د. رشا صالح: هيكل إدارى وتنظيمى جديد لـ«القومى للترجمة».. قريبًا
- نعمل حالیًا على مراجعة ملف الكتب المُكدَسة فى المخازن بشكل شامل
- نُعد الهيكل الجديد منذ 3 سنوات.. وننتظر التصدیق النهائى من «التنظیم والإدارة»
- نجهز مجموعة واسعة من الكتب الجدیدة للمشاركة فى معرض القاهرة للكتاب
- تركيز على كُتب «الذكاء الاصطناعى» والتقنیات الحدیثة فى الترجمات المقبلة
قبل 3 أشهر، تحديدًا فى 17 أغسطس 2025، أصدر الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، قرارًا بانتداب الدكتورة رشا صالح، أستاذ الأدب المقارن والنقد الأدبى بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة حلوان، للعمل مديرًا للمركز القومى للترجمة.
جاء القرار استجابة لما نشرته مؤسسة «الدستور»، ومجلة «حرف»، وكشفنا فيه، من خلال عدة تقارير متتالية، عن الكثير من التجاوزات والمخالفات داخل المركز القومى للترجمة.
وفى ضوء هذه التقارير، تقرر انتداب الدكتورة رشا صالح، لتتولى إدارة تركة ثقيلة فى المركز، من أول تأخير صدور الكتب ما يؤدى لانتهاء مواعيد حقوق نشرها، مرورًا بتكدس الكتب فى المخازن، علاوة على مخالفات إدارية وفنية أخرى.
حول هذه التركة، وخطة مدير المركز فى تفكيكها وحلها، واستعداداته للمشاركة فى الدورة الـ57 لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، كان لـ«حرف» هذا اللقاء مع الدكتورة رشا صالح.

■ تسلمتِ إدارة المركز القومى للترجمة منذ ٣ شهور.. هل هناك خطة لتطويره؟ وما أبرز ملامحها؟
- فى البدایة دعینى أوضح أن خطة إصدار الكتب توضع كل فترة زمنیة وفقًا لظروف كثیرة. بالتالى، الكتب التى تصدر حاليًا وحتى الربع الأول من العام المقبل تقريبًا، تُنشر وفق استراتیجیة موجودة بالفعل من قبل.
أما الآن فنحن نعمل فى مسارین، الأول اختیار الكتب الجدیدة المُقترَحة للترجمة، من خلال نخبة مُترجمین من الأكادیمیین وغیر الأكادیمیین. وسيتم توسیع نطاق الاختیارات لتشمل أحدث الإصدارات العالمیة، مع تخصیص مسارات للكتب المتعلقة بـ«الذكاء الاصطناعى» والتقنیات الحدیثة، وغیرها من الموضوعات ذات الأهمیة للقارئ العربى.
أما المسار الثانى فهو خاص بنقل الكتب والمراجع التى تعد أصولًا معرفیة فى العلوم الإنسانیة والاجتماعیة إلى اللغة العربیة. وبصفة عامة، هدفنا أن تعكس اختیارات المركز توجهات المعرفة العالمیة، وأن تكون مواكبة للاحتیاجات الفكریة الراهنة.

■ كيف تواجهين أزمة تأخر صدور كتب المركز حتى انتهاء حقوق نشرها؟
- التأخیر إن وُجد یكون غالبًا لأسباب قانونیة تتعلق بحقوق النشر، أو مراجعات فنیة لضمان جودة العمل قبل طرحه. ونحن ملتزمون التزامًا كاملًا بصون حقوق المترجمین والناشرین، سواء فى التعاقدات أو العرض أو النشر.
انتهت معظم المراجعات المتعلقة بالملفات العالقة بالفعل، وبعضها فى طور التسویة النهائیة. والمركز یعمل على وضع آلیة لتقلیل مدة إصدار الكتب إلى أقل مدة ممكنة، بما يمنع أى تأخیر مستقبلى، مع الحفاظ على مستوى الجودة الذى یلیق بالمؤسسة.

■ يذهب العديد من المترجمين إلى أن اتفاقية جنيف لتنظيم الملكية الفكرية تحتوى على مادة تستثنى مصر من دفع رسوم حقوق النشر.. ما الذى يمنع المركز من استغلال ذلك؟
- المادة المُشار إلیها تنظم الاستثناءات الخاصة بالترجمة، لكنها خاضعة لشروط ومعاییر دولیة صارمة. والمركز القومى للترجمة ملتزم التزامًا كاملًا بهذه المعاییر، ولا یُفعّل أى مادة إلا بعد التأكد من مشروعیتها القانونیة وملاءمتها المهنیة. نحن نعمل دائمًا فى إطار القانون الدولى للملكیة الفكریة، بما یحفظ حقوق المؤلفین والمترجمین والناشرین.

■ ما المعايير التى يستند إليها المركز فى اختيار الكتب التى يترجمها؟
- المركز یعتمد معاییر مهنیة دقیقة تشمل القیمة العلمیة للنص، واحتیاج المكتبة العربیة، وجودة العمل الأصلى، وملاءمته للقارئ العربى. تُعرض جمیع الاختیارات على لجان متخصصة تدرس جدوى كل عنوان، وتوازن بین التخصصات والاهتمامات. كما نراعى الاتجاهات الحدیثة فى المعرفة. ونستهدف موضوعات جدیدة تفتح آفاقًا للقارئ العربى.

■ لكن كثيرين ينتقدون أن أغلب الإصدارات قديمة فى لغاتها الأصلية.. لماذا لا تترجمون الأعمال الحديثة؟
- هذا لیس صحیحًا، فالمركز یوازن بین ترجمة الكتب الحدیثة والكلاسیكیة على السواء. والقدیم یحمل قیمة معرفیة وتاریخیة لا یمكن تجاوزها، خاصة فى الموضوعات غیر المتاحة للقارئ العربى.
فى الفترة الأخیرة، أصدر المركز أعمالًا حدیثة ومتنوعة مثل: «فرقة العمال المصریة»، ترجمة محمد صلاح على وشكرى مجاهد، و«النهضة الزراعیة فى إفریقیا»، ترجمة أسامة رسلان، و«تاریخ شعوب الصحراء الشرقیة»، ترجمة عاطف معتمد، و«اللعب والمهارات الاجتماعیة لدى الأطفال ذوى اضطراب طیف التوحد»، ترجمة هبة أبوالنیل.
هذه نماذج فقط، فالقائمة طویلة، وتعكس حرص المركز على اختیار عناوین ذات قیمة وملائمة للجمهور بمختلف شرائحه.

■ إذن، هل هناك تواصل مع دور النشر الأجنبية لترجمة أحدث ما تطرحه هذه الدور؟
- التعاون مع دور النشر الأجنبیة قائم بالفعل. هناك قنوات تعاون قائمة یجرى تعزیزها، وأخرى جدیدة فى طور التأسیس، وذلك إیمانًا منا بأهمیة حوار الثقافات الدائم حول المعارف الحدیثة. كما نحرص على أن تكون هذه الشراكات ضمن إطار یخدم أهداف المركز، ویضمن تبادلًا ثقافیًا حقیقیًا.

■ وماذا عن ملف الكتب المُكدَسة فى مخازن المركز القومى للترجمة؟
- یجرى حالیًا العمل على مراجعة الملف بشكل شامل، ومعالجة أسبابه الفنیة والإجرائیة، بدءًا من مراحل النشر وانتهاءً بقنوات التوزیع. نعمل على الاستفادة الكاملة من رصید المركز، سواء بإعادة الفرز أو إعادة الطباعة، أو طرح ما یناسب الجمهور.
یأتى ذلك ضمن خطة أكبر لتنشیط حركة التسویق والتوزیع، وضمان وصول الكتب التى تستحق إلى القارئ عبر المنافذ المناسبة داخل مصر وخارجها. والهدف فى النهایة هو تعظیم الاستفادة من المنتج الثقافى، وعدم إهدار أى جهد سبق أن بُذل فى إنتاج هذه الكتب.

■ كيف تتعاملين مع «التركة الثقيلة» للمركز، خاصة فيما يتعلق بانحسار دوره، وانصراف أعلام الترجمة عن التعاون معه؟
- المركز القومى للترجمة مؤسسة وطنیة راسخة تتطور باستمرار. والتحدیات أمر طبیعى فى أى مؤسسة كبیرة بحجمها. لكننا نتعامل معها باعتبارها فرصًا لإعادة التقییم والتطویر.
نعمل دائمًا على تحدیث آلیات العمل و«رقمنتها»، وتبسیط الإجراءات، وتحسین الخدمات المُقدمة للجمهور. نعتمد فى ذلك على خطة واضحة تتضمن تطویر البنیة المؤسسیة، وتعزیز كفاءة العاملین، وتحدیث معاییر الجودة فى جمیع مراحل العمل. وبالتالى فنحن لا نرى أى مرحلة، باعتبارها «انحسارًا»، بل جزءًا من حركة التطویر المستمرة.

■ هل هناك خطة لتطوير مسابقات كشاف المترجمين، والاستعانة بهم فى عمل المركز؟
- نعم، هناك اتجاه لتحدیث مسابقات المترجمین ضمن خطة تطویر شاملة، بحیث تستوعب الأجیال الجدیدة، وتفتح أبوابًا لاكتشاف المواهب. ونعمل على وضع آلیات تتیح شفافیة أكبر فى التقییم، وتشجیع الفائزین. الهدف هو بناء جسر بین المركز والمترجمین الشباب، ودعم الحراك الثقافى المتجدد.

■ ما الذى وصلتم إليه فى ملف استعادة كوادر «القومى للترجمة»؟
- نحن فى مرحلة إعادة تنظیم داخلى تتماشى مع الهیكل الجدید المنتظر اعتماده. الهدف هو تحسین الكفاءة العامة للعمل دون المساس بالكفاءات البشریة، بل على العكس: نعمل على توفیر بیئة أفضل للعاملین، وتوزیع المهام بصورة أكثر فاعلیة، وخلق مسارات واضحة لكل وحدة داخل المركز. الهیكلة الحالیة تهدف إلى رفع الإنتاجیة وتحدید المسئولیات بما یحقق أداء مؤسسى أكثر انضباطًا وتناسقًا.
■ وماذا عن لجان المركز الخالية من مديرين حتى الآن؟
- كما ذكرت، یعمل المركز منذ ٣ سنوات على وضع هیكل إدارى وتنظیمى جدید، وننتظر التصدیق النهائى من الجهاز المركزى للتنظیم والإدارة. هذا الهیكل یسمح لنا بتنظیم الإدارات بصورة أكثر حداثة ومرونة، وتوحید الجهود بین الأقسام المختلفة، وتحدید اختصاصات واضحة، بما یتماشى مع توجه الدولة نحو تطویر المؤسسات الثقافیة. هذا جزء أساسى من خطة التحدیث التى نعمل علیها.

■ ماذا تم فى استكمال موسوعة «انتصار أكتوبر فى الوثائق الإسرائيلية»، خاصة أن الدكتور أشرف الشرقاوى، أحد المشاركين فى ترجمة الموسوعة أشار إلى أنها لم تُنشر بعد رغم أنه سلمها منذ وقت طويل؟
- المركز كان قد تعاقد منذ سنوات مع الراحل الدكتور إبراهیم البحراوى للإشراف على الموسوعة كاملة. وبعد وفاته ظهرت بعض التحدیات الفنیة والعلمیة فى الأجزاء المتبقیة.
هناك بالفعل أجزاء من الموسوعة لم تُنشر بعد، ونحن ملتزمون بإنهاء نشر هذه الأجزاء احترامًا للتعاقدات السابقة. حفاظًا على الاستمراریة، وضمان جودة المحتوى، الموسوعة ستعود للنشر تباعًا وفق جدول زمنى واضح.

■ فيما يتعلق بترجمة إبداعات عربية للغات الأجنبية.. هل هناك خطة لتسويق هذه الأعمال؟ ومن الجمهور المستهدف؟
- المركز ملتزم بما جاء فى قرار وزیر الثقافة رقم ٣٠٨ لسنة ٢٠٢٣، والذى وضع إطارًا لاختیار إبداعات عربیة مبسطة تُترجم إلى لغات أخرى بهدف تنمیة الوعى الثقافى، وتعزیز الهویة العربیة.
ركّز القرار على تقدیم أعمال مناسبة للنشء من مختلف الفئات العمریة، تُعرّفهم بالشخصیات العلمیة والأدبیة العربیة، وتسهم فى بناء الوعى الثقافى.
فى هذا الإطار، أنتج المركز نماذج مُترجَمة ومسموعة، منها كتاب «رحلة الخیر»، الذى جرى تحویله إلى كتاب صوتى بالتعاون مع استدیوهات مكتبة مصر العامة، وسیُتاح على الموقع الإلكترونى الجدید للمركز فور الانتهاء منه.
كما تمت طباعة كتب صغیرة موجهة للأطفال والیافعین، متاحة بالعربیة وباللغات الأجنبیة. وما زال هناك بعض الكتب فى المطابع تنتمى إلى هذا النمط التعلیمى كانت مُعدة مسبقًا.
هذا المشروع لیس ترجمة أعمال أدبیة وحسب، بل مشروع ثقافى متكامل یعزز الهویة العربیة فى الداخل والخارج، ویقدم نماذج إبداعیة مبسطة فى شكل طابع تعلیمى. والهدف الأهم هو العمل على توزیعها لقراءتها فى بلاد هذه اللغات.

■ ماذا عن تحضيرات المركز لمعرض الكتاب؟
- المركز یشارك سنویًا ببرنامج متكامل، یشمل طرح أحدث الإصدارات، بالإضافة إلى تنظیم فعالیات علمیة ومهنیة. یتم الآن تجهیز مجموعة واسعة من الكتب الجدیدة بالتنسیق مع الإدارات المختلفة، مع الحرص على أن یكون جناح المركز هذا العام مُعبّرًا عن دوره الریادى فى حركة الترجمة.

■ أخيرًا.. ما الذى يضيفه «صالون الترجمة»؟ وكيف يمكن استثماره فى إثراء حركة الترجمة واستعادة عافيتها؟
- الصالون لیس نشاطًا ترفیهیًا، وإنما منصة مهنیة وثقافیة تهدف إلى إثراء النقاش حول الترجمة وقضایاها. من خلال الصالون یسعى المركز لخلق فضاء للحوار بین المترجمین والباحثین والمهتمین، بما یعزز التواصل المهنى ویتیح تبادل الخبرات.
كما یُعد الصالون وسیلة لاكتشاف طاقات جدیدة فى مجال الترجمة، ودعم المبادرات الشبابیة، وتسلیط الضوء على التجارب الناجحة، فضلًا عن متابعة أحدث الاتجاهات فى السوق الثقافیة. هو جزء من رؤیة المركز القومى للترجمة للانفتاح على المجتمع الثقافى، وإعادة الحیویة لحركة الحوار حول الترجمة.







