من أين تبدأ كتابة قصة حياتك؟

لطالما حلمت بكتابة مذكرات. إنها واحدة من تلك الأشياء- لديك حياة مجنونة، وتعرف كيف تربط جملة متماسكة مًعا، ويخبرك الناس أنه يجب عليك كتابة كتاب- ومع ذلك، لم تكن «Darling Days» فكرتى.
لقد قدمت محادثة «TED» وطلبت من خطيبة أحد الأصدقاء أن توصلنى بقسم المتحدثين فى وكالته. اتضح أنه كان وكيلًا أدبيًا وأراد أن يرى ما إذا كنت أمتلك أى مهارات.
لم يكن لديه أى فكرة عن مدى جنون حياتى. قال: «اجلس وابدأ فى الكتابة وانظر كيف تشعر». حسنًا، فكرت. ما الصورة التى تتبادر إلى ذهنى أكثر وضوحًا؟
كتبت نصف صفحة. حاولت ألا أتوتر من أنها ليست مقالة طويلة، وأرسلتها إلى زوج صديقتى المستقبلى وأنا متفائل. ردّ علىّ قائلًا: «أوه! أنت كاتب! استمر!».

حسنًا، من أين تبدأ بشىء ضخم كمذكراتك؟ من البداية. لذا بدأت بكتابة قصة ولادتى، كما رواها لى والداى مئات المرات، ثم واصلت الكتابة.
بدأت بإعداد قائمة طويلة بكل حدث خطر ببالى، وشعرت بأهميته الكافية لأرويه لقارئ لم يلتقِ بى قط، ثم صنعت لوحة من بطاقات الفهرس، مشهدًا فى كل بطاقة.
عدّلتها كثيرًا، وسحبت منها ما استطعت. على مدار عام، كتبت ٥٣ مشهدًا قصيرًا، بعضها صفحة واحدة، وبعضها ١٨، تصف أحداثًا رأيتها ذات صلة. لم أكتبها بترتيب زمنى، مع أننى كنت أعرف أننى أريدها أن تنتهى بهذا الترتيب.
انتهى بى الأمر بـ١٤٠٫٠٠٠ كلمة - مخطوطة ضخمة، كتبت ثلثها الأخير فى دفعة أخيرة رائعة، مثل الدفعة الأخيرة لامرأة فى المخاض. كنت بحاجة لإخراج الشىء، وحدث أن الأجزاء الأكثر ظلمة جاءت فى النهاية، لذلك كان عليّ أن أمزق أحشائى لأعيش تلك اللحظات بضمير المتكلم المضارع وكنت حريصًا على المضى قدمًا.
اتضح أن الكتابة سيئة. أرسلتها إلى والدى، محررى الأول دائمًا، وأشار إلى مدى كسلها وتسرعها. لم أرغب فى سماع ذلك، لكنه كان محقًا. عدت وسرت حافى القدمين عبر شظايا الذكريات المؤلمة، ببطء هذه المرة، مع الانتباه إلى التفاصيل.
أخرجت صورًا قديمة ودرست الأشياء فى كل غرفة كنت فيها. بحثت فى عينى عن دليل على معاناتى كمراهق، وكان كل شىء موجودًا هناك. جلست فى بيتى وأنا أبكى على لوحة المفاتيح وأنا أعيد كتابة المشاهد بقلب وشعور. خرجت من ذلك نسخة مختلفة من نفسى، جروح لم أكن أعلم حتى إننى كنت أحملها، ندوب حديثة التكوين.

من أصعب ما كتبت فى الكتاب، تلك الفترة العصيبة التى مررت بها عندما كنت فى الثامنة والعشرين من عمرى، حيث كنت أعانى من نوبات قلق واكتئاب منهكة. كنت فى اجتماع فى لوس أنجلوس، فركضت إلى الخارج لأجلس وحدى فى سيارتى، بشعور متزايد من الذعر والخوف، لم أكن أعرف سببه.
أخرجت هاتفى وبدأت أكتب بحماس فى ملاحظة، واصفًا ما أشعر به. أصبح ذلك فصلًا أصف فيه، بعبارات أكثر شاعرية، ما أشعر به وأنا فى أسوأ حالاتى.
كما استخرجت مدخلًا من كتاب الصف الثالث الابتدائى، وجدته على رف فى مكتبة مدرستى الابتدائية، ونسخته حرفيًا فى الكتاب.
قد اختفى ذات ليلة تحت ضوء القمر.
قد اختفى ذات ليلة.
لكن ليس الليلة.

عدت إلى مبنى محكمة الأسرة الذى أُخذت إليه عندما أبعدت عن رعاية أمى، لأول مرة منذ ما حدث قبل ١٩ عامًا. وقفت فى الخارج ونظرت إلى العمارة. رفعت يدى على الزجاج، أمعن النظر فى الردهة بحثًا عن تفاصيل سجّلتها فى جهاز التسجيل، وبكيت. كانت ذكرياتى عن المكان منذ أن كنت فى الثانية عشرة مثالية، صورية، كما تكون الذكريات المؤلمة أحيانًا.
إن استعادة أصعب لحظات حياتى وتدوينها على الورق أتاحا لى أن أتجول فى أشياء دفنتها منذ زمن طويل. قد يبدو هذا مؤلمًا، وكان كذلك أحيانًا، لكنه فى النهاية منحنى مكانًا أضع فيه كل شىء، ورفًا أنظمه عليه، ومفتاح إضاءة أطفئه فى غرفة رطبة، لم تكن سوى كومة من الأنقاض قبل ذلك، بلا باب يبقى مغلقًا.