الأربعاء 03 ديسمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

سمر محمد متولى: نسخة من «مصطفى بطاطا».. و«سلام يا صاحبى» الأقرب إلى قلبه

حرف

«أطيب قلب وأحن أب».. هكذا تحدثت الفنانة الشابة سمر محمد متولى عن والدها الفنان الراحل، المعجون بخلطة الموهبة والتلقائية كما يصفه النقاد والفنانون، حيث قالت عنه أصغر بناته: لم يكن يعرف أن يقول لنا «لا» على أى شىء أو طلب.

سمر محمد متولى تحدثت لـ«حرف» عن الفنان الكبير وفتحت خزائن حكايات الأب قبل الفنان، حيث كشفت عن أن والدتها كانت صاحبة المشورة واختيار أدواره، مشيرة إلى أن دور خوليو مع الفنان عادل إمام فى فيلم «سلام يا صاحبى» يعتبر أقرب الأدوار إلى قلبه، بينما شخصية مصطفى «بطاطا» الأقرب إلى شخصيته الحقيقية من حيث الجدعنة والمروءة.

ابنة الفنان المخضرم تحدثت عن كواليس اختياره أدواره وتحضيره لها، والتى كانت تصل لحد توحده مع الشخصية التى يقدمها للدرجة التى كانت تجعله يتقمص حركاتها وكلماتها وطباعها حتى يصدقها قبل أن يصدقها المشاهد.

عن محمد متولى الأب والفنان تتحدث الفنانة الشابة سمر عن والد وفنان، قلما يأتى الزمان بموهبته الفطرية والتلقائية الفذة.

سمر محمد متولى

■ محمد متولى على الشاشة اتسم أداؤه بالتلقائية وخفة الظل.. ماذا عن هذا الفنان متعدد المواهب داخل البيت؟

- شخصيته الحقيقية معنا داخل الأسرة لم تختلف كثيرًا عن صورته على الشاشة من حيث التلقائية والطيبة والحنية، حيث كان حنونًا جدًا، ولم يكن يعرف أن يقول لنا «لا» على أى شىء أو طلب، كان دائمًا قلبه رحيم، وكان يترك قول «لا» أحيانًا لوالدتى، فكان قلبه مليئًا بالحنان والعطف سواء فى التعامل معى أو مع شقيقتى الكُبرى، بالبلدى «مكانش بيرفضلنا طلب»، ولكن فى الوقت نفسه كان يسعى دائمًا لتربيتنا بشكل سليم دون إخلال بمعايير التربية السليمة التى نشأ عليها وأراد أن يربينا عليها أيضًا.

■ المتابع لشخصية محمد متولى على الشاشة دائمًا ما يسأل نفسه عن طقوس هذه الشخصية المرحة مع الأسرة.. حدثينا عنها؟

- والدى كانت لديه طقوس يومية واضحة، فكان ينام بعد صلاة العشاء مباشرة لوقت قليل، ثم يستيقظ لصلاة الفجر يؤدى الصلاة ويقرأ القرآن حتى طلوع الشمس، بعد ذلك، يأخذ قسطًا آخر من النوم، ثم يستيقظ حوالى الساعة الثانية بعد أذان الظهر، يصلى الظهر، ويجلس قليلًا قبل أن يتناول دواءه وفطاره، وكان فطوره بسيطًا جدًا، لكن أهم ما يحرص عليه هو وجود الخضار، مثل الخيار والطماطم والخضروات عمومًا، وكان يعشقها جدًا، وقد أثر هذا فينا أيضًا، فأصبح الخضار جزءًا لا غنى عنه فى فطورنا وفى نظامنا الغذائى بشكل عام، ثم يبدأ التفرغ لعمله سواء بالتحضير لشخصياته وأدواره بقراءتها أو الذهاب للتصوير الذى كان له استعدادات وطقوس مهمة جدًا، حيث كان مُخلصًا لعمله ولمهنته بشكل نادر التكرار فى مهنة التمثيل.

■ شخصية مرحة وبها من التلقائية الكثير.. ما الذى كان يغضبه؟

- كان يزعجه أن تحدث بيننا خلافات أو نتراشق مع بعضنا البعض، أو إذا ارتفع صوتنا، لأنه لم يكن يحب الصوت العالى بيننا، كما لم يكن يحب الشد أو المشادات أن تعرف طريقها لأبنائه، وكان يفضل دائمًا أن تُحل الأمور بهدوء، فكان دائمًا يُوجهنا لنتمالك أنفسنا وألا نجعل الخلافات تتصاعد داخل البيت، و أن الزعل قد يحدث بشكل طبيعى، لكن الأهم ألا يصل إلى حد الخطأ أو الضرر، فكان يحرص على ضبط الأمور بهدوء وحكمة والوصول بها إلى بر الأمان دون أن تتطور، خاصة أنه أغلب الوقت كان ما بين التصوير والاستعداد للأدوار التى يقدمها.

■ من محمد متولى الأب إلى الفنان.. ما التحول الذى كان يصيب شخصيته قبل تصوير معين؟

- استعداد وتركيز تام، حيث كان يقضى وقتًا فى قراءة المسلسل كاملًا، وليس دوره فقط، وهذا أمر نادر بين الممثلين فى الوقت الحالى، وأنا شخصيًا استفدت من هذه الطريقة حين أشارك فى أى عمل فنى، فأصبحت أقرأ المسلسل بالكامل وأندمج مع أحداثه لأفهم سياق القصة ودورى فيها بشكل كامل، وأرى الرؤية كاملة للمسلسل، مثلما كان يفعل والدى، ثم بعد ذلك، يركز على دوره، ويعمل على تقسيم المشاهد، ويضع لمسته الخاصة من التعبيرات والحركات والملابس واللزمات التى تناسب إحساسه وأداءه، بما يجعل الشخصية تنبض بالحياة على الشاشة ليصدقها هو ومن ثم يصدقها المشاهد، ما جعل شخصياته التى قدمها تدوم رغم مرور سنوات على عرضها.

■ إجادته للأدوار التى قدمها على الشاشة باختلاف طبيعتها كانت تفتح باب التساؤلات.. كيف يتقن شخص «خوليو العتال» دور المحامى العٌقر مصطفى بطاطا؟

- أعتقد أن موهبته الفذة والعبقرية كانت لها النصيب الأكبر من هذا التألق، مع ضميره المهنى الذى لا نظير له، حيث كان يتوحد مع الشخصية التى يؤديها، فهو لا يكتفى بتقديم الدور فقط، بل يعيش إحساس الشخصية بكل تفاصيله، كيف الشخصيات تتحرك وفق ظروفها النفسية وتجاربها الحياتية، وهو كان يحرك نفسه بما يتناسب مع طبيعة كل شخصية فى زمانها، فلم يكن هناك دراسة أكاديمية للشخصية مثلما نفعل الآن من خلال دراسات وغيرها من المناهج، بل كان يفعل ذلك بالفطرة، على سبيل المثال، لو كانت لدى الشخصية تجربة صعبة فى الطفولة أو عقدة معينة، كان يعكس ذلك فى طريقة تحركه وتصرفاته بطريقة طبيعية جدًا، دون أن يظهر الأمر كمهارة مكتسبة.

■ من الذى كان يعود له بالمشورة قبل الموافقة على دور معين وبدء تصويره؟

- كان دائمًا ياخذ رأينا أنا وأمى وشقيقتى، حتى إننى كنت أشارك برأيى فى بعض الأدوار، مثل دوره فى مسلسل «الراية البيضاء»، والذى كنت أرى أن الدور حجمه صغير فى المسلسل، لكنه نجح نجاحًا كبيرًا، أكثر مما كان متوقعًا.

■ دخولك مجال التمثيل هل واجه اعتراضًا منه أم شجعك عليه؟

- منحنى تشجيعًا ودعمًا ومساندة لا مثيل لها، إلا أنه كان يشعر بالإحراج فى الكثير من الأوقات أن يقول إن ابنته تجيد التمثيل حتى لا يقع فى فخ الواسطة أو المجاملات التى كان يصفها دائمًا أنها تضر أكثر مما تنفع، حيث إن الفنان الجيد لا تفيده فى مسيرته الفنية إلا موهبته وفقط، أما من يصعد على أكتاف المجاملات والمحسوبية يكون سقوطه سريعًا جدًا مثلما صعد.

■ أدوار عديدة قدمها الفنان محمد متولى.. ما الدور الأٌقرب إلى قلبه؟

- جميع أدواره كان يعتبرها جزءًا منه، يعتز بها كلها لم يندم على عمل يومًا، وإن كان دور «خوليو» فى فيلم «سلام ياصاحبى» مع الفنان عادل إمام والفنان سعيد صالح يعُد من أقرب الأدوار إلى قلبه.

■ هل جاءت عليه لحظة من اللحظات شعر أنه تسرع فى قبول دور مُعين؟

- لم يتسرع ولكنه غامر بقبول شخصية الحاج إسماعيل فى فيلم «مطب صناعى» مع الفنان أحمد حلمى، وحينها الدور كانت مساحته صغيرة جدًا وكوميدية وخفيفة الظل، ولكن كانت المفاجأة هى نجاح المغامرة بعد أن حققت الشخصية صدى مؤثرًا أسهم فى نجاح الفيلم وتحولت إلى محور رئيسى فى أحداث الفيلم، وأصبحت لزمات وإفيهات الشخصية من العلامات المضيئة والبارزة فى أحداث العمل، حسب ما قاله النجم أحمد حلمى بعد ذلك أكثر من مرة.

■ ونحن نختتم الحديث.. الشخصيات العديدة التى قدمها سواء فى الدراما أو السينما أو حتى المسرح، ما الشخصية التى كانت تشبه محمد متولى فى الحقيقة؟

- أغلب شخصياته التى قدمها فى أعماله تتشابه فى الواقع مع شخصيته، جدعنته «فى سلام يا صاحبى»، مروءته مع صديقه فى «أرابيسك»، خفة دمه فى «حزمنى يا»، كلها أدوار تشبه شخصيته الحقيقية فى الحياة اليومية، وأعتقد أن هذا التشابه بين الأدوار وبين طبيعته سهل عليه تقديمها على الشاشة ووصولها للجمهور الذى كان دائمًا يقول عنه بوصلة نجاح الفنان، وأن جميع أعمال الفنان ملك لجمهوره ويجب أن يحترمه ويحترم مهنته والفن، قبل أن يقدم إليه أى دور حتى لو كان صغيرًا.