السبت 25 أكتوبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

صاحبة «النوفيلات».. أميرة بهى الدين: هناك «جيتوهات ثقافية» تمنع انتشار من لا ينتمون إليها

حرف

-  انتقيت 43 «نوفيلا» من أصل 120 لإعداد كتابى الجديد

-  تنبأت بحكم «الإخوان» وسقوطهم فى إحدى «نوفيلاتى» قبل 2011

-  أنا مستبعدة من الوسط لكننى موجودة بمشروعى ومنجزى

تتويجًا لتجربتها السردية التى تحمل فى طياتها سنوات من التأمل والتجريب، أصدرت الإعلامية والمحامية والكاتبة أميرة بهى الدين مشروعها الروائى الجديد تحت اسم «النوفيلات»، والذى يضم فى جعبته 43 رواية قصيرة، يحمل كل عنوان منها دلالة على الحالة الجامعة التى تسكن النصوص من الداخل. هذه «النوفيلات» ليست وليدة فترة بعينها، لكنها مشروع قديم بدأ بـ120 نوفيلا، حيث أعادت الكاتبة الاشتغال عليها برؤية جديدة، لتخرج فى صورتها الأخيرة التى لاقت إشادة نقدية واسعة فى حفل توقيعها الأخير يوم 11 أكتوبر الجارى بمكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك. عن مشروعها الخاص الذى لا يكتفى بالسرد، بل يفتح دفاتر الذاكرة والهوية المصرية وسير الشهداء، أجرت «حرف» مع أميرة بهى الدين الحوار التالى.

■ بداية.. ما كواليس إصدار مشروعك الأخير «النوفيلات»؟

- هذه النوفيلات تمثل المشروع المبهج فى حياتى، فقد كُتبت على مرحلتين، وستلاحظ عند تصفح الكتب تواريخ متباينة تبدأ من ٢٠٠٩ مرورًا بـ٢٠١٠ و٢٠١١. 

وكتبتها بشكل أولى ونشرتها على مدونتى، ثم طُبع بعضها فى كتب، لكنها لم تُقرأ ولم تُعرف، وظلت تؤرقنى طويلًا، وأؤمن بأن فيها تنوعًا كبيرًا، وهى محطة مهمة فى مسارى الأدبى، لكنها كانت تجربة غير مكتملة، كسرت فيها الكثير من القواعد، وانطلقت بخيال واسع لا يعرف الحدود.

■ هل يجب أن تؤرق الرواية الكاتب قبل النشر؟

- نعم.. هذه النوفيلات ظلت تؤرقنى طويلًا بعد نشرها، رغم أننى كتبت بعدها أعمالًا أخرى مثل «موال الوصل والوجع»، و«أنا كنت عيدك»، و«البرديات»، و«سوناتا عزيزة»، لكن شخوص النوفيلات كانت تلاحقنى، تهاجمنى، وتطالبنى بإعادة النظر فيها. بعد انتهائى من روايتى الأخيرة «سوناتا عزيزة»، شرعت فى ٣ مشاريع جديدة، لكننى لم أتمكن من إكمال أى منها، بسبب الضغط النفسى الذى كانت تسببه لى هذه النوفيلات.

كانت فى الأصل ١٢٠ نوفيلا، وبعد مشاورات وقراءات متأنية، انتقيت منها ٤٣ نوفيلا، وأعدت كتابتها من جديد، كتابة شاملة تستفيد من خبرات السنين والتجارب. ظللت لعامين أعمل عليها، حتى اكتملت وسلمتها للناشر، لم أقم حينها بأى حفل توقيع، ولم أشعر بأننى أغلقت صفحتها تمامًا، إلى أن أقمت حفل التوقيع مؤخرًا، وهناك فقط شعرت بأننى ودّعتها كما ينبغى.

■ نشرت ٤٣ فقط من بين أكثر من ١٢٠ نوفيلا.. ما مصير الباقى؟

- حين انتقيت من النوفيلات ما سوف ينشر، اعتبرت أننى أنتقى أكثر الأفكار تكاملًا، فاخترت هذه المجموعة باعتبارها أكثرها شمولية، والتى بدروها ترسم حالة درامية واحدة، الباقى مشاريع لم تكمل ولن، ولكن كل منها كان درجة فى السلم، كان تمهيدًا للوصول لهذه النوفيلات.

■ حفلت النوفيلات بشخوص عديدة وأزمنة مغايرة.. كأنك تقصدين أن البطولة هنا لمصر وليست لشخص أو حقبة؟

- نعم، لدى أبطال من الجنوب، وأبطال من بحرى وسيوة، شباب وكبار، نساء ورجال، وفيهم من ينتمى إلى مصر القديمة، حيث بطلات تحت بحيرة الكرنك، ورأس نفرتيتى، ونجل الملكة تى. فى كتابى جمهورية شارع الميتين، وبنكهة العشق والمولوتوف، وهى كتابات تعود إلى عام ٢٠١١، كانت الكتابة مختلفة تمامًا؛ واحتلتنى أشباح الكتابة فى تلك اللحظة، وكانت حالة خاصة جدًا، فجاءت نوفيلات تلك الفترة مغايرة فى نبرتها وجرأتها.

مصر هى البطلة الحقيقية فى كل هذه الأعمال، بروحها المتعددة، وبمقاومتها العنيفة، فى إحدى النوفيلات التى كتبتها عام ٢٠١١، قبل أن يسرق الإخوان مصر علنًا، تخيّلت أنهم حكموا وهُزموا، وأننا نلتقى بعد عشرين عامًا. كانت هناك روح مقاومة شديدة، ولهذا ظل هذا المشروع الأدبى مهمًا جدًا بالنسبة لى؛ لأنه لم يكن مجرد كتابة، بل كان فعلًا من أفعال الذاكرة والمواجهة.

■ الأمر بالنسبة لأميرة بهى الدين ليس كتابًا لكنه مشروع كبير يتحكم فى مسار حياتها.. هل كنتِ تقصدين هذه الرؤية منذ البداية؟

- حين كنت أعمل على هذه النوفيلات، اكتشفت أنها تحمل الجنين الأول لما ظهر لاحقًا فى أعمالى مثل «برديات مدن الياسمين، من خلالها تعرفت على حال المصريين أكثر، تعرفت عليهم وتعرفوا علىّ، ولامست تفاصيل حياتهم وتنوعهم، وهذه النوفيلات كانت دفتر حال الوطن، بكل ما فيه من تنوع جغرافى وحضارى وإنسانى.

كتبتها قبل استشهاد محمد المبروك، لكن ابنته مايا محمد المبروك كانت إحدى بطلات العمل. وفى يوم حفل التوقيع، فكرت أن أقرأ الصفحات التى يعد فيها البطل «مايا» بأمور كثيرة، ويقول لها: «افتخرى بوالدك»، كانت لحظة مؤثرة، لأن هذه الأعمال لا تروى قصصًا فحسب، بل تسجل نبض الناس، وتوثّق أرواحهم.

كتبت عن سيدى ياقوت العرش، وعن الثأر فى الصعيد، وعن مصر التى كانت دائمًا البطلة الحقيقية فى كل عمل. كانت هناك روح مقاومة، عنيفة أحيانًا، لكنها صادقة، ولهذا ظل هذا المشروع الأدبى بالنسبة لى من أهم ما أنجزت، لأنه لم يكن مجرد كتابة، بل كان فعلًا من أفعال الذاكرة والمواجهة.

■ حفلت النوفيلات بمعلومات ومعرفة كبيرة بعالم الجنوب وأماكن أخرى.. من أين استقيت هذه المعرفة؟

- طرح أحد الأصدقاء سؤالًا بعد قراءته نوفيلا «السطر الناقص عند المنسى»، حيث ظهرت شخصية عاهرة تسب الآخرين، فسألنى: «كيف كتبتها؟» فأجبته: «لا أعرف»، لكنها جاءت بشخصيتها، بمفرداتها، بأوصافها، وكأنها خرجت من مكان ما فى ذاكرتى دون أن أستدعيها. يبدو أننى كنت أراقب كل ما يحدث حولى وأخزنه دون وعى، وأستعيده حين يحين وقت الكتابة.

أذكر فى التسعينيات، حين كنت أترافع فى المحاكم، كانت تجلس بجوارى سيدة تشبهنى فى شىء ما، لكنها كانت ترى أكثر منى. كانت تلتقط التفاصيل الصغيرة مثل حذاء الحاجب، والسيجارة فى أذنه، والقلم فى عروة جاكتته. لم أكن أدرك حينها أننى سأحتاج إلى هذه الرؤى لاحقًا، لكننى اكتشفت أن هذه السيدة كانت ترى جيدًا، وكانت تخزّن الحياة كما ينبغى.

فى إحدى المرات، كنت أكتب مسلسلًا، وكان يعمل معى محامٍ من الصعيد. حين بدأ يترافع بلهجته، فزعت فعلًا، لأننى وجدت نفسى أكتب بلهجة لا أعرف كيف أنطقها، لكنه يعرفها. الشخصيات تنادى علىّ، وحين تأتى، أسمعها بوضوح، تتحدث بلغتها، وتفرض حضورها.

الكاتبة أميرة بهى الدين تتحدث للزميل إيهاب مصطفى

■ النوفيلات برغم أنها منفصلة لكنها متصلة، وأجمع النقاد فى حقل التوقيع على أنها لديها القدرة على جذب القارئ.. كيف ترين هذا؟

- فى الحقيقة، أنا انجذبت إلى هذه الأعمال قبل أن يفعل الآخرون، فشخوص النوفيلات أمسكتنى من كتفى. خذ مثلًا شخصية «فتنة»، التى حاول كاتبها دفنها فى درج المكتب، ظنًا منه أنه لن يكملها. لكنها خرجت، وتربّعت أمامه على المكتب، وقالت له: «لن تستطيع أن تقتلنى»، «فتنة» أمسكت بى وسرقتنى قبل أن تسرق القارئ. لهذا، حين يصدر الكتاب ثم أعود لقراءته، قد أبكى تأثرًا، لأننى حين أتحرر من سطوة الشخصيات والحدث، أعيش الرواية كما يعيشها القارئ، وكأننى لست الكاتبة.

حين تنظر إلى النوفيلات، ستجد أن الروح المصرية حاضرة بقوة فى كتبى. الروح المصرية جميلة، جامحة، طيبة، وكريمة. هى موجودة فينا، لكنها فى الكتب تظهر بشكل عاصف. لذلك، حين تأخر نشر هذه الأعمال، شعرت بأننى أظلم أحدهم، وأحسست بذنب كبير؛ لأننى لم أفك أسر شخوصى، لكننى حين أنظر إلى الكتب الآن، أشعر بالامتنان والسعادة.

سألنى أحد النقاد: «تكتبين بصدق، وما يصل القارئ يصله بصدق. كيف قصدت هذا؟» فأجبته: «الصدق يأتى من الناس. كلما استطعت التعبير عنهم، كتبت بصدق. وأنت ستصدقنى حين تجد ما يُكتب يماثلك. كلما اقتربت من الناس، عبّرت عنهم بدقة أكبر».

حين أقرر أن أكتب عن «حورس والبحرية المقدسة»، فأنا لا أكتب عن حدث رأيته أو عايشته، لكننى قريبة من هذه الحضارة، غارقة فى تفاصيلها، مستلهمة لروحها، ولهذا يصدق ما أكتبه. 

أذكر أن أحد القراء جاءنى بعد قراءته رواية «كل هذا حدث فى يوم واحد»، وقال لى عن شخصية «فتنة»: «ربما قابلتِ عاهرة حكت لك حكايتها»، وعن «سليمان»: «ربما حكى لك أحدهم قصته»، لكنه حين قرأ عبارة «حرقوا بخور اللوتس»، قال: «تخيلت أننى شممت الرائحة»، فخفت تمامًا، لأننى شعرت أنك ممسوسة.

■ اللغة فى النوفيلات مختلفة عن لغة «برديات مدن الياسمين» ومختلفة عن «يوميات ميت».. كيف تتعاملين مع اللغة فى أعمالك؟

تحدثت عن السيدة «أم مصطفى» فى نوفيلا عندما بلغ «سليمان» العاشرة، تلك السيدة الصعيدية المتشبثة بتقاليدها، المشبعة بأفكارها وثقافتها، حين تقول لابنها «بلاش يا ولد»، سيقرؤها البعض دون تشكيل، لكننى أسمعها بكسر الواو، فتظهر بوضوح كأنها تنطق باللهجة الصعيدية. هذا صوتها، وإن لم أكتب بهذه الطريقة، فلن يصدقنى أحد. كان بإمكانى أن أستبدل الجملة بـ«لا يا فتى»، لكنها لا تليق بما أكتبه، لأنها لا تشبه هذه السيدة، ولا تنتمى إلى عالمها. هذه لغتها، وهذه طريقتها، وحين تُقرأ بهذا الشكل، يعرفها القارئ ويقتنع بأن اللغة تناسبها تمامًا. أنا أؤمن بأن الشخصيات تأتى بأصواتها. فى إحدى شخصيات نوفيلا «لماذا تخاوينى العفاريت؟»، يفقد البطل ذاكرته مرتين. وفى إحدى لحظات الشجار، يكتشف أنه يستخدم مفردات صعيدية، وحين يتأمل الأمر، تبدأ ذاكرته فى العودة تدريجيًا. 

تمامًا كما يحدث لمن يكون تحت تأثير المخدر، حين يتخفف من أعبائه ويتحدث بنقاء كامل، كل شخصية تتحدث بصوتها، بلغتها، بإيقاعها الخاص، وأنا لا أفرض عليها شيئًا، بل أستمع جيدًا، وأكتب كما تملى علىّ.

■ الشهداء لهم حضور فى أعمالك من «المنسى» فى «برديات مدن الياسمين» لمحمد مبروك فى «النوفيلات» و«مدينة الشهداء فى السويس».. هل تؤرخين للشهداء فى أعمالك؟

- فى الحقيقة، هذا صحيح. فى رواية «كل هذا حدث فى يوم واحد»، كانت هناك مدينة للشهداء تحت قناة السويس، وحين استشعرت خطرًا، نظّمت صفوفها وخرجت. شهداء النصب التذكارى أيضًا نظّموا صفوفهم وخرجوا. 

الشهداء جزء من ذاكرتنا الجمعية، وكلما تذكرنا ما حدث لنا، وكيف طمع فينا الغزاة، وكلما استعدنا تضحياتنا، كنا أكثر قوة وصلابة.

جزء من هذا التصدى هم الشهداء، الذين لا يموتون فى ثقافتنا، بل هم أحياء عند ربهم. وما داموا أحياء، فلا مانع أن تكون لهم مدينة تحت قناة السويس، اسمها مدينة الشهداء، هم يعيشون بيننا بالفعل، ودراميًا، حين ينادى الوطن، يعيدون تنظيم صفوفهم ويخرجون، هم جزء من قوتنا، من قوة مصر.

فى الثقافات المختلفة، لا أحد يستدعى هذه القيمة العظيمة للمقاومة والدفاع عن الوطن كما نفعل نحن، ولا أحد يحتفى بشهدائه كما نفعل، هذا أيضًا فصل آخر من دفتر أحوال مصر، حيث البطولة ليست حدثًا عابرًا، بل ذاكرة حيّة تتجدد كلما احتاج الوطن إلى من ينهض به.

■ قلت إنك تكتبين لقارئ مستقبلى يقرأ أعمالك فيعرف كيف كانت مصر.. هل تقصدين بهذا التأريخ للبلاد؟

- الفكرة من هذا الأمر هى مقاومة اليأس، كل كاتب يحب أن يكون له قارئ، فإن لم يجد قارئًا، قد يتسلل إليه اليأس ويسأل نفسه لماذا أكتب، وحين تتعامل مع مجتمع النشر، ففى أمريكا مثلًا يذكرون أن هناك كتابًا وصل لمليون نسخة، وفى فرنسا وصل لخمسة ملايين نسخة، وهنا يطبع الناشر ألف نسخة، ونحن دولة فيها ١٢٠ مليون، وإن بيعت الألف نسخة يطبع ألفًا أخرى وهكذا، فأنا كنت فى فترة انقطاع عن الكتابة، ولم أكن معروفة، وحين أكتب لن أطرق البيوت لأخبرهم أننى كتبت، الكاتب يظل يبحث عن القارئ؛ حتى إننى كتبت فى مرة أن الكاتب بلا قارئ كالحياة بلا أمل، أنا يجب أن أقاوم اليأس، ولهذا استلهمت روح الحضارة المصرية، التى كتبت تلك الحضارة على الجدران والبرديات، وعرف المتخصصون فى علم المصريات ماذا كانوا يأكلون ويشربون، ومن هى ماعت، ومن أوزيريس، عرفنا كل شىء من البرديان والجدران، فاستلهامًا من هذه الحضارة العظيمة وتغلبًا على اليأس، قلت إننى أكتب بردياتى أتركها للمستقبل، سينقب أحدهم ذات يوم ويجد آثارنا وجدران معابدنا وسيتعرف علينا وما كنا نحكى عنه، من سيعثر على الكتب سيقرأها، ربما الآن وربما بعد عشر سنوات، هذا الكتب هى بردياتى للمستقبل، وهى تثبت أننى تركت أثرًا فى هذا العالم كما تحدث شعبان يوسف وأشار لرواية صدرت عام ٢٠١٥.

■ الناقد شعبان يوسف قال إن أميرة بهى الدين ليست مظلومة وإنما مستبعدة.. هل أنتِ مستبعدة فعلًا؟

- ليست أميرة بهى الدين وحدها، هناك العديد من الكتّاب والكاتبات الذين يكتبون خارج الضوء، نحن نتفق على أسماء معروفة مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهم، لكن هل توجد ببلوغرافيا دقيقة تخبرنا بما صدر طوال العام؟ كم كاتبًا فى الصعيد بخلاف من رحلوا مثل يحيى الطاهر عبدالله، وأمل دنقل، وبهاء طاهر؟ هناك مجموعات تعرف بعضها، وبعض الكتّاب تحتفى بهم دور النشر وتعمل عليهم بقوة، وهناك أيضًا دوائر مغلقة، «جيتوهات» ثقافية لا يدخلها إلا من ينتمى إليها.

حين بدأت الكتابة، كنت أظن أن دورى ينتهى عند الكتابة، وأن هناك من سيقوم بدوره فى القراءة والنقد، لكننى اكتشفت أن هذه الدائرة غير مكتملة، ينقصها القارئ والناقد، ومع ذلك، لا يشغلنى الأمر كثيرًا، أنا أرى أن دورى هو الكتابة والسعى للنشر، وما بعد ذلك ليس من اختصاصى، لست مظلومة، لأننى أتحقق بالطريقة التى أراها لنفسى. فى حفل التوقيع، كان هناك الكثير من القراء، ليسوا من روّاد المنتديات أو الوسط الثقافى التقليدى. أنا مستبعدة، نعم، بمعنى أننى لست من أبناء هذا الوسط، لكننى موجودة بكتبى، بمشروعى، بمنجزى، وأسعى لاستكماله. الأدوار الأخرى لا تخصنى، وما يهمنى هو أن أكتب، أن أترك أثرى، وأن أكون وفية لما أؤمن به.

■ استحضرت كل أنماط المجتمع المصرى وصفاته وكأنك تعبرين عن حالة إنسانية كبيرة.. ما رأيك؟

- الكتابة عملية غريبة جدًا، أنا أكتب مذكرات قانونية، وفى هذه المذكرات لديك القوام والإطار، لكن الكتابة الإبداعية غريبة جدًا، لذلك حين تأتى أشباح الكتابة وشخصياتها لا أبالغ إن قلت إننى أجد من يكلمنى، فمثلًا فى روايتى «لماذا تخاوينى العفاريت؟» هناك شخصية هى «أبو التاريخ»، كنت قد رأيته فى يوم مزدحم، أذكر يومها أننى كنت أقود سيارتى فوجدته على غطاء السيارة الأمامى، كان يمسك بنصف ليمونة يدعك بها رأسه، وحين كتبت روايته عرفت لماذا كان يفعل هذا، هم يأتون بكل التنوع وبكل ما فيهم من صفات، وهناك تعقيدات اجتماعية واشتباكات تخرج لى تلك التركيبة، لدى العديد من الشخوص فى نوفيلات أخرى، هناك شخصية «إسماعيل» مثلًا، هو ارتكب كل الجرائم ولكنك حين تنتهى من القراءة ستسأل نفسك «هل هو شخصية جيدة أم لا؟».