الأربعاء 25 يونيو 2025
المحرر العام
محمد الباز

الفدائية سعاد حسنى.. القصة الكاملة لإجهاض فيلم «مدافع الأب عياش»

سعاد حسنى
سعاد حسنى

- توقف مشروع الفيلم عقب أزمة معاهدة كامب ديفيد

- السندريلا وهى فى عز نجوميتها كانت تتحمس لكى تقوم بدور فدائية فلسطينية

منذ سنوات عديدة، ونحن نتلقى- كمصريين بشكل جمعى- أنشودة رديئة ومشبوهة ومسممة، تلك الأنشودة المفتعلة التى تردد دومًا مقولة شبه موحدة، مقولة، يحاول الخصوم والأعداء والمغرضون تفعيلها بأشكال مختلفة ومفرطة فى التضليل، حتى تحل محل الحقيقة الساطعة، وتنسف كل الحقائق التى تعمل منذ عقود على الأرض، أى منذ برز خطر الصهيونية ماثلًا فى الأرض العربية، وتصدى له المصريون بكل ما لديهم من طاقات، أما الأكذوبة الفجّة فتقول: إن المصريين تخلّوا عن الفلسطينيين بشكل كامل، ليس فقط، بل تركوهم وحيدين معزولين فى أيدى الصهاينة، وتحت اضطهادهم، وهناك من يرفع سقف المزايدة قائلًا بأن المصريين تعاونوا مع الآخر المستعمر لإيذائهم، وتصفية قضيتهم، ولا أريد الخوض فى الخطوات العملية والعسكرية والدبلوماسية التى قادها حزب الوفد منذ النكبة التى وقعت على رءوسنا جميعًا فى مايو 1948، وقبلها كان المصريون أول من نبهوا للخطر الصهيونى، وكتب الكاتب والمفكر اليسارى أحمد صادق سعد عام 1946 كتابًا صغيرًا، لكنه كان كبيرًا فى وضع كل عناصر الخطر التى تواجه بلادنا، وكان عنوان الكتاب «فلسطين بين مخالب الاستعمار»،

الذى يقرأ الكتاب الآن سيلاحظ أن كل ما جاء به، كأنه نبوءة علمية ألقى بها كاتبها فى أتون المعركة التى كانت دائرة وحائرة فى الميادين، ولأن كاتب الكتاب لم يكن فى موقع سياسى مرموق ومؤثر، فلم ينتبه لما جاء فيه سوى رفاقه فى المنظمات اليسارية، وتوالت الكتابات فيما بعد لكى تجتهد وتكشف خطورة ما يحاك لنا فى السر والعلن، هذا غير ما بذل المصريون جهودًا جبارة فى ميدان المعارك على الأرض، وسالت دماء غزيرة وعزيزة على أرض فلسطين دفاعًا عنها، وفى سبيل استقلالها وتحريرها، وسقط شهداء مصريون على مدى أكثر من خمسة وسبعين عامًا، وتم إدراجهم فى سجل الشرف الوطنى، ولا مجال فى تلك السطور القليلة لاستعراض ذلك، ولكن الهوى المسمم يدفعنا دومًا للتنويه وللتأكيد على تلك الحقيقة التى يحاول المغرضون إنكارها مع سبق الإصرار والترصد، ولا ننسى أن المصريين كانوا فى ظل كل تلك الكوارث والعداء الذى يكنه العدو ويضمره لنا، كانوا يفكرون فى إمكانية السلام، وفى ذلك الشأن نشر الكاتب الصحفى عميد الإمام كتابًا عام ١٩٥٤ عنوانه «الصلح مع إسرائيل»، وتعرّض فيه لكل العناصر التى يمكن التطرق إليها فى ذلك المجال، ولكنه لم يجد أى جدوى فى عدو لا يحيد عن كل أغراضه الاستعمارية التى جاء من أجلها.

وتتوالى الأحداث فيما بعد، ويحدث العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦، وتتآمر الدول الاستعمارية الثلاث لكى تخضع مصر، وتعمل على تركيعها وتقزيم صعودها، وعرقلة أحلامها وطريقها إلى الاستقلال، ولكن مصر تواجه وتنتصر بكل السبل الدبلوماسية والقتالية، ولا ننسى أن الفن والأدب كانا يعملان بكل جدية على قدم وساق، وتم إنجاز أدبيات وفنيات على المستوى المصرى والعربى ما زلنا نتداولها حتى الآن دون أن يفتر حماس المصريين، حتى جاءت قاصمة الظهر كارثة ١٩٦٧، وانفتح قوس الفن والأدب على مصراعيه، وكتب الأبنودى شعرًا وأغنيات، وكتب الغيطانى ونجيب محفوظ وغيرهما سردًا يقطر دمًا وتحريضًا فى الوقت نفسه، وكتب جمال حمدان عن حقيقة ومفهوم الاستعمار الحديث، وكتب الباحث والفنان الشعبى والفلكلورى زكريا الحجاوى كتابًا فى غاية الأهمية عن حكاية اليهود، أما أحمد بهاء الدين فراح يصول ويجول بثقافته العميقة والواسعة ويتنقل بقوة بين الفن والأدب، وأصدر كتابًا فى نوفمبر ١٩٦٧ أعتبره عمدة فى مجاله، وهو كتاب «إسرائيليات» للدرجة التى دفعت المخرج الفرنسى الشهير «جان لوك جودار» أن يعد ويخرج فيلمين سينمائيين مستعينًا بذلك الكتاب عام ١٩٧٠، وكانت الأجواء فى ذلك الوقت مشتعلة على المستوى الفلسطينى، ونشرت رواية «أمل لا يموت» للأمريكية «فيدا هارت نبكى»، وترجمها أسعد حليم، وهى عن قضية فلسطين، وتقرر فاتن حمامة أن تشارك فى فيلم سينمائى يكتبه الفنان حسن فؤاد وتقوم ببطولته، وكان ذلك عام ١٩٧٠ فى ظل التطورات الدراماتيكية التى كانت تحدث فى ذلك الوقت العصيب، وفى تلك الأجواء كتب القاص والأديب قصة بديعة ومهمة ولافتة عن العمل الفدائى عام ١٩٦٩ عنوانها «لقاء مع رجل مجهول»، وكان من الممكن أن تمر القصة مرورًا عاديًا، لولا أن الكاتب سعد مكاوى، رئيس إدارة المصنفات فى المؤسسة المصرية العامة للسينما، يبدى إعجابه بالقصة، أو الرواية القصيرة، ويصدر قرارًا بصلاحية القصة لكى تتحول إلى سينما لخدمة القضية الفلسطينية.

الكاتب والأديب محمد صدقى، اجتهد لكى يحول القصة إلى معالجة سينمائية وسيناريو، وتظل تلك المعالجة محبوسة فى درج مكتبه، حتى يهاتفه الأستاذ مصطفى بهجت بدوى، رئيس تحرير جريدة الجمهورية، التى كان صدقى يعمل بها، ويطلب منه قصة لكى تنشر فى الجريدة، وتم النشر فعلًا على حلقتين بتاريخ ٢٦ ديسمبر ١٩٧٤، و٢ يناير ١٩٧٥، وبعد نشر الجزء الثانى من المعالجة السينمائية، اتصل الفنان الكبير محمود المليجى بالكاتب محمد صدقى، وكان المليجى آنذاك مدير وصاحب شركة أفلام «النجم الفضى»، وطلب أن يلتقى به فى مكتبه بالشركة فى ٢٦ شارع شريف، والتقى بالفعل الفنان والأديب، وتحدثا كثيرًا معًا فى تفاصيل كثيرة، وأبدى المليجى استعداده للقيام بدور الأب عياش بطل الرواية، والذى كان يشبه شخصية المطران كابوتشى، وكان الفنان حسن فؤاد هو الذى رشح القصة لكى يقوم ببطولتها محمود المليجى، وكانت تربط بين الاثنين علاقة قوية من بعد فيلم «الأرض» الذى شارك فى كتابة السيناريو للفيلم حسن فؤاد.

وقبل أن نسترسل فى كل الإجراءات والاتفاقات التى حدثت، أعطى نبذة عن تلك القصة التى كتبها الأديب محمد صدقى، وهى تحكى أن صحفيًا يعمل فى جريدة مصرية، ذهب إلى أحد المستشفيات لكى يتابع الحالة الصحية لزوجة صديقه رئيس التحرير، وقد كان وضعها الصحى صعبًا للغاية، إذ كانت تعانى ولادة متأخرة، وميعاد الولادة كان قد مرّ عليه عدة أيام، ولا بد أن يقوم الأطباء بعملية قيصرية، ولا بد كذلك من أن شخصًا ما يكون قريبًا من الحالة أن يكتب إقرارًا بالموافقة على إجراء العملية، ولأن هناك مخاطر صحية لذلك الإجراء، فكان من الضرورى أن يكتب صلاح الصحفى ذلك الإقرار، كل تلك الأمور كانت أمورًا شبه جانبية فى القصة، لكن الأساسى فى القصة هو أن يلتقى صلاح صديقًا صحفيًا فى المستشفى، عرف أن هناك حالة أخرى شديدة السريّة فى المستشفى، تلك الحالة تتعلق بإحدى الفدائيات، والتى يتم علاجها هنا فى ذلك المستشفى، وكان قد تم تدريبها على كل أشكال المقاومة فى معسكرات مصرية، وكانت مصر تقوم بذلك بكل مسئولية، فضلًا عن أن إذاعة فلسطين التى كانت تبث من القاهرة، تتابع وتذيع كثيرًا من أخبار تلك المقاومة، ولكن بشفرة كان متعارفًا عليها، وكل من عاش تلك الأيام يعرف ذلك بالتفاصيل، إذ إن إذاعة فلسطين كانت إحدى وسائل المقاومة على مدى سنوات.

 

استطاع الصحفى صلاح أن يلتقى بصعوبة مع الفدائية «أناهيد» المولودة- كما عرفنا فيما بعد من تفاصيل القصة- فى القدس بتاريخ ٢١ مارس ١٩٤٢، وهى أرمينية، واسمها بالكامل كان «أناهيد بدروسيان»، ودون استرسال فى التفاصيل الممتعة للغاية على المستوى الأدبى، يتم تكليف «أناهيد» بالقيام بعملية فدائية فى القدس عبر عملية معقدة، تسردها للصحفى، والكاتب ينقلها بدقة وإمتاع شديدين، كانت العملية الفدائية تتعلق باغتيال أحد الخونة الفلسطينيين، ذلك الرجل الذى قام بتسليم كثير من الفدائيين الفلسطينيين للسلطات الإسرائيلية، وكان مرسومًا لأناهيد بعد قيامها بالعملية أن تختبئ بمنزل الأب عياش، وهو قس، وفى الوقت نفسه طبيب، وهنا يبرع الكاتب فى وصف تلك الشخصية التى تلعب الدورين بإخلاص، دور الأب الكنسى، وفى الوقت نفسه يتسم بروح القائد الذى يعطى تعليماته وإرشاداته بدقة واحترافية عاليتين، بعد ذلك يتم تهريب «أناهيد» إلى القاهرة لكى تعالج فى أحد مستشفياتها، وهنا يلتقى صلاح تلك الفدائية، وكان ذلك الجو سائدًا ومعروفًا لدى المصريين آنذاك.

نقفز إلى عام ٢٠٠٢ عندما يكتب الأديب محمد صدقى رسالة على هيئة إهداء للكاتب الصحفى محسن محمد، رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة الجمهورية، وكانت الرسالة بمثابة إهداء كتبه صدقى على الكتاب الذى ضم قصة «لقاء مع رجل مجهول»، والمعالجة السينمائية الكاملة للقصة والسيناريو تحت عنوان «مدافع الأب عياش»، كتب صدقى مستنجدًا بمحسن محمد قائلًا:

«عزيزى الأخ الأكبر الأستاذ محسن محمد:

تحياتى، وكل عام وأنت والأسرة بخير وسعادة، ألجأ إليك لتدافع عن حقى، الذى يراد اغتياله، ظنًا بأننى قد توفيت، أرجو مجرد نظرة مع المقدمة، وهى فى خمس صفحات، والاطلاع على ملحق الوثائق التى تثبت صحّة حقى، فى هذا النص الروائى، ومعالجته السينمائية، التى وافقت عليها الرقابة واشترتها لتنتجها المرحومة الفنانة سعاد حسنى، أرجو ألا يخيب رجائى، مع شكرى وامتنانى الدائم.. محمد صدقى».

كان محمد صدقى فى تلك السنوات من عمره قد شارف على الثمانين من عمره، إذ إنه كان من مواليد ١٩٢٣، وقد عانى كثيرًا فى حياته، ورغم أنه نشأ وانتمى إلى الطبقة العاملة فى مصانع النسيج فى دمنهور، ثم ترك دمنهور فى مقتبل عمره لكى يكمل دراسته فى القاهرة، وبالفعل راح يواصل دراسته الليلية فى المساء، ويعمل لحّام أوكسجين، ثم سبّاكًا، ثم كاتبًا على الآلة الكاتبة، وموظفًا فى محلات هانو، حتى حصل على شهادتى الابتدائية والثانوية، وتبرز موهبته منذ عام ١٩٤٦، وينشر فى عدد من المجلات المرموقة، وينتقل لكى يعمل سكرتيرًا لتحرير مجلة «الرسالة الجديدة» التى كان يترأس تحريرها يوسف السباعى عام ١٩٥٤، ويصدر أولى مجموعاته القصصية «الأنفار» عام ١٩٥٦، ويكتب له المقدمة الناقد محمود أمين العالم، وفى العام التالى ١٩٥٧ يصدر مجموعته الثانية «الأيدى الخشنة»، التى يشارك فى رسم لوحاتها فنانون كبار منهم: زهدى العدوى، وجمال كامل، وجورج البهجورى وصلاح جاهين، وغيرهم، وبهذه المجموعة يدخل محمد صدقى عالم الأدب من أوسع أبوابه، ويصدر عددًا كبيرًا من المجموعات القصصية والروايات، وينتقل إلى جريدة الجمهورية لكى يؤسس صفحة «أدباء الأقاليم»، وهو الذى كان المؤسس الأول لمؤتمر أدباء الأقاليم الذى أقيم فى ديسمبر عام ١٩٦٩، والمعروف تاريخيًا بمؤتمر الزقازيق.

نعود مرة أخرى للفيلم الذى تحمس له محمود المليجى، وكان قد راسل مسئول الإعلام بمنظمة التحرير الفلسطينية بتاريخ ١٩ يناير ١٩٧٥، وبعدها راسل الأخ أبونضال أحد القيادات الكبيرة بالمنظمة، ثم رسالة ثالثة للدكتور سليم اليافى الأمين العام المساعد آنذاك لجامعة الدول العربية، وخلال تلك المفاوضات- كما يحكى محمد صدقى- اتصلت به الفنانة سعاد حسنى عن طريق زوجها الفنان على بدرخان، وكانت سعاد قد اتفقت قبل ذلك مع الفنان محمود المليجى أن يقوم هو بدور الأب عياش، وأن تقوم هى بدور الفدائية أناهيد، واستمرت الإجراءات بعد ذلك، ووافقت السيدة اعتدال ممتاز مدير عام الرقابة، على تصوير الفيلم بالفعل، وفى ٤ فبراير عام ١٩٧٥ تم توقيع عقد شراء القصة مع الفنانة سعاد حسنى.

ويسترسل صدقى فى حديثه قائلًا: «لكن.. بعد مناقشات وحوارات وتدخل بعض الأصدقاء، والناصحين تعاقدت الفنانة سعاد حسنى عبر شركة ستديو ١٣ التى كانت تملكها بالمشاركة مع السيناريست رأفت الميهى، والمخرج السينمائى كمال الشيخ على أن يقوم صديقى الأديب عونى صادق ومخرج الفيلم على بدرخان بإعادة كتابة السيناريو الذى قدمته بشرط أن يذكر اسمى كمشارك فى كتابة السيناريو فى كل وسائل الدعاية للفيلم بتاريخ ٢٢ أبريل عام ١٩٧٦، ثم بعد أن تمت كتابة محاولتين لتعديل السيناريو الذى سبق وكتبته بحذف وإضافة بعض المشاهد، توقف مشروع الفيلم عقب أزمة معاهدة كامب ديفيد التى وقعها المرحوم أنور السادات وأزمته أيامها مع منظمة التحرير».

هذه قصة بالفعل متعددة الدلالات، الدلالة الأولى تخبرنا بأن الكتّاب والفنانين المصريين والساسة لم يتلكأوا بشكل مطلق عن السعى نحو الحق الفلسطينى، وهناك مئات الصفحات الأدبية فى الشعر والسرد تعبر عن ذلك، ولكن المعوقات العديدة التى تنشأ عبر محطات ليست كلها مصرية، ولدينا دليل قاطع فى فيلم «ناجى العلى» الذى قام ببطولته الفنان نور الشريف بعد اغتيال فنان الكاريكاتير ناجى العلى، ورغم أن أطرافًا مصرية كانت ضد الفيلم، وعلى رأسهم الكاتب الصحفى إبراهيم سعدة، والذى جنّد صحيفتى الأخبار وأخبار اليوم ضد الفيلم، لكن كان الخصم الأكبر للفيلم أبوعمار «ياسر عرفات»، الذى كان مرمى وهدف رسومات ناجى العلى، ولذلك لم يكن الفيلم مرحبًا به فلسطينيًا.

أما الدلالة الأخرى فهى أن الفنانة سعاد حسنى، وهى كانت فى عز نجوميتها عام ١٩٧٥، تتحمس لكى تقوم بدور فدائية فلسطينية، وكان الدور فى القصة شائكًا ومعقدًا، وسيتم تصويره بين أربعة بلدان: ألمانيا، والتى شهدت الفترة الدراسية التى قضتها أناهيد هناك فى برلين، كما أن لها هناك نضالات بارزة ضد الصهاينة الأكاديميين هناك، وكانت تتصدى لهم بكل الطرق السلمية عبر مناقشات وحوارات فى الجامعة، فضلًا عن أن زوجها «معين» وأسرتها يقيمان هناك، ثم المكان الثانى فى مطار «روما» حيث تتم خطة الاغتيال بعناية فائقة مع الشخص المجهول الذى يرتب كل شىء لأناهيد، أما المكان الثالث، وهو القدس، وبالطبع كان سوف يتم تصويره فى أى مكان آخر، أما المكان الرابع فهو القاهرة التى يتم فيها اللقاء بين الصحفى صلاح وأناهيد، وقبول وحماس سعاد حسنى للقيام بذلك الدور يعنى الكثير على المستويين الفنى والسياسى.

أما الدلالة الثالثة، فالقصة، والسيناريو، والمعالجة السينمائية، كل تلك كانت عناصر توحى كثيرًا بالجو التاريخى الذى كان سائدًا آنذاك، ذلك الجو الذى يعرفه ويدركه كل من عاش تلك الفترة بكل تفاصيلها، بعيدًا عن تلك البطولات الوهمية، والشعارات التى رأيناها رأى العين فى مراحل أخرى وتالية.

أما الدلالة الرابعة، فهى اختفاء الحديث عن قصة ذلك الفيلم المجهض، رغم القابلية الفنية الكبيرة فى كل عناصره لكى يكون فيلمًا مهمًا، فرغم العنف الذى تشى به العملية الفدائية التى تعتبر الحدث الأبرز فى القصة والفيلم، فإن الفيلم يقطر بإنسانية عالية لا تتكرر كثيرًا فى أى نظير سينمائى آخر.