الأربعاء 03 ديسمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

مدير البرامج.. إيهاب حفنى: الإعلام الثقافى لن يؤثر ما لم يتكيف مع التغير السريع

حرف

يعمل إيهاب حفنى حاليًا مديرًا للإعداد فى قناة النيل الثقافية، وقد التحق بها عام 2000 بعد انتقاله من إحدى قنوات التليفزيون المصرى. وخلال أكثر من عقدين من العمل، عاصر محطات بارزة فى تاريخ القناة، متعاونًا مع إدارات مختلفة تولت رئاستها، بدءًا من الإعلامى جمال الشاعر وصولًا إلى الإعلامية سها النقاش، ليشهد عن قرب مسيرة تطورها والتحديات التى واجهتها.

فى حديثه مع «حرف»، يفتح حفنى نافذة على أبرز ما تقدمه القناة من برامج ثقافية تسعى إلى تنويع المحتوى وجذب شرائح متعددة من الجمهور، كما يشارك رؤيته حول السُبل الكفيلة برأب الفجوة بين القناة والجمهور العريض، واستعادة دورها المؤثر فى المشهد الثقافى.

صياغة العقل العربى

قال حفنى إن القناة الثقافية كانت وما زالت هى المسئولة عن صياغة العقل العربى وتشكيل ثقافة هذا العقل، إذ تقدم مجموعة من البرامج التى تشمل كل أشكال الثقافة، مثل الفن التشكيلى، والأدب، والشعر، والمسرح، والسينما، وغير ذلك. فقد كانت القناة ولا تزال منبرًا للثقافة المصرية على الصعيدين العربى والدولى. كما كانت مهتمة دائمًا بتقديم الثقافات الأجنبية على شاشتها، إضافة إلى تسليط الضوء على المشهد الثقافى العربى بشكل عام.

وعن طبيعة ما يقدم حاليًا أوضح: نحن نتابع بشكل مستمر جميع الإنتاجات الثقافية فى مختلف المجالات، ونركز على إبراز الشباب المثقفين من مصر والعالم العربى. ونعطى أهمية خاصة للفنون الرفيعة والمحتوى الثقافى الرقمى، بالإضافة إلى تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعى كجزء من مهامنا فى الثقافة العربية. كما أن لدينا اهتمامًا خاصًا بثقافة الحماية الفكرية للمنتج الثقافى، وهو جزء أساسى من عملنا.

وتابع: من خلال القناة، نحتفى بالرموز الفكرية الراحلة عبر برامج ثقافية، سواء كانت احتفاليات شهرية أو أسبوعية، كما لدينا برامج تركز على قراءة الشخصية المصرية، من خلال موضوعات مثل الأسرة، والتاريخ، والآثار المصرية القديمة والإسلامية، والطراز المعمارى للحضارة المصرية.

وأضاف: نحرص أيضًا على تقديم برامج تسلط الضوء على نهر النيل فى تاريخه وجميع جوانب تطوره الحضارى والثقافى من خلال برنامج مثل «ملامح». ولا نغفل عن الثقافة الاقتصادية، إذ نقدم أيضًا برامج وثائقية حول السياحة، والآثار، وأئمة الأزهر، والطراز المعمارى المصرى. كما نشارك بعرض فعاليات وزارة الثقافة ومشروعاتها. 

وتحدث حفنى عن أبرز التحديات التى تواجهها القناة قائلًا: نحتاج إلى تطوير الإمكانيات المادية للقناة، خاصة فيما يتعلق بأجهزة البث والمعدات الحديثة ذات الجودة العالية، فضلًا عن توسيع نطاق وجود القناة الثقافية عالميًا، خاصة فى الفعاليات الثقافية الدولية، من خلال التنسيق مع السفارات والمعاهد الثقافية المصرية مثل معهد العالم العربى فى باريس وأكاديمية الفنون فى روما.

وتابع: الجانب الرقمى يُعد أيضًا من أولوياتنا، فنحن بحاجة إلى مواكبة العصر الرقمى لحماية التراث الثقافى وتعزيز الوعى بحماية الملكية الفكرية. من الضرورى أن نستخدم الذكاء الاصطناعى والرقمنة لتحسين طريقة تقديم المحتوى الثقافى وحمايته من التحديات المستقبلية.

وشدد حفنى على أهمية تدريب العاملين فى القناة على الأدوات الحديثة للإعلام الرقمى والذكاء الاصطناعى، لأن هذا هو الطريق لتحقيق نتائج إيجابية فى الوصول إلى جمهور اليوم، فالإعلام التقليدى يواجه تحديات كبيرة بسبب التغير السريع فى وسائل الإعلام، لذلك من الضرورى التعامل مع الجمهور بلغة العصر، كما يجب على الشباب الذين حققوا نجاحًا عبر المنصات الرقمية أن يتلقوا تدريبًا متخصصًا فى القناة، وأن تقدم لهم الفرص للمشاركة فى العمل الثقافى، فى إطار من تبادل الخبرات وتعزيز قدراتهم الإعلامية.

المثقف والجمهور

تحدث حفنى عن الفجوة المتزايدة بين الثقافة الموجهة للمثقف وبين ما يتطلبه الجمهور العام بقوله: الشباب اليوم يتعرضون لكم هائل من المعلومات، وغالبًا ما يميلون إلى المحتوى السريع والمختصر عبر «الريلز» وغيرها، وهذا ما يجعل من الصعب جذبهم إلى البرامج الثقافية التقليدية. لكن، يجب أن نعمل على تقديم هذه الثقافة فى شكل جديد، باستخدام الوسائل الحديثة مثل الفيديوهات القصيرة، والتفاعل المباشر مع الجمهور عبر وسائل التواصل.

من جهة أخرى، لم تعد القناة الثقافية هى المنبر الوحيد للمحتوى الثقافى فى عصر الإنترنت والتطورات التكنولوجية الحديثة. اليوم، يستطيع الشباب الوصول إلى المعلومات الثقافية من خلال العديد من المصادر، ولهذا نحن بحاجة إلى ابتكار طرق جديدة لتقديم الثقافة، بحيث تكون جذابة وتتماشى مع اهتماماتهم.

وأضاف حفنى: نحن نعيش فى زمن سريع التغيير، والإعلام الثقافى يجب أن يتكيف مع هذه التغيرات إذا أردنا أن نظل قادرين على التأثير فى الجيل القادم. نحتاج إلى دعم أكبر للإعلام الثقافى، وكذلك لتطوير المحتوى بأسلوب حديث وشيق يتناسب مع التحديات المعاصرة، فالإعلام التقليدى لا يزال يحتفظ بدوره المهم، لكنه بحاجة إلى تجديد أدواته وأساليبه ليظل له تأثير فى ظل الإغراق بالمحتوى السريع والتقنيات الحديثة.