتها. أنت الخبير العالمى الرائد فى حياتك الخاصة. ففى النهاية، كنت هناك فى البداية، وكنت هناك عندما أصبح كل شىء معقدًا للغاية، وستكون هناك فى النهاية.
إذًا، من أين تبدأ؟ كيف تفعل ذلك؟ ماذا تضمّن؟ تذكّر، لا توجد طريقة واحدة، أو أسلوب واحد، أو نهج واحد لكتابة المذكرات، ولا يوجد حل واحد يناسب الجميع. عليك أن تجد ما يناسبك بالتجربة والخطأ.
10 نصائح
ينصح الكاتبان بالبدء بمسودة أولى سريعة وحماسية، فيجب أن تحاول كتابة قصتك بسرعة، دون تحرير أو رقابة. يمكنك لاحقًا إثراؤها وإعادة هيكلتها وصقلها. نعلم مدى صعوبة المسودات الأولى. لا داعى لإخبار أى شخص بمحاولتك الأولى. استمتع فقط ودع الذكريات تتدفق. استكشف. أطلق العنان لإبداعك.
أما النصيحة الثانية فهى عدم القلق بشأن إهانة الآخرين، فلا تدع الأمور تفلت من يديك. دوّن كل شىء، الجيد والسيئ والقبيح. يمكنك تحديد ما ستحذفه لاحقًا. إذا تولّى ناشر نشر مذكراتك، يمكنك مناقشة ما يجب فعله وما لا يجب فعله مع محررك بشأن التشهير! فى الوقت الحالى، لا تحرّرها بنفسك.
النصيحة الثالثة هى البحث جيدًا لإثراء مذكراتك، وذلك من خلال اسم عائلتك. وأيضًا قابل صديقًا أو قريبًا لإثراء تلك الذكرى غير المكتملة. تعمق أكثر فى تاريخ عائلتك. راقب إن كانت قصتك مرتبطة بطريقة ما بأسلافك.
النصيحة الرابعة هى الكتابة كل يوم، فيجب أن تحتفظ بدفتر ملاحظات بجانب سريرك. قد تضيع تلك السطور والصور والذكريات الرائعة التى تأتيك ليلًا فى صخب اليوم التالى. اكتب فى ذلك الوقت من اليوم الذى تكون فيه أكثر يقظة وإنتاجية. أول شىء فى الصباح.. آخر شىء فى الليل.. إن تمرين مهاراتك فى الكتابة قليلًا كل يوم هو أفضل طريقة لبناء القدرة على التحمل، التى ستحتاجها للوصول إلى خط النهاية.
النصيحة الخامسة أن تكون دقيقًا، فلا تقل إن زوجى أهدى لى باقة زهور فى ذكرى زواجنا. قل إنه وصل ومعه اثنتا عشرة وردة حمراء. ربما فاجأك بأزهار أقحوان قطفها من الحديقة.. نوع الزهرة، وطريقة تقديمها، يكشفان الكثير عنكما وعن علاقتكما. كُن دقيقًا سيجعل هذا كتابتك واقعية.
النصيحة السادسة أن تظهر ولا تقُل، على سبيل المثال لا تقُل إننا قضينا عطلة رائعة. حاول أن تظهر ذلك من خلال وصف الذكريات. أخبرنا كيف جلست فى الخارج حتى حل الظلام، واستمعت إلى صوت البحر وهو يداعب أجنحة اليخوت فى الميناء. ثم برزت النجوم وتمنيت ألا تنتهى تلك الليلة أبدًا. لديك الحق فى أن تكون مبتذلًا. حياتك ليست مراقبة.
النصيحة السابعة هى أن تستخدم حواسك، فنحن نختبر العالم من خلال حواسنا. أين أنت الآن؟ ماذا تسمع؟ هل تشعر بالدفء أم بالبرد؟ هل هناك نسمة هواء من خلال نافذة مفتوحة؟ عند الكتابة، حاول تضمين الأصوات والروائح والملمس. سيجعل هذا كتابتك تنبض بالحياة وينقل القارئ إلى زمان ومكان آخرين.
النصيحة الثامنة هى البدء بالتحرير بعد الانتهاء من كتابة الكلمات، ابحث عن التكرارات، وتغييرات الزمن، والاتساق العام. تأكد من أن كتابتك صادقة ودقيقة قدر الإمكان. يأتى التدقيق الإملائى والنحوى فى النهاية، وقبل أن تدع الآخرين يرون، تأكد من أنك قد راجعت العمل جيدًا. سطرًا بسطر، فصلًا بفصل.
النصيحة التاسعة هى أن تستمع للنصائح، فيجب أن تسلم الكتاب لشخص خبير فى الكتابة وفيك. ابحث عن شخص مستعد وقادر على تقديم نصائح بنّاءة حتى لو كان محررًا محترفًا إن كنت قادرا على ذلك.
لا تعطه لأمك أو لشخص يمطرك بالمديح. قد يكون النقد مؤذيًا، وقد يكون مُرضيًا. استخدم حواسك الداخلية لتحديد ما يفيد وما لا يفيد. لا داعى لأخذ كل شىء على محمل الجد، فقط قيّمه. ثق بقدراتك. انتظر حتى تنتهى قبل الكشف الكبير.
النصيحة العاشرة هى بدء الهيكلة، فقد انتهيت من الكتابة وحان الآن وقت الصياغة وإعادة الترتيب، من أين تبدأ وأين تنتهى؟ كيف تربط هذه الأجزاء معًا؟ هل يمكنك إيجاد نقطة جذب، زاوية، خط، خيط؟ هل يمكنك جمع ذكرياتك معًا فى شىء محكم ومركّز؟
ما هو الجواب؟ حسنًا، لا توجد إجابة واحدة. كل كاتب يعمل بطريقة مختلفة. البعض منظم بشكل معتاد ويحتاج إلى مسار واضح ودقيق. والبعض الآخر يفضل نهجًا أقل تنظيمًا ويخطط بشكل مرتجل، ويقوم بالهيكلة فى النهاية. غالبًا ما يعتمد أسلوب عملك على شخصيتك أو طبيعة مشروعك. لا يوجد صواب أو خطأ. جرّب أساليب مختلفة لمعرفة ما يناسبك ونوع مذكراتك.
6 تقنيات
يطرح المؤلفان بعض التقنيات التى يمكن استخدامها، أولاها صندوق الذكريات، من خلال عرض ذكرياتك بطريقة عشوائية ظاهريًا، وأن تدع القارئ يعمل. تتنقّل من لحظة إلى أخرى. ذهابًا وإيابًا فى الزمن. ففى النهاية، هكذا تعمل ذكرياتنا، فلماذا لا تعكس مذكراتك النمط المتقلّب للعقل البشرى؟
أما ثانى هذه التقنيات هى الكولاج، وذلك من خلال أن تعامل ذكرياتك كصورة مجمّعة. اطبعها وانشرها على الأرض. اجلس فى المنتصف وانظر إلى مئات الذكريات المحيطة بك. لا نضمن لك أن تنجح فى خمس دقائق. لكن جرّب إعادة ترتيبها لإيجاد ترتيب طبيعى وروابط مترابطة.
لا تسيطر عليك فكرة أن تبدو المذكرات كما تراها. انظر ماذا سينتج إذا حرّكت أفكارك على أرضيتك. فى مذكرات هيلين ماكدونالد، «H is for Hawk»، تنسج الكاتبة ثلاث قصص مترابطة، تتنقل بين الماضى والحاضر.
ثالث تقنية تتعلق بسؤال: هل من رابط؟
أعد قراءة قصصك، تجاربك، الأشخاص الذين عرفتهم، الأماكن التى عشت فيها. هل هناك موضوع مشترك؟ خيط يمتد عبر حياتك. هل تتركز ذكرياتك على شخص واحد، هل أنت متعلق بمكان ما، أم مدمن على شىء ما؟ لكل منا انشغالاته وشغفه ومشاعره المسيطرة. قد يفيدك تدوين المواضيع المحتملة وتحديد أهمها أو أبرزها.
قد تكون مدمن عمل، أو عاشقًا للطبيعة، أو للسيارات. يمكنك استخدام هذا الموضوع لبناء مذكراتك، بدء كل فصل بعنوان مرتبط بالعمل، أو الطقس، أو رحلة بالسيارة. الأمر أشبه برؤية حياتك من خلال عدسة.
فى رواية «Wild» للكاتبة شيريل سترايد، فكرة محورية واحدة تجمع مذكراتها معًا. نزهة على طول درب المحيط الهادئ، تتيح لها استعادة الذكريات، بالإضافة إلى الحفاظ على حيوية القصة.
رابع التقنيات هى الاعتماد على التسلسل الزمنى، فالمذكرات هى شريحة من الحياة. قد تغطى أيامًا أو أسابيع أو عقودًا. هيكلة مذكراتك زمنيًا تعطيها شكلًا وعنوانًا، «سبعة أيام فى حياة...» اطبع قصصك وابدأ بالأقدم، ثم انتقل إلى الأحدث. يمكنك بدء كل فصل بتاريخ.
جرّبها قبل أن تقرر. يمكنك دائمًا البدء من النهاية. فى كتاب ألكسندر ماستر، «ستيوارت: حياة عكسية»، يروى المؤلف قصة ستيوارت كلايف شورت بدءًا من اليوم الذى وجده فيه ملقى على رصيف فى كامبريدج، ويعود بذاكرته إلى الوراء.
خامس التقنيات هى اللجوء إلى الجذب أو الخطاف، فالقصة الجيدة تبدأ بلحظة تغيير، حدث يجذب القارئ إلى الحدث الرئيسى للقصة. يمكنك فعل الشىء نفسه. ابدأ مذكراتك وأنت تعمل. ابحث عن اللحظة الأكثر دراماتيكية فى حياتك واستخدمها كبداية.
فى اليوم الذى تركت فيه عملك، أو شريكك، أو سافرت على متن سفينة، تبدأ مذكرات إليزابيث جيلبرت، «طعام، صلاة، حب»، بانهيار عصبى. إليزابيث تبكى على أرضية الحمام. لقد انهار هيكل حياتها بشكل لا رجعة فيه، وكل شىء على وشك التغيير. هل ستجد الحب والسعادة؟ هذا هو السؤال الذى يدفع القراء إلى مواصلة القراءة.
سادس تقنية هى أن تكون مبدعًا، وذلك بالتفكير جيدًا فى كيفية عرض قصصك بطريقة مبتكرة وجذابة. هل ستكون فصولك عبارة عن سلسلة من الرسائل لشخص ما؟ لأشخاص مختلفين؟ رسائل بريد إلكترونى لصديق؟ هل سيروى حلزون قصتك فى نهاية الحديقة؟ هل سيتم الكشف عن الماضى فى بطاقات بريدية ذكية لكلبك الأليف؟
لا تحد من خيالك. جرّب طرقًا مختلفة لسرد قصتك. هل مذكراتك مظلمة، أم مشرقة، أم مزيج من الاثنين؟ يمكن لعناوين الفصول الخيالية والمثيرة أن تساعد فى تحديد النغمة وإضفاء الاتساق على المذكرات.
9 طرق
يعرف ماكيس وكروبر عدة طرق تجنب أى كاتب احتمالية أن يقوم أحد بمقاضاته بعد نشر مذكراته، فهذه المذكرات ستتضمن الإشارة إلى أشخاص حقيقيين وعلى صلة وثيقة بالكاتب، ولذا قد يواجه اتهامات بالتشهير.
ويشدد الكاتبان على ضرورة أن تتأكد من الحقائق، فالذاكرة والحقيقة لا يجتمعان دائمًا. لا تنشر الأكاذيب بدافع الانتقام. تجنب المبالغة إلا إذا كنت فكاهيًا.
وأيضًا إخفاء الهويات. فيجب أن تغيّر الأسماء والجنس والمهن والأعمار لإخفاء هوية الأشخاص الذين تخشى الإساءة إليهم. ابدأ بكتابة ما حدث، وكيف حدث، ومن شارك فيه قبل تغيير التفاصيل.
ثالثًا: اطلب الإذن. إذا كنت لا ترغب فى انهيار علاقاتك، أو إذا لم تكن متأكدًا من رد فعل عائلتك أو أصدقائك، فدعهم يقرأون المسودة النهائية. قد تشعر بالإطراء. يمكنك أن تطلب منهم توقيع تنازل، قبل التواصل مع الناشر.
رابعًا: اطلب المشورة. من محامٍ أو محرر. تختلف قوانين التشهير من بلد إلى آخر، لذا قد تحتاج إلى مشورة متخصصة. تعرّف على القانون، ثم حدد كيف تريد المضى قدمًا، وما هى المخاطر التى أنت على استعداد لتحملها.
خامسًا: لا تنشر. لا يمكن مقاضاتك إلا إذا نشرت. من حقك أن تكتب ما تشاء وأن تحتفظ به على حاسبك المحمول أو فى دفتر ملاحظات. إذا كانت كتابة مذكراتك بغرض التنفيس عن مشاعرك، فاكتب كما تتذكر، الذكريات الجيدة والسيئة والقبيحة.
سادسًا: انتهاك الخصوصية. حتى لو كانت الحقائق صحيحة تمامًا، يمكن مقاضاتك بتهمة انتهاك الخصوصية - أى التطفل على حياة شخص ما ووضعه فى دائرة الضوء.
سابعًا: الأدلة. إذا كانت لديك أدلة تثبت ما كشفته، وإذا كان ما حدث مسألة مسجلة فى السجلات العامة، فلا بأس. فكّر فى إجراء بعض التحقيقات للعثور على الأدلة - مثل سجلات الشرطة والمحكمة، إذا كنت تتهم شخصًا ما بنشاط إجرامى.
ثامنًا: اللهجة. كل شىء مهم. قد يكون ما تكتبه مدينًا، لكن طريقة كتابته قد تخفف من وطأة الأمر. إذا كنت منصفًا، على سبيل المثال، وترى الموقف من كلا الجانبين. لماذا تصرفت والدتك بهذه الطريقة؟ هل كانت ظروفها مخففة؟ اعمل على تحسين اللهجة، وجعل المحتوى والأسلوب انعكاسًا لشخصيتك، وحس الفكاهة لديك، وتعاطفك، وذكائك، ومن أنت.
تاسعًا: اختبار المخالفة. لست متأكدًا إن كان ما كتبته يسىء إليك؟ تخيّل أن الشخص الذى كتبت عنه هو أختك أو أخوك أو والدك. هل سيشعرون بالإهانة؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فحدد ما إذا كنت بحاجة فعلًا لهذا الشخص فى مذكراتك. إن لم يكن كذلك، فاستبعده.
فى الواقع، نادرًا ما يُقاضى الكتاب، فلا تثنِ نفسك عن كتابة الحقيقة، وعن سرد قصتك كما عشتها.