السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

سعيد وهبة والحفاظ على الموضوعية

سعيد وهبة
سعيد وهبة

كنت شاب أهوج أرعن عيل صغير مش فاهم حاجة، وكتبت مقال فيه قدر كبير من الاندفاع، وتقدر تقول الحماقة، ومش بحب خالص أفتكره، إنما المقال دا سبب لى سعادة كبيرة لـ إنه منحنى فرصة التعرف على سعيد وهبة، الأستاذ سعيد وهبة.

سعيد كاتب، بـ يتكلم فى «وعن» كرة القدم، والواقع إنه المساحة دى عندنا بـ عافية شويتين تلاتة أربعة، الكورة بـ طبيعتها نشاط شعبوى يتغذى على المكايدة والتعصب والمناكفة بين ذوى الانتماءات المختلفة، لـ ذلك صعب جدًا تلاقى حد مهتم بيها وعنده مساحة من العقل فضلًا عن الثقافة والفكر.

وإحنا صغيرين كان المثقفين المهتمين بـ الكورة يتكسفوا أساسًا إنهم يقولوا كدا، أو يظهروا هذا الاهتمام أو حتى يتعرف عنهم إنهم أهلاوية أو زملكاوية، وكان كاتب زى نجيب المستكاوى يعتبر فدائى، لـ إنه كان بـ يحاول يوفق دا مع دا، ويطرح نفسه كـ كاتب ومفكر وناقد مهتم بـ نشاط به جوانب إبداعية زى كرة القدم.

مش مهم دلوقتى قد إيه المستكاوى نجح فى دا، مش غرضى دلوقتى الكلام عن المستكاوى ولا تقييم تجربته، إنما الواقع إنه ما وفقش هذا مع ذاك، بل بـ العكس عزز الانفصال بينهم «دون قصد» لـ إنه قدم نفسه، أو خلينا نقول اتقدم، بـ اعتباره استثناء يؤكد القاعدة مش نموذج قابل لـ الاستلهام منه، فـ فضل هو على جنب، يحفظ ولا يقاس عليه، وما حصلش إنه نشأ بعده كُتاب فى الحتة دى، إلا نوادر النوادر، وعلى رأسهم الأستاذ سعيد.

ميزة سعيد وهبة الكبرى إنه حافظ طول الوقت على طبيعته، هو كاتب. شغلته ودوره إنه يتعرض لـ القضايا نقدًا وتحليلًا، كان عنده فرص كبيرة ولا نهائية إنه يبقى فى البرواز، ويدخل مجال الإعلام الرياضى، والأستاذ سعيد راح الأستاذ سعيد جه، الأستاذ سعيد قال، خصوصا إن وزنه فى الوسط مش قليل، وكان صديق مقرب من قيادات الأهلى، خصوصًا الراحل صالح سليم، لكنه فضل بـ إصرار إنه ما يلعبش اللعبة دى.

الراجل قرر يكون «موضوعى» لـ أبعد حد ممكن، وحافظ على إنه ما يقدمه يظل يحمل قيمة ما، وما يكونش بـ يقدم ذاته من خلال كتابته، إنما البطل هو ما يكتب عنه، بـ حيث إنه لا ينتهز الفرص لـ استعراض ذاته وآرائه وعلاقاته وتاريخه ومسيرته، إنما يناقش ما هو بـ صدده، سواء اتفقت مع ما يطرحه أو اختلفت إنما هو بـ يتكلم فى «الموضوع».

لما سعدنى زمانى وقابلته عدة مرات، كنت بـ أتفاجأ من حجم معرفته وتجربته، وأقول لـ نفسى إنه فيه ناس ما عندهاش ربع دا، لكنها ناجحة فى إنها تتقدم كـ أيقونات، وأنا لا ألومهم ولا أقلل من شأنهم، إنما بـ الفعل يبهرنى دايمًا البشر القادرين على عدم الاهتمام، عدم الاهتمام نعمة كبيرة وقيمة أكبر.

ومن الحاجات اللى بـ تخلينى أحمل تقدير كبير لـ سعيد وهبة، إنه مش بـ يضخم الأمور علشان تبان مهمة، ودى لـ الأسف عادة مصرية صميمة، الكلام عن أى حاجة من أى نوع بـ اعتبارها حاسمة ونهائية، ومن الآخر، وهى الفاصلة والفارقة مع إنه التفاصيل فى حد ذاتها، أى تفاصيل، مهمة وفارقة، وطالما إنه فيه حاجة شغلتنى فـ قررت أتصدى لـ عرضها، فـ أنا مش محتاج أعرضها لك بـ حيث يتوقف عليها مصير الأمة، أو يترتب عليها رحيل الاستعمار أو نهضة البلاد والعباد، لأ، الموضوع كذا كذا، وحدوده كذا كذا، وتقديرى له كذا وكذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.