الأحد 17 أغسطس 2025
المحرر العام
محمد الباز

حرف تحضر اختبارات «كورال وأوركسترا مصر الوطنى» مع الموسيقار الكبير

سليم سحاب: مصر تمتلك «جيش موهوبين»

سليم سحاب
سليم سحاب

المشروع يشمل كل أنحاء الجمهورية بما فيها المحافظات الحدودية البعيدة

- انتهينا من اختبارات القاهرة الكبرى وغرب ووسط الدلتا.. والنتائج مبشرة جدًا 

- المشروع يشمل كل أنحاء الجمهورية بما فيها المحافظات الحدودية البعيدة

أكتشف المواهب منذ 50 عامًا وسعيد بمستوى الأطفال فى الاختبارات

قبل أيام، انطلقت جولة اكتشاف المواهب الموسيقية فى إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافى، ضمن مشروع «كورال وأوركسترا مصر الوطنى»، بقيادة المايسترو الكبير سليم سحاب، وبالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان. المشروع يستهدف اكتشاف ودعم المواهب الفنية فى مختلف محافظات الجمهورية، فى إطار خطط وبرامج وزارة الثقافة، ويتضمن مجموعة من الاختبارات لاختيار أفضل المواهب فى مجالى العزف والغناء، على أن يكون ذلك شاملًا لأقاليم مصر الثقافية الستة، بدءًا من القاهرة الكبرى، ثم غرب ووسط الدلتا، اللذين انتهت الاختبارات فيهما بالفعل.

«حرف» التقت الموسيقار الكبير فى حوار خاص، تحدث فيه عن المشروع بالتفصيل، وأهم الأهداف التى يسعى إلى تحقيقها، إلى جانب مشروعات أخرى ينفذها بالتعاون مع وزارة الثقافة، تتعلق بالمسرح الغنائى والتراث الموسيقى والغنائى.

■ أنهيت جولتين لاكتشاف المواهب فى إقليمى القاهرة الكبرى وغرب ووسط الدلتا، ضمن مشروع «كورال وأوركسترا مصر الوطنى».. ما رأيك فى المواهب التى التقيتها فى الإقليمين؟

- مصر مليئة بالمواهب، ودائمًا أقول إنه لو كان هناك نصف فى المائة فقط من الموهوبين فى مصر، فهذا يعنى، طبقًا للتعداد السكانى، جيشًا من الموهوبين. اختبارات القاهرة الكبرى كانت مُبشِرة ومُشرِفة جدًا، ومنحتنى الصورة التى كنت أريد التأكد منها، وهى أن مصر بالفعل بها الكثير من المواهب. بالطبع لن أفصح عن النتائج الآن. لكننى أؤكد أن اختبارات القاهرة كانت مبشرة جدًا.

كذلك الأمر بالنسبة لمحافظات إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافى، فبعدما أجريت اختبارات لمغنين وعازفين على مدار يومين، أؤكد أن هذه المحافظات بها مواهب كبيرة، وهذا ما لمسته بنفسى.. الحقيقة أنا متفائل جدًا، فما أجريته حتى الآن مجرد جولتين فقط، ما يعنى أن هناك ٤ جولات أخرى متبقية، وما رأيته حتى الآن عظيم جدًا، وجعلنى أقتنع بأن النتائج ستكون مبشرة جدًا.

■ هل حددت وجهتك المقبلة بعد «القاهرة الكبرى» و«غرب ووسط الدلتا»؟

- فى الحقيقة لا أعرف حتى الآن الوجهة المقبلة، من ضمن الأقاليم الأربعة المتبقية. أنا أنتهى من إقليم إقليم، خاصة أن قصور الثقافة تحتاج إلى تجهيزات معينة قبل بدء الاختبارات، بدءًا من تجميع الموهوبين فى كل المحافظات التابعة للإقليم، وصولًا إلى تحديد يوم كى أزور هذا الأقليم وأختار المواهب من أبنائه، كما حدث فى إقليم القاهرة الكبرى، ثم فى إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافى.

■ وماذا عن نصيب المحافظات الحدودية من مشروع «كورال وأوركسترا مصر الوطنى»؟

- كما قلت من قبل، نحن تتحرك فى ٦ أقاليم مصرية، تشمل كل محافظات الجمهورية دون استثناء. صاحب هذا الاقتراح هو اللواء خالد اللبان، رئيس هيئة قصور الثقافة، وهو اقتراح عظيم جدًا، لأنه وفر علىّ كثيرًا، فزيارة ٦ أماكن أفضل من الانتقال إلى ٢٨ محافظة.

فكرة زيارة الأقاليم الستة عظيمة وسهلة، ووفرت علىّ الكثير من الوقت والجهد، وتسهم فى زيارة المحافظات الحدودية التى تستفسر عنها فى سؤالك، لأن الأقليم الستة تشمل كل محافظات الجمهورية، بما فيها المحافظات الحدودية، التى أثق أنها تضم الكثير من الموهوبين، والذين سنستقبلهم ونختبرهم فى إطار هذا المشروع الكبير.

■ هذه ليست المرة الأولى لك فى اكتشاف المواهب.. ما المختلف فيها؟

- أكتشف المواهب منذ ٥٠ عامًا، ومشروع «كورال وأوركسترا مصر الوطنى» تحديدًا ملىء بالأطفال أصحاب الأصوات الجيدة والعازفين المهرة، كل شىء إيجابى جدًا إلى الآن، وأنا سعيد بالمستويات التى سمعت صوتها وعزفها بنفسى، هؤلاء أطفال يجب أن يجدوا من يأخذ بأيديهم لتحقيق أحلامهم، وأنا اليد التى ستمتد إليهم لتساعدهم فى ذلك.

■ هل تأخر هذا المشروع الوطنى المهم فى رأيك؟

- لا لم يتأخر، فكل شىء له وقته، وهذا المشروع له وقته الذى تهيأت فيه الظروف المناسبة لانطلاقه، كل مشروع له وقت معين يصبح فيه مؤكدًا وملموسًا. نحن بدأنا المشروع مباشرة، واستقبلنا مواهب إقليم القاهرة الكبرى، دون التفكير فى أن المشروع تأخر من عدمه، بدأنا وإن شاء الله نستكمل المسيرة فى كل مكان. أقولها دائمًا: سأذهب إلى كل موهوب فى مكانه، وسأختبره، وسأعمل على ضمه إلى المكان الذى يليق به، حتى يتحول من الهواية إلى الاحتراف.

■ ما الخطوة المقبلة فى المشروع لتحقيق ذلك الهدف: تحويل الأطفال من الهوية إلى الاحتراف؟

- الخطوة المقبلة هى الاستمرار فى اختيار وجمع المواهب، ثم العمل على تدريبهم بحرفية أكثر، وتهيئتهم لعالم آخر، عالم الاحتراف، الاحتراف الحقيقى هو هدف مشروعنا لاكتشاف المواهب فى كل مكان، وهناك هدف أكبر يتمثل فى إنشاء «كورال أوركسترا مصر الوطنى».

العازف الهاوى سيظل هاويًا إذا لم نمد يدنا إليه، وها نحن نفعل، وسننقله من الهواية إلى خطوة أخرى تغير مسار حياته، عبر تدريبه وتعليمه والعمل على تعزيز إمكانياته، ضمن برنامج كبير، هذا هو الهدف من المشروع، ونأمل أن نحققه على أكمل وجه. سأعمل على تدريب العازفين والكورال، وسأضع كل خبرتى الممتدة على مدى ٤٥ عامًا لتدريب هذه الأعداد من الموسيقيين والكورال، وتأهيلهم للاحتراف فى عالم الموسيقى والغناء.

■ تطلب من الجميع قراءة نوتة موسيقية.. هل يشترط فهم النوتة فيمن تقبله من المواهب؟

- فهم النوتة الموسيقية ضرورى جدًا لأى عازف، كيف يدخل الاستديو من لا يقدر على قراءة النوتة الموسيقية؟ كل عازف لا يعرف النوتة الموسيقية سيظل هاويًا، ولن يدخل أبدًا عالم الاحتراف، ولن يتقدم خطوة واحدة، فالنوتة ومعرفتها ضرورة حتمية لعالم الاحتراف، لأنها الفارق الوحيد بينها وبين الهواية.

أى عازف يحب الانضمام إلى فرقة، أو العزف على أسس سليمة، يجب عليه معرفة النوتة الموسيقية، لذا أحاول إرشاد الموهوبين من الأطفال لقراءة النوتة قراءة فورية، لكى يعمل كل منهم كعازف موهوب وعلى أسس، بعيدًا عن العزف السماعى، ولكى يتقنوا ذلك مستقبلًا، وحينها سيدركون أهمية النوتة الكبيرة.

■ بعد جولتيك فى القاهرة الكبرى وغرب ووسط الدلتا.. هل ترى أن المجهود مثمر؟

- بالنسبة للكورال، عدد الأطفال الموهوبين الذين يصلحون للانضمام والانتساب إليه سيكون هائلًا وكبيرًا جدًا، وأنا من هذه الناحية متفائل جدًا، وسأعمل على تقسيم هذا العدد الكبير إلى كورال للكبار وآخر للأطفال، فى الأقاليم التى زرتها والتى سأزورها لاختبار المواهب فى كل أنحاء الجمهورية.

أما الأصوات فأنا أستمع إلى كل المتقدمين، والبعض يتساءل عن إمكانية اكتشاف أصوات مثل أم كلثوم، لكننى أرى أنه من الاستحالة تكرار أى صوت فى التاريخ، فالصوت مثل البصمة لا يتكرر. لكن هذا لا يمنع أن تظهر أصوات يكون لها شأنها، كل فى مرحلته التاريخية، وهذا ما حدث على مدار التاريخ، ويحدث وسيظل كذلك مستقبلًا.

■ كيف تقيم الدعم المقدم لك من وزارة الثقافة؟

- الدعم كان كاملًا وسريعًا من وزارة الثقافة، من الوزير الدكتور أحمد فؤاد هنو شخصيًا، إلى جانب دعم كبير وفورى وسريع من رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، اللواء خالد اللبان، لتهيئة كل ما يلزم للعمل دون أى معوقات، وهذا ما حصل على أرض الواقع، ومكننى من التفرغ للاختبارات والتدريب والجولات الإقليمية، بالتزامن وكل سلاسة وسرعة، وهو أمر كان مرهونًا بمتابعة القيادات لكل تفاصيل العمل، وهذا ما حصل ويحصل حتى الآن.

■ كُلفت بمشروعين آخرين أحدهما يختص بالمسرح الغنائى.. ما الذى يمكنك قوله عن المسرح الغنائى فى مصر؟

- المسرح الغنائى فى مصر ثروة قومية ثقافية، لا يجوز إهماله أبدًا، ويجب إعادته إلى الحياة فى أسرع وقت. كنت قد شاركت فى تقديم أوبريت للشيخ سيد درويش، هو أوبريت «شهرزاد»، فى عام ١٩٩٢، بمناسبة مئوية ميلاده. ووزعت وقدمت أوبريت «ليلة من ألف ليلة» لأحمد صدقى فى مسرح الجمهورية بعد إعادة افتتاحه، وأعتبر هذين العملين من أهم الأعمال التى قدمتها فى مسيرتى الفنية.

أتمنى أن تعود الأعمال المسرحية لفنان الشعب سيد درويش إلى الحياة، إلى جانب الأوبريتات الخاصة به، فضلًا عن أوبريتات الموسيقار زكريا أحمد. واتفقنا على ذلك مع وزير الثقافة بالفعل، إلى جانب الاتفاق على تقديم أعمال أخرى غير أعمال سيد درويش وزكريا أحمد، فالمسرحيات الغنائية فى مصر كثيرة جدًا، وتمثل ثروة قومية لا يجوز إهمالها.

■ المشروع الثانى يختص بإحياء فرق تاريخية مثل «رضا» و«القومية للفنون الشعبية».. ما تفاصيله؟

- بالنسبة لفرقة رضا، بدأت عمليًا فى مشروع إحيائها من جديد، وبالاتفاق مع رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية، تامر عبدالمنعم، الفنان المبدع وشعلة النشاط، قدمت حفلًا للفرقة التاريخية على مسرح «البالون»، يوم ٢٧ يونيو الماضى، لاقى نجاحًا كبيرًا. وأنا أعمل حاليًا على تدوين «ريبرتوار» فرقة رضا من التسجيلات الصوتية، لكى يكون التدوين كاملًا مع التوزيع الأوركسترالى إذا كان موجودًا، وسأسجل هذه المقطوعات فى الاستديو لحفظها للتاريخ.

■ ما الذى يمكن أن نفعله لمنع ضياع تراثنا الغنائى والفنى؟

للحد من خطورة ضياع التراث، يجب أولًا العمل على جمعه فى صورتين، التدوينات «النوتة الموسيقية» والتسجيلات،وعرضه وبثه باستمرار فى وسائل الإعلام لكى يبقى فى ذاكرة الأجيال، ويعود من جديد إلى حياتنا اليومية، هذا ما كنا نتمناه منذ سنين وينفذه وزير الثقافة الآن، عبر إعادة الدور الحقيقى لقصور الثقافة فى بناء الإنسان حضاريًا وثقافيًا عن طريق التراثما نراه من إعادة أمجاد فرقة رضا، والمسرح الغنائى والمسرح القومى، هو أمر مهم فى مسيرة الحفاظ على التراث المصرى، من قبل وزير الثقافة الحالى الذى يمكن وصفه بـ«عاشق التراث».